تونس: محرز الماجري

شق صراخ عماد صمت القبور عندما استشاط غضبا بسبب استحالة العثور على مكان لدفن أبيه في مقبرة الدندان بالعاصمة تونس حيث يقيم. لم يكن أمامه سوى خياران، يقول لـ “مراسلون”، “إما أن أبحث عن مقبرة بعيدة أو أن أطلب فتح قبر قديم لأحد أفراد عائلتي لدفن والدي فيه”.

لم يتخيل عماد للحظة واحدة أن تتعفن جثة والده قبل أن يعثر بصعوبة على مقبرة أخرى لدفنه، فمقبرة الدندان المجاورة لمقر إقامته أوشكت على الإغلاق. “لا يعلم المرء إن كان عليه أن يحزن ام يغضب” يقول هذا الشاب، “فالصعوبات التي تشهدها البلاد لم تستثن أي شيء وطالت حتى الأموات والمقابر”.

تونس: محرز الماجري

شق صراخ عماد صمت القبور عندما استشاط غضبا بسبب استحالة العثور على مكان لدفن أبيه في مقبرة الدندان بالعاصمة تونس حيث يقيم. لم يكن أمامه سوى خياران، يقول لـ “مراسلون”، “إما أن أبحث عن مقبرة بعيدة أو أن أطلب فتح قبر قديم لأحد أفراد عائلتي لدفن والدي فيه”.

لم يتخيل عماد للحظة واحدة أن تتعفن جثة والده قبل أن يعثر بصعوبة على مقبرة أخرى لدفنه، فمقبرة الدندان المجاورة لمقر إقامته أوشكت على الإغلاق. “لا يعلم المرء إن كان عليه أن يحزن ام يغضب” يقول هذا الشاب، “فالصعوبات التي تشهدها البلاد لم تستثن أي شيء وطالت حتى الأموات والمقابر”.

يقر محمد الذي يعمل منذ 15 سنة في حفر القبور وتهيئتها في مقبرة الدندان بأن الوضعية في هذه المقبرة “أصبحت صعبة جدا لأنها بلغت ذروة الاكتظاظ”. ويضيف أن الكثير من الناس يجدون صعوبة كبيرة في دفن موتاهم.

تضم مقبرة حيّ الدندان، أحد الأحياء الشعبية المحاذية للعاصمة أكثر من 10 آلاف قبر لعائلات تقيم بتلك المنطقة. ويرى محمد أن السلطات التونسية لم تول أي اهتمام بتهيئة مقابر جديدة أو أي سعي إلى توسعة المقابر القديمة في ظل الزحف العمراني الذي تشهده العاصمة التونسية والتزايد السكاني.

وتعد مدينة تونس العاصمة فقط بحسب آخر تعداد عام للسكان لسنة 2014 ما يقارب مليونين و700 ألف ساكن. في المقابل لا يتجاوز عدد المقابر 60 مقبرة بعضها أوشك على الإقفال نهائياً.

المسؤولون في الحكومة يعترفون بوجود إشكاليات كبيرة في توفير أراض لتهيئة وبناء مقابر جديدة. ويقول رئيس بلدية تونس سيف الله الأصرم شح الأراضي زادت حدته في السنوات القليلة الماضية بفعل الارتفاع الملحوظ في تشييد أحياء سكنية دون الاكتراث إلى تهيئة المقابر.

أزمة القبور ألقت بظلالها أيضا على مقبرة الجلاز أكبر مقبرة في البلاد (تمسح حوالي 76 هكتارا). ويقول الأصرم لمراسلون إن “الوضعية في هذه المقبرة أصبحت صعبة جدا بسبب الضغط الكبير الذي تشهده لدفن الموتى”. ويبلغ عدد الأموات الذين يقع دفنهم في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس ما يقارب 4 ألاف شخص سنويا.

وبحسب رئيس البلدية، فإن الحكومة تخطط لتوسعة هذه المقبرة التي لم تعد قادرة على استيعاب الموتى من خلال تهيئة مساحة جديدة على 8 هكتارات كانت مكباً للنفايات.

لكن حسن الخياري الذي قضى 40 عاما يعمل في مقبرة الجلاز يقول إن “التوسعة الجديدة لمقبرة الجلاز هي أحد الحلول الترقيعية التي لن تفي بالحاجة”. وأكد أن المنطقة الجديدة بالمقبرة ستبقى طاقتها محدودة، مرجحا أن تمتلئ في ظرف أربعة أو خمسة سنوات على أقصى تقدير في ظل غياب برامج توسعة أخرى.

وتقول روضة العربي مدير التعمير بوزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية لمراسلون إنه سيتم مع نهاية السنة الحالية إطلاق دراسة من أجل تشخيص وضعية المقابر. وكشفت بأن الوزارة تعمل على تحديد رصيد عقاري جديد من أجل برمجة تهيئة مقابر جديدة في محيط العاصمة وضواحيها.