رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب الأعمال)، أحد أركان رباعي الحوار التونسي الحائز على جائزة نوبل للسلام، تتحدث في حوار خصت به “مراسلون” عن أصعب اللحظات التي عاشتها خلال مسار الحوار الوطني الذي أخرج تونس من أزمة سياسية خانقة كادت تعصف بمسارها الانتقالي.

منية العرفاوي-تونس

كيف تلقيت الإعلان عن إسناد جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار في تونس؟

رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب الأعمال)، أحد أركان رباعي الحوار التونسي الحائز على جائزة نوبل للسلام، تتحدث في حوار خصت به “مراسلون” عن أصعب اللحظات التي عاشتها خلال مسار الحوار الوطني الذي أخرج تونس من أزمة سياسية خانقة كادت تعصف بمسارها الانتقالي.

منية العرفاوي-تونس

كيف تلقيت الإعلان عن إسناد جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار في تونس؟

عندما تلقيت الخبر شعرت باعتزاز بوطني وفخر بانتمائي إلى منظمة عريقة مثل منظمة اتحاد الصناعة والتجارة (منظمة أرباب الأعمال) كما شعرت بافتخاري كامرأة تونسية أمثّل ما يمكن أن تصل له المرأة في تونس. كل هذه المشاعر الجميلة راودتني وأنا أتلقى خبر تتويج الرباعي الراعي للحوار الوطني بجائزة نوبل للسلام.

لمن تهدي هذا التتويج التاريخي الذي حصدته تونس لأول مرة في تاريخها؟

قبل كل شيء هذا ليس تتويجي أنا فقط أو تتويج المنظمات الراعية للحوار بل هو تتويج لكل الشعب التونسي ولروح شهداء الوطن العزيز الذين ناضلوا من أجل الحرية والديمقراطية. هذا التتويج أهديه أيضا للشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وإلى شهداء المؤسسة الأمنية والعسكرية الذي سقطوا وهم يدافعون عن حرمة الوطن واستقرار الدولة والسلم الاجتماعي.. كما أهدي هذا التتويج إلى شهداء الثورة التونسية ولأرواحهم الطاهرة والزكية.. أهدي هذه الجائزة أيضا للمجتمع المدني التونسي ولكل مكوناته القوية.. وكامرأة أهديها للمرأة التونسية.. كما لا أنسى أن أهدي هذه الجائزة لروح والدي الهادي بوشماوي.

عند انطلاق الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين كان هناك كثير من التجاذب. هل شعرت في وقت ما بأن كل ما كان يفعله الرباعي هو مضيعة للوقت ولن يحقق أي نتيجة؟

الحوار بالنسبة لي كانت تجربة متميزة وفريدة من نوعها ولكن لا يمكن أن نخفي أن هذا الحوار كان مشحونا أحيانا بالتشنج باعتبار أنه كانت هناك خلافات كبيرة بين المتحاورين من أحزاب سياسية وشخصيات فاعلة ومؤثرة وكان هناك جدال وسجال وهو ما صعب مهمتنا حينها لتقريب وجهات النظر المتنافرة والمختلفة لكننا نجحنا في الأخير في تحقيق التوافق المنشود بما يخدم مصلحة البلاد.

ماهي أصعب اللحظات التي بقيت عالقة في ذهنك من الحوار الوطني؟

أصعب اللحظات وأكثرها إحباطا بالنسبة لي هو تعليق الحوار الوطني عندما لم يقع التوافق بين الأحزاب السياسية على اختيار الشخصية التوافقية التي ستتولى منصب رئيس الحكومة. الرأي العام في الخارج كان ينتظر ويضغط لتحقيق نتيجة ما وشخصيا كنت أشعر أن مصير البلاد بات معلقا فيما ستسفر عليه اجتماعات الحوار الوطني الماراثونية والمرهقة والصعبة. وليلة الإعلان المفترض عن هذه الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة أذكر أني شعرت بتوتر كبير وضيق شديد لأننا بقينا إلى ساعة متأخرة من الليل ونحن نفكر ماذا سنقول لهذا الشعب بعد أن عول علينا ومنحنا ثقته من دون أن نتوصل لنتيجة آنذاك. وكذلك من اللحظات الصعبة بالنسبة لي هو اتهامنا كمنظمة للأعراف بعدم الوطنية والتشكيك في نوايانا فيما يتعلق بالحوار الوطني.

بعد نجاحكم في الحوار الوطني، هل تشعرين بأنك غيّرت النظرة السلبية التي كان يحملها جزء من التونسيين لرجال الأعمال؟

طبعا لا يمكن أن أغير نظرة الجميع تجاه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، هذه المنظمة العريقة التي تأسست سنة 1947 وشارك مؤسسوها في معركة الاستقلال. الاتحاد كان ممثلا في المجلس التأسيسي بعد الاستقلال لذلك اعتقد أنه لا يمكن التشكيك في وطنتينا وبأننا في خدمة وطننا بصدق وبحسن نوايا. وحتى إبان أحداث الثورة لم يتخلّف الاتحاد عن لعب دوره في تزويد السوق وفي تأمين كل الخدمات التجارية والصناعية وذلك بفضلنا نحن كأصحاب المؤسسات وبفضل العمال الذين دعمونا أيضا.

طبعا هناك من لم يحترم القانون وهذا حصل في كل القطاعات والمجالات وبالنسبة لنا اليوم نحن نساند وندعم ونلتقي مع الشرفاء ممن قاموا بدور فعال في بناء هذا البلد.

بعد المجهودات المضنية التي بذلها الرباعي الراعي للحوار هل تشعرين أن البلاد تسير في الطريق الصحيح؟

طبعا نحن نسير في الاتجاه الصحيح لكن ما تزال هناك صعوبات وتهديدات كثيرة والآن المؤسسات المنتخبة والشرعية دورها كبير في المحافظة على إنجازات المسار الانتقالي ومواجهة تحديات المرحلة باقتدار وبثبات ووحدة.

هل أنت مع تحويل الحوار الوطني إلى مؤسسة مستقلة ودائمة بالتوازي مع المؤسسات الشرعية المنتخبة؟

لا أنا لست مع ذلك لأن الحوار الوطني أتى في مرحلة انتقالية هشة لم تكن فيها مؤسسات الدولة مستقرة لكن اليوم بوجود هياكل ومؤسسات منتخبة دستوريا ما علينا إلا احترام هذه الهياكل وتركها تقوم بعملها. قد نبدي رأينا لو طلب منا ذلك من طرف هذه المؤسسات الدستورية ولكن لن نسعى لتعويضها أو القفز على صلاحياتها.

هل يمكن أن تزيل هذه الجائزة التوتر الذي نشب في علاقتكم مع الاتحاد العام التونسي للشغل شريككم في الحوار بسبب عدم الاتفاق على الزيادة في جور القطاع الخاص؟

بيننا وبين اتحاد الشغل ليس هناك أي توتر ولكن هناك اختلاف في الرأي وفي وجهات النظر لأن كل منا يدافع عن مصالح منظوريه. ولكن نحن لم نرفض أو نغادر طاولة الحوار مع الاتحاد وستبقى دائما أيدينا مفتوحة لكل حوار مع منظمة الشغيلة. وربما هذه الجائزة قد تعجل بالاتفاق على بعض المسائل والوصول إلى حلول ترضي الطرفين.