يتحدث مراقبون عن احتمال عبور مليوني لاجئ ليبي إلى تونس مع بدء الضربات العسكرية على تنظيم الدولة هناك، ما مدى صحة ذلك؟

هذا رقم غير صحيح لأن الأوضاع تختلف اليوم عما كانت عليه في سنة 2011. في تلك السنة كان هنالك قرابة مليونين عامل أجنبي حاولوا الرجوع إلى بلدانهم عن طريق تونس ولذلك كان عدد الوافدين على بلادنا من ليبيا يتجاوز المليون لاجئ لكن في الوقت الحاضر لم يعد هنالك عمال أجانب في ليبيا.

يتحدث مراقبون عن احتمال عبور مليوني لاجئ ليبي إلى تونس مع بدء الضربات العسكرية على تنظيم الدولة هناك، ما مدى صحة ذلك؟

هذا رقم غير صحيح لأن الأوضاع تختلف اليوم عما كانت عليه في سنة 2011. في تلك السنة كان هنالك قرابة مليونين عامل أجنبي حاولوا الرجوع إلى بلدانهم عن طريق تونس ولذلك كان عدد الوافدين على بلادنا من ليبيا يتجاوز المليون لاجئ لكن في الوقت الحاضر لم يعد هنالك عمال أجانب في ليبيا.

ثم عدد الوافدين مرتبط بالقصف الذي يستهدف ليبيا. فإذا كان القصف يستهدف مناطق محددة دون غيرها كالقصف الأخير على صبراتة لا اعتقد أنه سينجر عنه توافد مكثف على بوابات العبور الحدودية. ننتظر في كل الحالات توافد 20 ألف ليبي في الأيام أو الأسابيع المقبلة.

هل لديكم فكرة عن عدد الليبيين الذين توافدوا على تونس بعد ضربة صبراتة الأخيرة؟

يعبر البوابة الحدودية راس جدير يوميا ما يقارب 3000 ليبي ولم يتأثر هذا العدد بالضربة العسكرية الأخيرة على صبراتة. ولكن يجب التذكير بأن نفس العدد تقريبا يغادر تونس نحو ليبيا ولذلك تعتبر هذه الحركية مجرد عبور عادي للحدود.

تتضارب الأرقام بشأن عدد الليبيين الموجودين بتونس، فهل من معلومات دقيقة حول هذا الموضوع؟

ما صرح به وزير الشؤون الاجتماعية صحيح. فبالتنسيق مع وزارة الداخلية يقارب عدد الليبيين الذين تجاوزت فترة إقامتهم بتونس 3 أشهر حوالي 350 ألف ليبي.

ماهي استعدادات الهلال الأحمر التونسي لتأمين استقبال وإغاثة اللاجئين في حالة تدفق الآلاف منهم عقب العمليات العسكرية الوشيكة في ليبيا؟

وظيفتنا الإنسانية تقتضي الاستجابة للاحتياجات الإنسانية ولكن ليس لنا حلول صالحة لكل زمان ومكان. الاحتياجات الانسانية لدى ضحايا النزاع المسلح ليست نفس الاحتياجات الانسانية لدى المهاجرين العائدين إلى بلدانهم. نحن ندرس الآن إمكانية وصول جرحى إلى تونس. هذا من جهة، من جهة أخرى يجب القول بأن الوضع اليوم مختلف جدا عن الوضع الذي تدخلنا خلاله في 2011.

أين يكمن الاختلاف؟

في 2011 الحدود لم تكن موجودة ولم يكن هنالك جهاز أمنى يحرس الحدود. الآن إدارة الحدود مجهزة ولها تقنيات حديثة تشمل فحص جوازات السفر والعربات. وعلى عكس 2011، يوجد اليوم خطر الإرهاب وتهريب السلاح.

هل سيتم تهيئة مخيمات لاستقبال اللاجئين؟

مخيم الشوشة الذي أنشأناه بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 2011 لم يعد قابلا للاستعمال وموقع المخيم نفسه أصبح غير مناسب لأنه في حالات النزاع المسلح يعتبر الموقع قريب جدا من الحدود.

إذا أين سيتم إيواء اللاجئين في حالة حدوث تدفق لعدد كبير منهم؟

كانت لدنيا فكرة إيواء اللاجئين في المناطق الحضرية ولكن بعد دراسة لكل الجوانب عدنا إلى فكرة المخيم وقد رحبت الحكومة التونسية بالفكرة وهي تدرس الآن موقع المخيم بالتشاور مع المصالح الأمنية والجيش لأنه في كل الحالات من مهام الجيش التهيئة الترابية لتركيز المخيمات.

كيف استفاد الهلال الاحمر التونسي من تجربة 2011 في تسيير مخيم اللاجئين؟

لدينا الآن متطوعون مدربون على القيام بهذا النوع من العمل الإنساني، ورغم تجربتهم البسيطة في 2011 فهم اليوم قادرون على التدخل الإنساني المستعجل. وفي الأثناء قمنا بالعديد من دورات التدريب والرسكلة وقد أصبح لدينا الآن فريق وطني لمجابهة الكوارث وكوادر في الإسعافات الأولية ومتطوعون قادرون على النفاذ الآمن إلى المنكوبين والضحايا والمستضعفين.

