الخروج من حزب المؤتمر بكل ثقله وتجربته في الحكم وتأسيس حزب حراك تونس الإرادة ألا يعد مجازفة؟

الأمر لم يكن متسرعا. نحن اشتغلنا لأكثر من سنة ونصف على هذا الملف وتجربة حراك “تونس الإرادة” تقوم على فكرة أن حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” يجب أن ينفتح ويتوسع في قاعدة أفكاره، وغايتنا لم تكن محصورة في الأسماء واليافطات والعناوين بل في التوجهات العامة والرؤى.

الخروج من حزب المؤتمر بكل ثقله وتجربته في الحكم وتأسيس حزب حراك تونس الإرادة ألا يعد مجازفة؟

الأمر لم يكن متسرعا. نحن اشتغلنا لأكثر من سنة ونصف على هذا الملف وتجربة حراك “تونس الإرادة” تقوم على فكرة أن حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” يجب أن ينفتح ويتوسع في قاعدة أفكاره، وغايتنا لم تكن محصورة في الأسماء واليافطات والعناوين بل في التوجهات العامة والرؤى.

اليوم أؤكد لك أن 99 بالمائة من مناضلي وكوادر حزب المؤتمر انضموا إلى تجربتنا الجديدة أما من بقي فهو حر في موقفه، وحراك تونس الإرادة بعد ثلاثة أشهر من الإعلان عن تأسيسه هو اليوم يحتل المرتبة الثالثة حسب آخر استطلاعات الرأي ونوايا التصويت.

وأنا اعتقد أنه رغم الصعوبات المادية التي تواجهنا إلا أننا سننجح لأننا لم نغير المبادئ ولا القناعات السياسية ونحن في الساحة اليوم تقريبا الطرف السياسي الوحيد الذي ما زال يدعو إلى نفس الأفكار ويرفع نفس الشعارات التي تنادي بتحقيق أهداف الثورة.

من هي الأحزاب التي ترونها اليوم قريب منكم في أوساط المعارضة؟

نحن نشترك مع الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية في كثير من التقييمات لأداء المنظومة الحاكمة وفي كثير من الرؤى الأخرى كالمسألة الاجتماعية التي هي مسألة أساسية تهدف إلى تكريس عدالة اجتماعية وعدالة جبائية حقيقية.

هل تتقاسمون ذات المواقف مع القوى الاجتماعية الأخرى كالنقابات العمالية؟

النقابات العمالية هي عنصر أساسي في المسألة الاجتماعية، وفي تعديل العلاقة بين المؤسسة والعمال وبين الدولة والمجتمع، ومن الطبيعي أن نشترك مع نقابات العمال في الكثير من الأفكار والمواقف.

بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل؟

خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل ولكن ليس فقط الاتحاد نحن أيضا نشترك في كثير من المواقف مع نقابات رجال الأعمال خصوصا في ضرورة حماية المؤسسات الاقتصادية لأن حماية هذه المؤسسة من المنافسة الأجنبية على سبيل المثال هو من شأنه أن يجعل هذه المؤسسة قادرة على التشغيل وقادرة على امتصاص الأزمة الاجتماعية والحد منها.

كيف تقيم علاقتكم بالجبهة الشعبية اليسارية؟ هل هناك تقارب معها على مستوى المواقف؟

لا ليس هناك تقارب مع الجبهة الشعبية التي ربما تقنيا تصنف في المعارضة ولكنها كانت أبرز الأطراف المسؤولة عن وصول هذه المنظومة الفاشلة إلى الحكم. نحن نعتبر أن المعارضة تعني الاختلاف الجذري أو الاختلاف الجزئي ولكن على أسس جوهرية وعلى مسائل أساسية تختلف جذريا عن رؤية من هو في الحكم.

ماذا عن علاقتكم بحركة النهضة الإسلامية حليفكم السابق في الحكم؟

نحن اليوم كحزب حراك تونس الإرادة نصنف أنفسنا في المعارضة وحركة النهضة شريك في الحكم وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك تحالف بين حزب في المعارضة وحزب في الحكم.

