ثار الشعب التونسي على فساد نظام حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي فماذا تحقق بعد خمس سنوات من الثورة في محاربة الفساد؟

للأسف نحن نعيش اليوم حالة وبائية لتفشي الفساد في تونس وإذا تواصل الحال على ما هو عليه سنصل لوضع “دولة مافيوزية”.

ثار الشعب التونسي على فساد نظام حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي فماذا تحقق بعد خمس سنوات من الثورة في محاربة الفساد؟

للأسف نحن نعيش اليوم حالة وبائية لتفشي الفساد في تونس وإذا تواصل الحال على ما هو عليه سنصل لوضع “دولة مافيوزية”.

كل التقارير الدولية والوطنية تؤكد أن الفساد في تونس ارتفع بصفة مريعة بعد الثورة حيث تراجع ترتيب تونس في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2015 الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية إلى المركز 76 ضمن 168 دولة مسجلة بذلك تراجعا بثلاث مراتب مقارنة بعام 2014.

كما أن المؤشرات الاقتصادية بدورها تشير إلى تنامي هذه الظاهرة فعندما تبلغ نسبة الاقتصاد الموازي غير القانوني حدود 52 % فإن ذلك يعكس بلا شك تنامي هذه الآفة التي أصبحت تتغذى بعد الثورة من التهريب.

هل تورطت أطراف سياسية بعينها في دعم منظومة الفساد بعد الثورة؟

كانت هناك أماكن شاغرة للقيادة في منظومة الفساد بعد الثورة وقد تم استغلال تلك الأماكن الشاغرة سواء ممن كانوا في الحكم أو من كانوا خارج الحكم وهذه كانت نتيجة طبيعية لعدم تفكيك منظومة الفساد بعد الثورة.

كما لا بد من الإشارة إلى أن أجهزة الدولة تم استضعافها بعد الثورة وتم استباحة مؤسسات الدولة بدعوى محاسبتها ومحاسبة المتنفذين فيها لقربهم من منظومة الفساد لكن ذلك للأسف سهل عملية تركز الفساد أكثر.

هل أن ضعف أداء الحكومات السابقة في محاربة الفساد كان من قبيل العجز أم التواطؤ؟

لا أريد أن أحكم على النوايا لأن هناك معطى هام لا يجب أن ننساه وهو أن جميع الحكومات السابقة كانت حكومات مؤقتة ومسؤولية الحكم فرضت عليها ترتيب أولوياتها مثل إعادة تركيز مؤسسات الدولة ومكافحة الإرهاب ومعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب وغيرها…

يجب علينا أن نأخذ كل هذه المعطيات بعين الاعتبار لنكون منصفين ولكن من دون شك هناك فريق تواطؤ مع الفساد لأن هناك قرارات حاسمة كان من الضروري اتخاذها لكن شيئا من ذلك لم يحصل.

ماذا عن الوضع الحالي هل تتمتع هيئتكم مثلا بالاستقلالية التي تجعلها قادرة على محاسبة الجميع دون خوف أو انحياز إلى أي طرف؟

قانونيا الهيئة مستقلة لأن المرسوم الذي أحدثها ينصص على هذه الاستقلالية لكن واقعيا الأمر مختلف لأن الهيئة تحصل على ميزانيتها من رئاسة الحكومة وبالتالي لا يمكن الحديث عن استقلالية تامة.

طيلة السنوات الثلاث الماضية من إحداث الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تم رصد ميزانيات ضعيفة جدا من قبل الحكومة وهذا يعتبر نوع من التكبيل لنشاطها في محاربة الفساد الذي يتطلب عملها ميزانية أكبر.

بقطع النظر عن المسائل المالية هل هناك تجاوب كاف من قبل مؤسسات الدولة لدعم نشاط هذه الهيئة التي تتقصى في ملفات الفساد؟

إلى حد الآن وبعد ثلاثة أشهر من تعييني على رأس الهيئة اعتبر بأن التجاوب مازال ضعيفا رغم أننا سعينا لمحاولة الإقناع بوجوب توفير للهيئة الدعم المادي واللوجستي والبشري ولكن التجاوب الحكومي كان ضعيفا للأسف.

وماذا عن تجاوب مجلس نواب الشعب (البرلمان)؟

نفس الشيء على المستوى التشريعي حيث أرى بأن هناك نوع من المماطلة والتلكؤ في إصدار نصوص قانونية تفعل مواد الدستور المتعلقة بهيئة مكافحة الفساد مثل قانون حماية المبلغين وقانون مقاومة الكسب غير المشروع والتضارب بالمصالح وقانون التصريح بالممتلكات…

كيف تعبرون عن غياب الدعم الحكومي والبرلماني اللازم لنشاط الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؟

بالطبع كل هذا ولد لدينا شعور بضعف الارادة الذي كنا نرجو أن تكون في حجم المخاطر المترتبة على استفحال هذه الظاهرة في البلاد.

لكن كيف ستتصرف الهيئة إزاء هذه الوضعية الصعبة؟

ستواصل الهيئة عملها رغم كل الظروف بالبحث عن حلول بديلة كالسعي للحصول على دعم خارجي من المنظمات الدولية وكذلك دعم المجتمع المدني وبالنسبة لدعم الحكومي فاعتقد أنه سيكون هناك خلاف حول هذا الدعم لكن لا نملك خيارا آخر سوى العمل ولو بدعم محدود.

كم بلغ عدد ملفات الفساد التي تنكب الهيئة على العمل عليها؟

حاليا هناك اليوم حوالي 9 آلاف ملف حول وجود شبهة فساد نحن بصدد فرزها لان هناك ملفات ليست من مشمولات الهيئة لأنها لا تتعلق بالفساد.

قمنا بفرز 2600 ملف إلى الآن وهناك ملفات جدية فتح تحقيق بشأنها وهناك ملفات توفرت فيها براهين وأدلة قاطعة وأحيلت على القضاء للبت فيها.

إلى جانب ذلك لدينا مهام أخرى منشغلون بها منها السعي إلى إحداث مركز للدراسات والتوثيق وقاعدة بيانات ونعمل الآن على إعداد حملات تحسيسية للتصدي للفساد كما نسعى لتركيز فروع للهيئة في الجهات.

بحكم منصبك الحساس هل تلقيت تهديدات معينة؟

لا لم أتلق أية تهديدات وهناك إجراءات تتكفل بها وزارة الداخلية لحمايتي.

هل يخشى الأستاذ شوقي الطبيب من ملفات معينة؟

الخشية ليست على المستوى الشخصي ولكن هناك ملفات فساد حساسة تتعلق بالصفقات العمومية وتتعلق بمسؤولين حاليين في الدولة وفي سدة الحكم ولكن هذا لا يمنحهم حصانة ولا يجعلني أتراجع عن مهمتي في مكافحة الفساد.

ماهي أكثر القطاعات المورطة في قضايا الفساد؟

تقريبا 25 بالمائة من ملفات الفساد في تونس تشمل الصفقات العمومية وهو ملف خطير من ناحية تأثيره على الاقتصاد التونسي وعلى وموازنة الدولة بصفة عامة.

كم تبلغ حجم الخسائر السنوية جراء الفساد؟

الفساد ينخر الاقتصاد التونسي ويتسبب سنويا في خسارة أربعة نقاط في النمو الاقتصادي وهذا يقابله خسارة نحو 70 ألف موطن شغل.