تتسارع الأحداث في المحيط الإقليمي لتونس، وتتطور الأوضاع في الجارة ليبيا واتساع رقعة الأراضي الخاضعة لتنظيم “داعش”، احتدام الصراع السعودي الإيراني الذي وانتقال الدبلوماسية التونسية من خانة عدم الانحياز إلى سياسة المحاور والتقرب من المملكة العربية السعودية، كل هذه الملفات طرحها موقع مراسلون على وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي في الحوار التالي:
تتسارع الأحداث في المحيط الإقليمي لتونس، وتتطور الأوضاع في الجارة ليبيا واتساع رقعة الأراضي الخاضعة لتنظيم “داعش”، احتدام الصراع السعودي الإيراني الذي وانتقال الدبلوماسية التونسية من خانة عدم الانحياز إلى سياسة المحاور والتقرب من المملكة العربية السعودية، كل هذه الملفات طرحها موقع مراسلون على وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي في الحوار التالي:
مراسلون: الموقف الرسمي للدولة التونسية هو ضد أي تدخل عسكري في ليبيا نظرا لانعكاسات هذا التدخل على تونس واليوم الموقف لم يعد كذلك بعد لقائكم مع سفراء دول الاتحاد الأوربي؟
لنتكلم بصراحة ونتفق انه من مصلحة الجميع القضاء على الإرهاب، فهو من مصلحة ليبيا ومصلحتنا نحن ومصلحة الدول الأوروبية ودول الجوار القضاء عليه.
نحن مع القضاء على الإرهاب من قبل الليبيين أنفسهم وإذا كان هناك داعي للتدخل الخارجي فلابد أن يكون في إطار القانون والشرعية الدولية وهي واضحة في هذا الأمر فمجلس الأمن هو من يشرع هذا ضمن مهمته في تحقيق استتباب الأمن في العالم والآليات واضحة.
و إن تطلب الحكومة الليبية الشرعية في إطار الدفاع عن النفس وفق البند51 من الأطراف الدولية التدخل.
هذا شان ليبي ليس لنا التدخل فيه، ولكننا ضد التدخل العسكري العشوائي غير القانوني، نحن دولة مسالمة لا نريد أي تدخل عسكري، فللأسف كل تدخل عسكري نتائجه سيئة ورأينا ما حصل في العراق وسوريا، فالتدخل لم يساعد على استقرار هذه الدول.
وان تم التدخل العسكري في ليبيا هل ستقدم لتونس مساعدة لحماية حدودها ؟
الدفاع عن تونس يقوم به التونسيون، وهذا من مهمات قواتنا الأمنية والعسكرية، أما عن الأطراف الدولية فقد وضعناها في الصورة حول تبعات أي تدخل عسكري وليس فقط على المجال الأمني وإنما المجال الإنساني وتدفق اللاجئين الذي قد يضيف مشاكل كبيرة على تونس التي تركت حدودها مفتوحة مع ليبيا فيما تغلق كل دول الجوار حدودها.
من حقنا أن نطلب من المجموعة الدولية أن تتحمل مسؤوليتها في إطار مجابهة أي خطر، سواء خطر إرهابي أو ملف اللاجئين ونحن في اتصال بهذه الدول عن طريق سفاراتنا وعن طريق سفرائهم في تونس كما نتصل بالمنظمات الدولية ذات العلاقة بالملف الإنساني.
وماذا عن تواجد قوات أجنبية في تونس للمشاركة في التدخل العسكري في ليبيا ضد تنظيم «داعش»؟
لا لن توجد قوات أجنبية في تونس، لم وليس مطروحا علينا تواجدها.
وماذا عن تقديم الدعم اللوجستي للدول المشاركة في التدخل العسكري؟
لم يطلب منا هذا وهو غير مطروح ونتركه إلى حين وقوعه.
إذا كان قرار التدخل بقرار أممي فنحن عضو في الأمم المتحدة وان طلب منا من قبل المنظومة الأممية سننظر فيه وندرسه انطلاقا من إن مصلحة تونس فوق كل اعتبار.
هناك عشرات الآلاف من التونسيين في ليبيا يعيشون في وضع خطير بلغ حد طرد التونسيين من مدن ليبية وهذا يقع دون أن تبادر وزارتكم بتوجيه دعوة للامتناع ومغادرة ليبيا؟
ضمن خطة الاستعداد لأي تطور في الملف الليبي قمنا بإنشاء خلية أزمة مجتمع في الإدارة العامة للشؤون القنصلية وهذه الخلية لها رقم اخضر سنعلن عنه ونمده لكل من هم في ليبيا كما قمنا بإحداث مكتب خاص لتلقي الاتصالات وان تعكّرت الأوضاع سنوجه لهم نداء بمغادرة ليبيا.
نحن نراقب تطور الأوضاع ووفقها سنتخذ الإجراءات ولكن في الأثناء كونا بعثة قنصلية جاهزة للانتقال لرأس جدير لتتابع أوضاع مواطنينا في ليبيا، وان تحقق السيناريو الأكثر تفاؤلا وتم التوافق بشان الحكومة الليبية سنكون أول بلد يعيد فتح سفارته في ليبيا ونستأنف علاقتنا الدبلوماسية.
