أعادت محاولة اغتيال رضا شرف الأسبوع الماضي رغم نجاته إلى أذهان التونسيين ما عاشته تونس في عام 2013، حيث اغتيل السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين لم تتمكن العدالة إلى حد الآن من فك لغز اغتيالهما.

ورغم أن محاولة اغتيال عضو البرلمان رضا شرف الدين لم تمثل صدمة كبيرة للشارع التونسي إلا أن هاجس الخوف من أن تطل الاغتيالات برأسها من جديد عاد بقوة حيث يبدي التونسيون خوفا كبيرا من أن يبدد دم السياسيين أحلامهم بالاستقرار بعد نجاح الانتخابات التشريعية والرئاسية والانتقال إلى مرحلة المؤسسات القارة.

أعادت محاولة اغتيال رضا شرف الأسبوع الماضي رغم نجاته إلى أذهان التونسيين ما عاشته تونس في عام 2013، حيث اغتيل السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين لم تتمكن العدالة إلى حد الآن من فك لغز اغتيالهما.

ورغم أن محاولة اغتيال عضو البرلمان رضا شرف الدين لم تمثل صدمة كبيرة للشارع التونسي إلا أن هاجس الخوف من أن تطل الاغتيالات برأسها من جديد عاد بقوة حيث يبدي التونسيون خوفا كبيرا من أن يبدد دم السياسيين أحلامهم بالاستقرار بعد نجاح الانتخابات التشريعية والرئاسية والانتقال إلى مرحلة المؤسسات القارة.

وتعيش تونس هذه الأيام على وقع التهديدات بالاغتيال التي يتلقاها السياسيون والإعلاميون بين الفينة والأخرى مباشرة أو عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي التي تحقق وزارة الداخلية في حقيقة انتماءاتها.

وبالإضافة إلى محاولة اغتيال النائب بمجلس نواب الشعب ورئيس نادي النجم الرياضي الساحلي، أعلن كل من الإعلاميين معز بن غربية وسمير الوافي أنهما تلقيا تهديدات جدية بالتصفية مطالبين الحكومة بتوفير الحماية اللازمة لهما، فيما خير بن غربية الفرار إلى سويسرا محافظة على حياته وحياة عائلته.

يذهب المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في قراءته لمحاولة اغتيال النائب بمجلس نواب الشعب رضا شرف الدين إلى أن هذه الحادثة تدل على وجود طرف أو أطراف تستهدف ليس الاشخاص فقط ولكن بالأساس تعميق حالة الخوف والشكوك لدى عموم المواطنين ولكن بدرجة أساسية لدى النخب.

ويعتقد الجورشي وفق ما قاله لـ”مراسلون” أن هذه الأطراف التي لا تزال مجهولة تتمتع بنفوذ واسع يجعلها قادرة على التحرك في الوقت المناسب وهو ما يمكنها  من استهداف شخصيات عامة  ذات تأثير سلبى أو إيجابي  في صناعة السياسات في تونس.

ويرى هذا المحلل السياسي أن محاولة اغتيال رئيس أحد أكبر النوادي الرياضية في جهة الساحل رضا شرف الدين “تفتح نافذة على احتمال أنّ الأطراف التي خططت لهذه العملية ترغب من وراءها في خلق حالة من الفتنة وإثارة الشكوك التي من شأنها أن تهدد السلم الأهلي، خاصة أن وقوع هذه الحادثة في هذا التوقيت بالذات يخلط الأوراق ويجعل من الصعوبة فهم ما يحدث ويقلص من قدرة الدولة على رد فعل في الوقت المناسب وبالأساليب العملية الناجعة”، وفق تقديره.

وتبرز خطورة حادثة إطلاق أكثر من 30 رصاصة على سيارة نائب البرلمان وفق قراءة المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، أن الاطراف التي تقف وراء العملية تخطط لخلق حالات انفلات لا يمكن لأحد التنبؤ بنتائجها ولا السيطرة عليها.

