من جديد عاد اسم محمد مخلوف ليبرز في ليبيا، وذلك مع إطلاقه فيلمين تسجيليين جديدين خص بهما مدينته بنغازي، حاول من خلالهما أن يوثق فترة الحرب التي عاشتها المدينة قرابة عام ونصف أدت إلى نزوح عدد كبير من سكانها داخل وخارج البلاد.

“حكاية مدينة” و “فن الأمل”، عن قصته مع هذين الفيلمين يحدثنا مخلوف في الحوار التالي:

مراسلون- كيف أنجزت فيلم “معركة بنغازي.. حكاية مدينة”؟ ومن روى حكاية المدينة؟

من جديد عاد اسم محمد مخلوف ليبرز في ليبيا، وذلك مع إطلاقه فيلمين تسجيليين جديدين خص بهما مدينته بنغازي، حاول من خلالهما أن يوثق فترة الحرب التي عاشتها المدينة قرابة عام ونصف أدت إلى نزوح عدد كبير من سكانها داخل وخارج البلاد.

“حكاية مدينة” و “فن الأمل”، عن قصته مع هذين الفيلمين يحدثنا مخلوف في الحوار التالي:

مراسلون- كيف أنجزت فيلم “معركة بنغازي.. حكاية مدينة”؟ ومن روى حكاية المدينة؟

مخلوف- وثائقي “معركة بنغازي.. حكاية مدينة” هو فيلم تسجيلي كان يدور في ذهني منذ زمن طويل، حاولت أن أبحث في تفاصيل المعركة وأتتبع مصير سكان المدينة اللاجئين في مدينتهم، وقد انتهجت في التصوير أسلوب (Fly-on-the-wall).

سجلت حوارات ميدانية مع مقاتلي محاور بنغازي الشبّان المتطوعين، أفراد، عائلات، سكان بنغازي النازحين، أفراد الجيش والقوات الخاصة.

كما حصلت أيضاً على تسجيلات فيديو حصرية للمعارك اليومية من الجيش الليبي، وأخرى من المعارك التي شارك فيها شباب المدينة المتطوعين، هكذا جمعت خيوط الحكاية.

الفيلم من إنتاجي وإخراجي وتم إنجازه من خلال مؤسستي المستقلة الخاصة “الشاشة العربية المستقلة”.

 س- إلى أي مدى يعكس فيلم “حكاية مدينة” حقيقة ما يحدث في بنغازي؟

ج- ما يحدث في بنغازي يحتاج إلى مئات الأفلام والقصص.. لو يتوفر فقط دعم مادي للشباب للتحرك بين المدن، والحصول على الأجهزة التقنية، سيوثقون هم ما يحدث.

حاولت في الفيلم أن تكون نظرتي الإخراجية مطابقة للواقع، ولكنني لا زلت أصر على أن بنغازي تحتاج إلى دعم على كافة الأصعدة، وتوفير فرصة لسكانها كي يوثقوا مأساتهم.

ج- لماذا بنغازي بالذات؟

س- لأنها مدينتي.. ولأن الشعوب العربية اليوم لا توثق تاريخها، الحقائق تتحول إلى قطع فيديو على اليوتيوب ثم تنتهي هكذا دون ربط أو ترتيب.

لهذا كان من واجبي كوني أعمل في هذا المجال أن أوفر مجهودي لأهل بنغازي سواء مادياً أو تقنياً، وأصنع وثيقة تاريخية تتحدث عما حدث لأهل هذه المدينة العصية.

س- فيلم فن الأمل قصة أخرى كنت أنت بطلها، حدثنا عن التجربة.

ج- الفيلم كان توثيقاً لحادثة شخص من بنغازي، ليس أنا بالضرورة، وذلك عندما كنت مثل كثيرين محتجزاً داخل شقتي دون كهرباء أو طعام أو شراب لمدة أسبوع في شهر نوفمبر عام 2014، تحت رصاص وقصف المليشيات المسلّحة، وعرضة للموت في أية لحظة.