ما هي آخر الاستعدادات لاجتماع دول جوار ليبيا بتونس؟
هذا الاجتماع تم الاتفاق بان ينعقد في 21 و22 مارس الجاري بحضور كل دول الجوار ممثلين بوزراء الخارجية وستشارك مصر والتشاد والسودان الجزائر وتونس وليبيا، التي سيمثلها في حال عدم الوصول إلى توافق بشان حكومة التوافق ، حكومة طبرق المعترف بها دوليا.
هذا الاجتماع يبحث عن توحيد بموقف الدول من التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا؟
الهدف سيحدد وفق تطور الأوضاع في ليبيا، فان توصل الأشقاء الليبيين إلى هذه الحكومة وتم اعتمادها. فالاجتماع سيكون حول كيفية مساندة هذه الحكومة حتى تقوم بوظيفتها و إعادة الإعمار في ليبيا ومكافحة الإرهاب لكن إن لم يصل الأشقاء الليبيين للتوافق، سننظر في كيفية دفعهم وتشجيعهم من اجل التوافق في تكوين حكومة. وعدم تكوين حكومة توافق ليبية فيه مخاطر كبيرة منها تفشي الإرهاب أكثر ويمكن أن تصبح نظرية تقسيم ليبيا حقيقة.
إذن لا حل غير أن يتفق الليبيون ويكونوا حكومتهم التي تتسلم مقاليد الحكم في طرابلس، وهذا الموقف هو محل توافق مع الجزائر والمملكة المغربية ونبحث عن توسيع دائرة التوافق لتشمل كل دول الجوار التي نعتقد أنها حريصة على وحدة ليبيا.
إذن التدخل العسكري في ليبيا سيكون قريبا؟
هناك حرب على تنظيم «داعش»الإرهابي وليست على ليبيا، فليبيا ليست هي المستهدفة ، من مصلحة الليبيين أنفسهم أن يعالجوا الخطر الجماعات الإرهابية المنتشرة في التراب الليبي ومن مصلحة دول الجوار صراحة أن يقع القضاء على بؤر الإرهاب.
وبعض الأطراف الدولية مهتمة بالوضع في ليبيا نظرا لموقعها الجيو- استراتجي الهام للدول الأوربية التي ترى أن ازدهار وتطور الجماعات الإرهابية داخل التراب الليبي من شأنه أن يكون خطرا على الأمن في حوض البحر الأبيض المتوسط ومن اجل ذلك هم مهتمون بالوضع في ليبيا.
وماذا عن التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
في ما يتعلق بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية ضمن زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة لأمريكا هي تسمية أمريكية من خارج الناتو حيث تمت تسمية تونس حليفا استراتيجيا من خارج إطار الناتو و قرار التحالف الاستراتيجي بيننا وبين الولايات المتحدة هو قرار أحادي الجانب يأتي في إطار تميز العلاقات بين البلدين وستكون له تبعات على عدة أصعدة ولن يكون للناتو فيه أي دخل لا عن قرب أو بعد.
كيف قبلتم بان تقدموا تعويضا للسفارة الأمريكية عن أضرار الهجوم عليها بقطعة أرض عوضا عن المال؟
سأجيبك في إطار تواصل الدولة، لا يوجد تقصير في هذا الموضوع، التونسيون اعتدوا على سفارة دولة صديقة كان من المفروض أن نحميها حسب الاتفاقيات الدولية لكن لم نتمكن من ذلك وبالتالي هذه مسؤوليتنا، لقد وقع الاعتداء وحرق ممتلكات سفارة أجنبية هي ضيفة لدينا.
لكن هذا لا يبرر تعويضها بقطعة ارض؟
أنا بدأت بمسببات الأمر، اليوم هناك من قيم الخسائر وبلغ المبلغ 36 مليون دولار فيما قيمة الأرض 12 مليون دولار، الخيار كان أن تكفل ميزانية الدولة بدفع قيمة التعويضات مقابل الأضرار التي لحقت السفارة والمدرسة، لكن الأمريكيين قالوا إنهم يعلمون صعوبة الوضع الاقتصادي الذي نمر به وكانت مبادرة منهم واستجابت لها الحكومة بان يقع التعويض عن طريق ارض وتقديم قطع ارض هو عرف سائد بين الدول التي تقدم قطع ارض لبناء سفارة لها.
الأمر هو كيف تقدم دولة تعويضا في شكل قطعة أرض؟
إذن كيف نقدم التعويض بقيمة36 مليون دولار.
أليس من الأفضل أن تقدم المال على أن تقدم قطعة أرض؟
إن سمحت ميزانية بذلك، ولك أن تتوجه لوزير المالية وتسأله إن كان له إن يقدم 36 مليون دولار، صراحة لم افهم الجدل غير الواقعي.
