رغم تقدمه في السنّ (قرابة 90 عاما) يمسك الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ببلد يعيش أسوأ فتراته الاقتصادية والأمنية بينما لا يتطرق الإعلام بعمق إلى حقيقة وضعه الصحي.
والرئيس التونسي شخصية مخضرمة تقلد مناصب عديدة منذ فترة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وهو الآن يتقلد منصب رئيس الجمهورية وتنتهي ولايته رسمياً في عام 2019.
رغم تقدمه في السنّ (قرابة 90 عاما) يمسك الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ببلد يعيش أسوأ فتراته الاقتصادية والأمنية بينما لا يتطرق الإعلام بعمق إلى حقيقة وضعه الصحي.
والرئيس التونسي شخصية مخضرمة تقلد مناصب عديدة منذ فترة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وهو الآن يتقلد منصب رئيس الجمهورية وتنتهي ولايته رسمياً في عام 2019.
قبل الانتخابات الرئاسية الماضية في 2014 استطاع السبسي أن يحشد من حوله أنصارا كثر ليفوز بمنصب الرئيس رغم أن البعض شكك في قدراته البدنية والصحية. من بين المشككين كان الإعلامي عمر صحابو الذي كان من مؤيدي السبسي قبل أن يحدث جدلا بإعلان معارضته ترشحه للرئاسة بدعوى أنه بلغ الشيخوخة.
هذا التصريح فجره صحابو في برنامج تلفزي إبان الحملة الانتخابية بعدما وجه رسالة لأربعين شخصية بحزب نداء تونس الذي أسسه السبسي اعتراضاً على ترشحه. ويقول صحابو لمراسلون تعقيباً: “أنا عبرت ببساطة عن رأيي وأرحت ضميري لأني كنت أرى بأن السبسي لا يستطيع تحمل مسؤولية رئاسة البجمهورية في مرحلة حرجة تمر بها البلاد”.
ويضيف “عوض أن يهتم الصحفيون والإعلاميون بالوضعية الصحية للرئيس الحالي حاولوا توجيه الموضوع لصراع سياسي شخصي بيني وبن السبسي”. وإلى اليوم لا يزال صحابو يعتقد في صحة كلامه، معتبرا أن انبهار التونسيين بخطابات الرئيس التونسي وسرعة بداهته وعفويته لا تعكس في واقع الأمر حقيقة وضعه الصحيّ.
ويوضح بأن هناك مشاهد مسجلة لخطابات الرئيس تعد بصورة مسبقة وهي عبارة عن “خدع اتصالية جعلت من شيخ في التسعين حكيم البلاد وزعيمها”.
صحابو ختم حديثه مع مراسلون بالقول إن تونس “تحتاج اليوم لرجل قوي يضمن لها الاستقرار والمستقبل وهذا لن تجده مع شخص حاضره ومستقبله غير مضمون”.
هذا الكلام نجد صداه أيضا لدى بعض أطياف المعارضة وبخاصة لدى أنصار الرئيس السابق المنصف المرزوقي ومسؤولي حزبه السابق المؤتمر من أجل الجمهورية. هؤلاء المعارضين لم يوفقوا جميعهم في زعزعة ثقة الناس في شخصية الباجي قايد السبسي على الرغم من أنهم ركزوا هجومهم على ملفه الصحي وتقدمه في السن.
يقول عدنان منصر قيادي بحزب “حراك تونس الإرادة” لمراسلون إن “الشعب التونسي يتعرض لأكبر مغالطة من خلال تقديم السبسي على أنه سيقود البلاد لبر الأمان”. ويضيف “السبسي اليوم هو رئيس الدولة. هذه حقيقة. لكن لماذا لا نتحدث بصراحة عن عجزه ومرضه وعدم قدرته على تحمل ثقل مسؤولية رئاسة الجمهورية؟”.
ويتابع “السبسي يعاني من أمراض الشيخوخة ويعالج بصفة دائمة وله طاقم طبي يرافقه في تنقلاته. إن عدم مصارحة الشعب بحقيقة وضعه الصحي يعتبر عملية احتيال”. ويؤكد منصر على أن صحة الرئيس تقف حجر عثرة أمام تحسن الأوضاع في البلاد التي تعيش على وقع تهديدات إرهابية تسببت بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وهناك انتقادات يوجهها البعض للسبسي بأنه جزء من مشكلة تعطل استقطاب الاستثمارات الخارجية بحجة أن المستثمرين يتخوفون من دخول البلاد في أزمة سياسية بعد وفاته.
ففي حين يقول أنصار السبسي بأنه يقوم بجهد كبير لزيارة دول أوروبية وخليجية لجلب الاستثمارات الأجنبية يرى معارضوه بأن تقدمه في السن يجعل مستثمرين في ضبابية كبيرة.
