في لقاء سابق أجراه “مراسلون” مع السيد عمر النعاس عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، عزا النعاس أسباب الخلاف القائم بين أعضاء الهيئة إلى بعض المواد الدستورية، ووعد بطرح الدستور قبل نهاية مارس الحالي.

كلام النعاس يعترض عليه زميله في الهيئة السيد عبد القادر اقدورة الذي قرر مقاطعة ورش العمل الخارجية، والذي يعتقد أن الأسباب الحقيقية للخلاف أعمق من ذلك، وهو ما يتضح من خلال تغيب حوالي 25 عضواً من أعضاء الهيئة عن حضور الاجتماع الذي انعقد مؤخراً في سلطنة عُمان بهدف الاتفاق على المواد الخلافية والخروج بمسودة.

في لقاء سابق أجراه “مراسلون” مع السيد عمر النعاس عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، عزا النعاس أسباب الخلاف القائم بين أعضاء الهيئة إلى بعض المواد الدستورية، ووعد بطرح الدستور قبل نهاية مارس الحالي.

كلام النعاس يعترض عليه زميله في الهيئة السيد عبد القادر اقدورة الذي قرر مقاطعة ورش العمل الخارجية، والذي يعتقد أن الأسباب الحقيقية للخلاف أعمق من ذلك، وهو ما يتضح من خلال تغيب حوالي 25 عضواً من أعضاء الهيئة عن حضور الاجتماع الذي انعقد مؤخراً في سلطنة عُمان بهدف الاتفاق على المواد الخلافية والخروج بمسودة.

ومع أن قدورة والنعاس كانا يمثلان نفس التيار داخل الهيئة، إلا أن تباين وجهات النظر بينهما، والذي يشرحه نص الحوار التالي، يكشف وجود انقسامات لم تكن مرئية بين أعضاء مفصل مهم من مفاصل الدولة.

مراسلون- ما أسباب تأخّر الدستور من وجهة نظرك؟

ج- يمكن تلخيص الأسباب الرئيسة في: أولاً الإدارة غير القادرة على إدارة هيئة دستورية، فهي لا تملك الخبرة ولا المعرفة، وهذا سبّب ضياع كثير من الوقت، لدرجة أن بعض الأعضاء لم يكونوا مطلعين على محتويات مسودة الدستور التي ذهبوا لنقاشها كنظام الحكم والحكم المحلي وشكل الدولة، وفي ظنهم أنهم يعرفون كل شيء.

ثانياً التركيبة الجغرافية الجهوية والقبلية التي جاء منها أعضاء الهيئة، أي يمكننا القول باختصار إنه غياب الثقافة الدستورية عند الأعضاء وثقافة الحوار وقواعده، وسط غياب لرئيس يرشد ويوجّه ويحافظ على الوقت.

ظاهر الخلاف أنه حول مواد دستورية بعينها لكن في باطنه يكمن غياب الثقة بين الأعضاء وتأجيج المواقف بينهم، وعدم الاتفاق على المصلحة الوطنية العليا التي يراها كل واحد بمنظوره وبعض المناظير جهوية وقبلية.

س- كيف ترى المصلحة الوطنية العليا بمنظارك؟

ج- المصلحة الوطنية العليا هي خليط من مصالح كل الليبيين، بعكس من يراها أنها مصلحة منطقته أو قبيلته، وستمكننا من صنع دستور يمنع عودة الاستبداد ويمكّن الليبيين من إدارة شؤون بلادهم وتقاسم ثرواتهم بشكل عادل.

يعني النظر إلى المصلحة الوطنية العليا سيجعلنا نوافق على العربية لغة للإدارة مثلاً، كما فعلت الهند من قبلنا وعندهم أكثر من 40 لغة وأقروا في دستورهم الإنجليزية، أو نعترف بلغة الآخر لأنها موجودة وهناك شريحة يتكلمون بها، أو لا نشير للغة رسمية في الدستور الحالي خروجاً من الخلاف وتغليباً للمصلحة العليا.

النظر إليها أيضاً سيجعلنا نتجاوز موضوع العاصمة ونتركها ليأتي في المستقبل من هم أفضل منا ويختاروا الأفضل، المصلحة العليا ستجعلنا ننفتح على الآخر لنفهمه؛ لأننا إذا لم نفهمه سنستعمل ضده لغة الاضطهاد وبالتالي سيبادلنا مثلها وزيادة.

 س- أليس في هذا هروب من مواد قد تكون أساسية في الدستور الدائم للبلاد؟

ج- لأجل هذا طالبتُ منذ الأيام الأولى للهيئة بتعديل مهمتنا لإصدار دستور مؤقّت يجمع الليبيين أو تعديل الإعلان الدستوري أو أي نص في 40 مادة تجمع ضمانات الحقوق، ونظام الحكم وسلطة الرئيس والمحاكم والقضاء، يستمر من سنة إلى 5 سنوات حتى تستقر البلاد، ونعالج موضوع الأمن ونصفي القلوب على بعضها بين الأفراد والمدن، وقد عرضت ذلك في الشهور الأولى والتسجيل موجود ولكن لم يلتفت أحد لذلك.

