موقع “مراسلون” حاور سيف الدين الرايس، الناطق الرسمي السابق باسم تنظيم أنصار الشريعة، عقب خروجه بأيام من السجن. الرايس يتحدث هنا عن تجربته مع التنظيم المحظور الذي تتهمه الحكومة بالتورط في اغتيالات وهجمات إرهابية في تونس، ويوضح الخلفيات التي جرى فيها حظر التنظيم في عهد حكومة الترويكا، والتهم الموجهة له بإحراق السفارة الأمريكية في تونس، وعلاقته مع “داعش”.

إليكم نص الحوار:

موقع “مراسلون” حاور سيف الدين الرايس، الناطق الرسمي السابق باسم تنظيم أنصار الشريعة، عقب خروجه بأيام من السجن. الرايس يتحدث هنا عن تجربته مع التنظيم المحظور الذي تتهمه الحكومة بالتورط في اغتيالات وهجمات إرهابية في تونس، ويوضح الخلفيات التي جرى فيها حظر التنظيم في عهد حكومة الترويكا، والتهم الموجهة له بإحراق السفارة الأمريكية في تونس، وعلاقته مع “داعش”.

إليكم نص الحوار:

مراسلون: أنت اليوم حر طليق، لكن المثير هو أنك أصبحت طالب ماجستير حضارة، كيف تم ذلك؟

الرايس: الحمد لله انتهت تجربة الإيقاف بحكم عدم سماع الدعوى. والصفحة التي فتحت هي مواصلة الدراسة بمرحلة الماجستير آداب وحضارة عربية وأنا أرغب في مواصلة الدراسة إلى منتهاها والحصول على الدكتوراة. العربية لغة أحب دراستها وأرغب في مواصلة دراستها وهي مسألة شخصية وإشباع معرفي خاص. سأذهب للدراسة وليس لدي أي مشكلة في التواصل مع الناس سواء طلبة أو إداريين.

كنت ناطقا باسم ما يعرف بأنصار الشريعة الذي تتهمه الحكومة بالوقوف وراء أعمال إرهابية؟

نعم منذ تأسيس تنظيم أنصار الشريعة في أبريل (نيسان) 2011 توليت مسؤولية المتحدث الرسمي باسم هذا التنظيم الذي كان عمله يرتكز على الفعل الخيري التطوعي لكن بمجرد إصدار قرار بتصنيفه تنظيماً إرهابياً من قبل حكومة الترويكا السابقة انفصلت عن هذا التنظيم ولم أعد أنتمي إليه.

لكن هناك من نشر لك تسجيلا على مواقع التواصل الاجتماعي تبايع فيه تنظيم داعش.

خلال فترة اعتقالي حاول البعض توظيف قضيتي لأغراض سياسية، وقام البعض الآخر بالتحريض ضدي مستغلا تسجيلا يزعمون فيه مبايعتي لتنظيم الدولة. وهناك من بلغ به الأمر للتشكيك أصلا في تواجدي بالسجن أثناء فترة محاكمتي. لقد تم اعتقالي بتهم تتعلق بالإرهاب وتم سجني طيلة 14 شهرا في سجن المرناقية بالعاصمة تونس، لكن الحمد لله تم الحكم علي بعدم سماع الدعوى وتبرئتي من تلك الاتهامات الباطلة. كانت تجربة الإيقاف قاسية إلا أنها انتهت.

حظرت حكومة الترويكا، التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية نشاط تنظيم أنصار الشريعة واعتبرته تنظيما إرهابيا. كيف تم اتخاذ قرار الحظر؟

ما حصل للتيار السلفي بداية من عام 2013 شبيه بما حصل لأتباع الاتجاه الإسلامي سابقا (حزب النهضة الإسلامية) خلال سنة 1988 وسنة 1989 وما بعدها. والدليل على ذلك هو أن السلطات لا تلاحق فقط من يحمل السلاح وإنما من يحمل هذا الفكر.

واعتقد أن حظر نشاط أنصار الشريعة كان مبنيا على قرار سياسي وليس قضائي وربما كان ذلك القرار السياسي استجابة لضغوطات أجنبية أو لإكراهات الواقع. فمثلا عندما تم تصنيف تنظيم حزب الله كمنظمة إرهابية قامت دول أوروبية بتصنيف الشق الذي يحمل السلاح شقا إرهابيا لكن الشق الأخر السياسي الإعلامي لم يتم تصنيفه بتلك الصفة.

المشكل الآن هو أنه بعدما تم حظر نشاط أنصار الشريعة أصبح الفكر السلفي عامة مصنفا فكريا فكراً إرهابي وتم التعامل مع الشباب السلفي بتمييز رغم أنه كان بالإمكان فتح حوار مع هذا الشباب لتجنيب البلاد الكثير من المشاكل.

لكن وزارة الداخلية في عهد الترويكا قدمت أدلة على تورط منتمين لتنظيم أنصار الشريعة في أعمال عنف، مثل أحداث حرق السفارة الأمريكية، قبل حظر التنظيم.

