كانت صدمة كبيرة لرئيس قسم التسجيل والقبول في معهد المهن الشاملة في سبها حسن يوسف، حين لاحقه أحد الطلبة ببندقيتي كلاشنكوف داخل المعهد، وأفرغ ثلاث مخازن رصاص بالكامل لم تصب أحداً لحسن الحظ، وذلك فقط لأنه رفض تسجيله بالمعهد إلا وفق الإجراءات الرسمية.

يقول الأستاذ حسن “عندما طلبت منه أوراقه استنكر ورفض إعطائي أي شيء، وذهب لبيته ليعود مع بندقيتين وبدأ بإطلاق الرصاص في الهواء، حتى اضطررنا لتهدئته ليتوقف عن الرماية”.

طلبة مسلحون

كانت صدمة كبيرة لرئيس قسم التسجيل والقبول في معهد المهن الشاملة في سبها حسن يوسف، حين لاحقه أحد الطلبة ببندقيتي كلاشنكوف داخل المعهد، وأفرغ ثلاث مخازن رصاص بالكامل لم تصب أحداً لحسن الحظ، وذلك فقط لأنه رفض تسجيله بالمعهد إلا وفق الإجراءات الرسمية.

يقول الأستاذ حسن “عندما طلبت منه أوراقه استنكر ورفض إعطائي أي شيء، وذهب لبيته ليعود مع بندقيتين وبدأ بإطلاق الرصاص في الهواء، حتى اضطررنا لتهدئته ليتوقف عن الرماية”.

طلبة مسلحون

ظاهرة وجود السلاح داخل المباني التعليمية في سبها باتت تثير جدلاً واسعاً، وضحايا هذا الوضع أعدادهم تزداد باستمرار فلا يكاد يمضي يوم دون أن تقع حادثة إطلاق نار في إحدى كليات جامعة سبها المنتشرة في مناطق مختلفة من المدينة.

آخرها كان مقتل الطالب بكلية العلوم عز الدين محمد، الذي أصيب برصاصة في رأسه وتوفي على الفور أمام كلية الآداب في 21 كانون ثاني/ يناير الماضي إثر مشاجرة داخل الكلية الأسمرية للعلوم الشرعية.

ويحمّل أسامة يوسف نائب رئيس اتحاد الطلبة وطالب في كلية العلوم، إدارات المؤسسات التعليمية مسؤولية التسيب الأمني ووجود السلاح وحوادث إطلاق النار داخل أسوارها.

اختصاص من؟

“ساءت الأمور لدرجة أن الطلاب يدخلون الامتحانات بالأسلحة، وقد قمنا بعدة اعتصامات لنطالب فقط بفتح الكاميرات داخل الكلية لرصد المجرمين وحاملي الأسلحة، ونحن بصدد الترتيب لاعتصام جديد للمطالبة بتغيير الكادر الإداري وعميد كلية العلوم، لأنهم غير قادرين على حماية الطلبة وتوفير الأمن لهم” يقول أسامة.

عميد كلية العلوم الدكتور محمد ميمون يقول من جهته إن مسألة الأمن داخل الكلية التي تعد الأكثر تضرراً من وجود السلاح والتسيب الأمني ليست من اختصاصه، فمهمته تنحصر في إدارة الكلية والاهتمام بالجانب الأكاديمي، أما الجانب الأمني فله أجهزة أخرى تهتم به كالحرس الجامعي والشرطة.

مكمل للرجولة

يشتكي ميمون من كون أبناء بعض القبائل يعتبرون حمل السلاح “مظهراً مكملاً للرجولة”، وهم يحملونه بلا غضاضة حتى داخل الكليات وفق الدكتور، وهذه الثقافة تولد رد فعل مضاد من فئة أخرى من الطلبة يحملونه بداعي حماية أنفسهم خصوصاً في ظل انعدام الأمن وعدم وجود الشرطة.

وما يزيد الأمور سوءاً برأيه أن أفراد الشرطة والحرس الجامعي “يشعرون بنفس التهديد الذي يقع تحته الطلبة” على اعتبار أن الجميع مسلحون، خاصة بعد مخاطبة إدارة الكلية للشرطة مطالبة إياهم بوضع خطة أمنية لحماية الكلية على خلفية تكرار حوادث إطلاق النار، وعجز جهاز الشرطة عن تنفيذ أي برنامج من شأنه تأمين مقر الكلية.