“مراسلون” اتصل أكثر من مرة بالمكلف بالإعلام لدى رئيس الجمهورية معز السيناوي للوصول إلى الطبيب الخاص بالرئيس الباجي قايد السبسي لكن دون جدوى. لكن السيناوي طالما حرص على إبراز صورة مشرقة عن صحة الرئيس التونسي لدى وسائل الإعلام مؤكداً أن لا عوائق تمنع الرئيس من ممارسة نشاطه بصفة عادية.
في نفس السياق يقول الهاشمي نويرة صحفي رافق الرئيس في زيارته إلى الخليج إن “السبسي لا تبدو عليه علامات المرض أو الكبر وأنه كان يجلس إلى الصحفيين ويحاورهم بطريقته الطريفة”.
بدورها تقول فاطمة الكراي صحفية رافقت أيضا السبسي في بعض زيارته إلى الخارج إنها لم تلاحظ على الرئيس “أي ضعف صحي أو أي تعب رغم أنه كان مرافقا بطاقم طبي”.
مصدر أمني رئاسي قال لـ “مراسلون” بأن الرئيس قد يكون يعاني من قصور كلوي يستدعيه للقيام بعملية تصفية دم مرة كل أسبوع وأنه يلتجأ أحيانا لمصحات خاصة في سرية تامة. ولم نستطع ضمن فريق مراسلون التأكد من حقيقة هذه المعلومة لكننا اتصلنا بأحد الأطباء المختصين في أمراض الشيخوخة لسؤاله عن قدرة الرئيس على تحمل ثقل أعباء الرئاسة.
يقول الصادق قايجي طبيب في الاختصاص لمراسلون إن “أي شخص في عمر السبسي لا يمكنه أن يقوم بمجهود كبير لأن الانسان تقل قدراته الجسمانية كلما تقدم في السن”. ويضيف “السبسي ليس شخصا خارقا للعادة. لقد سقط أرضا في إحدى المرات كما خانته ذاكرته حتى جعلته يخلط خطأ بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وفراسنو ميتران”.
بدورها تقول الدكتورة هدى الأمين متخرجة من كلية الطب بباريس إن “سن السبسي هو سن حساس ونسميه بسن الشيخوخة حيث تضعف جميع أعضاء الجسم ويقل عملها”.
وتضيف “شاهدت السبسي في إحدى المرات على المباشر يحضر مأدبة عشاء وكيف أنه تلعثم في قراءة الكلمات ولم يستطع تحديد مكان كأس كنت موضوعة أمامه. وهذا أمر طبيعي”.
ويؤكد المختص في الاتصال السياسي والأستاذ بمعهد الصحافة الدكتور معز بن مسعود أن للسبسي فريقا اتصاليا نجح في التغطية على حساسية الملف الصحي للرئيس التونسي. ويضيف “لقد نجح فريقه الاتصالي في التعتيم على ملفه الصحي من خلال الاكثار من سفراته إلى الخارج والتقليل من تنقلاته في الداخل والاقتضاب من تصريحاته المسجلة”.
لكن الإعلامي ورئيس التحرير بقناة روسيا اليوم عبد اللطيف الصديق يقول إنه توصل من خلال متابعته لنشاط السبسي وظهوره الإعلامي إلى أن السبسي يعاني من بعض المشاكل الصحية.
وزاد أن السبسي يعاني من بعض المشاكل التي “تجعله غير واضح تماما في تقديم أفكاره ومشوشا في الكثير من الأحيان وحتى خطاباته غير ممنهجة وتفتقر إلى الوضوح”. ويقول الصديق لمراسلون “في المرات التي سئل فيه السبسي عن صحته كان يجيب بعنف وبحدة تبين محاولته إخفاء أمر لا يريد الحديث فيه ويؤرقه”.
في المقابل تقول سعيدة قراش المستشارة لدى الرئيس التونسي إن الأخير يتمتع بصحة جيدة حتى الآن وأنه يمارس نشاطه وصلاحياته بصفة طبيعية وحسنة. وذكرت بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد تساءل في عام 2011 عن سر صحة الرئيس التونسي بفضل انبهاره بآرائه وسرعة بداهته وحنكته.
يشار إلى أن الفصول 83 و84 و85 و86 من دستور الجمهورية التونسية قد حددت الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حالة شغور منصب الرئيس.
وورد في هذه الفصول أن الرئيس يفوض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لا تزيد عن 30 يوما قابلة للتجديد مرة واحدة، وذلك إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية.
وفي حال تجاوز الشغور الوقتي مدة الستين يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته إلى رئيس المحكمة الدستورية، أوفي حالة الوفاة، أو العجز الدائم، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقر الشغور النهائي، وتبلغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أقصاه تسعون يوماً.
ولا يحق للقائم بمهام رئيس الجمهورية المبادرة باقتراح تعديل الدستور، أو اللجوء إلى الاستفتاء، أو حل مجلس نواب الشعب إلى أن ينتخب رئيس جمهورية جديد لمدة رئاسية كاملة.