الصبر كان رفيقي في تلك المحنة، والأمل كان زادي لإنتاج وثيقة بصرية راسخة مستقبلاً، تحكي للناس خارج بنغازي ما مررنا به من ألم، رغم أنني لست مصوراً ولكن قررت أن أكون كذلك.

هذا الفيلم حقق نجاحاً حتى خارج ليبيا، لأنه تمكن من أن يعكس صورة صادقة للأحداث في ذلك الزمان والمكان.

س- كمتخصص في السينما التسجيلية كيف ترى السبيل لمواجهة الإرهاب الإعلامي الذي تمارسه التنظيمات المتطرفة مثل داعش؟

ج- تقنيات داعش الإعلامية ينفذها أشخاص حرفيون درسوا الإعلام وتمكنوا من صناعة صورة ترهب الناس بشكل خطير ومدروس، عكس الحكومات العربية التي تصنع إعلاما فاشلاً لا يستطيع مواجهة هذه الصورة التي تعتمد على التقنية، رغم أن لدينا طاقات عربية محترفة، لكن الحكومات تتخبط ولا تستطيع مواجهة صورة.

لذلك فإن صناعة سينما مضادة في ليبيا مثلاً، تحتاج إلى وزير إعلام ثاقب النظر، يستفيد من خبرات أفراد مستقلين عن الخطاب الحكومي، ويعطي الشباب الفرصة لتوثيق الواقع، وسنرى أعمالاً قوية تكون بمثابة الرد على صورة داعش.

نحن لدينا العشرات من الشباب الذين يستطيعون إنجاز أفلام لم تُصنع من قبل، وأنا أقول ذلك من تجربتي الشخصية، ومتأكد من أننها سنشهد قريباً بداية عصر جديد بحلة فنية راقية في مجال السينما بليبيا.

س- أنت لم تخفِ استياءك من وزير الإعلام (الوزير السابق عمر القويري)، بل وذكرت ذلك في شارة البداية لفيلم “حكاية مدينة”، حيث وردت عبارة “وزير الإعلام السابق ماطل في تمويل الفليم”، ماذا حدث بالضبط؟

ج- أحببت أن انوه إلى أن تمويل الفيلم كان بمجهودات شخصية وبمساهمة من شباب ليبيين بالخارج، وذلك بعد أن اخلف الوزير للمرة الثانية بوعده..

أيضا أردت أن أقول إن وزراء الإعلام يخافون من الصوت الآخر، والحكام الدكتاتوريون كانوا كذلك، إن كانت هناك جهات تريد تأهيل الشباب فما المانع؟، لكن الوزراء يخافون من نقل الصورة الحقيقية، ويحاولون حصار الإعلاميين الليبيين، لهذا أؤكد أن الاستقلالية في هذا المجال جيدة.

س- في علاقة بمستقبل ليبيا في السينما التسجيلية ما الذي يطمح إليه مخلوف؟

ج- ما أبحث عنه في أعمالي، وهو إنتاج الصورة المرئية التي تنشر الحقيقة، والاقتراب من الناس لعرض همومهم، والجرأة في نقل الحقائق، وإعطاء الفرصة للناس لقول ما يرونه وهي جل أحلامي.

لو تخلصنا من المسؤولين غير المؤهلين، واستبدلناهم بالرجل المناسب في المكان المناسب، وتحررنا من تبعية الرأي يمكن أن نرى ليبيا متميزة في عالم السينما، نظراً لامتلاكنا طاقات شبابية متميزة تقنياً وإخراجياً.

س- على ماذا تعمل الآن؟

ج- أستعد لتصوير فيلم اسمه “غداً”.. قصة الفيلم تحكي حياة طفل يذهب والده للحرب، فيبقى وحيداً يصارع الحياة ويتعلم منها.

أصدقاؤه يعيشون نفس قصته ويحيطونه بعالم من الطقوس البنغازية : الحزن، الفرح والمشاكسة اليومية، وينتهي هذا الفيلم نهاية سعيدة ترتسم على وجه “حمادي”.. إنّه الأمل في غدٍ أفضل.