هل قيمتم تجربة تحالفكم الماضي مع حركة النهضة في إطار حكومة الترويكا؟

طبعا بكل تأكيد. نحن نقدنا هذه التجربة رغم أننا ما زلنا مجبرين على واجب التحفظ تجاه الكثير من أسرار الدولة حتى ونحن اليوم خارج الحكم لأننا نقدر أن هناك أسرار يجب أن تحفظ وأن هناك مسائل نتكتم بخصوصها ولا نخوض فيها لأن لها علاقة بالدولة.

لكن إجمالا يمكن أن نقول إن تحالفنا مع حركة النهضة في السابق كان تحالفا غير متكافئ، وقد تمت معاقبتنا بعد الانتخابات الماضية على الأداء السياسي صلب ذلك التحالف السابق ومع ذلك نحن نقبل بهذا العقاب ونقر بالمسؤولية ولكن قررنا أن نبدأ بداية جديدة اليوم فيها انفتاح على طاقات جديدة وكذلك فيها اتعاظ من التجربة السابقة وحرص على عدم تكرار نفس الأخطاء.

كيف تحكم على تجربة المنصب المرزوقي السابقة في منصب رئيس الدولة؟

المنصف المرزوقي دخل إلى رئاسة الجمهورية بمنطق جديد وبرؤية جديدة وبمقاييس جديدة لخدمة الصالح العام وكان يعرف أنه أول رئيس منتخب بعد الثورة. انتمائه الحقوقي ومكانته الثقافية والعلمية جعلت من ممارسته للسلطة مختلفة عما تعود عليه الناس.

وبذلك أحدث المنصف المرزوقي قطيعة مع الممارسة السابقة للحكم، لكن نحن مجتمع في معظمه محافظ تعود على صورة نمطية لرئيس الجمهورية وتعود على السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية ولم يكن من السهل بالتالي فرض ممارسة جديدة وربما هنا حصلت أخطاء على مستوى التواصل للإقناع بهذا التوجه وتفسيره للرأي العام.

هل تعتقد أن الأخطاء التي ارتكبها المرزوقي عندما كان رئيسا للجمهورية هي التي تسببت في تراجع حزب المؤتمر في الانتخابات؟

ليس بصفة مطلقة ولكن المنصف المرزوقي أخطأ أحيانا في التعاطي مع الوضع وهذا الأمر لا ينكره دكتور المرزوقي نفسه. لقد خضنا تجربة نتحمل فيها جزءا من الخطأ مثلما يتحمل شركائنا جزءا من الخطأ، ولكن أحيانا هناك أشياء قُررت رغما عنا وإجمالا نحن لا نتبرأ من هذه المسؤولية لكننا ننقدها نقدا موضوعيا ونحاول أن تكون مقدمة للتدارك في المستقبل.

توتر المناخ الاجتماعي في أكثر من جهة وأكثر من قطاع هل ينذر في رأيك بأزمة اجتماعية حادة قد تنعكس سلبا على المشهد السياسي؟

منذ البداية قلنا إن الأزمة القادمة ستكون أزمة اجتماعية بالأساس وستصبح الأزمة السياسية في هذه الحالة أزمة ثانوية وهذه الأزمة ستتعمق لأن الائتلاف الحاكم لا يملك حلولا ملموسة لأنه ليس لديه برنامج موحد وليس  قائما على تصور مشترك للحكم.

كان يجدر بهذا الائتلاف أن يقدم إشارات تثبت مدى جديته وتعكس نواياه في الإصلاح كأن يقدم إشارة عن توجهه لمكافحة الفساد لأن القادح لهذه التوترات الاجتماعية هي المحسوبية والرشوة والفساد ولو اتبعت الحكومة هذا الطريق لتفهم الشعب ومنحها وقت أكثر للإصلاح لكن ما لمسه الجميع اليوم في تونس أن هذه الحكومة عاجزة على أن تخطو هذه الخطوات الجريئة.

