“مهرجان جميل” بهذه الجملة وصفت “أمل الحاج” رئيسة لجان المعارض المشرفة على حفل مهرجان “هنا بنغازي” المهرجان، الذي أقيم في التاسع من يناير الجاري واستمر ثمانية أيام في مسرح الطفل وسط المدينة.

أوضحت أمل لـ”مراسلون” أنه وعلى الرغم من الظروف التي تمر بها المدينة إلا أن منظمي “هنا بنغازي” أصروا على إقامة مهرجان شامل يشارك فيه الجميع، غير بعيد عن الاشتباكات التي تدور بين الجيش التابع لمجلس النواب المعترف به دولياً، ومجموعات مسلحة تضم أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي ومجموعات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

“مهرجان جميل” بهذه الجملة وصفت “أمل الحاج” رئيسة لجان المعارض المشرفة على حفل مهرجان “هنا بنغازي” المهرجان، الذي أقيم في التاسع من يناير الجاري واستمر ثمانية أيام في مسرح الطفل وسط المدينة.

أوضحت أمل لـ”مراسلون” أنه وعلى الرغم من الظروف التي تمر بها المدينة إلا أن منظمي “هنا بنغازي” أصروا على إقامة مهرجان شامل يشارك فيه الجميع، غير بعيد عن الاشتباكات التي تدور بين الجيش التابع لمجلس النواب المعترف به دولياً، ومجموعات مسلحة تضم أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي ومجموعات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

كما لم تخفِ سعادتها بترحيب الناس بفكرة المهرجان، ومشاركة الفنانين وأصحاب دور النشر فيه، وقالت لـ”مراسلون” إن أصحاب محلات الورود والنباتات شاركوا بمعروضات في المهرجان، لأنهم يريدون إظهار صورة تقول “إن الحياة موجودة في بنغازي”، مبيّنة أن الناس خارج المدينة استغربوا هذه الصورة، بعد انطباع صورة أخرى في عقولهم من الأخبار وأحداث الحرب.

داخل تلك القاعة التي تحتضن المهرجان لا تسمع أصوات الحرب، بالرغم من أن جدران مسرح الطفل في المدينة  ليست عازلة للصوت، ولا توجد منظومة مضادة للصواريخ لحماية الناس من تساقط القذائف التي أودت بحياة عشرات المدنيين في المدينة على مدى الأشهر الماضية.

كذلك كانت أصوات أحاديث الناس وضحكهم أعلى من صوت الرصاص، في المهرجان الذي اشتمل على معرض للكتب، ولوحات فنية، وصور ومقتنيات قديمة، وعرضت ضمن فعالياته مسرحيات وأمسيات شعرية وقصصية.

الحرب إلى سلام

“لم يجتمع الناس والمثقفون منذ فترة، وغابت الثقافة عن أجندة بنغازي، من هنا جاءت الفكرة وهي محاولة لتأكيد أن الأزمة لا تمنع إقامة الأنشطة الثقافية” هكذا عبر الصادق السوسي مدير مكتب الإعلام والثقافة في بنغازي – الجهة المنظِمة –عن سعادته بإقامة المهرجان.

السوسي يرى أن المهرجان يهدف إلى تسليط الضوء على أزمات المدينة، وتقديم حلول لهذه المشاكل، وكرر أكثر من مرة اهتمامه بأهمية المدينة في المشهد الثقافي الليبي، فبنغازي ما زالت “تحمل قيمتها الثقافية ووجهها النيّر بالثقافة والإبداع، ولا يستطيع أحد إنكار ذلك عليها” حسب قوله.

متبرع أنقذ المهرجان

إلا أن تحويل الأمنيات إلى واقع لم يكن بتلك السهولة حيث كاد المهرجان أن يُلغى لولا أن مواطناً تبرع للمنظمين بألفي دينار (نحو 1425 دولار أمريكي)، وهو الأمر الذي منع فشله وساعد اللجنة المشرفة على الاستمرار في المشروع، هذا ما أفصح عنه السوسي لـ”مراسلون” مشيراً أن مكتب الثقافة تحصل بعد ذلك على دعم مادي من المجلس البلدي بنغازي ومصرف ليبيا المركزي بقيمة 38 ألف دينار(نحو 27 ألف دولار أمريكي)، ساعدت على تسيير العمل وإقامة المهرجان.

تضيف أمل الحاج أن العوائق كانت كثيرة أمام هذا المهرجان، فحتى بعد أن انطلقت فعالياته في يومه الأول أطلت الحرب ضيفاً ثقيلاً، حيث قُطعت الكهرباء عن مقر الاحتفال في يوم الافتتاح بسبب قصف تعرضت له محطة توليد كهرباء شمال بنغازي، ولكن المنظمين استكملوا الحفل دون كهرباء، ودون حتى مكبرات صوت، مبتكرين حلولاً لإنهاء مشكلة الظلام في القاعة بتشغيلهم أضواء هواتفهم المحمولة، ليضيفو بذلك لوحة جميلة مرتجلة إلى الحفل.

