استعدادات على قدم وساق تقوم بها حكومة الدكتور شريف اسماعيل، لكي تعيد قانون الخدمة المدنية لمجلس الشعب، مع اجراء تعديلات شكلية، تكون قادرة على اخراج الدولة من العديد من الازمات التي وقعت بها بعد رفض ثلثي البرلمان للقانون في ٢٠ يناير الماضي، والذي اصدره رئيس الجمهورية منذ ما يزيد عن ستة اشهر.

استعدادات على قدم وساق تقوم بها حكومة الدكتور شريف اسماعيل، لكي تعيد قانون الخدمة المدنية لمجلس الشعب، مع اجراء تعديلات شكلية، تكون قادرة على اخراج الدولة من العديد من الازمات التي وقعت بها بعد رفض ثلثي البرلمان للقانون في ٢٠ يناير الماضي، والذي اصدره رئيس الجمهورية منذ ما يزيد عن ستة اشهر.

يقول سعيد الشريف، باحث بالضرائب العقارية، انه فور اعلان البرلمان رفض القانون، والحكومة وقعت في اضطراب شديد للغاية، ففي البداية اعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء عن التأخر في صرف رواتب شهر يناير، الا انه ومع تنامي غضب الموظفين تراجعت الحكومة على الفور، ونفت التصريحات الاولى، ثم قامت في نفس الوقت بوقف نشر رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية في الجريدة الرسمية، والى الان لم تنشر القرار ، بالرغم من مخالفة ذلك للقانون.

يعلل الشريف ذلك بانه اذا تم نشر رفض القانون في الجريدة الرسمية، فانه من الطبيعي العودة لأسس المحاسبة للعلاوات والمرتبات على قانون 47 لسنة 1978 الخاص بالجهاز الاداري للدولة.وهو الامر الذي سيكلف الحكومة ملايين الجنيهات.لاسيما وان قانون الخدمة المدنية استقطع من الغالبية العظمى من الموظفين.

ينظم قانون الخدمة المدنية عمل ما يقدر بستة ملايين موظف في الدولة. ويحل محل قانون ٤٧ لعام ١٩٧٨، وترى الحكومة أنه يهدف لتطوير الخدمة وتحسين أوضاع الموظفين، في حين قابل الموظفون القانون وقت صدوره بموجة احتجاجات عارمة، اعتراضا على الكثير من النقاط فيه، منه عدم تحديد حد أقصى لساعات العمل، وعدم حماية الموظفين من الضغوطات التي قد تمارس عليهم من مرؤوسيهم.

تعديلات غير جوهرية

وعن الترقيات والعلاوات التي تم اقرارها وفقا لقانون الخدمة المدنية يوضح السعيد انه بالرغم من تطبيق قانون الخدمة منذ ما يزيد عن ستة اشهر، الا ان 99% من المؤسسات الادارية بالدولة لم تقم باي ترقيات او علاوات، واكتفت بالترقية الاخيرة للموظفين وفقا لقانون 47. وان القلة القليلة التي تم ترقيتها تم الحفاظ على مكاسبها من القانون لحين البت في الأمر من قبل البرلمان.

توقع الشريف ان تاتي تعديلات القانون الجديدة غير جوهرية وخاصة فيما يتعلق بالشق المالي. خاصة بعد تصريحات الرئيس في عيد الشرطة، والتي قال فيها ان هناك تضخم في الجهاز الاداري للدولة، وان هناك 6 ملايين موظف لا نحتاج منهم سوى مليون فقط، معتبرا ان ذلك مغالطة للواقع، لاسيما وان هناك نقص في كافة المصالح الحكومية، مؤكدا ان الازمة ليست في التضخم بقدر ما ترتبط بتردي ادارة الجهاز.