لقد وقع اعتداء علي سفارة الولايات المتحدة ولو لا علاقتنا الجيدة لكانت تداعياته وخيمة علينا، لذلك فان تقديم تعويضا لهم أمر لا مفر منه، فإما نقدم قطعة ارض أو ندفع القيمة ماليا، وقد ارتأت الحكومة الراشدة أن تعوض بتقديم قطعة ارض.
في الأيام الأخيرة باتت السياسة الخارجية التونسية منحازة إلى “المحور السعودي”؟
ما يميز دبلوماسية الرئيس الباجي قائد السبسي منذ الانتخابات هو الخروج من المحاور، نحن ضد سياسة المحاور التي كانت قبل الانتخابات. ونحن أرجعنا للسياسة الخارجية ثوابتها دون ميول إيديولوجية. أما عن معنى تواجدنا في الحلف فهو في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي وهو ليس حلفا سعوديا بل بادرت السعودية – التي هي مقر منظمة المؤتمر الإسلامي- بالدعوة إليه وهو حلف ضد الإرهاب والتطرف.
هل هناك مسعى إذن لإعادة الزخم للسياسة الخارجية والابتعاد عن سياسة المحاور؟
كان هناك إرباك خلال السنوات الأولى من الثورة . مع الأسف ضيعنا البوصلة وابتعدنا عن مقومات السياسة الخارجية التونسية التي اشتهرت بحكمتها . وكانت تونس لمدة سنوات تُستشار من عديد الإطراف وكان لها دور إقليمي وحجم يشهد له على المستوى العربي والغربي والدولي وكنا نُستشار في قضايا كبيرة. ما حصل لم يكن فقط نتيجة السياسة الخارجية التي انتهجتها تونس خلال الفترة الماضية لكن أيضا نتيجة الوضع الداخلي باعتبار أن السياسة الخارجية مرتبطة بالوضع الداخلي، وقوة الدولة التونسية وتوافق التونسيين من شأنه أن يدعم السياسة الخارجية.
أؤكد هنا بأن المبدأ العام هو أن الدبلوماسية التونسية ضد سياسة الغياب ودور الدبلوماسية يقوم على ملء الكراسي والتحاور مع الإطراف التي لدينا معها وجهات نظر مختلفة من اجل الوصول إلى أرضية للتفاهم والدبلوماسية جعلت من اجل هذه المهمة تحديدا وليست فقط للتعامل مع الأصدقاء
الدولة التونسية تخندقت في سياسة المحاور سنة 2014 وقدمت الدعم للمعارضة السورية وطالبت بتنحية النظام واليوم هناك فتور في العلاقات مع سوريا فكيف تنظرون إلى هذا الملف؟
هذا ليس دقيقا، لم تكن هناك سياسة رسمية لدعم النزاع المسلح يمكن هناك شبكات تدعم المقاتلين..
لكن الدعوة لرحيل الأسد ومؤتمر أصدقاء سوريا وموقف رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي ؟
كانت لدى الرئيس المرزوقي مواقف انطلاقا من قناعاته الشخصية كحقوقي، ولكن الدولة والقناعات الشخصية تختلفان . نحن نحترمه لأنه كان رئيسا تونس. لكن اليوم لدينا حكومة منتخبة تتابع الشأن السوري ووضع الجالية هناك. ونحن نراقب تطورات الأوضاع في هذا البلد لنصوغ على ضوء ما يحصل مواقفنا من سوريا.
في ملف الأموال المنهوبة ) من الرئيس السابق بن علي وعائلته) هناك انتقادات حادة للدبلوماسية التونسية بوجود اخلالات دفعت سويسرا مثلا لان تبدي عدم رغبة بإرجاع أموال النظام السابق إلى تونس فماذا تقولون؟
وزارة الخارجية جزء من منظومة استعادة الأموال ولا تتحمل وحدها هذا الملف. فهناك البنك المركزي الذي يترأس اللجنة الوطنية لاسترجاع الأموال المنهوبة.
ونحن مثلا قمنا بدور كبير مع كندا فيما يتعلق ببيع عقارات على ملك حسن الطرابلسي ) صهر الرئيس السابق) ووزارة أملاك الدولة توجهت إلى كندا واتصلت بالمحامين هناك وباشرنا الموضوع . وكذلك أمضينا مذكرة تفاهم مع سويسرا لدفع التعاون في هذا المجال، والسويسريون حريصون مثلنا على ذلك، لكن هناك إجراءات قانونية لا بد للقضاء التونسي أن يقوم بها لإقناع الأطراف الخارجية بان مصدر هذه الأموال غير شرعي . لا يكفي أن نقول بان هناك أموالا مجمدة تابعة لعائلة بن علي بل علينا إثبات بأنها جاءت بطريقة غير شرعية . وكلها ملفات معقدة لأننا أمام قضاء نزيه ومستقل في أوروبا لديه إجراءات خاصة. وحقيقة نحن ليست لدينا تجربة كبيرة في ملف استرجاع الأموال المنهوبة والآن هناك قضاة بدؤوا يختصون بالموضوع ونأمل بان نحقق تقدما ما.