وسط جدل كبير حول أوضاع اللاجئين في مصر، وارتفاع بعض الأصوات العنصرية التي تدعو إلى إغلاق الحدود في وجه اللاجئين الفارين من الصراعات المسلحة. يعمل مصريون من أجل مساعدة اللاجئين والتخفيف عنهم بعد المعاناة التى عاشوها في ظل الصراعات المسلحة التي تشهدها بلادهم.

وسط جدل كبير حول أوضاع اللاجئين في مصر، وارتفاع بعض الأصوات العنصرية التي تدعو إلى إغلاق الحدود في وجه اللاجئين الفارين من الصراعات المسلحة. يعمل مصريون من أجل مساعدة اللاجئين والتخفيف عنهم بعد المعاناة التى عاشوها في ظل الصراعات المسلحة التي تشهدها بلادهم.

تتحمل الجمعيات الأهلية والمبادرات المجتمعية الجانب الأكبر من المساعدات التي توجه للاجئين السوريين في مصر، خاصة في ظل دولة تعاني أزمة اقتصادية حادة لأكثر من 5 سنوات بعد ثورات الربيع العربي. معظم تلك المبادرات انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي التي ظل روادها من المصريين يطرحون هذا السؤال: كيف نساعد اللاجئين السوريين؟

دكتور هشام عزام طبيب عظام كان ضمن مجموعة من الأطباء دشنوا منذ ثلاثة أشهر مبادرة لتقديم “العلاج للاجئين السوريين مجانا”. وأطلقت المبادرة بالأساس لأن اللاجئين السوريين لا يتمتعون بتأمين صحي في مصر، ويقول عزام: “إما ان يتعالج السوري على حسابه أو لن تعالجه أي جهة”، فعلى الرغم من وجود اتفاقية بين منظمة الصحة العالمية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوفير مستشفيات لعلاج اللاجئين إلا إن الميزانية المخصصة لذلك غير كافية. وتعتمد المبادرة على مجموعة من  الأطباء بينهم د. هشام عزام، يقدمون الكشف المجاني للاجئين السوريين في عياداتهم الخاصة.

واجهت المجموعة إنتقادات من مصريين “ما تساعدوا المصريين احسن” لكن د. هشام كان يقول ردا على ذلك إنه طبيب وكل الأطباء في المبادرة “لو عيان ايا كانت جنسيته جه (جاء) للعيادة وقال مش (ليس) عندي  فلوس (مال) هنعالجه”، إضافة إلى ذلك، يقول هشام إن المصريين يمكن أن يحصلوا على قرارات علاج على نفقة الدولة، ويتمتع الكثير منهم بتأمين صحي، لكن اللاجىء السوري في مصر لا يتمتع بأي من ذلك.

يستقبل عزام حالتين تقريبا كل أسبوع “كلها شكاوى عادية”، ولم يزد عدد المرضى من اللاجئين السوريين عن هذا العدد “المبادرة انطلقت من التجمع الخامس والعيادات نفسها بعيدة عن أماكن تمركز السوريين”، والمبادرة نفسها لم ينضم إليها أطباء جدد منذ الاعلان عن تدشينها على شبكات التواصل الإجتماعي، ويفسر د. هشام ذلك بأن “فيه ناس معتقدين إنه هيتم القبض علينا بكرة الصبح لو عالجوا سوريين في العيادات، وفيه ناس مش محتاجين يشتركوا في مبادرة هما من نفسهم بيعالجوا اي شخص محتاج بالمجان”.

لا يعتقد عزام إن مبادرته وزملائه لعلاج اللاجئين السوريين مجانا يمكن أن تتوقف إلا اذا واجهوا مشكلة أمنية “احنا (نحن) أطباء ملناش (ليس لنا) اي علاقة بالسياسة، وعملنا المبادرة علشان (كي) نوفر مساعدة طبية للاجئين، لو وصلنا إن فيه مشكلة أمنية أو سياسية هنوقف طبعا”.

