رغم أن السفارة الأمريكية حددت قيمة الأضرار المادية لحرق سفارتها عام 2012 إلا أنها خيرت الحصول على قطعة الأرض التي تقام عليها سفارتها بالعاصمة تونس، في حين لم تفصح الأحزاب عن موقفها حيال ذلك.
ففي 5 يناير/كانون الثاني الجاري أودعت الحكومة التونسية بالبرلمان مذكرة تفاهم بينها وبين الولايات المتحدة تنص على منح قطعة أرض مساحتها تتجاوز 22000 متر مربع كتعويض للسفارة عمّا لحقها من أضرار إثر الهجوم عليها من قبل متشددين ينتمون لتنظيم أنصار الشريعة الذي صنفته الحكومة التونسية كمنظمة إرهابية.
رغم أن السفارة الأمريكية حددت قيمة الأضرار المادية لحرق سفارتها عام 2012 إلا أنها خيرت الحصول على قطعة الأرض التي تقام عليها سفارتها بالعاصمة تونس، في حين لم تفصح الأحزاب عن موقفها حيال ذلك.
ففي 5 يناير/كانون الثاني الجاري أودعت الحكومة التونسية بالبرلمان مذكرة تفاهم بينها وبين الولايات المتحدة تنص على منح قطعة أرض مساحتها تتجاوز 22000 متر مربع كتعويض للسفارة عمّا لحقها من أضرار إثر الهجوم عليها من قبل متشددين ينتمون لتنظيم أنصار الشريعة الذي صنفته الحكومة التونسية كمنظمة إرهابية.
المذكرة التي تضمنت 11 فصلا أودعتها الحكومة التونسية كمشروع قانون أساسي بناء على مذكرة تفاهم وقع إمضاءها يوم 15 ماي/آيار 2015 بمقر وزارة الخارجية التونسية بين كل من الطيب بكوش وزير الخارجية السابق والسفير الأمريكي السابق جاكوب ولس.
غير أن مشروع القانون أحدث جدلا بين أطراف معارضة تطالب بعرض مذكرة الاتفاق على جلسة برلمانية عامة تصادق عليها وبين أطراف في الائتلاف الحاكم ترغب في منح الحكومة صلاحية التصديق على الاتفاق.
في السياق أعربت حركة النهضة أحد أحزاب الائتلاف الحاكم عن رغبتها في إعادة مشروع القانون لرئاسة الحكومة للبت فيه.
ويقول النائب عن الحركة أسامة الصغير لمراسلون إن “مسألة التعويضات هي قضائية بالأساس وأن تعويض السفارة الأمريكية لا يستوجب مصادقة البرلمان”.
لكن موقف بقية أحزاب الائتلاف الحاكم ومنها حركة نداء تونس تدعم صراحة خيار تقديم قطعة أرض كتعويض رغم أن بعض المراقبين يعتبرون أن ذلك من شأنه أن يمس بالسيادة الوطنية.
ويقول خالد شوكات القيادي بحركة نداء تونس والمتحدث باسم الحكومة إن “تقديم قطعة الأرض لا يمس من السيادة وأن الحكومتان الأمريكية والتونسية اتفقتا على صيغة تعويض والأمر لا يستحق التضخيم”.
من جهة أخرى يقول مهدي الرباعي القيادي بحزب آفاق تونس وهو أحد أطراف الائتلاف الحاكم لمراسلون إن حزبه لم يصغ موقفه بعد من قضية تعويض السفارة الأمريكية بقطعة أرض، معتبرا أن الأمر “مازال غير رسمي”.
أحزاب المعارضة وعلى رأسها الجبهة الشعبية الممثلة في البرلمان بـ16 نائبا لا تقدم هي الأخرى موقفا صريحا واضحا من منح قطعة الأرض.
لكنها في المقابل ترفض تمرير مشروع الاتفاق دون عرضه على البرلمان كما أكد نزار عمامي ممثل كتلة الجبهة في البرلمان لمراسلون.