مؤشر خطير

ومن جانبه يقول عبدالمنعم الجمل، نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر، ان الغاء قانون الخدمة المدنية، سيتسبب في الكثير من الخسائر في الفترة الراهنة، لاسيما وان القانون ارتبط بصورة مباشرة بقانون الاستثمار، الذي يهدف لتشجيع المستثمرين للقدوم الى مصر في مرحلة الازمة الاقتصادية التي نعانيها الان، بالاضافة الى ان الغاؤه لن يعالج التشوه في هيكل الاجور ، وهو ما سيتسبب في خسارة الدولة لما يقرب من 20مليار جنيه قيمة الزيادات غير المبررة للعديد من الموظفين. كما ان الغاء القانون سيتسبب في مزيد من التفاوت بين الموظفين في الحكومة، وهو ما يعني تدمير فكرة العدالة الاجتماعية.

وأشار الجمل إلى انه لا نية لدى الحكومة لتغيير قانون الخدمة المدنية بصفة كلية، بل ان التعديلات لن تتخطى عدد قليل من المواد، التي سبق وان اعترض عليها العمال وممثليهم من اتحاد نقابات عمال مصر، مثل المواد الخاصة بالاجازات، والتقارير السرية، وبعض الامور التي تم ادراجها في اللائحة التنفيذية وجعلها جزء لا يتجزأ من القانون، خاصة وانه يجوز لاي رئيس وزراء او وزير في الحكومة اجراء تعديلات في اللوائح التنفيذية للقوانين، وهو مؤشر خطر عندما يرتبط الامر بمصالح 6 مليون مواطن مصري.

آثار سلبية لرفض المشروع

أما عن ازمة قرض النقد الدولي، الذي كان من ضمن شروطه ان تجري مصر العديد من ما اسمته الحكومة تشوه في الجهاز الاداري والخطة والمتابعة فقال المستشار رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء في المذكرة التي حصلت مراسلون على نسخة منه والتي تم تقديمها امس الاول للبرلمان، انه بعيدا عن اي شروط من قبل اي جهة دولية، فان مصر في حاجة ماسه لاصلاح الجهاز الاداري للدولة، وان اي جهة إقراض من حقها ان تطالب بان يكون هناك اصلاحات ادارية، حتى لا يكون هناك تشوه في الاقتصاد الكلي للبلدان التي تقترض من البنك الدولي.

وعدد قمصان آثار إلغاء قرار رئيس الجمهورية قانون الخدمة المدنية، منها وقف تعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي (رقم 79 لسنة 1975) والذى أعاد هيكلة الأجور ما ينعكس إيجابيًا على معاش الموظف، وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1822 لسنة 2015 بتحمل الدولة الضرائب عن الموظف، ويشار فى هذا الصدد الى أن قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه حمل الخزانة العامة للدولة أعباء الضرائب بنحو 2.7 مليار جنيه لصالح الموظفين. وتضمنت الآثار السلبية لإلغاء القانون، إلغاء قرار وزير التخطيط رقم 122 لسنة 2015 بشأن معايير وآليات التطوير التنظيمى والذى صدرت بناء عليه الهياكل التنظيمية لعدد كبير من الوزارات (وزارة المالية – وزارة الصحة – وزارة الآثار – وزارة الثقافة – وزارة التعليم العالى) والهيكل النمطي لجميع المحافظات المصرية، وعدد كبير من الهيئات العامة، وإلغاء تطوير إدارات شئون العاملين إلى إدارات موارد بشرية.

كما أن توقف العمل بالقانون يترتب عليه إلغاء جميع التعيينات التي تمت طبقا لأحكام قانون الخدمة المدنية وأغلبها من وظائف الإدارة العليا ومصابي الثورة والعمليات الحربية، وتأخير وضع تقارير تقويم الأداء، ومن ثم إرجاء جميع الترقيات لحين وضع هذه التقارير، وإلغاء الإجازات مدفوعة الأجر عن أيام الامتحان الفعلية التي كانت تمنح للموظف المقيد بإحدى الكليات أو المعاهد أو المدارس.

وهكذا يمكن القول إن الحكومة المصرية قد وقعت في مأزق إداري بعد رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية. وحتى يعيد البرلمان مناقشة تعديلات القانون سيتعين على الحكومة العمل على اقتراح تعديلات مقنعة.