توفى الكاتب والصحفي محمد حسنين هيكل، صباح الأربعاء الماضي، بالقاهرة، وقد أدى المئات من المصريين  صلاة الجنازة عليه والتي أقيمت عصر ذات اليوم بمسجد الحسين حيث ولد في الحي المجاورمنذ 93 عاما. رحل الرجل – ولد في 23 سبتمبر 1923 – الذي رأى فيه الكثيرون أنه كان “رجل لكل العصور” وأحب هو ما لقبته به الصحافة في مصر.. “الأستاذ”، وأحب هو لنفسه لقب “الجورنالجي”.

توفى الكاتب والصحفي محمد حسنين هيكل، صباح الأربعاء الماضي، بالقاهرة، وقد أدى المئات من المصريين  صلاة الجنازة عليه والتي أقيمت عصر ذات اليوم بمسجد الحسين حيث ولد في الحي المجاورمنذ 93 عاما. رحل الرجل – ولد في 23 سبتمبر 1923 – الذي رأى فيه الكثيرون أنه كان “رجل لكل العصور” وأحب هو ما لقبته به الصحافة في مصر.. “الأستاذ”، وأحب هو لنفسه لقب “الجورنالجي”.

***
أمضى هيكل 60 عاما يعمل بلا انقطاع في بلاط صاحبة الجلالة، بدأ هيكل عمله الصحفي عام 1942 كمراسلا لجريدة “إيجيبشان جازيت”، وهي المطبوعة الإنجليزية الأولى في مصر وقتها، انضم بعد ذلك  إلى فريق تحرير جريدة روز اليوسف الأسبوعية، حصل خلال تلك الفترة على جائزة فاروق الأول للصحافة العربية، عن سلسلة التحقيقات التي أجراها في قرية القرين بمحافظة الشرقية، التي انتشر فيها وباء الكوليرا بعنوان “الحياة في قرية الموت”.

خلال سنواته الأولى في الصحافة ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية عمل هيكل كمراسل حربي فشهد معركة العلمين 1942 وحرب فلسطين 1948، كما شارك في تغطية أحداث الحرب الكورية 1950 وهي الفترة التي ساعدته في التعرف على جيل من الصحفيين سيبوأ بعد عقد من الزمن تقريبا مقاعد الإدارة والتحرير في كبريات الصحف العالمية.

في عام 1951 صدر أول كتاب لهيكل بعنوان “إيران فوق بركان” بعد رحلة إلى إيران استغرقت شهراً كاملاً وقت تولي محمد مصدق رئاسة الوزراء، وفي الفترة من 1953 إلى 1956، عمل  كرئيس تحرير بمجلة “آخر ساعة” وكان يعد ساعتها من أصغر من تولوا منصب رئاسة تحرير في مصر، بعد ذلك تولى هيكل رئاسة تحرير الأهرام بداية من عام 1957 حيث استلم الجريدة القديمة وهي على وشك الإفلاس، واستمر في منصبه لمدة 17 عاما، طور فيها الجريدة لتصبح من أهم 10 صحف في العالم في ذلك الوقت، كما أنشأ هيكل المراكز المتخصصة بالأهرام عام 1968 مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، ومركز الدراسات الصحفية، ومركز توثيق تاريخ مصر المعاصر.

ناصر: فلسفة الثورة

منذ الأيام الأولى لثورة يوليو 1952 كانت هناك علاقة شديدة القرب بين الصحفي هيكل والرئيس جمال عبد الناصر، كان البعض يعتبر هيكل في تلك الفترة قلما للرئيس حيث قام بتحرير كتاب “فلسفة الثورة” الذي قدم فيها ناصر مشروعه القومي والعربي الذي كان هيكل أحد ممثليه والداعين له،  حرر هيكل أيضا العديد من البيانات الرئاسية والرسائل والخطب التي ألقاها جمال ومنها خطاب التنحي الشهير بعد هزيمة 1967.

