تشهد المناطق الحدودية بين تونس وليبيا استنفارا أمنيا مكثفا استعدادا لضربات عسكرية المحتملة من قبل الغرب على مواقع ليبية على غرار مدينتي سرت ودرنة الواقعتين تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم أنصار الشريعة.

وتركز الحكومة التونسية مع اقتراب ساعة الصفر لبدء التدخل في ليبيا على تشديد الرقابة على حدودها البرية مع الجارة ليبيا خشية تسرب إرهابيين ضمن الأعداد الكبيرة من وفود اللاجئين المتوقع أن يغادروا ليبيا مع بداية الحرب.

تشهد المناطق الحدودية بين تونس وليبيا استنفارا أمنيا مكثفا استعدادا لضربات عسكرية المحتملة من قبل الغرب على مواقع ليبية على غرار مدينتي سرت ودرنة الواقعتين تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم أنصار الشريعة.

وتركز الحكومة التونسية مع اقتراب ساعة الصفر لبدء التدخل في ليبيا على تشديد الرقابة على حدودها البرية مع الجارة ليبيا خشية تسرب إرهابيين ضمن الأعداد الكبيرة من وفود اللاجئين المتوقع أن يغادروا ليبيا مع بداية الحرب.

وكان سلاح الجو الأمريكي قد شن ضربات جوية صباح يوم الجمعة 19 شباط/فبراير على مدينة صبراته الليبية مستهدفاً قيادياً تونسي الجنسية في تنظيم الدولة الإسلامية.

ومنذ أيام يشهد معبر راس الجدير في الجنوب التونسي زيارات مكوكية لمسؤولين أمنيين وعسكريين تونسيين للوقوف على جاهزية قوات الأمن والجيش وتفقد الساتر الترابي والخندق الذي ركزته تونس على طول حدودها البرية مع ليبيا.

وتبدي السلطات التونسية تخوفها من تسلل إرهابيين من ليبيا بطرق قانونية مستغلين جوازات سفر رسمية استولت عليها تنظيمات إرهابية بعد سيطرتها على مدينة سرت وهو ما دفعها لوضع استراتيجية لتفادي حدوث هذه الفرضية.  

وتقوم مجموعة أمنية بالتدقيق في خصوصيات اللهجة المحلية الليبية وتحديد فوارق من يتعمد تقليدها لكشف جنسيات إرهابيين قد يقدمون على استغلال الجوازات المذكورة لدخول تونس وتنفيذ هجمات ضد الجيش والشرطة.

تحصينات وجدران سميكة

حرصت الحكومة التونسية طيلة العام الفارط على تحصين المنافذ البرية في الجنوب الشرقي وتركيز منظومة بوابات متطورة ما يخول لعناصر الشرطة الجيش غلق الحدود مع ليبيا متى أرادوا ذلك خصوصا في الأوقات الطارئة.

وشيدت وزارة الدفاع التونسية جدرانا سميكة مضادة للرصاص في معبر رأس جدير وذلك لتفادي إصابة عناصرها وكذلك المواطنين بطلقات نارية في حالة حدوث اشتباكات مسلحة مع جماعات إرهابية متواجدة في التراب الليبي.

ويفيد مصدر أمني في المصلحة المختصة في بنقردان بأن تونس ستتعامل بصرامة كبيرة في حال حصل تدخل غربي واسع النطاق في ليبيا، مؤكدا بأن السلطات لن تكرر نفس الأخطاء التي وقعت إبان الحرب على نظام القذافي في عام 2011.

ويوضح هذا المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته بأن السلطات الأمنية لن تسمح بمرور الهاربين من الاشتباكات المسلحة في ليبيا إلا بعد استكمال الإجراءات القانونية والأمنية في المعابر الرسمية تجنبا لتسلل إرهابيين.

ويتابع قائلا لمراسلون “قبل خمس سنوات لم نغلق حدودنا التي مر منها ملايين الليبيين دون الخضوع للتفتيش ودون تسجيل هواياتهم وختم جوازات السفر وهو ما ساهم في استغلال الفرصة من قبل المتطرفين لإدخال السلاح”.

إيقاظ الخلايا النائمة

لكن تداعيات التدخل العسكري في ليبيا لن يكون مقتصرا على المناطق الحدودية المجاورة لهذا البلد بحسب رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل مختار بن نصر الذي حذر من خطورة الخلايا الارهابية النائمة داخل تونس.

