من المنتظر أن يحاكم الروائي أحمد ناجي، ورئيس تحرير جريدة “أخبار الأدب” طارق الطاهر في جلسة 14 نوفمبر/ تشرين ثاني. وذلك لنشر فصل من رواية الأول في جريدة يترأس تحريرها الثاني قبل عام وثلاثة أشهر.

في وقت سابق استدعت نيابة وسط القاهرة الكلية الزميلين أحمد ناجي، الصحفي في أخبار الأدب، وطارق الطاهر، رئيس تحرير الجريدة الثقافية الأسبوعية، التي أصدرتها مؤسسة أخبار اليوم المصرية في العام 1993، بسبب مادة نشرت بها.

من المنتظر أن يحاكم الروائي أحمد ناجي، ورئيس تحرير جريدة “أخبار الأدب” طارق الطاهر في جلسة 14 نوفمبر/ تشرين ثاني. وذلك لنشر فصل من رواية الأول في جريدة يترأس تحريرها الثاني قبل عام وثلاثة أشهر.

في وقت سابق استدعت نيابة وسط القاهرة الكلية الزميلين أحمد ناجي، الصحفي في أخبار الأدب، وطارق الطاهر، رئيس تحرير الجريدة الثقافية الأسبوعية، التي أصدرتها مؤسسة أخبار اليوم المصرية في العام 1993، بسبب مادة نشرت بها.

بدأت التحقيقات بعدما تقدم المواطن هاني صالح توفيق، ببلاغ للنائب العام، ضد الكاتب ورئيس التحرير، لأنه عندما قرأ هذا الفصل، قبل عام وثلاثة أشهر، “شعر باضطراب في ضربات قلبه، وأصابه الإعياء الشديد”. رغم عدم أهمية الحالة العارضة للسيد هاني، إلا أنها كانت هامة بالنسبة لنيابة مصر، وبالنسبة لهذه القصة كذلك، حيث تمّ الالتفات لبلاغه وشعوره- بعدما أفاق من الإعياء الشديد بالتأكيد- أن ما نشر بالجريدة قد خدشْ حياؤه، بل وللدقة الحياء العام!

في البلاغ صنف السيد هاني أن هذه الكتابة مقالا، وهو أمر وجدته النيابة عين الحقيقة، ولم يغيره تأكيد الطاهر لجهة التحقيق، أكثر من مرة بأن نص “استخدام الحياة”، المنشور بالجريدة “أدب” وليس مادة صحفية، وإن كاتبها يحكي حكاية!

في أغسطس من العام 2014 كانت الجريدة قد نشرت فصلا من رواية الزميل أحمد ناجي، وذلك قبل صدورها طبعتها الأولى في وقت لاحق من العام نفسه. نشر النص مع تنويه يوضح أنها مقطع من رواية ستصدر فيما بعد في كتاب عن دار التنوير. العمل كتبه أحمد ناجي ورسمه أيمن الزرقاني، حيث تجمع الرواية بين فصول مكتوبة وأخرى مرسومة لناجي والزرقاني بالترتيب. وحينما نشرتها الجريدة كان ذلك بعددها، الصادر في أغسطس 2014، عن الحياة في القاهرة، بوصف النص ورسومه يعبرا عن رؤية أدبية وفنية عن الحياة في العاصمة المصرية. يسجل العمل التاريخ المتخيل لجمعية “معماري المدينة”، التي تتبنى نشاطا سرياً لهدم عمارة القاهرة، لأن هذه الجماعة ترى أن لا حل معماري ممكن لأزمات البناء والعيش في هذه المدينة التعسة. بعد قرار المحاكمة، وربما ليضع حدا للاتهامات المحتملة، أصدر الزميل أحمد ناجي بيانا يوضح فيه أن أحداث الرواية خيالية، حيث أكد أن “جمعية معماري المدينة المذكورة في الرواية من وحي الخيال، وليس لها أي علاقة بما ذكر مؤخراً في بعض وسائل الإعلام عن مجلس قيادة العالم وعلاقته بتغيير المناخ”!

حينما تصبح الرواية مقالا جنسيا

بعد ستة أشهر، يفاجأ ناجي بمكالمات من بعض الزملاء يطلبون منه تعليقا حول واقعة إحالته لمحكمة الجنايات، وهو ورئيس التحرير بسبب “مقال جنسي”، كان ذلك مساء السبت، 31 أكتوبر/ تشرين أول.

يقول أحمد ناجي لـ”مراسلون” : “جهة التحقيق لم تستطع أن تحدد إذا كان المنشور مقال أم فصل من رواية.. هناك شخص يقرأ نصا ولا يعرف أن يميز نوعه، ثم يريد أن يحاسبني على أفعال بطل عمل روائي كتبته”.

