في 14 من أغسطس 2013، جمع المصور الشاب محمود أبو زيد، الشهير ب”شوكان” معدات التصوير للتوجه إلى ميدان رابعة العدوية حيث أعتصم عدد كبير من الرافضين لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، برفقة مصور فرنسي، ومحرر الـ”نيوزويك” لتغطية أحداث فض الاعتصام.

ودع عائلته و مضى رغم محاولات والديه إثناءه عن النزول ،قائلا “لازم أنزل شغلي” لم يعلم شوكان حينها أنها بداية رحلته مع الاحتجاز الغير قانوني داخل سجن طره.

في 14 من أغسطس 2013، جمع المصور الشاب محمود أبو زيد، الشهير ب”شوكان” معدات التصوير للتوجه إلى ميدان رابعة العدوية حيث أعتصم عدد كبير من الرافضين لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، برفقة مصور فرنسي، ومحرر الـ”نيوزويك” لتغطية أحداث فض الاعتصام.

ودع عائلته و مضى رغم محاولات والديه إثناءه عن النزول ،قائلا “لازم أنزل شغلي” لم يعلم شوكان حينها أنها بداية رحلته مع الاحتجاز الغير قانوني داخل سجن طره.

ألقت قوات الأمن القبض عليهم رغم إعلان شوكان أنهم صحفيين، وحرزت القوات الأمنية معداته.

ثلاثة أيام من البحث المتواصل لشقيق “محمود” دون مجيب، حتى جاءه اتصال هاتفي مجهول استنتج أنه قريب أحد المحتجزين يخبره عن تواجد أخيه بسجن أبو زعبل، وقال محمد الشقيق الأكبر لشوكان لم نستطع رؤيته لمنع الزيارة “عشان أكلوا علقة متينة فماكانوش عايزين الأهل يشوفوا ولادهم كده، فيعملوا مشاكل ” حسب وصفه.

مصور صحفي

“أنا شوكان، مصور صحفي حر، أعاقب بالسجن لأنني رغبت أن أقوم بعملي التوثيقي، ولأني مصور حر، فلا أحد سمع بما يحدث وحدث لي، وها هي ضريبة أنني أعمل كمصور (حر)، أدفع ثمنها من عمري، لكني واثق من الفرج، ومتفائل للمستقبل”

“مصور صحفي” شعار رفعه شوكان في رسائله منذ إلقاء القبض عليه وسجنه، وبالرغم من ذلك وجهت له النيابة تهم: الانتماء لجماعة محظورة، القتل، تعطيل العمل بالدستور، تكدير السلم العام.

شوكان شاب عشريني تخرج في أكاديمية أخبار اليوم، بدأ احترافه التصوير الصحفي منذ التحاقه بها، بدأّ بالتدريب في جريدة الأهرام المسائي بالإسكندرية وهو مازال طالبًا، مرورًا بمشروع التخرج، إذ كان الوحيد بين رفاقه الذي اختار فكرته عن التصوير وعمل مع عدد من الصحف الأجنبية ومنها وكالة “ديموتكس” التي أرسلت خطابا للسلطات المصرية تؤكد فيه أن شوكان كان يغطي الأحداث لصالح الوكالة وليس مشاركًا فيها، إلا أن السلطات المصرية أصرت على تجاهل هذه الحقيقة وقررت حبسه لأكثر من عامين حتى تجاوز الفترة القانونية المحددة للحبس الاحتياطي بنص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية.

عامان وأكثر

يؤمن شوكان أن ما يقوم به فن، لذلك ظل يصور بالكاميرات القديمة “الفيلم” بجانب الكاميرا الرقمية، يقول شقيقه :”حتى لحظة القبض عليه كان معه كاميرتين إحداهما فيلم لأنه لم يكن يعترف بالحديثة، كان بيقول أي حد ممكن يدوس على الزرار ويصور”.

“لم يكن يحمل بيده إلا “الكاميرا” وليس بندقية أو مدفع، كما أنه ليس لديه أي انتماءات سياسة فهو فقط مصور صحفي كان يقوم بعمله” قال والد شوكان، وأستنكر حبس ابنه عامين بسبب قيامه بعمله الصحفي واصفاً ما يتعرض له بالظلم فهو ليس مجرماً ولا إرهابياً

وأضاف: “شوكان مريض بفيروس سي، وأنيميا حادة، ويعاني الآن من انخفاض معدل السكر في دمه، ولا يلقي أي عناية طبية في محبسه”

***

في سبتمبر 2013, أمر النائب العام بتجديد حبس صحفيين آخرين ومن بينهم شوكان وأستمر التجديد لشوكان تلقائيا ودون محاكمة لمدة عامين وأكثر في القضية المعروفة إعلامياً باسم “أحداث فض اعتصام رابعة”, والتي تحمل رقم 15899 لسنة 2013 إداري أول مدينة نصر، حتى أحالته محكمة جنايات القاهرة للمحاكمة بتاريخ 12 ديسمبر القادم.