ويقول لمراسلون إن الخلايا الإرهابية النائمة داخل المدن قد تستغل هشاشة الوضع الأمني مع بدء التدخل العسكري الغربي في ليبيا ضد تنظيم الدولة وأيضا التركيز المفرط لقوات الامن والجيش في الحدود للقيام بهجمات.

ويرى مراقبون بأن ضريبة الهجمة العسكرية بليبيا ستطال كذلك الأوضاع الاجتماعية في تونس حيث سيتسبب غلق الحدود في خنق المتنفس الوحيد لآلاف المواطنين الذين يعتمدون على بيع السلع المهربة لتوفير لقمة العيش.

وتؤكد المؤسستين الأمنية والعسكرية بأنها ستمنع المهربين من مزاولة نشاطهم بحرية بين البلدين في حالة ملاحظة أي مخاطر قد تجبرها على غلق الحدود البرية فور انطلاق العمليات العسكرية الدولية في الأراضي الليبية.

لكن توقف عمليات توريد البضائع من ليبيا سيضر جميع الأطراف المتداخلة في هذه العمليات وينتج عنه شلل اجتماعي تام في مدن الجنوب ما قد يفجر احتجاجات جديدة للمعطلين عن العمل الذين لجأ بعضهم للعمل في السوق الموازية.

عودة العمالة التونسية

هذه المخاوف لا تنكرها السلطات المحلية التي ترى أن إحالة تجار السوق الموازية على البطالة الإجبارية سيؤدي لانتفاضة العاملين في هذا المجال ومطالبة الدولة بتعويضات أو توفير فرص عمل إلى حين انتهاء الأزمة في ليبيا.

كما يؤكد خبراء اقتصاد بأن تبعات الهجوم على التنظيمات الإرهابية في ليبيا سيكون له تأثير مكلف على اعتبار أنه سيقع تسجيل عودة الآلاف من العاملين التونسيين في ليبيا خوفا من الحرب وهو ما سيزيد من ارتفاع نسبة البطالة.

كما أن تدفق آلاف الليبيين والمقيمين بليبيا إلى تونس أعقاب تدخل عسكري محتمل يرى الخبراء الأمنيون أنه بات وشيكا سيثقل كاهل الدولة التونسية التي تعاني منذ خمس سنوات من صعوبات على أمنية واقتصادية واجتماعية.

ويتوقع خبراء الاقتصاد أن أسعار كراء العقارات والمواد الاستهلاكية ستجل ارتفاعا يتجاوز 40 بالمائة بعد تزايد الطلبات فور وصول النازحين بأعداد قد تبلغ المليون مواطن ليبي، مما سيؤثر على المقدرة الشرائية للتونسيين.

ورغم جميع الاستعدادات التي أعدتها تونس لاستقبال الهاربين من جحيم الاشتباكات في ليبيا تبقى نتائج لجوئهم ضبابية وقد تؤثر سلبا على واقع البلاد التونسية.

وتعمل منظمات الإغاثة الدولية والوطنية منذ أكثر من شهرين على تنظيم دورات تدريبية وعمليات بيضاء لفائدة المسعفين استعدادا للعمل في مجال مساعدة النازحين من ليبيا.

لا مخيمات

وتتجه نية الحكومة التونسية لمنع إقامة أي مخيمات على أراضيها خاصة في المناطق الحدودية والسماح فقط للهيئات المسجلة قانونيا بدفاتر الدولة من بلوغ خط التماس لتقديم الإعانات الإنسانية والطبية للوافدين.

ويأتي هذا التوجه لتفادي التحام جمعيات الخيرية مشبوهة مع الفارين من الحرب ومحاولة استقطابهم صلب التنظيمات الإرهابية أو استغلالهم لتهريب الأسلحة تحت غطاء اجتماعي على غرار ما حدث سنة 2011.

رغم جميع المخاطر المحتملة من نشوب حرب في ليبيا لم تطرح الدولة التونسية إمكانية غلق حدودها ومنع جيرانها من اللجوء لها بصفة مؤقتة.

وكان وزير الخارجية التونسية خميس الجهيناوي اكد خلال ندوة صحفية عقدها مع نظيره الجزائري نهاية الاسبوع الماضي في الجزائر أن تونس والجزائر ترفضان التدخل الاجنبي في ليبيا.