من جهة أخرى أكد رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي الذي واجه حزبه حركة النهضة تهمة التستر على الاغتيالات السابقة أن “اليد التي قتلت وارتكبت جرائم ارهابية في السابق هي نفسها التي حاولت اغتيال رجل الأعمال والبرلماني رضا شرف الدين حينما كان في طريقه إلى مقر عمله وهي نفسها التي تواصل إرباك المجتمع التونسي”.

ويضيف الجبالي لـ”مراسلون” قائلا “هناك خيط ناظم واحد وعقل مدبر واحد وأخشى أن تكون هذه الجهة همها الوحيد هو إفشال التجربة الديمقراطية في تونس”.

وتنفق الدولة التونسية شهريا ما لا يقل عن 4 ملايين دولار من أجل توفير الحماية الأمنية للأشخاص المهددين بالاغتيال وعائلاتهم. وتختلف درجات الحماية الأمنية التي يتم توفيرها حسب درجة التهديدات المرصودة.

ويؤكد المحلل الأمني مازن الشريف أن محاولة اغتيال رضا شرف الدين كشفت عن وجه جديد للاغتيالات السياسية، مشيرا إلى أن الإرهاب مر في تونس إلى مرحلة الاٍرهاب “المافيوزي” وهو مرحلة أخرى ونوع آخر أكثر تعقيدا من الاٍرهاب وفق تصريحه لـ”مراسلون”.

ويفسر مازن الشريف الفرق بين الإرهاب العقائدي الذي يقوم على الفهم الخاطئ للعقيدة وتوصيف المستهدفين على أنهم طاغوت مثل الأمن والجيش والسياح ويكون من يقوم به بيدقا بيد المنظمات الإرهابية، وفق وصفه. أما ما يصفه بالإرهاب “المافيوزي” فيقوم به المختصون الحقيقيون الذين يمثلون قيادة الأنواع الأخرى من الاٍرهاب وهؤلاء لديهم صلة مباشرة بالمافيا والجريمة المنظمة والمخابرات، حسب تحليله.

وتنجر عن هذا الاندماج بين المافيا والارهاب وفق المحلل الأمني اغتيالات لا يمكن الكشف عن فاعليها لتعقيدها مثل اغتيال الرئيس الامريكي كينيدي أو اغتيال محمد بوضياف الرئيس الجزائري أو رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في لبنان.

بدوره يؤكد الخبير الأمني علي الزرمديني أن حادثة محاولة الاغتيال تهدف لبث الرعب ودفع البلاد نحو مزيد الفوضى، مضيفا أن “الإرهاب هدفه النخب من المجتمع”.

ويشير الزرمديني إلى أن القائم بمحاولة اغتيال شرف الدين “منتدب جديد غير متمرس في الرماية”، مضيفا أن آليات عمل الجماعات الإرهابية التي تقوم على أساس التنظيم بأسلوب عنقودي تتمثل في استهداف أشخاص لم يسبق لأجهزة الأمن أن وفرت لهم الحماية.

ولفت الخبير الأمني إلى أن “العقيدة الإرهابية تسعى لضرب الاستقرار ونشر الفوضى زيادة على بث الرعب في النفوس”.

وتواجه وزارة الداخلية طلبات متزايدة من سياسيين وشخصيات عامة وإعلاميين لتوفير الحماية لهم فيها تنتقد النقابات الأمنية الوزارة لما اعتبروه استنزافا لمجهود الأمن في حماية شخصيات تتوهم أنها مستهدفة بالقتل أو تبحث عن الإثارة الإعلامية من وراء هذه الادعاءات، داعين إلى التحري الجيد في صحة التهديدات من عدمها.

وحول هذا الموضوع قال كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري الحبيب الراشدي في تصريحات اعلامية إنّ العديد من الشخصيات السياسية والحزبية تتحيل وتدعي باطلا أنها مهددة بالاغتيال حتى تتمتع بالحراسة الأمنية. وأضاف أنّ الحماية الأمنية تتطلب رصد إمكانيات بشرية ولوجستية ومالية ضخمة وهو ما من شأنه أن يُشتّت على حدّ قوله مجهود المؤسسة الأمنية.