يزخر تاريخ الاسكندرية بالعديد من الصحف المحلية. فقد صدر فيها نحو عدد كبير من الصحف الورقية المختصة بالشأن المحلي، ولكن الآن وصولا إلي عام 2016 توقفت معظم تلك الصحف عن الإصدار، وتحول قليل منها إلي صحف إلكترونية توفيرا للمال ولرخص تكلفتها.

يزخر تاريخ الاسكندرية بالعديد من الصحف المحلية. فقد صدر فيها نحو عدد كبير من الصحف الورقية المختصة بالشأن المحلي، ولكن الآن وصولا إلي عام 2016 توقفت معظم تلك الصحف عن الإصدار، وتحول قليل منها إلي صحف إلكترونية توفيرا للمال ولرخص تكلفتها.

بدأت الصحافة المحلية في محافظة الإسكندرية منذ عهد قديم حينما انطلقت أول جريدة محلية في عام 1946 وكانت تابعة للغرفة التجارية بالمحافظة، وأطلق عليها آنذاك أسم “مجلة الإسكندرية التجارية” حيث كانت تصدر مرة واحدة في  الشهر، وكانت تطبع في مطابع الثغر الورقية، وأخذت شكلا مميزا حيث غلافها تميز بشكل مبني الغرفة التجارية وطبعت بالونين الأسود والأبيض واختصت بالشأن المحلي.

ثم صدرت في عام 1969 مجلة النشرة الاقتصادية لبنك الإسكندرية وكانت تصدر بشكل ربع سنوي. الصحيفة التابعة لبنك الإسكندرية تخصصت بشأن أخبار البنك في المعاملات البنكية والودائع و الحسابات المصرفية.

أما في عام 1970 فأصدر نادي الإسكندرية الرياضي جريدة يومية و أطلق عليها أسم “سبورتنج” نسبة إلى نادي “سبورتنج” الشهير بالمحافظة، وكانت ورقية تطبع بصفة يومية ويحررها صحفيون مختصون بالشأن الرياضي. وكانت مهتمة بأخبار الأندية الرياضية بالثغر وأخبار اللاعبين والمباريات وعمليات تبادل اللاعبين.

البداية الحقيقية

وتتالت تجارب الصحف المحلية في الاسكندرية، لكن البداية الحقيقية للصحافة المحلية المستقلة تأتي مع صدور صحيفة “اسكندرية اليوم” في عام 1998، والتي أسسها علي بسيوني، الصحفي بجريدة الأهرام آنذاك، وكانت تطبع ورقيا بشكل أسبوعي دائم وكانت شاملة جامعة لكافة الأخبار الخاصة بالثغر، وتخرج منها أجيال من الصحفيين.

“أنني أعشق الصحافة الحرة الشريفة لذلك قررت إنشاء جريدة محلية تكون هي صوت المواطن وبالفعل نفذت التجربة وأطلقت عليها أسم “إسكندرية اليوم” وصدر أول عدد لها في يوم 2 مايو لعام 1998″، هكذا ما شرحه علي بسيوني، رئيس مجلس إدارة صحيفة إسكندرية اليوم.

يقول بسيوني “في ذلك الوقت كان هناك العشرات من الصحفيين الذين كانوا يرغبون في التعلم و ممارسة الصحافة وهم ألان من نجوم الصحافة السكندرية فصحيفة “إسكندرية اليوم” كانت بمثابة أكاديمية تعليمية تخرج أجيالا من الصحفيين الموهوبين، مؤكدا أن عدد الصحفيين الذين كانوا يعملون بتلك الصحيفة هم 184 صحفي وكانت تصدر يوم الاثنين من كل أسبوع بشكل منتظم وأخذت شهرة واسعة علي نطاق المسئولين والقيادات والمواطنين”.

يضيف بسيوني، أن هذا النجاح حقق الكثير والكثير لكل صحفي عمل بالصحيفة ثم أنتقل للعمل بجرائد كبرى مثل الأهرام والأخبار والوفد، مشيرا إلى أنها علمت الصحفيين كيفية العمل بشكل محترم و مهني بعيدا عن الصحف التي تلجأ لطرق الابتزاز والمحاكاة والمجاملات والتطبيل فلذلك حصلت علي احترام القارئ السكندري، حسبما يقول بسيوني.

تجارب جديدة

ومنذ بداية عام 2010 أطلقت جريدتي الشروق الجديد اليومية والمصري اليوم كل منهما ملحقا محليا خاصا بمحافظة الإسكندرية. الملحق الأول أطلق عليه أسم “الشروق طبعة الإسكندرية”، والثاني اسم “إسكندرية اليوم”. حصل الملحقان على شهرة واسعة بين المواطنين السكندريين ولكنهما توقفا عن الصدور بعد نحو عامين، وتشرد نحو 50 محرر صحفي شاب من الجريدتين دون أية حقوق ولا مستحقات مالية.

و تقول شيماء عاطف، محررة صحفية سابقة بطبعة إسكندرية اليوم الصادرة عن صحيفة المصري اليوم، أنها كانت سعيدة جدا منذ أن التحقت بها في عام 2011 خاصة أنها كانت طبعة محلية و أداة توصيل لمشاكل المواطنين إلي المحافظ والمسئولين.