وتتكتم رئاسة الحكومة عن تفاصيل المشاورات بينها وبين الطرف الأمريكي حول منح قطعة الأرض حيث اعتذرت وزارة الخارجية ووزارة أملاك الدولة ووزارة المالية، وهي أطراف معنية بالملف، عن تقديم أي توضيحات.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية مختار الشواشي صرح لمراسلون بأن قيمة التعويضات وقع تحديدها من طرف الجانب الأمريكي وهو ما يدعو للتساؤل عن سبب عدم تكليف الحكومة التونسية خبير دولي مستقل يحدد حجم الأضرار.
ورفضت رئاسة الحكومة التونسية تقديم أي سبب عن عدم صرف تعويضات مالية بدلا من تقديم قطعة الأرض للسفارة الأمريكية خاصة في ظل مخاوف لدى البعض من استغلال الطرف الأمريكي للأرض للقيام بنشاطات استخباراتية أو عسكرية.
بدورها رفضت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية الرد عن الاستفسارات التي وجهت لها حول مضمون الاتفاق للحصول على قطعة الأرض وطبيعة النشاط الذي سيقوم عليها وكذلك حول سبب إصرارها على الحصول على قطعة الأرض عوضا عن المبلغ المالي.
وفي بيان رسمي للسفارة الامريكية جاء مايلي “لا يمكننا الإدلاء بأي تصريح في الوقت الراهن إلى حين إنهاء كل الإجراءات الضرورية المتعلقة بالاتفاق. نحن نتطلع إلى الوصول إلى قرارات حول التعويضات المنجرّة عن الهجوم على السفارة ونرجو منكم الرجوع إلى الحكومة التونسية فيما يخص كل النقاشات الداخلية المتعلقة بهذه المسألة”.
لكن عبد الله العبيدي مستشار العلاقات الدولية ودبلوماسي سابق، يرى أن ما تتضمنه المذكرة هو عملية “ابتزاز” من قبل الولايات المتحدة لتونس.
ويقول لمراسلون أن “التعويض بقطعة أرض متاخمة للسفارة هو مساومة” وأن على الدولة التونسية عدم القبول “بمساومتها”، مشددا على أن “الأضرار يقع تعويضها بالمال وليس بقطعة أرض كمقايضة لا يعمل بها إلاّ في المجتمعات البدائية”.
وأوضح الدبلوماسي السابق أن طريقة التعويض كانت على “غير الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولي”، معتبرا أن في ذلك “انتهاك لسيادة الدولة”.
من جانبه اعتبر عبد المجيد العبدلي أستاذ القانون الدولي أن الدولة التونسية مطالبة بتقديم التعويضات لأنها من الناحية القانونية أخلت بالتزاماتها في تأمين البعثات الدبلوماسية وفق معاهدة فيينا الصادرة سنة 1961.
وذكر بأن هناك أمثلة عن تقديم الدول لتعويضات عن أضرار تلحق بالسفارات عديدة بما في ذلك ما حدث بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران فيما يعرف بقضية حجز الرهائن الأمريكيين في 1979.
وقال إن أمريكا رفعت قضية في محكمة العدل الدولية ضد طهران عن الأضرار التي لحقتها وقد صدر حكم لفائدتها في 1980 يقضي لها بتعويضات.
واعتبر العبدلي أن عدم اللجوء إلى المحكمة الدولية وترجيح التفاوض بين الطرفين ايجابي وأن إبرام اتفاق بينهما لن يصبح ساري المفعول إلا بمصادقة البرلمان التونسي ورئيس الولايات المتحدة عليه.
لكنه لم يغفل عن الإشارة إلى أن الجانب التونسي اقترف خطأ يتمثل في “ترك الطرف المتضرر يقدّر حجم الإضرار عوضا عن تكليف خبير دولي بذلك”.
ونفى أن يكون هناك تخلى عن سيادة الدولة بمنحها قطعة ارض، مشيرا إلى أن فصول المذكرة حددت الكثير من الضوابط والنقاط ومن بينها عدم استغلال الأرض في غير ما اتفق عليه وهي استغلالها من قبل المدرسة الأمريكية المجاورة للسفارة، والتي تم حرقها هي الأخرى وقت الهجوم على السفارة.