يقف الحاج حسن محمد رزق، وكيل مدرسة الابتدائية بقرية الترامسة، وأحد الرسامين والخطاطين المعروفين بموهبتهم وحسن ألوانهم، أمام أحد البيوت في نجع سعد بقرية الحميدات بمحافظة قنا، لتزيين الواجهة بنقوش الحج وتوثيق الرحلة من بداية الخروج من المنزل إلى العودة عقب أدائهم مناسك الحج، وذلك احتفالا بوصول أحد الحجاج من أراضي الحجاز.

يقف الحاج حسن محمد رزق، وكيل مدرسة الابتدائية بقرية الترامسة، وأحد الرسامين والخطاطين المعروفين بموهبتهم وحسن ألوانهم، أمام أحد البيوت في نجع سعد بقرية الحميدات بمحافظة قنا، لتزيين الواجهة بنقوش الحج وتوثيق الرحلة من بداية الخروج من المنزل إلى العودة عقب أدائهم مناسك الحج، وذلك احتفالا بوصول أحد الحجاج من أراضي الحجاز.

يقول رزق في البداية “لمراسلون” إنه تعلم الفن بالوراثة عن أبيه الذي كان يهوي الرسم والكتابة وتزين المنازل، وخرج للعمل معه عندما كان في الصف الثاني الإعدادي عام 1981. ثم بدأ بمساعدته لتنمية حبه للرسم، وفي عام 1995 قرر الالتحاق بمدرسة الخط العربي “الشهيد عبد المنعم رياض” بمدينة قنا حتى يتعلم فنون  الخط لأن الخطاط  يحتاج “إلى دراسة قواعد الخط وخاصة الفنية مثل مقاسات الحرف نفسه و طوله وسمكه وما ينزل عن السطر وما يستوي عليه والخ ثم بعد ذلك يأتي دور المرحلة العملية واكتساب الخبرات من حيث اختيار الأدوات من فراش وألوان بأنواعها وأماكن شرائهم وكيفية التعامل معها”.

وعن موسم الحج وفاعليته يشرح رزق وهو يمسك بالفرشاة قائلا “تبدأ أسرة الحاج أو الحاجة فور علمها بموعد مغادرته للمملكة  العربية السعودية فى الاستعداد لاستقبال الحاج لتبدأ عملية تنظيف البيت جيدا وطلاء الحوائط وتزيين واجهته برسوم تبين رحلته للأراضي المقدسة، وتلجأ العائلات مهما كان وضعها المادي إلى توفير كل ما يحتاج إليه الخطاطون من دهانات لرسم تلك الرسوم”.

ويضيف ” الخطاط يحتاج وقتا ليس بالقليل فى القيام بمهمته ويتقاضى نظير ذلك مبالغ تبدأ من 250 جنية مصري (نحو 32 دولار أمريكي)، لكنها تزيد خاصة فى ظل فرحة أسرة الحاج بعودته وأن هذه الأيام تكون بمثابة موسم لمهنة الخطاط”.

وعن أهم الرسومات التي ينقشها رزق على الحوائط يؤكد أن أهل الحاج لا يتدخلوا في اختيار الرسوم وهو من يقرر ماذا يرسم وبأي لون. وفى العادة تكون عبارة عن  “الكعبة المشرفة، الروضة الشريفة، صورة تخيلية للبراق، مقام سيدنا إبراهيم، الحجر الأسود، وسيلة المواصلات سواء طائرة أو باخرة وقديماً الجمل”، لكن تبقى الكعبة المشرفة هي العنصر الرئيسي لهذه الرسومات، ولم يقتصر الأمر على الأشكال فقط، بل أن هناك عدد من الجمل المشهورة التي لا يخلوا منها أى بيت عليه هذه الرسومات ومن أهم هذه الجمل قول الله تعالى  {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } سورة الحج27 والحديث الشريف : ( مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (1196) ومسلم (1391) وبعض الأقوال مثل ” من زار قبري وجبت له شفاعتي”.

ويري الخطاط رزق أن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انتشار هذا الفن فى الفترة السابقة ، هو صعوبة رحلة الحج من مصر إلى بلاد الحجاز، ومحاولة بتسجيل وقائعها لكي تكون دليلاً أمام الناس على اجتيازه لهذه الرحلة المقدسة والشاقة في نفس الوقت، والفخر بالحصول على لقب حاج، لاسيما وأنها بالنسبة للكثير من  أبناء الصعيد الرحلة الوحيدة إلى خارج البلاد. مضيفا أن لكل قرية فنانيها المعدودين الذين يجيدون رسم وتصوير هذه النقوش، ولكل منهم أسلوبه الخاص الذي يتفرد به عن غيره في هذا الفن فمنهم من كان يكثر كتابة بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية أو الأقوال المأثورة باستخدام  الخطوط المختلفة، ومنهم من يكثر استخدام الرسومات والمناظر على حساب الكلمات، على حد قول رزق.

يتحدث حسن رزق عن مستقبل مهنة الخطاط بوجه عام بنوع من الحزن والمرارة قائلاً “كان لرسام هذا الفن الجميل أهمية خاصة في صعيد مصر فكانوا يكرمونه ويغدقون عليه بالأموال من قبل الرجال والنساء على حد سواء، والتي لطالما أبدع أصحابها لإخراج لوحات ولافتات ومخطوطات خاصة فى موسم الحج والانتخابات البرلمانية قبل أن تحل التكنولوجيا محل الخطاط. كان كل فنان يبرع في إبراز موهبته من خلال الإبداع في كتابتها مستخدما أنواع الخطوط العربية المختلفة ومع انتشار اللوحات الإلكترونية بدأت هذه المهنة في الاضمحلال والاختفاء حيث حل الكمبيوتر والآلاف من الخطوط الجاهزة محل إبداعات الخطاط، بعد أن كان عملة نادرة وتتهافت الورش والمحال المتخصصة في كتابة اللافتات على استقطابه، كذلك تسبب ارتفاع مصاريف رحلة  الحج مؤخرا في حالة ركود للخطاطين”.