س- ربما لم يُلتفت لذلك في بداية الهيئة والحماس يأخذ الأعضاء لتحقيق دستور دائم للبلاد، وتونس ومصر قد عدّلت دساتيرها؛ لكن السؤال: الرئيس لا يتقن فنّ الإدارة وأنتم من اخترتموه، لماذا لم تتحدثوا منذ البداية عن ذلك؟ ألستم شركاء في النجاح والفشل؟

ج- أنا لم أختره رئيساً، ولا يمكنني عمل شيء بمفردي ولهذا فكّرت كثيراَ في الانسحاب واعتبرته هزيمة ولذا بقيت وتكلّمت كلما سنحت لي فرصة، ولمّا يحين الوقت سنتحدّث عن المسؤوليات وكلّ شيء قد دوّنته من اليوم الأول، نحن لسنا تونس ومصر، هناك دولة مؤسسات قائمة وأناس مثقفون دستورياً؛ لكنك في دولة لا تملك شيئاً سوى موروث المشاكل التي لا يمكن حلّها بدستور في هذا الوقت، وأخشى ما أخشاه أن يكون الدستور سببًا في عدم الاستقرار الذي استمرّ 13 سنة في العراق مع أنهم كتبوا دستورهم منذ البداية.

س- ولكن الآن تم إيقاف رئيس الهيئة الدكتور علي الترهوني عن العمل لكونه مزدوج الجنسية، هل تعتقد أن الأمور ستتحسن أم سيؤثّر ذلك على سير عملها؟

ج- القصة ليست في التأثير على سير العمل، الآن السيد رئيس الهيئة رفع دعوى للقضاء العالي وفي انتظار ما سيصدره من قرار، الأعضاء منذ البداية لم يكونوا في صدد مناقشة هذا الموضوع ولكن بعض خصومه الذين كانوا قريبين جداً منه هم من استغلّ الوضع ورفع الدعوى، ويمكنك سؤال نائبه الموجود في عُمان ليصدر دستوراً للّيبيين من هناك عن سير العمل.

القصة في الاستجابة العاجلة من مفوضية الانتخابات، القصة أن الأمم المتحدة نجحت في شقّ الصفّ الليبي في المؤتمر والبرلمان وأخيراً في الهيئة التأسيسية، مثلاً في غرب ليبيا بعض الأعضاء ذهب لعُمان وبقي من قاطع ولم يذهب ومثله في الشرق، الانقسام دخل إلى ممثلي المدينة الواحدة بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من الاتفاق والوصول لمسودة دستور.

س- هناك من يرى تغيبكم عن اجتماع عُمان سبباً في تأخر الوصول لاتفاق وأنه ينافي المصلحة الوطنية العليا التي تحدّثتَ عنها، كيف تردّ؟

ج- بالعكس نحن كنا على وشك الاتفاق على مواضيع كثيرة من المسوّدة التي أتت بها لجنة العمل المكلفة من 12 عضواً كثير منهم غير قانونيين، وهي خرجت بشكل مخيّب للآمال دون أن نناقشها ونصوّت عليها.

ثم فوجئنا بأننا يجب أن ننجز العمل قبل 24 مارس من العام الجاري، ثم نتفاجأ بورشة عمل في تونس مهمة وقد شاركت فيها، وتلاها اجتماع في سلطنة عُمان وهذا كان سبباً في إضاعة كثير من الوقت، وأرجو ألا يكون هذا مفتعلاً ووراءه أيدٍ خفية لا تريد لهذا الوطن أن يرتاح.

القرارات في عُمان لن تكون ملزمة لغياب النصاب القانوني، وبعد أن يرجع الأعضاء ستتمُ المناقشة والتصويت على ما زُعم الاتفاق عليه.

س- من تقصد بالأيادي الخفيّة التي تخشى أن تكون وراء تعطيل الدستور؟

ج- لا أريد أن أذهب في اتهامي لأبعد من ذلك حاليّا.

س- هل الوضع السياسي ألقى بظلاله على كتابة الدستور وتسبب في الانقسام داخل الهيئة؟

ج- بالتأكيد، للوضع السياسي دور كبير في تغليب مصلحة المنطقة والقبيلة والأفراد على حساب المصلحة العليا داخل الهيئة وهذا تسبب في تأخر الاتفاق فلكل مصلحته.

س- أليس في هذا تبرير لطلب الأعضاء الخروج من البلاد للنأي عن الوضع السياسي المعقّد وتدخّل السّاسة في شؤونهم؟

ج- إذا كان أعضاء الهيئة منهم من يحمل ثقافة الجهة والقبيلة والفرد، فما فائدة خروجهم؟، إلا إذا تم غسل أدمغتهم خارج الوطن، ربما يوجد من لا يريد لليبيين أن يتحاوروا مع بعضهم، التدخل في الشأن الداخلي مرفوض ولو كان من الأمم المتحدة نفسِها، لسنا بحاجة لمن ينظّر علينا في مسألة المرأة أو الأقلّيّات لأننا نعي هذا جيداً، وللأسف حين تجاهلنا المصلحة العليا أتحنا الفرصة لهم وخيّبنا مطالب شعبنا الذي انتظر دستوراً يليق به.

س- بحسب تصريحات أعضاء الهيئة المجتمعين في عُمان، وتصريح السيد عمر النعاس لـ”مراسلون” سيتمّ عرض الدستور قبل نهاية مارس، وقد جُهّزت المسوّدة في 220 مادة، وتمّ هناك التوافق على كثير من نقاط الخلاف، ما تعليقك؟

ج- سأقول بأنني واقعيّ ولا أظن ذلك سيحصل، الاتفاق ناقص لغياب نصف أعضاء الهيئة تقريباً، وحتى يرجعوا ويتم طرح المسوّدة التي تحتاج لتعديل في كثير من بنودها، ولم يطّلع عليها حتى بعض ممن هم في عُمان، وأصلاً انتهت المدة القانونية التي حددت في 24-3 في اتفاق الصخيرات وسندخل في حسابات جديدة.