داخل غرفة العناية الفائقة في مستشفى الجلاء للأطفال وسط طرابلس ترقد جوري – سبعة أشهر – في انتظار مصير مجهول بعد تأكيد إصابتها بمرض انفلونزا الخنازير الذي أصبح يعد أحد أنواع الانفلونزا الموسمية، فيما يختبر الأطباء المشرفون عليها مدى قدرتها على مواجهة هذا المرض.

جوري ليست الوحيدة المصابة بحسب أخصائية مكافحة الأمراض السارية والمعدية زكية هلال التي كشفت لـ”مراسلون” عن وجود تسع حالات في مستشفى طرابلس المركزي منها واحدة شفيت تماماً وغادرت المستشفى، و24 حالة أخرى في مركز طرابلس الطبي.

داخل غرفة العناية الفائقة في مستشفى الجلاء للأطفال وسط طرابلس ترقد جوري – سبعة أشهر – في انتظار مصير مجهول بعد تأكيد إصابتها بمرض انفلونزا الخنازير الذي أصبح يعد أحد أنواع الانفلونزا الموسمية، فيما يختبر الأطباء المشرفون عليها مدى قدرتها على مواجهة هذا المرض.

جوري ليست الوحيدة المصابة بحسب أخصائية مكافحة الأمراض السارية والمعدية زكية هلال التي كشفت لـ”مراسلون” عن وجود تسع حالات في مستشفى طرابلس المركزي منها واحدة شفيت تماماً وغادرت المستشفى، و24 حالة أخرى في مركز طرابلس الطبي.

أرقام تنفيها المستشفيات الأخرى التي تتهمها هلال بالكتمان غير المبرر حين تقول “لا أرى داعياً لكتمان الأمر خصوصاً بعد التعميم الصادر عن وزارة الصحة مؤخراً”.

تعميم الوزارة

وكان المركز الوطني لمكافحة الأمراض التابع لوزارة الصحة الليبية وجه تعميماً مطلع فبراير إلى الأطباء والعاملين بالمرافق الصحية والإيوائية والمواطنين حول الإنفلونزا الموسمية وأحد أنواعها إنفلونزا الخنازير، جاء فيه أن التطعيم المضاد للفيروس المسبب للمرض متوفر بمراكز الرعاية الصحية الأولية الرئيسية.

وناشد المركز في تعميمه أي شخص يلاحظ عليه أعراض “ارتفاع الحرارة لأكثر من 38 درجة مئوية مصحوبة بسعال حاد وضيق في التنفس وتدهور سريع في الجهاز التنفسي أو نقص تركيز الأكسجين أقل من 90% مع تغيير في صورة أشعة الصدر” أن يصنف مرضه على أنه حالة أنفلونزا حادة.

وأكد على توفر عقار لعلاج الحالات الحادة، وقد تم توزيع كميات كافية منه على مختلف فروع المركز الوطني لمكافحة الأمراض في معظم مدن ليبيا.

تعميم المركز الوطني الصادر في الرابع من فبراير الجاري ذكر أن المركز استلم 26 عينة للتحليل من مستشفيات مختلفة ثبت إصابة 5 منها بالانفلونزا الموسمية وحالتان فقط ثبتت إصابتهما بإنفلونزا الخنازير، وهما الحالتان الموجودتان بمستشفى الجلاء للأطفال إحداهما توفيت بسبب المرض.

ونوه البيان إلى وجود حالتين تعرضتا لالتهاب رئوي حاد أدى إلى تدهور صحتهما بشكل مفاجئ ما تسبب في وفاتهما دون أن تؤخذ منهما عينات للتحليل والتأكد من كونهما مصابتان بإنفلونزا الخنازير.

ليس عيباً

تقول الدكتورة زكية هلال إن تسجيل حالات مصابة بالمرض داخل أي مرفق صحي ليس عيباً “فالمكان الطبيعي لوجود المرضى هو المستشفى، ومهمتنا علاجه ومكافحة الفيروس والعمل على عدم انتشاره، وعليه فإن عدم تسجيل حالات أخرى هو الدور الأكبر في الوقت الحالي الذي نعمل عليه”.

تروي الطبيبة المسؤولة لـ”مراسلون” كيف تم اكتشاف المرض داخل مستشفى الجلاء، حيث كانت غرفة العناية الفائقة تؤوي ثمانية حالات متفاوتة الخطورة، “وكون التحاليل الطبية الأساسية لا تظهر الفايروس المسبب للإنفلونزا الموسمية كنا نستبعد هذا الاحتمال”.

تقول هلال إن التعميم الصادر عن وزارة الصحة دفع المختصين في المستشفى إلى إجراء “تحليل PCR” والذي يستغرق ظهور نتيجته كحد أقصى أربعة أيام، وبعد ظهور النتائج تأكد وجود طفلتين مصابتين بالفيروس، إحداهما انتقلت إلى رحمة الله والأخرى هي الطفلة جوري التي لازالت تتلقى العلاج.

الوقاية والعلاج

وتؤكد هلال أن إدارتها سمحت للجنة المكلفة بمواجهة المرض داخل المستشفى باتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية المرضى داخل المستشفى، كما قامت اللجنة بتخصيص غرف بالمستشفى تأهباً لاستقبال حالات مماثلة، إلى جانب توفير الدواء الخاص لمثل هذه الحالات، فيما عمل فريق المكافحة على تلقيح كافة العاملين بالمستشفى بالمصل المضاد للفيروس.