كان موقع أصوات مصرية قد نشر مؤخرا جانبا من تحقيقات النيابة مع رئيس تحرير أخبار الأدب، وأسطر قليلة من عريضة الإتهام. وقد جاء في هذه العريضة أن كتابة الروائي “خرجت عن المثل العامة المصطلح عليها، وخدشت الآداب العامة”، وذلك لتقديمها لأحداث عاطفية ووصفها للقاء جنسي، وحسب الأوصاف السابقة فإن الزميلين سيحاكما أمام الجنايات. لكن ممثل الروائي في القضية المحامي محمود عثمان من مركز حرية الفكر والتعبير يقول :”تأكدنا من نيابة وسط القاهرة الكلية أن القضية جنحة ولن تنظر أمام محكمة الجنايات، لأن التهمة خدش الحياء العام”.

معركة مع “القضاء”

من جانبه يري أحمد ناجي أن تقديم مواطن لبلاغ ضد نشر فصل من روايته في جريدة أمر من حق هذا المواطن، لكن الصراع الحقيقي مع سلطات التحقيق في مصر، ويضيف موضحاً : “المشكلة أن القضاء المصري له مواقف صارمة ضد حرية الرأي وحرية التعبير. منذ تمّ حفظ التحقيق مع طه حسين بعد كتابته الشعر الجاهلي، في العام 1927، لم يحدث أن تكرر ذلك، وكانت هذه المؤسسة تقف في مواجهة حرية الإبداع”.

من جانبه يرى المحامي محمود عثمان أن القضية جاءت ضمن اتجاه الدولة منذ 30 يوليو/ تموز 2013، خاصة مع صدور مجموعة كبيرة من القوانين المقيدة للمجال العام والإبداع بوجه خاص. ويوضح :”تم اتهام الراقصتين بارديس وشاكيرا بسبب تقديمهما أغنيات مصورة، وكانت الاتهامات أن الفيديوهات تخدش الحياء العام، وذلك لتوظيف قانون العقوبات ضد الإبداع”.

تعاقب المادة “178” من قانون العقوبات كل من نشر، صنع، أو حاز مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صور إذا كانت خادشة للحياء العام، ووفقا لهذه التهمة قد يعاقب الصحفي والروائي مدة لا تزيد عن عامين، أو بغرامة مالية  من خمسة إلى عشرة آلاف جنيها ( أي تترواح القيمة بين 623 و 1246 من الدولارات). وكانت محكمة جنح قصر النيل، قبل الثورة المصرية، قد أدانت الرسام مجدي الشافعي، صاحب الرواية المرسومة “مترو” وناشرها محمد الشرقاوي بغرامة مالية قدرها خمسة آلاف جنيها لكل منهما في العام 2009، حسب المادتين السابقتين. كما جاء في عريضة النيابة، المنشورة بالصحف المصرية، أن الزميل طارق الطاهر قد يحاكم وفقا للمادة “200 مكرر أ/2 ” والتي تغرّم رئيس التحرير بغرامة مالية مطابقة للسابقة، إذا كان مقصراً في مهمة الإشراف.

يعتبر عثمان أن اللجوء لنصوص قانون العقوبات، وكونها مواد مطاطة ولا تحمى الإبداع يعد إلتفافاً على حرية الإبداع المنصوص عليها في الدستور المصري، والقوانين الداعمة لحريات المبدع، وقانون رقم 60 لعام 1996 بشأن تنظيم الصحافة كذلك، والذي ينص بعدم جواز حبس الصحفي في قضايا النشر. كما يوضح عثمان أن ما تعتبره النيابة مقالا، هو الفصل الخامس من عمل إبداعي للكاتب المنشورة، وهذا ما سيدفع به أثناء المحاكمة.

الوصف الإجرامي للإبداع!

من ناحية أخرى تأمّل ما جاء في عريضة الاتهام يكشف عن رؤية منظومة العدلة الرسمية في مصر لعملية الإبداع بشكل يتطابق مع وصف الجرائم الكبرى، والقصص البوليسية بأسلوبها المتكلف وأوصافها المبتذلة حيث وصف الكاتب بأنه شخص ينفث “شهوة فانية ولذة زائلة”، حسبما جاء في عريضة الدعوى، وأن المؤلف “أجر عقله وقلمه لتوجه خبيث حمل انتهاكا لحرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعهر خروجا على عاطفة الحياء”، وذلك لتقديمه “مشاهد صورت اجتماع الجنسين جهرة”.

الجدير بالذكر أن أحمد ناجي سبق أن نشرت له رواية “روجرز” (ملامح، 2007)،  و”استخدام الحياة” رواية (التنوير، 2014). وحتى تبدأ جلسات المحاكمة سيظل السؤال عن كيف سيستخدم القانون ضد “الحياة” التي كتبها ناجي ونشر الطاهر فصلا منها مطروحا بقوة!