هذه الحجج لا تعفي عميد الكلية من تهمة التقصير بحسب وليد عبدالله الطالب في كلية العلوم، فبحسب رأيه وجود عدة مداخل للكلية يضعفها أمنياً، حيث يمكن تقليل المداخل المفتوحة ومنع أي طالب لا يدرس في الكلية من الدخول “ووضع عقوبات تصل للفصل في حال حمل السلاح داخل الكليات”.

بينما لا يعول وليد كثيراً على جدوى تشغيل كاميرات المراقبة “فما فائدة رصد ما يحدث داخل الكلية إن لم تتم محاسبة أحد” حسب قوله.

الجامعة غير مكترثة

رداً على ذلك يوضح رئيس قسم التحري والضبط بمركز شرطة القرضة يحيى شوايل لـ”مراسلون” أن الجامعة لا تبلغ عن حوادث إطلاق النار عادة، ومن يبلغ هم أشخاص تعرضوا لاعتداءات.

وحسب شوايل فقد سجل المركز 4 حالات اعتداء على أعضاء هيئة تدريس ثبتت بمحاضر رسمية، بينما الجامعة “غير مكترثة”، ولم يؤكد تواصل إدارة الجامعة معهم لإيجاد حلول خاصة أن العام الماضي شهد ثلاث جرائم قتل داخل الجامعة.

وفضلاً عن هذه الجرائم حسب مسؤول الأمن في الجامعة محمود صالح إده في تقرير سابق لـ”مراسلون” فإن جامعة سبها شهدت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي أكثر من 31 حالة اختطاف، و49 حالة سطو مسلح، وثلاث حالات قتل، تمت جميعها في وضح النهار وأمام الناس داخل الحرم الجامعي.

وبناءً على ذلك يتفق شوايل مع الجميع بأنه لا يوجد حرس جامعي بالمعنى الحقيقي، وأن المجموعة الموجودة مشكلة من عناصر من شرطة النجدة ومن ضمنها عناصر نسائية.

فتيات مسلحات

تقول طالبة الماجستير مروة محمد – 26 سنة – إن هناك فتيات يحملن السلاح أيضاً، وخاصة ممن ينتمين لقبائل معروف عنها أن “فتياتها لا يترددن في الدفاع عن أنفسهن، بل ومهاجمة خصومهن في كثير من الأحيان”.

وروت لـ”مراسلون” كيف أنها تعاني من ضغط أسرتها عليها للتوقف عن الدراسة حتى تتحسن الأوضاع الأمنية، “الحرس الجامعي غير قادر على حماية أحد، نحن نعيش الخوف المستمر من التعرض لإطلاق النار”.

مروة كانت شاهداً على عدة مشاجرات جرى فيها إطلاق النار وسقط جرحى “وأحيانا تكون المشاجرة للفوز بقلب فتاة، وتنتهي بإطلاق النار على طريقة الأفلام”.

أما عبد المنعم محمد – 23 عاماً – الطالب في كلية الآداب يؤكد أن وجود السلاح بات أمراً معتاداً بين الطلبة “ولا يمكن التكهن بمن يحمل السلاح، فكل طالب أمامي من الممكن ان يكون مسلحاً”، ويروي حادثة كان شاهداً عليها قام فيها طالب بعد مناقشة مشروع تخرجه بإشهار بندقية أوتوماتيكية – كلاشينكوف – وأطلق وابلاً من الرصاص “ابتهاجاً بالحدث العظيم” يقول متهكماً.

تقول خديجة احميدة عضو هيئة التدريس ورئيس قسم الشؤون الاجتماعية بكلية العلوم لـ”مراسلون” إن المسألة تحتاج إلى “برنامج متكامل لعلاج الشباب نفسياً واجتماعياً من تفشي ظاهرة العنف بينهم، والفصل بين القبلية ومصلحة الوطن، ونزع السلاح، والضرب بيد من حديد لكل متجاوز مهما كان”.

وتشير إلى أنه “لابد للتعامل مع المشكلة أن يجري الأمر بهدوء وبعيداً عن العصبية” ونوهت إلى أن نشر الوعي وتفعيل القانون هو الحل لكل المشاكل وليس مشكلة السلاح وحسب.