أما “أم عبد الله” التي تقوم بإعداد أطباق مختلفة من الطعام السوري وبيعه، فإنها تواجه يوميا “كتير جدا” من الناس يقولون لها “انتوا جايين بلادنا تقرفونا” لكنها أيضا تجد من يقدم المساعدة باستمرار في الأزمات المتلاحقة التي واجهتها منذ قدومها من حمص عقب إشتعال الحرب في سوريا. آخر تلك الأزمات عندما تعرض زوجها لأزمة صحية استلزمت نقله للمستشفى، فلجأت إلى أقرب مسجد من مسكنها وطلبت المساعدة ووجدت من اهتم ونقل زوجها للمستشفى.

تقول “أم عبد الله” إنها تجد الراغبين في مساعدتها وأسرتها أكثر من الذين يطالبونها بالرحيل، وتذكرت أن صاحب محل سجاد رحب باعطائها من معروضات محله عندما أخبرته إن منزلها خالي من السجاجيد وأنها تريد واحدة. وأضافت: “أنا الآن ليس عندي شيء في سوريا كل حاجة ادمرت، وحاليا طموحي كبير في مصر ولو الاوضاع هديت في سوريا هافضل هنا يمكن هارجع اشوف أمي، لكني هافضل في مصر”.

أنهت أم عبد الله حديثها معي، بأن اخبرتني إنها منذ أن بدأت في إعداد الطعام السوري وبيعه لم يكن لديها أي أدوات تساعدها، وكل الأدوات التي تعمل بها الآن هي مساعدات من مصريين “احنا عايشين من خير الله وخير أهل مصر”، وأضافت إن هذه الأدوات مختلفة “كل طبق لون وكل حلة شكل” لكن هذه الادوات هي رأس المال الذي بدأت به عملها للإنفاق على أسرتها في مصر.

تعمل دعاء سمير في المكتب الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة في مصر، ومسؤولة عن مشروع تموله الحكومة اليابانية في 5 دول عربية منها مصر، بهدف التمكين الاقتصادي للمرأة السورية وعدد من المصريات بنسبة (60 % للمرأة السورية و 40 % للمرأة المصرية) من خلال عقد ورش مهنية لتعليمهن حرف نسائية مثل الكروشية، التطريز، التجميل، الخياطة، الطهي.

قبل أن تعمل دعاء في هذا المشروع، حلمت أنها “تعمل على الحدود السورية التركية أثناء عاصفة ثلجية وترتدي بلطو، وتجر بيدها شوالا ضخما به علب مزينة بشرائط ستان، وتعطي كل طفل علبة وتقول له افتحها كل يوم الصبح هتلاقي (ستجد) فيها هدية وحتة مني”. حلم دعاء تحقق بصورة مختلفة، فهي تعمل اليوم مع اللاجئات بشكل يومي، وتحاول أن توفر لهن بيئة عمل آمنة، تقول: “هن مهمشات مرتين، مرة لإنهن نساء، والمرة الأخرى لإنهن لاجئات اضطررن للرحيل من بلدهن بسبب النزاعات المسلحة”.

تقول دعاء إن في بداية عملها مع السيدات السوريات لم يكن يعتقدن إنها مصرية لإنها تتعامل معهن بلطف واحترام شديد حتى إنها كانت تقول لكل سيدة منهن يا “هانم” تقديرا لها “قالوا لي قليل لما يلاقوا حد يتعامل معاهم بلطف، واذا تعاملوا بلطف يبقى بدافع الشفقة”.

لا ترى دعاء إن هناك ما يبرر وجود “نظرة سلبية” تجاه اللاجئين في مصر “مفيش حد (لا يوجد أحد) هياخد رزق حد”. وأضافت:  “وجدن نفس الفكرة لدى أساتذة جامعة رافضين لوجود اللاجئين لنفس السبب.. ليس ذنب اللاجئين أن حكومة بلادنا عاجزة عن التخطيط منذ زمن بعيد”.