وتضيف عاطف، أنها تعرضت “للغدر هي وزملائها من جريدة “المصري اليوم” بعد أن شهرت المؤسسة بهم و أنهم لا يصلحون أن يعملوا صحفيين، مما جعلهم يقومون برفع قضية ضد الجريدة منذ حوالي ٤ سنوات وحتى الآن فهي منظورة أمام القضاء المصري و لم يبت في أمرها”.

لكن أحمد سلامة، مدير مكتب جريدة الأهالي بالإسكندرية، يبرر نهاية تلك التجربتين بأن إصدارهما كان بمنحة مقدمة من الاتحاد الاوربى لدعم تجربة الصحافة المحلية وبمجرد نفاذ المنحة تم إغلاقهم وطرد الصحفيين، مؤكدا أنه لم يحرر عقود عمل لهم حيث شهدت المحاكم العمالية دعاوى عديدة من الصحفيين ضد إدارة الجريدتين للفصل التعسفي وحكم فيها بالتعويض بمبالغ مالية لا تتجاوز 10الاف جنيه في أحسن الأحوال.

صحافة السبوبة

يؤكد علي بسيوني، أنه عقب النجاح الغير مسبوق لصحيفة محلية جعل هناك غيرة من آخرين لتقليد التجربة الصحفية المحلية لـ “إسكندرية اليوم” والتي فاقت شهرتها صحيفة الأهرام ذاتها لقربها من المواطن السكندري ومشاكله، موضحا أنه بعد صدور صحيفته أنشأت نحو 12 جريدة محلية أخرى بالثغر حصلت على تراخيص أجنبيه من قبرص ومن لندن وتعددت أسمائهم من صحيفة إسكندرية و إسكندرية والعالم و أنباء الإسكندرية وغيرهم ولكنهم لم يستمروا، حسبما يقول بسيوني.

ويرجع بسيوني، سبب عدم استمرارهم لأنهم كانوا مجرد تقليد للنجاح الذي حققته جريدته وأنهم كانوا يهدفون للتقارب من السلطة. وتابع “صحافة السبوبة دائما ما تنتهي بالفشل تلك التجارب لعدم مهنتيها وحياديتها التي تفتقدها وعدم وجود مادة صحفية جيدة تجذب القارئ”.

المشاكل

تشير أميرة فتحي، الصحفية بجريدة الوفد، ورئيس تحرير صحيفة البلد اليوم المحلية الالكترونية، إلى أنها تعلمت الصحافة في جريدة “إسكندرية اليوم” المحلية منذ عام 1999 وتخرجت منها لتعمل بكبرى الصحف وتعلمت فيها كل شي عن الصحافة، بل هي كانت أكاديمية لتخريج الصحفيين وتعليمهم. وتقول “وقتها كنا نعمل دون رواتب ولكن كان هدفنا خدمة المواطن وإنتاج صحافة محترمة تعتمد على المهنية”.

وتوضح فتحي، إلي أنه من أهم المشاكل التي تواجههم في العمل هي غلاء الطباعة والأحبار والورق وكل ما يتعلق بشأن طباعة الصحف، فضلا عن عدم وجود إعلانات وتمويل مادي لكي نقوم بالعمل بطبع الصحف المحلية، بالإضافة إلي فقد عنصري التوزيع والتسويق اللذان يعتبران أحد العناصر الهامة لنجاح واستمرارية الصحف المحلية.

وتذكر فتحي، أن تلك المشاكل أدت في النهاية إلى إغلاق وتوقف كافة الصحف المحلية الورقية بالإسكندرية، وصبت في مصلحة “المواقع الالكترونية الصحفية” التي أصبحت هي الاعتماد الأول للصحف المحلية المتوقفة التي أخذت الصحافة الالكترونية بديلا عن الورقية، مؤكده أن تجربتها في الصحافة الالكترونية جيدة جدا وحازت علي شهرة واسعة في وقت قصير لان الصحافة الالكترونية سهلة و تكلفتها بسيطة جدا وسريعة وتصل للمواطن في الحال لذلك هي أصبحت عوضا عن الجريدة الورقية التي لا يوجد لها تمويل ودائما تبحث عن الإعلانات حتى تستمر في الإصدار.

الاتجاه العام

ويكمل علي بسيوني، حديثه قائلا:” توقفت عن الإصدار الورقي لصحيفة “إسكندرية اليوم” عام 2014 وقمت بتحويل الجريدة من مطبوعة ورقية إلي الكترونية، فالانترنيت أصبح أكثر وسيلة انتشارا لدي القارئ واقل تكلفة وأكثر تواصلا، حيث أن الصحافة الورقية أصبحت مثل الدكان والمستقبل بأكمله أصبح للصحافة الالكترونية”.

ويلفت بسيوني، أن الصحافة المحلية منذ زمن كان لها صدى بين الجماهير حيث أن جريدته رفع عليها نحو 134 قضية تنوعت ما بين سب وقذف وتشهير وذلك بسبب انتشارها، ولكن الآن أصبح الاتجاه العام في الصحف هو إنشاء مواقع صحفية الكترونية بعد إغلاق كافة الصحف المحلية بالإسكندرية وتوقفها تماما وتحول بعضها إلي صحف الكترونية حيث أن الوقت تغير والحياة أصبحت أسرع، خاتما حديثه قائلا” بأن الصحف الالكترونية هي القادمة لا محالة وهي الأسرع والأكثر تفاعلا مع القارئ”.