منذ قرابة الشهر وضعت السلطات الأمنية التونسية الشاب (م.ب) تحت الإقامة الجبرية بمنزله في ضواحي العاصمة إثر عودته من القتال مع جماعات جهادية في سوريا.

سيضطر هذا الشاب الذي سافر شتاء 2013 إلى سوريا حيث شارك في القتال هناك طيلة نصف عام، يوميا إلى التردد صباحا ومساءً على مركز الأمن لإثبات تحركاته.

في حديثه لمراسلون يؤكد هذا الشاب الذي رفض الكشف عن هويته أنه وقع التغرير به للسفر إلى سوريا دون أن يكشف عن شبكة التسفير التي نقلته إلى هناك.

منذ قرابة الشهر وضعت السلطات الأمنية التونسية الشاب (م.ب) تحت الإقامة الجبرية بمنزله في ضواحي العاصمة إثر عودته من القتال مع جماعات جهادية في سوريا.

سيضطر هذا الشاب الذي سافر شتاء 2013 إلى سوريا حيث شارك في القتال هناك طيلة نصف عام، يوميا إلى التردد صباحا ومساءً على مركز الأمن لإثبات تحركاته.

في حديثه لمراسلون يؤكد هذا الشاب الذي رفض الكشف عن هويته أنه وقع التغرير به للسفر إلى سوريا دون أن يكشف عن شبكة التسفير التي نقلته إلى هناك.

وبشيء من الصدمة التي بقيت محفورة في ذاكرته يقول: “لقد وقع الزج بي في معركة كانت ستكلفني حياتي لو لم أتمكن من الفرار بمعجزة عبر الحدود التركية”.

تمكنتُ من الفرار

تمكن هذا الشاب من الهرب من القتال بعدما أقنع المشرفين على المعسكر الذي كان ينتمي إليه أنه يحتاج للذهاب للحدود التركية لإرسال أموال لعائلته، بحسب روايته.  

يقول (م. ب) الذي لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره: “لحسن حظي أني تمكنت من الفرار من أولئك المقاتلين والعودة إلى تونس بعدما نجحت في إخفاء جواز سفري”.

عن الدوافع التي جعلته يقرر العودة إلى بلده يؤكد (م.ب) إنه كان مصدوما ومذعورا من هول المعارك ومن سقوط القتلى وأعمال القتل العشوائي والسطو والنهب التي كان يراها تحدث أمام عينيه.

بقي هذا الشاب سجين ماضيه الذي خزن صور مآسي الحرب في سوريا لكنه اليوم تحول إلى سجين بين جدران منزله لا يمكنه التنقل أو السفر أو العمل أو العلاج إلى بإذن سلطات الأمن.

على الرغم من إصراره من تجرده من أي انتماءات جهادية وإعلانه ما أسماه بالتوبة يعلم (م.ب) بأن ملفه لدى السلطات الأمنية سيبقى للأبد ملطخا بذهابه للقتال بسوريا.

يقول متحسرا على واقعه “من الصعب اليوم أن أمحي من سجلات الأمن تهمة سفري للقتال في سوريا أو أقنع الناس بأني لم أكن أرغب في التورط في القتال هناك”.

خمسمائة عائد

وقررت وزارة الداخلية التونسية وضع بعض العائدين من بؤر التوتر تحت الإقامة الجبرية وتحت الرقابة الإدارية وهو إجراء رقابي مشدد على المشتبه بصلتهم بالإرهاب كان مستخدما من قبل النظام السابق.  

وأمرت الحكومة التونسية بتطبيق هذه الإجراءات عقب تفجير حافلة للأمن الرئاسي بالعاصمة يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي والذي اسفر عن مقتل 12 حرسا رئاسيا.

كما يأتي هذا القرار إثر تتالي العمليات الإرهابية لا سيما بعد هجومي منتجع سوسة السياحي الصيف الماضي ومتحف باردو الربيع الماضي واللذان أوديا بحياة عشرات السياح الأجانب.

وحسب تصريح وليد الوقيني المتحدث باسم وزارة الداخلية بلغ عدد العائدين من سوريا 500 شخص وضع منهم قرابة مائة عنصر تحت الإقامة الجبرية فيما اعتقل آخرون للمحاكمة أو وضعوا تحت المراقبة الإدارية.

نتائج عكسية

ورغم أن البعض اعتبر أن هذه الإجراءات خطوة في الاتجاه الصحيح يرى مراقبون بأن الحد من الحريات العامة لا تحد من خطورة العناصر المشتبه في علاقتها بالإرهاب.

في السياق يقول المحامي سمير بن عمر لمراسلون إن إقصاء العائدين من سوريا ورفضهم داخل المجتمع من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية لا تخدم مصلحة البلاد.

ويضيف بأنه اكشف من خلال تعامله مع مئات الملفات القضائية للعائدين من جبهات القتال أن خوفهم من الملاحقات الأمنية والعقوبات القضائية “يدفعهم إلى عدم العودة وإن كانت لديهم الرغبة في التوبة”.

ويشير إلى أن التضييق على العائدين من بؤر التوتر ومنعهم من الشغل أو التحرك “سيجبرهم إلى الارتماء مجددا في أحضان الجماعات الإرهابية خاصة وأن أغلبهم يعانون من وضعيات اجتماعية واقتصادية صعبة”.

من جانبه دعا المحامي أكرم الباروني إلى ضرورة وضع آليات وبرامج عملية لإعادة تأهيل هؤلاء الأشخاص وإدماجهم والإحاطة بهم مشيرا إلى أن السياسة الجنائية الدولية تتبنى سياسة العقاب مع التأكيد على ضرورة وضع برامج ثقافية ودينية واجتماعية وضرورة توفير مختصين وعلماء في الدين لتأطيرهم بالسجون وفق تصريحه.

19 ألف إرهابي

في المقابل يبدو أن قرار وضع العشرات من العائدين من بؤر التوتر تحت الإقامة الجبرية قرارا مهم بالنسبة لجزء آخر من الرأي العام في خضم ما تواجهه تونس من تهديدات على ضوء معلومات أمنية كانت أشارت إلى أن تنفيذ المزيد من الاعتداءات الإرهابية لا يزال قائما.

ويقول رئيس جمعية إغاثة التونسيين بالخارج باديس الكوباكجي أن العناصر العائدة من بؤر التوتر تمثل خطرا كبيرا نظرا لما تلقته من تدريبات وامتلاكها لطرق التعامل مع الأسلحة، لافتا إلى دولا ديمقراطية على غرار فرنسا اتخذت اجراءات متشددة لمعالجة الظاهرة.  

وأكد الكوباكجي لمراسلون بأن “سيادة البلاد لا تتعارض مع حقوق الانسان في حالات الحرب وأن الدولة لها الحق في حماية شعبها ولها إمكانية تطويع المنظومة القانونية مع ما يتلاءم مع أمنها واستقرارها وحماية شعبها”.

يذكر بأن مصادر أمنية كشفت بأن عدد المصنفين في خانة “إرهابي خطير” لدى مصالح وزارة الداخلية يقدر بنحو 19 ألف شخص عدد كبير منهم متهم بالسفر إلى سوريا.