الهلال الأحمر التونسي هو منظمة إنسانية معاضدة لجهود الدولة، فهل تجدون من السلطات تجاوبا خاصة فيما يتعلق بالتنسيق في مجابهة الكوارث وعمليات الإغاثة؟

بالنسبة للأزمة الحالية، أنشأت الحكومة التونسية خلية أزمة وتنسيق بمقر وزارة الشؤون الخارجية والهلال عضو في هذه اللجنة إلى جانب كل الوزارات المعنية ولذلك يوجد تنسيق تام مع الحكومة في هذا الصدد ولمسنا من السلطات ثقة تامة في منظمتنا وخاصة فيما يتعلق باحترامنا لأخلاقيات العمل الإنساني المحايد والبعيد عن كل التجاذبات السياسية.

وماذا عن التنسيق مع المنظمات الإنسانية الأخرى الموجودة في تونس؟

تجمعنا بكل المنظمات العاملة في الحقل الإنساني علاقة شراكة وتعاون والعديد من هذه المنظمات لها إمكانيات لا يستهان بها وقد طالبناها بالأخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي الهش للبلاد وعدم قدرة الحكومة التونسية على توفير القدر الكافي من الأغذية والأدوية.

في 2011 قام التونسيون بتوفير العديد من الإعانات وذلك في إطار التضامن مع الشعب الليبي عقب الثورة الليبية، اليوم اختلف الوضع ولذلك نحاول التنسيق مع هذه المنظمات الإنسانية لإدارة الأزمة على أحسن وجه.

أشرتم إلى هشاشة الوضع في تونس، فكيف سيأثر تدفق اللاجئين من ليبيا في ظل هذا التدهور الاقتصادي والأمني؟

كل توافد كبير على تونس من شأنه أن يؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي في تونس ولكن تونس لا يمكن أن تتخلى عن واجباتها الإنسانية حسب الظروف المتاحة وطبعا بالاعتماد على المجتمع الدولي الذي يتحمل المسؤولية في هذا. فنفس الدول التي لها إمكانيات لتزويد العمليات العسكرية يجب أن تكون لها إمكانيات لجبر أضرار العمل العسكري وخاصة في دول الجوار التي ليس لها إمكانيات كبيرة.

بغض النظر عن الوضع الحالي ما هو مستقبل اللاجئين عموما في تونس؟

أنا اقولها بكل صراحة، تونس ليست بلد لجوء. وحتى اللاجئين الموجودين في تونس حاليا ليست لهم رغبة في اللجوء هنا. فعندما نحاول مساعدتهم على العودة إلى بلدانهم أو تسهيل إجراءات إقامتهم تكون إجابتهم دائما بأن تونس هي فقط بلد للعبور ولا يرغبون في اللجوء إليها لكن هذا لا يمنعنا طبعا من العمل على قوانين اللجوء في تونس، ولدنيا الآن قانون أول فيما يتعلق بحق اللجوء وهو موجود واشتغلنا عليه مع وزارة حقوق الإنسان وهو كامل وسيمر للتصويت أمام مجلس النواب.

لدنيا أيضا قانون يتعلق بالإتجار بالبشر، وقد نظمت تونس منذ أسبوعين ملتقى عن الإتجار بالبشر حضره كل من وزير العدل ووزيرة المرأة والمنظمات الدولية والاتحاد الاوروبي وننتظر الآن التصويت عليه من قبل مجلس النواب.

هذه القوانين أساسية حتى يكون لنا إطار قانوني للتعامل مع المهاجرين واللاجئين في تونس.

كيف تقيمون جهود المجتمع الدولي في التدخل في حل أزمة اللاجئين على المستوى الإقليمي والعالمي؟

للأسف يتميز الوضع الآن بالتركيز على السياسة الأمنية في حل الأزمة.

لدينا 3 أصناف من المهاجرين. المهاجرون لأسباب اقتصادية ونحن نطالب هنا بوقف التصدي الامني لهم لمحاولة منع عبورهم إلى أوروبا وتشجيع سياسة مساعدة الدول المصدرة اقتصاديا واجتماعيا حتى لا يكون هنالك ما يدفع شباب هذه الدول التي تفتقر إلى التنمية لمغادرة البلاد بحثا عن الشغل ولقمة العيش.

بالنسبة إلى اللاجئين أو طالبي اللجوء، فهم يغادرون بلدانهم لأن حياتهم معرضة للخطر في أغلب الأحيان. فحسب القانون الدولي، المهاجرون من سوريا إلى أوروبا هربا من الحرب هم لاجئون لأن حياتهم معرضة للخطر في بلدهم، ونحن ندعو من هذا المنبر الدول الغربية لتفهم هذا الوضع واحترام المواثيق الدولية وفتح مساحة إنسانية أكبر لاحتضان هؤلاء اللاجئين.

وفي كل الاحوال، نحن كعاملين في الحقل الإنساني، مهمتنا تضميد الجراح والتخفيف من المعاناة ولكن الحل هو حل سياسي ولذلك ينبغي على المجتمع الدولي حل الأزمة السياسية لأنها ستنهي الأزمة الإنسانية.