المحامي في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وأحد أعضاء فريق الدفاع عن شوكان، كريم عبدالراضي قال: “إن قضية شوكان شملت جميع الانتهاكات التي حدثت في باقي قضايا الصحفيين المعتقلين والمخلى سبيلهم في مصر، وذلك منذ القبض عليه في 14 أغسطس 2013، وحتى اليوم، بدءاً من الاعتداء عليه ومنعه من التغطية واحتجازه في مكان غير قانوني، وصولاً إلى حبسه عامين كاملين احتياطياً، ما يعني وجوب الإفراج عنه بحكم القانون، وعدم توفر شروط محاكمة عادلة له، ومنع محاميه من تصوير أوراق القضية، أو الاطلاع عليها، أو حتى حضورهم معه في بعض التحقيقات، فضلاً عن عدم إعلامهم بمواعيد المحاكمات أو تغييرها بدون سابق إنذار”.

وأضاف عبد الراضي: “على الرغم من تقديم محامي هيئة الدفاع، كافة الأوراق التي تثبت عمل شوكان صحافياً أثناء عملية الفض، إلا أن النظام الحالي وضع قوانين تبيح له حبس الصحافيين عبر اتهامات جنائية ملفقة، لا علاقة لها بقضايا النشر”.

وأكد عبدالراضي، أن هيئة الدفاع تقدمت بمذكرة لمحكمة استئناف القاهرة للإفراج عن موكلهم خاصة أن شوكان قضي مدة الحبس الاحتياطي المقدرة بسنتين وفقاً للقانون، وإخلاء سبيله أصبح وجوبيا حتى إن تمت إحالة القضية، مؤكداً أن “الشبكة” تقدمت ببلاغ للنائب العام، وذلك لمطالبة النيابة العامة بوصفها سلطة إدارية بتنفيذ القانون وإخلاء سبيله.

وأضاف كريم أن بلاغ الشبكة خاطب النيابة العامة بوصفها شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية وهو ما يوجب عليها تنفيذ القانون مؤكداً إنه في حالة امتناع النائب العام عن تنفيذ مطلبهم سوف يتبع محامو الشبكة كافة السبل القانونية في مواجهة النيابة بوصفها سلطة تنفيذية امتنعت عن تطبيق القانون.

كريم ختم حديثه قائلا: :”على أن إحالة شوكان للمحاكمة لن تغير من موقفه القانوني شيء ويتوجب على القاضي أن يخلى سبيله أثناء نظر القضية يوم 12 ديسمبر المقبل”

وصية

أوصى المصور الصحفي محمود أبو زيد شوكان، زملاءه المصورين، بالاستمرار في التصوير من أجله مهما كلفهم الأمر، وأضاف شوكان في رسالة  صحفية كتبها في اليوم الـ700 لاعتقاله: “أنا محمود أبو زيد، شوكان، وها أنا اليوم أكمل ٧٠٠ يوم في مقابر طره، أعيش هنا.. وأعتقد أن هنا سيكون مثواي الأخير. أريد أن أبشركم أني بدأت أعتاد على جسدي الجديد.. النحيل.. والشاحب.. وبدأت أعتاد المرض.. ألفته كما ألفني وأحاول التأقلم معه، أضيع كثيراً ما إذا كان ما أشعر به من آلام ناتجة عن الفيروس اللعين، وأضحك كثيراً عندما أبدأ فقرة التخمينات.

هل تعرفون ما يؤلم أكثر من الأربعة جدران والمرض؟ إنها الأحلام، أحلامي أثناء نومي بلا ألوان سوي الأبيض الذي أصبحت أمقته، وبلا أشخاص سوي زملاء عنبر ١٦- د طره استقبال وسجانيه، وبلا أي إثارة ومغامرة سوي الأجزاء المتعلقة باشتداد المرض علي والموت، تخلل القهر وقلة الحيلة إلي أحلامي يقتلني ، ما أريد قوله أن أحلامي هنا متعلقة بحاضري الذي أعيشه فقط.. بلا ماض.. وبلا مستقبل.. نعم أحلامي بلا مستقبل. إلي نقيب الصحفيين السيد يحي قلاش هل لك أن تنتشل ما تبقي من روحي من هذه المقبرة ؟ إلي الصحفيين المصريين هل لكم أن تنقذوني ؟ وأخيراً إلي الرفيق أحمد جمال زيادة، وإلي المصورين الصحفيين ، لكم مني رسالة آخري ، تمسكوا بحلمي، حاربوا لآجل الصورة، نحن من نصنع التاريخ لا المؤرخون، فالتصوير كما قيل عنه هو ” إيقاف لحظة من الزمن لتبقى إلي الأبد”. ولا تتركوا الكاميرا أرجوكم مهما كلفكم الأمر صوروا لأجلي تحياتي محمود أبو زيد.. شوكان