كان هيكل من أحد أهم أعمدة النظام الناصري، لاعبا سياسيا مهما فيه، وإن رفض تولى أي منصب رسمي، عدا فترة قصيرة تولى فيها منصب وزير الإعلام والإرشاد القومي من أبريل إلى أكتوبر عام 1970 ، وحمل حقيبة وزارة  الخارجية لمدة أسبوعين فقط  في هذا العام.

السادات: خريف الغضب

بعد موت ناصر، استمر هيكل في موقعه القريب من الدوائر السياسية في مصر، ودعم الرئيس السادات في بداية حكمه حتى عام 1974،  لم يستمر الوفاق بين هيكل والسادات وكانت بداية غضب السادات عندما قام بنقله من جريدة الأهرام وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية في سراي عابدين، وعين بدلا منه صديقه القديم وعدوه الجديد علي أمين، علق هيكل ساعتها على هذا القرار “إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي، وقراري هو أن أتفرغ للكتابة”.

في سبتمبر 1981، وجد هيكل نفسه في السجن مع عدد كبير من المثقفين، في محاولة من السادات لقمع المعارضين لسياساته الداخلية والخارجية وعلى رأسها اتفاقية السلام المعروفة بكامب ديفيد مع إسرائيل، ولم يتم الإفراج عنه حتى تولى الرئيس محمد حسني مبارك حكم مصر.

مبارك: من المنصة للميدان

خلال فترة حكم مبارك، كان لدى الرئيس الجديد أسماء واختيارات جديدة ولم يكن هيكل في تلك القائمة، وفي عام 1995 بدأ هيكل بالتعبيرعن معارضته للرئيس قائلا إن “القانون 93 لسنة 1995 الخاص بنقابة الصحفيين، في ظنى يعكس سلطة شاخت في مواقعها، وهي تشعر أن الحوادث قد تجاوزتها”. وكان هذا وقت احتجاج الصحفيين على أحد القوانين المقيدة لحرية التعبير.

وفي عام 2007 صرح هيكل بجوار الصحفي الإنجليزي روبرت فيسك أن مبارك يعيش في “عالم من الخيال بشرم الشيخ”.
***

في عيد ميلاده الثمانين، أعلن هيكل اعتزاله الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي في سبتمبر عام 2003،  وكان وقتها يكتب بانتظام  ويشرف على تحرير مجلة “وجهات نظر”. ولكنه مع ذلك استمر في الظهور والتحليل معتمدا على البرامج التليفزيونية حيث قدم برنامج أسبوعي بعنوان (مع هيكل) في قناة الجزيرة الفضائية، ثم بعدها برنامج “مصر إلى أين” على  قناة CBC المصرية، وقدمت القناة سلسلة حوارات أسبوعية مع هيكل قدمتها الإعلامية لميس الحديدي.

***
وكما لو كانت  ثورة 25 يناير 2011  قد أعطت قبلة الحياة مرة أخرى للرجل الذي يعتبره المؤرخون ذاكرة مصر المعاصرة، وأصدر 3 مؤلفات هم “مبارك وزمانه : من المنصة إلى الميدان”، و”مبارك وزمانه : ماذا جرى في مصر ولها ؟”، و”مصر إلى أين ؟ ما بعد مبارك وزمانه”.

ومع خروج المصريين مرة أخرى ضد حكم الإخوان والرئيس محمد مرسي، تداول البعض أن هيكل هو من صاغ بيان عزل مرسي، وأنه صاحب الجملة الشهيرة “هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به”.

***

اشتهر هيكل أيضا بمحاورته لأبرز الشخصيات ومنهم: الخميني، الملك خوان كارلوس، الرئيس السوفيتى السابق أندروبوف، المارشال الإنجليزي مونتجمرى قائد معركة العلمين،ألبرت أينشتين، ورئيس وزراء الهند الأسبق جواهر لال نهرو، وامبراطور ايران السابق الشاه محمد رضا بهلوى، رجل الأعمال الأمريكى دافيد روكفلر. حتى ان الصحفيين كانوا يتندروا على قامات حواراته الصحفية  بأن الوحيد الذي لم يجرى معه حوارا حتى الآن هو: الله!