يحاول الحاج عبد الكريم هدية التعايش وتقبل الواقع الجديد، فبعد سنوات كان فيها وضعه الاقتصادي مزدهراً بفضل السياحة إلى بحيرة قبرعون الشهيرة في صحراء ليبيا الجنوبية؛ أصبح الآن فاقداً الأمل في عودة الوضع إلى سابق عهده.

هدية (57عام) يعمل كدليل سياحي في قبرعون منذ التسعينيات، في حديثه لـ”مراسلون” لا تجد إلا الحسرة على أيام وسنين قضاها صحبة سواح من مختلف بلدان العالم كانوا يحجون إلى قبرعون زرافات ووحداناٍ، يستمتع بسرد تفاصيل رحلاته عبر الصحراء، ويطرب وهو يتحدث عن قفشات السياح ورود أفعالهم.

يحاول الحاج عبد الكريم هدية التعايش وتقبل الواقع الجديد، فبعد سنوات كان فيها وضعه الاقتصادي مزدهراً بفضل السياحة إلى بحيرة قبرعون الشهيرة في صحراء ليبيا الجنوبية؛ أصبح الآن فاقداً الأمل في عودة الوضع إلى سابق عهده.

هدية (57عام) يعمل كدليل سياحي في قبرعون منذ التسعينيات، في حديثه لـ”مراسلون” لا تجد إلا الحسرة على أيام وسنين قضاها صحبة سواح من مختلف بلدان العالم كانوا يحجون إلى قبرعون زرافات ووحداناٍ، يستمتع بسرد تفاصيل رحلاته عبر الصحراء، ويطرب وهو يتحدث عن قفشات السياح ورود أفعالهم.

يقول هدية أنه كان يخرج مع المجموعات السياحية في نوعين من الرحلات حسب طلبهم، الأولى باستخدام السيارات الصحراوية وتنطلق من بلدة تكركيبة على بعد 45 كم جنوب البحيرة، وفي هذه الرحلة تخرج السيارات في الصباح الباكر قبيل شروق الشمس، حتى تتمكن من التوقف عند البحيرات جميعها قبل أن تستقر في قبرعون، أما النوع الثاني من الرحلات فهو على الجمال وتستغرق الرحلة وقتا أطول بطبيعة الحال، وهذا النوع هو الأكثر تفاعلاً ومتعة بحسب هدية، بسبب عدم دراية السياح غالباً بفنون التعامل مع الإبل.

يتمنى هدية عودة تلك الأيام فهو يعيل أسرته المكونة من تسعة أفراد، وحياتهم تعتمد بالدرجة الأولى على إيرادات عمل والدهم في مجال السياحة، الآن يحضر هدية أسبوعيا إلى البحيرة وحيداً ولا يملك غير الذكريات لتسليه عن واقع يحاول أن يتعايش معه.

يعتبر هدية مثالاً واضحا للأزمة الاقتصادية التي واجهت بلدة تكركيبة التي كانت تعتمد على السياحة إلى قبرعون، فقد كانت البلدة التي تقع على خط طريق أوباري، وهي أقرب النقاط المأهولة للبحيرة، مليئة بالاستراحات والإقامات الفندقية، فضلاً عن تشاركيات تأجير السيارات الصحراوية، وورش قطع غيار هذه السيارات، ومكاتب الشركات السياحية، إضافة إلى المطاعم ومحلات المواد الغذائية، ومتعهدي الإبل والخدمات الإضافية التي ترافق الرحلات السياحية، كما كان الأدلاء السياحيون يأتون إليها بحثاً عن عمل.

———————————————————–

الطريق إلى البحيرة مليئة بعروق الرمال التي يصل ارتفاع بعضها إلى عدة أمتار، يستمتع المسافرين عبرها باستعراض السيارات الصحرواية على هذه العروق لمسافة تسعين كيلومترا حتى تصل لأكبرها والذي يشرف على البحيرة.

————————————————————

يعرف عن البحيرة التي تقع في الصحراء الكبرى الليبية، أنه من المستحيل أن يغرق فيها أحد بسبب شدة ملوحة مياهها، وهي محاطة بالنخيل والرمال من كل ناحية، أما إذا حفرت بيدك قربها يخرج ماء حلو.

———————————————————–

يقول صاحب أحد الشركات السياحية رمضان كرنفودة لـ”مراسلون”، إنه كان يبرم اتفاقات المجموعات السياحية التي تحضر لقبرعون في رحلات تبدأ من أحد مطارات أوروبا مباشرة وتنتهي في مطار سبها، وينقل بعدها السياح براً إلى وادي الحياة ومنه إلى قبرعون.

وعند انطلاق الرحلة صباحا تكون فرق إعداد الإفطار قد سبقت الرحلة بساعتين، حتى يصل السواح وقد أعد افطارهم.

” كنت أحرص على أن يكون كل شيء على ما يرام، البحيرة كانت مليئة بالسواح، يحبون السباحة في مياههها ويعتقدون أن فيها علاجاً للعديد من الأمراض الجلدية، هذا ما كان رائجاً بين الكثير من مرتاديها” يقول كرنفودة.

———————————————————–

جيب الرملة يا ولدي.. أنا نخلط وأنت تبني.

أصوات الغناء الفزاني لا زالت ترتفع في ليالي البحيرة حيث يحلو السمر، ألحان تطرب النفس ولا يملك سامعها إلا المشاركة فيها رقصاً وتصفيقاً وترديداً، هنا نجد المغني الفزاني عمارة (46عاماً) لا يزال يرتاد البحيرة ويغني للعائلات الليبية التي تقضي عطلاتها على ضفافها.

———————————————————-

يقول عمارة إن عدته تبقى معه على الدوام، العدة مكونة من الطبل والبرميل الجرمان والمزمار، وقنينة من عصير اللاقبي (يستخرج من جذوع النخل) الذي لا يفارقه طوال رحلاته.

حتى عمارة يتحسر على أيام كانت فيها البحيرة في حال غير الحال، ويسرد قصصاً عن إعجاب السواح بالغناء الفزاني الذي أطربهم طوال إقاماتهم في البحيرة خلال السنوات الماضية، لدرجة أنه صار مشهوراً لديهم وتطالب به المجموعات السياحية ليكون أحد فقرات رحلتهم للبحيرة.

————————————————————

بعد اندثار السياحة الدولية إلى قبرعون كسدت بشكل ملحوظ الأماكن التي كانت تعتمد على بيع المقتنيات التراثية التي كان ينتجها حرفيون محليون من تكركيبة.

———————————————————–

يؤكد كرنفودة أن سكان تكركيبة والعاملين في مجال السياحة تأثروا كثيراً بتوقف السياحة الدولية إلى قبرعون، فعادت حياتهم رتيبة معتمدين على مرتبات الدولة التي لم تنتظم بعد، ولا يرى عودة قريبة للسياحة الدولية بسبب اضطراب الأوضاع السياسية وانعدام توفر الأمن الذي يشجع السياح على المغامرة إلى قلب الصحراء.