منذ نحو اسبوعين تغيرت حياة طلبة المعهد العالي للمهن الشاملة في مدينة سبها أكبر مدن الجنوب الليبي. فقد دخلت كتيبة قوة الردع الخاصة حرم المعهد واحتلت جزءاً منه وأقامت ثكنة عسكرية “لحمايته من أزلام القذافي” على حد تعبير ناطقين باسمها.
وبسبب رفض الطلبة مجاورة هذه الكتيبة التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ بطرابلس، قررت الكتيبة بناء سور فاصل بين الجزء الذي استقرت فيه ويشمل صالة الألعاب والقسم الداخلي والمسجد، وبين الجزء المتبقي من المعهد الذي يرتاده الطلبة يومياً.
منذ نحو اسبوعين تغيرت حياة طلبة المعهد العالي للمهن الشاملة في مدينة سبها أكبر مدن الجنوب الليبي. فقد دخلت كتيبة قوة الردع الخاصة حرم المعهد واحتلت جزءاً منه وأقامت ثكنة عسكرية “لحمايته من أزلام القذافي” على حد تعبير ناطقين باسمها.
وبسبب رفض الطلبة مجاورة هذه الكتيبة التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ بطرابلس، قررت الكتيبة بناء سور فاصل بين الجزء الذي استقرت فيه ويشمل صالة الألعاب والقسم الداخلي والمسجد، وبين الجزء المتبقي من المعهد الذي يرتاده الطلبة يومياً.
لكن بناء هذا السور لم يزد شريحة من طلبة وطاقم تدريس المعهد إلا غضباً، فبعد إضراب عدد كبير منهم عن الدراسة منذ دخول الكتيبة يوم 16 فبراير/شباط، وقرار المدير إغلاق أبواب المعهد، قاموا بالاعتصام صباح الثلاثاء 21 فبراير/شباط أمام مقر المجلس البلدي سبها للمطالبة بإخلاء مبنى المعهد من المسلحين.
فض الاعتصام
الاعتصام الذي استجاب له العشرات بينهم مدير المعهد وعدد من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس استمر لساعات فقط. إذ يقول مدير المعهد الأستاذ مهدي بو بكر “فضوا اعتصامنا بالقوة وتلقينا العديد من التهديدات، لكننا لن نسكت على هذا التصرف غير المسؤول الذي يؤثر على سير العملية التعليمية داخل المعهد”.
قوة الردع الخاصة تبني حجتها على أن المباني التي قامت باستغلالها هي مبانٍ خالية في الأساس ولا تستخدمها إدارة المعهد لأي غرض. بينما يقول الرافضون لوجودها باستحالة استمرار الدراسة بجوار تشكيل مسلح قد ينخرط في مواجهات مع تشكيلات أخرى في أي لحظة، فضلاً عن احتمال كون أفراده غير منضبطين ولا يمكن منعهم من دخول المعهد وممارسة أي تجاوزات تحت حماية السلاح، أو نشوب خلافات بينهم وبين الطلبة الذين يحمل عدد غير قليل منهم السلاح أيضاً.
دروع بشرية
يقول الأستاذ فتحي محمد عضو هيئة التدريس داخل المعهد وأحد المشاركين في الاعتصام “لن نكون دروعاً بشرية لأحد وخاصة للميليشيات التي تريد الالتصاق بنا لحماية أنفسها، وسنستمر في الاعتصام والضغط وتحويل قضية المعهد لقضية رأي عام”.
يوضح محمد أن المعهد يقدم خدماته ليس لسبها فقط بل للجنوب الليبي بالكامل، “وهو ليس من أملاك قبيلة معينة، ونحن الآن نمارس ضغطاً اجتماعياً، وعلى المجالس البلدية في الجنوب التدخل في المشكلة وإخراج الكتيبة من المعهد”.
مدير المعهد أكد أن هذا الاقتحام سبقته عدة محاولات باءت بالفشل. وما يغري كتيبة الردع في المعهد – حسب رأيه – هو قربه من مقرها الرئيسي، كما أنه كبير المساحة ويحتوي على أربع عمارات سكنية وصالة رياضية واسعة بالإضافة للمخازن.