تقول الطبيبة أمل منصور إن العلاج الذي يوصف للمصابين بهذه الإنفلونزا هو عقار “تاميفلو” وهو يوصف للوقاية وللعلاج من الفيروس وينتمي لمجموعة الأدوية المضادة لفيروسات، وهذا الدواء لا يعطى لمن يعاني حساسية من أدوية أخرى أو مشاكل في الكلى، وباعتبار المرض موسمياً فإن الدواء يؤخذ في شهر أكتوبر ويستمر مفعوله طوال العام.

وأوضحت منصور التي تعمل في مستشفى الجلاء أيضاً أن فترة حياة الفيروس يوم واحد على الأسطح الصلبة ولاسيما في الطقس البارد، ويموت بالحرارة العالية والمنظفات ومواد التعقيم.

إصرار على النفي

جولة “مراسلون” داخل مستشفى الجلاء شجعتنا لطرق أبواب مركز طرابلس الطبي الذي تنتشر أخبار عن وجود حالات مصابة داخله، ولكن مجرد السؤال عن الموضوع كان يواجه بالنفي القاطع لكل هذه الأخبار.

وأثناء التجول داخل ممرات المستشفى وبمساعدة إحدى الممرضات وصلنا إلى الغرفة رقم 9 بالدور السادس قسم الجراحة العامة، حيث ترقد سيدة مسنة تم حجزها بعد إحالتها من قسم أمراض الجهاز التنفسي مصحوبة بتقرير يؤكد إصابتها بفيروس “H1N1”.

الحاجة مبروكة بحسب الممرضة التي طلبت عدم كشف هويتها تعاني من أعراض إنفلونزا حادة تشبه الواردة في تعميم وزارة الصحة إلا أن ملفها الصحي تم إخفاؤه من غرفة التمريض ووجه أحد الأطباء بالقسم تحذيراً للممرضات من الحديث حول الحالة، لكن نتائج التحاليل بالقسم لازالت بالمختبر حسب الممرضة.

العاملون بقسم الجراحة العامة خضعوا جميعاً للتحاليل الطبية وتم حقنهم بالتطعيم المضاد لمرض الإنفلونزا الموسمية حسب إفادات متطابقة حصل عليها “مراسلون”، إلا أنه لم يتم إطلاعهم على نتائج تلك التحاليل التي خضعوا لها.

لا أرقام حديثة

وزارة الصحة التي تواصل معها “مراسلون” رفضت التعليق على الأمر أو تقديم إحصائيات أحدث بعدد المصابين داخل المستشفيات، واكتفى المتحدث باسم الوزارة محمد عمار بإحالة الأمر إلى المركز الوطني لمكافحة الأمراض مؤكداً أنه الجهة الوحيدة المعنية بهذا الأمر.

أما مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض بدر الدين النجار أكد أن اللقاحات تم توزيعها على كافة الكوادر الطبية والطبية المساعدة بالمراكز الصحية، وهي خطوة تحصينية لهم من احتمالات الإصابة.

وأكد النجار أن “هذه الانفلونزا موسمية تشبه كافة الأمراض الموسمية الأخرى ولا يجب أن تقابل بكل هذا الهلع” على حد وصفه.

وقال لـ”مراسلون” أن الحالات المسجلة لدى المركز الوطني لمكافحة الأمراض لا تتعدى حالتين إحداهما توفيت بالفعل والأخرى لا زالت تتلقى العلاج، وذلك بعد أن خضعت ستة وعشرون حالة للتحاليل بسبب الاشتباه بها، وأصر على نفي كل ما يقال عن وجود حالات أخرى في البلاد.

داخل المستشفيات

في ذات الوقت يقول النجار إن إجراءات مكافحة انتشار المرض يجب أن تتم داخل المستشفيات ولا علاقة للمركز به، وأن مهمتهم تكمن فقط في توفير اللقاح والعلاج فقط.

من حديث النجار يُفهم أن الإفصاح عن الحالات المصابة ومدى دقة إجراءات المكافحة الواجب اتخاذها يتوقف على درجة مصداقية المستشفيات في التعاطي مع الأمر.

وعن ذلك تقول الدكتورة زكية هلال إنها رفقة اللجنة المشكلة داخل مستشفى الجلاء للأطفال، قاموا بتجهيز غرف العناية والعزل وغرف المتابعة إلى جانب متابعة الحالات داخل غرفة العناية الفائقة والتي تحوي ثمانية حالات.

وتراهن الطبيبة على دقة العمل بقولها “لو انتقل المرض لإحدى الحالات داخل العناية سأتقدم بطلب استقالة من منصبي”، وللفائدة العامة تضيف بأن طرق انتقال الفيروس تكون بالرذاذ عن طريق التنفس، وتحذر من الاقتراب من الحالات المصابة حيث يجب أن تكون المسافة بين المصاب والسليم متراً واحداً على الأقل.

ومن جهته طالب “النجار” المواطنين في حال الإصابة بالإنفلونزا الموسمية الإسراع بأخذ الإجراءات اللازمة بالذهاب للمستشفى وأخذ العلاج.

إلا أن “الهلع” الذي حذر منه النجار يبدو أنه تمكن داخل المدينة حيث أغلقت عدد من مدارس طرابلس أبوابها من يوم الأحد 14 فبراير خوفاً من انتشار العدوى بين الطلاب.

وجوري التي تجاهد للتخلص من المرض رغم غضاضة أعضائها وضعف مناعتها، ثبت عدم إصابة والديها بالفيروس، إلا أن محيطها في مدينة القره بوللي شرق طرابلس هو فضاء يحوي احتمالات عديدة، يتطلب تحركاً جدياً من الجهات المسؤولة للتقليل من مخاطر موسم الإنفلونزا.