كيف تحكم على تجربة الائتلاف الرباعي الحاكم بعد سنة ونصف من تحالفه السياسي؟

هذه التجربة توقعنا فشلها من الوهلة الأولى لأن هذا الائتلاف لم يأتي ببرنامج موحد في تسيير شؤون البلاد وحل المشاكل الاجتماعية المتراكمة لذلك لجأ إلى مواجهتها باستعمال العنف في أكثر من مرة وهذه المنظومة حتى ولو استمرت لبضعة شهور قادمة في الحكم فإنها ستكون شكلية وغير مؤثرة في الوضع لأن من يحكم البلاد اليوم هي “مافيا اقتصادية” أوصلت أحزاب الائتلاف إلى الحكم.

إلى ماذا يعود هذا العجز الحكومي والتهاون في محاربة الفساد في تقديرك؟

تركيبة الحكم الحالية هي تركيبة انتهازية تتعايش مع الفساد ولا تعاديه ولأن معظم الأحزاب الحاكمة هي إما فاسدة أو متواطئة مع الفساد ووصلت إلى الحكم عن طريق المال السياسي الفاسد و”بارونات” المافيا الاقتصادية والإعلامية وبالتالي هي مدينة لمن أوصلها للحكم بالمحافظة على مصالح هؤلاء وبالتالي لا تستطيع أن تتخذ خطوات جدية وفعلية في محاربة الفساد لأنها بذلك قد تخوض حربا ضد من أوصلها للسلطة. إذن العجز يتعلق أساسا بغياب الإرادة وبالروابط المتينة بين المنظومة الحاكمة ومنظومة الفساد.

هناك من يرى أن إخفاق الائتلاف الحاكم يعود لفشل رئيس الحكومة الحبيب الصيد. هل هذا صحيح؟

أعتقد أن مشكلة الحكومة ليست في رئيسها للمطالبة بتغييره والحبيب الصيد هو رجل نزيه وله تصور لوظيفته كرئيس حكومة لكنه يعاني من عدم كفاءة فريقه الوزاري ولا يتحكم بصفة كلية في توجهات العمل الحكومي باعتبار حالة التمازج بين الانتماء الحزبي والانتماء الحكومي لبعض الوزراء لذلك رأينا بعض الوزراء يطالبون بتغيير الحكومة. هناك اليوم الكثير من الفوضى وعدم الجدية في العمل الحكومي ولا أعتقد أن رئيس الحكومة يحظى بما يكفي من المساندة من الائتلاف الحاكم للسيطرة على الوضع.

من هو أكثر حزب يساند رئيس الحكومة اليوم؟

أكثر طرف يساند هذه الحكومة بجدية هي حركة النهضة وهي وحدها من ترغب في أن ينجح رئيس الحكومة وتنجح هذه الحكومة على عكس بقية الأحزاب والمشكل سيبقى ما دام هذا الفريق الحكومي لا يملك برنامج موحد ولا يتفاعل مع توجهات رئيس الحكومة بالإضافة إلى ضعف الإسناد السياسي لهذه الحكومة.

كيف تقييم أداء رئيس الجمهورية؟

انخراط رئيس الجمهورية في الصراع الحاصل داخل الحزب الذي أسسه أي حركة نداء تونس والزج بنفسه في هذا الخلاف أدى إلى تراجع سلطته المعنوية كما أثيرت الشبهات حول مدى احترامه للدستور ومبدأ عدم التدخل في شؤون الأحزاب باعتبار أن منصبه يجعله فوق الأحزاب.

نحن كمعارضة نقدنا ذلك ولكن رئيس الجمهورية لا يستمع إلى النقد ولا يحبه وفي تقديري فإن مردود رئيس الجمهورية طوال السنة ونصف من حكمه هو مردود ضعيف جدا وهناك اضطراب في أداء رئاسة الجمهورية وجر هذه المؤسسة الوطنية إلى سيطرة العائلة المقربة لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي.