داخل ما تبقى من مطعم “مامي ليلي” أو “كاشير” يجتمع التونسي اليهودي جاكوب لولوش باثنين من مقربيه لدارسة إمكانية نقل مطعمه وايجاد تصور يحافظ على طابعه الفريد من نوعه والمتمثل في تقديم أكلات من الطبق اليهودي التونسي الحلال.
ففي نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي عندما كان جاكوب كعادته يستقبل زبائنه بحرارة في “مامي ليلي” دخل عليه شرطي بالزي المدني ليسلمه استدعاء للحضور أمام فرقة مكافحة الإرهاب ويبلغه أن الأمر يتعلق بسلامة حياته وأمنه الخاص.
داخل ما تبقى من مطعم “مامي ليلي” أو “كاشير” يجتمع التونسي اليهودي جاكوب لولوش باثنين من مقربيه لدارسة إمكانية نقل مطعمه وايجاد تصور يحافظ على طابعه الفريد من نوعه والمتمثل في تقديم أكلات من الطبق اليهودي التونسي الحلال.
ففي نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي عندما كان جاكوب كعادته يستقبل زبائنه بحرارة في “مامي ليلي” دخل عليه شرطي بالزي المدني ليسلمه استدعاء للحضور أمام فرقة مكافحة الإرهاب ويبلغه أن الأمر يتعلق بسلامة حياته وأمنه الخاص.
حين دخل جاكوب أو يعقوب كما يحلو لأصدقائه التونسيين المسلمين مناداته مقر فرقة مكافحة الإرهاب كانت أسئلة كثيرة تدور بخلده قبل أن يتفاجأ بتحذير من وجود مخطط إرهابي يسعى لاغتياله واستهداف مطعمه الموجود بمدينة حلق الوادي الكازينو.
يقول جاكوب لمراسلون إن رجالا من فرقة مكافحة الإرهاب أعلموه بأنهم تمكنوا من تفكيك خلية إرهابية تتكون من ثلاثة عناصر تحدثوا عن مخطط إرهابي لتصفيته وتفجير مطعمه كهدف لهجوم على الجالية اليهودية باعتباره أحد رموز هذه الأقلية.
قضى جاكوب نحو 18 عاما في تونس بعد عودته من باريس وفتح مطعمه الخاص الذي أمضى فيه أحلى فترات حياته لكن تحذيره بخطورة التهديدات الإرهابية التي قد تستهدف حياته وحياة حرفائه لم تترك له خيارا آخر سوى غلق “مامي ليلي”.
يقول جاكوب إنه ليس بالأمر الهين عليه إغلاق مطعمه الذي أسسه عام 1996 فور إنهاء دراسته الجامعية في باريس. وبالنسبة له لا يمثل مطعمه مشروعا لكسب المال وحسب، وإنما هو مشروع ثقافي عززه بإنشاء جمعية “دار الذكرى للحفاظ على التراث اليهودي”.
لا يبعد مطعم “مامي ليلي” الذي سماه جاكوب تيمنا بوالدته “ليلي” عن دار المسنين المخصصة لليهود في حلق الوادي التي كان يقطنها عدد كبير من اليهود الذين كانوا يقيمون علاقة جيدة مع التونسيين المسلمين وتربطهم بهم علاقات وطيدة.
وما يجعل مطعمه مميزا خلافا لكونه يقدم الطبق اليهودي التونسي الحلال فإنه كما يصفه جاكوب “مطعم مختص في تقديم الأكلات اليهودية التي استفادت من التلاقح بين الحضارات والتزاوج بين اليهود القادمين من إسبانيا وتركيا وغيرها من الدول”.
والزائر لهذا المطعم يلاحظ رغم بساطة ديكوره أنه ليس مطعما تقليديا بالمعنى التقليدي يقدم فقط ما يملا البطون بل هو مكان فريد تبث فيه أغان يهودية قديمة تكاد تكون انقرضت وتعلق فيه لوحات زيتية فريدة وتجمع فيه كتب مختصة في التراث.
وباعتباره يمثل مكسبا ثقافيا يختزل الثقافة التونسية اليهودية بالنسبة إليه وبقية حرفائه لا يفكر جاكوب حاليا في رمي المنديل والانصياع إلى التهديدات الإرهابية لاسيما وأنه رفض حتى قبول الحماية الأمنية التي عرضتها عليه وزارة الداخلية.
يقول جاكوب لمراسلون بابتسامة عريضة إنه لا يفكر في مغادرة تونس خوفا من تلك التهديدات، مشددا على أنه سيضطر لإغلاق مطعمه مؤقتا إلى حين التفكير في صيغة تجمع بين عدم المخاطرة والمحافظة على آخر مطعم يختزل الثقافة اليهودية.
وما زال يعيش في تونس خصوصا في جزيرة جربة (جنوب) أكثر من ألف يهودي رفضوا العودة إلى إسرائيل أو أوروبا وهم يقيمون سنويا احتفالا بكنيس الغريبة وسط إجراءات أمنية مشددة خوفا على استهدافهم من قبل جماعات متشددة في البلاد.