إدارة المعهد بحسب المدير قامت بتبليغ مركز شرطة الجديد باعتبارها الجهة التي يقع المعهد في نطاق سلطتها، وبلغت كذلك الهيئة الوطنية للتعليم المتقدم والمجلس البلدي سبها، ونظراً لعدم حل المشكلة فإن الدراسة متوقفة حتى اليوم.
دواعٍ أمنية
بدورها تعتبر كتيبة الردع أنها تتصرف وفق أوامر صدرت لها من مديرية أمن سبها، إلا أن هذا الأمر غير مثبت بأي مستند كتابي. وبحسب المتحدث الإعلامي باسم قوة الردع فإن دخول القوة لمبنى المعهد جاء على خلفية استهداف من وصفهم بـ”أزلام النظام السابق” لمسيرة المحتفلين بذكرى الثورة، مبيناً أنهم دخلوا المعهد لمنع الجماعات المسلحة الموالية للنظام السابق من اتخاذه مقراً لها، على حد قوله.
تلميح يرفضه تماماً الطالب في الفصل الخامس بالمعهد محمد أحمد، الذي قال لـ”مراسلون” إن المشاركين في الاعتصام يجمعهم رفض سياسة الأمر الواقع التي فرضتها عليهم قوة الردع، وأما “سوء الفهم الذي حدث بسبب تزامن اعتصام الطلبة وحالة الاحتقان والفوضى التي واكبت سقوط قذائف هاون على محتفلين بذكرى الثورة” لا يعد سبباً كافياً لقوة الردع كي تصف المعتصمين بأنهم أزلام يعملون ضد الثورة.
حرمة المؤسسات
يؤكد محمد أنه يمكن إخلاء المعهد في حال احتكم الجميع إلى لغة العقل، حيث لا يمكن أن تجاور مؤسسة عسكرية مؤسسة تعليمية بأي حال من الأحوال، أما إن غابت لغة العقل يقول محمد “لن نفقد المعهد فقط بل سنفقد ما هو أغلى منه”.
مدير المعهد يحمّل مديرية أمن سبها وكتيبة الردع مسؤولية سلامة المعهد ومرافقه، وكذلك سلامة الطلاب وهيئة التدريس، ويؤيد المجلس المحلي سبها موقف مدير وطلبة المعهد على اعتبار أن المؤسسات التعليمية يجب أن تكون لها حرمتها وألا يدخلها المسلحون.
جاء ذلك في بيان أصدره المجلس البلدي سبها طالب فيه بإخلاء جميع المقرات والمؤسسات التي اقتحمت من قبل تشكيلات مسلحة لان المعهد لم يكن المؤسسة الوحيدة التي تم الاعتداء عليها في المدينة، حيث سبقته كلية الزراعة بجامعة سبها وعدد من المدارس الأخرى.
الحل قبلي
حل المشكلة حسب المجلس البلدي لن يكون إلا اجتماعياً وقبلياً، خاصةً أن معظم منتسبي قوة الردع ينتمون لقبيلة واحدة، وهو الآن يحاول الاتصال بمجالس القبائل لحل المشكلة بالضغط الاجتماعي حسب ما ورد في البيان.
يتفق معظم من تحدث إليهم “مراسلون” على نجاعة الحل الاجتماعي والقبلي في هذه الحالة، حيث يقول مصطفى قاسم الزين الطالب في الفصل الخامس بالمعهد إن مشاكل المدينة الناتجة عن حساسيات الوضع بين القبائل ستستمر إن لم يتوفر حل جذري لها.
الزين يعتقد أنه حتى لو استؤنفت الدراسة في المعهد هذه المرة فلن يطول الوقت حتى يتم اقتحامه من جديد، خاصة وأن هذه ليست المحاولة الأولى، وقد يطال الاعتداء المزيد من المؤسسات التعليمية أو الحكومية بشكل عام.
إلا أن عامة الناس لا يمكنهم اتخاذ مواقف تؤدي إلى حل هذا النوع من المشاكل خاصة مع الوضع الأمني المتردي في المدينة، وتبقى الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات هي الخيار الوحيد للتعبير عن الرفض، مع عدم ضمان الإتيان بحلول.