أحداث الهجوم على السفارة الامريكية في سبتمبر (أيلول) 2012 كانت مفصلية بالنسبة لتنظيم أنصار الشريعة حيث نتج عنها خروج رئيس التنظيم حينها سيف الله بن حسين (أبو عياض التونسي) من الساحة على إثر ملاحقة قضائيّة وأصبح المحيطون به من الملاحقين ولم تعد القرارات رصينة ولم يعد أعضاء التنظيم يعرفون مصدر القرارات.

أحداث السفارة الأمريكية لم تكن السبب المباشر في حظر نشاط التنظيم والقرار اتخذ قبل ذلك وقد تحدثنا عن ذلك قبل مؤتمر أنصار الشريعة الأخير في عام 2013 وتوقعنا إفشال المشروع وضرب الشباب السلفي وشيطنة هذا التصور الفكري ليتم ضربه واستئصاله.

لكن وزارة الداخلية تكشف باستمرار عن تورط شباب لديه فكر سلفي متشدد في أعمال إرهابية. كيف تقدر ذلك؟

عندما كان الشباب السلفي ينشط ضمن تنظيم أنصار الشريعة لم تكن هناك أحداث عنف بنفس الحجم مقارنة بما حصل بعد حظره.

وقتها كان عمل الشباب السلفي مدني ظاهر ويمكن ضبطه وتتبع من يتجاوز ضوابطه ولكن المحاسبة على اللحية والقميص والهوية والتضييق على الحريات الدينية تولد الانفجار.

وإذ أعبر عن رفضي التام للانجرار وراء العنف أو حمل السلاح ضد الدولة، أعتبر أن استخدام القوة وانتهاج سياسة الاستئصال للشباب السلفي لن تحقق سوى ردة فعل عنيفة لذلك أنا أطالب الجهات الرسمية بالجلوس إلى الشباب السلفي ومحاورته.

بماذا تفسر تورط تنظيم أنصار الشريعة في أعمال عنف وأعمال اعتبرتها الحكومة إرهابية؟

في مؤتمر أنصار الشريعة في مدينة القيروان عام 2013 كانت لدينا قناعة أنه سيتم منع المؤتمر من خلال مؤشرات كانت واضحة في ظل ما حصل من ضبط أسلحة وكان لابد من التثبت من هي الجهات التي تقف وراء تلك الأسلحة والعنف.

هناك أطراف محورية في القتل وإدخال السلاح لكن إلى الآن بقوا صندوقا أسود ولا نعرف شيئا عن هويتهم وعلاقاتهم بالإرهاب وبعض هؤلاء قتلوا أو اختفوا وذهبت الأسرار معهم وذلك قبل أحداث حرق السفارة الأمريكية.

الاختراق حسب تقديري تم من قبل مافيا النظام القديم الذين لديهم السلطة المالية والسياسية والأمنية لتوجيه الشباب لاستعمال العنف لبيان فشل الثورة والإطاحة بالنظام السابق.

لكن زعيم تنظيم أنصار الشريعة أبو عياض الذي فر إلى ليبيا مصنف أحد أخطر الارهابيين. هل لديك معلومات بشأن مصيره؟ 

لا ليست لدي أية معلومات بشأن مصيره باعتبار أن تواجدي في السجن طيلة 14 شهرا لم يسمح لي بمتابعة الأخبار في حينها. ولا يمكن الجزم بأي رواية أو تكذيبها بسبب انقطاعي عن العالم الخارجي.

تقول التقارير أن أكثر المقاتلين الأجانب عددا في سوريا هم تونسيون. كيف تفسر تفاقم انضمام الشباب التونسي للقتال مع المجموعات الارهابية؟

هناك أسباب عديدة وراء التحاق بعض الشباب إلى تلك المناطق وهي إحساسهم بالنقمة على ما يشاهدونه من مجازر وإحساسهم الغيرة على ما يحصل في فلسطين في ظل عجز الأنظمة العربية على فعل أي شيء.

وهناك صحوة إسلامية بدأت بوادرها منذ الثمانينات كرد فعل على الأنظمة الرأسمالية الإمبريالية وهي ردة فعل تتبنى قيم الإسلام وتسعى لاستعادة أمجاد الخلافة وبالتالي كان هناك توجه للعودة إلى الهوية الإسلامية. كما أن التضييق على الحريات الدينية يولد نفسية قابلة للانفجار وراغبة في الانتقام.

كيف ترى مستقبل الحركات السلفية في تونس؟

الشباب السلفي هم في الأخير أبناء تونس لذلك أرجو أن يتم الابتعاد عن التضييق على حريته وأن يتم الجلوس معه ومحاورته لأن هذا الشباب لديه طاقة مفيدة جدا لبلده. كما أدعو الشباب للاندماج في المجتمع وأن يغير من خلال الإقناع بالحجة وليس بالعنف، وأن يكتسب المعارف وأن يتعلم جيدا ويتجنب العزلة. وبالتالي لا بد على الشباب أيضا ان يتوجه إلى الدراسة وأن يثقف نفسه ولا ينعزل عن الواقع ويحاول التغيير بالإقناع وليس بالعنف.