“السوسي” أثنى على عمل موظفي مكتب الثقافة والمشاركين في المهرجان قائلاً إنهم قاموا بصناعة وشراء معدات لتوفير التكاليف في الأنشطة القادمة، فحسب كلامه أن معظم العاملين على تنظيم المهرجان قاموا بأعمالهم تطوعاً بدون أي مقابل، إضافة إلى أن المسرحيين وفرق عرض الموسيقى خفضوا قيمة أعمالهم إلى الحد الأدنى من التكلفة من أجل إنجاح المهرجان.

مشاركات مختلفة

خمسون شاعراً وشاعرة شاركوا في المهرجان، إضافة إلى عدد من الأدباء في أسبوع للشعر والقصة، تناول عدداً من القضايا الوطنية والأدبية المختلفة، وأقيم حفل افتتاح واختتام ومعرض سيارات قديمة، ومعارض للكتب والصور الفوتوغرافية واللوحات الفنية.

خمسة عشر عرضاً مسرحياً مختلفاً عُرضت في مسرح السنابل الخاص بالأطفال، والمسرح الوطني في المدينة، ويُخطط المنظمون لامتداد فعاليات “هنا بنغازي” طيلة عام كامل، من خلال عرض يضم المشاركات المتميزة في مدن ليبية مختلفة.

معتز بن حميد (30 عاماً) رسام شاب ومخرج سينمائي، شارك بعدد من لوحاته في المعرض، واعتبر أن إقامة المهرجان خطوة جريئة في ظل الأزمة التي تشهدها المدينة، كما قال لـ”مراسلون” إنه سعيد بالدعوة التي تلقاها للمشاركة من مكتب الثقافة في بنغازي؛ لأن الثقافة أساس مهم في بناء ليبيا، حسب تعبيره.

بن حميد يرى أن تزامن المهرجان مع عودة التلاميذ إلى المدارس وتفعيل الجامعات يواكب ما جرى في المدينة من نشاط، معبراً عن تفاجئه بعدد الحاضرين الكبير إلى المهرجان.

رابح البرعصي (55 عاماً) صاحب مكتبة للكتب القديمة في منطقة سوق الحوت التي تشهد حرباً في وسط بنغازي كان سعيداً بإقبال الناس على الكتب التي شارك بعرضها في المهرجان، والتي باعها بسعر مخفض على سبيل الدعم.

آراء متباينة

ورغم أن المهرجان خُلق من لا شيء، ولم يكن متوقعاً إقامته، وخاصة في الظرف الراهن في بنغازي، إلا أن الآراء حوله كانت متباينة من الضيوف بين الرضا وعدمه.

علي مخلوف (42 عاماً) وهوأحد ضيوف المهرجان شارك الجميع سعادتهم بإقامة هذا النشاط، وقال لـ”مراسلون” إن عنوان المهرجان يوضح أسباب إقامته، فهو يعتبر أن “هنا” تثبت أن بنغازي حية وثابتة ومقاومة، وتستمر فيها الحياة اليومية، والثقافية التي قد يراها بعض الناس بذخاً وترفاً.

مخلوف اعتبر أن تنظيم المهرجان كان رائعاً ودقيقاً، بالنظر إلى الظروف التي تشهدها المدينة.

أما يوسف منصور (31 عاماً) والقادم من طرابلس يعتبر الحدث بسيطاً ومتواضعاً، “فالمعرض لا يعكس حجم الحراك الثقافي المتوقع لمدينة بنغازي” حسب رأيه.

منصور يرى أن غياب معالجات الوضع الاجتماعي والثقافي في بنغازي “ساهم في ظهور الاحتفالية بشكل تقليدي، على عكس ما يجب”، مستغرباً من عرض بعض الكتب التي وصفها بـ”الخطيرة” في المعرض، معتبرا أنها “تعد من المراجع الهامة للمتطرفين” في الوقت الذي تحارب فيه بنغازي الإرهاب.

يعتقد منصور آسفاً أن بنغازي “تحتاج كثيراً من العمل حتى تستطيع العودة إلى مسارها الثقافي المُشرق”.

لعل الملاحظات التي أبداها منصور حول المهرجان، هي التي كان يعنيها “السوسي” عندما صرح أنه لا ينكر وجود بعض الأخطاء، والتي بررها بوجود المشاكل المادية واللوجستية، في ظل الأزمة المالية في ليبيا وفي بنغازي بشكل خاص، مبيناً أن “المفهوم الضيق الخاطئ للثقافة لدى بعض الجهات الداعمة ساهم في تأخير الدعم المادي للمهرجان”.

أهالي بنغازي كذلك لا يتفق جميعهم مع منظمي المهرجان، فقد كتب عدد منهم على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات ذهبت أبعد من الانتقاد لتفاصيل المهرجان، بل قالوا إن الوقت غير مناسب لإقامة هذه الفعاليات، لأن عدداً كبيراً من الناس يعاني من مشاكل الحرب والنزوح.