عُرف حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، بدوره القيادي والحاسم في الحوار الوطني، كما أنه قاد المنظمة العمالية الأعرق والأقوى في البلاد خلال فترة الانتقال الديمقراطي.

يتحدث العباسي عن العلاقة المتشنجة مع اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال والأعراف) وعن الوضع الاجتماعي وسبل الخروج من  الاحتقان القائم. وفي ما يلي نص الحوار:

عُرف حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، بدوره القيادي والحاسم في الحوار الوطني، كما أنه قاد المنظمة العمالية الأعرق والأقوى في البلاد خلال فترة الانتقال الديمقراطي.

يتحدث العباسي عن العلاقة المتشنجة مع اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال والأعراف) وعن الوضع الاجتماعي وسبل الخروج من  الاحتقان القائم. وفي ما يلي نص الحوار:

مراسلون: تتحدثون دائما عن أطراف تهاجم الاتحاد العام التونسي للشغل لكنكم لا تحدد هوية هذه الأطراف، هل يخوض الاتحاد حربا باردة مع عدة خصوم خاصة إثر نجاح الحوار الوطني؟

العباسي: نقول أن “أطرافا” تهاجم الاتحاد نظرا لكثرتها، وأما هويتها فإنها تلك التي لها مصلحة في إضعافنا ونقول لهم أن المنظمة الشغيلة عصية عليهم ولا يمكن ترويضها أو تدجينها أو اضعافها بأي شكل من الأشكال. ليس لدينا حرب مع أي كان، نحن ننكب على مهمتين اساسيتين  وهما دورنا الوطني ودورنا الاجتماعي وليس هناك ما يثنينا عن القيام بذلك. لا اريد أن ندخل في لعبة التجاذبات والتصريحات لأنه ليس من مصلحة البلاد الدخول في هذه التجاذبات فالبلاد في وضع يفرض أن يقوم كل طرف بالمراجعات ويبحث عن حلول لكل المشاكل التي تواجه البلاد وفي مقدمتها الارهاب والتنمية والبطالة وغيرها، وسيعرفون حتما أن الاتحاد يقوم بدوره الوطني وخلال الفترة المقبلة حتى ينقذ اقتصاد البلاد ويعيد لها اشعاعها.

س: كيف تقيم التعاطي مع حكومة تولدت عن أحزاب ليبيرالية خاصة في فترة المفاوضات الاجتماعية التي توجت في ما بعد بالنجاح؟

ج: ما يهمنا هو المخطط الذي ستعتمده تونس في المرحلة القادمة والذي ستقدمه الحكومة ولن يكون نتاجا لرؤية الاحزاب الاربعة الحاكمة، كل الاحزاب ستساهم في مداولات هذا المشروع بالإضافة إلى المنظمات المهنية التي ستقدم رؤيتها. ونأمل أن نتوافق على منوال اقتصادي يراعي تحقيق نجاح اقتصادي كما يراعي الاوضاع الاجتماعية، وبالنسبة إلينا مهما اختلفت الحكومات لكل مصالحه التي يدافع عنها لكن يجب أن يكون التوافق هو الحاسم.

س: حرب تصريحات اتقدت منذ مدة بينكم وبين منظمة الاعراف حول ملف الزيادة في القطاع الخاص ما الحل؟

ج: بعثت بنداء لتغليب صوت العقل والجلوس على طاولة الحوار ولكن على أن يكون جادا مسؤولا وبأهداف جادة لا لمضيعة الوقت. ونحن نريد حوار تتحمل أطرافه المسؤولية وتسعى لإيجاد الحلول للمشاكل القائمة بيننا وبين اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، فلنبن على الايجابي بدل أن نتجاذب حول التصريحات، ولكنني لا أنفك أردد أنه إذا تعطلت لغة الحوار فلكل حادث حديث آنذاك، لكن قبل ذلك لا بد أن يدلي كل بدلوه ويوضح الضرر الحاصل ومن الطرف المسؤول عن التوترات الحاصلة أيضا.

س: إذا لم تستجب منظمة الاعراف لمطالبكم في اطار التفاوض حول الزيادة عن الاجور ستلجؤون للإضراب العام والتصعيد؟

ج: لا نريد أن نستبق الاحداث، بل نريد تغليب العقل والحوار والتفكير معا لإيجاد طريق. البلاد ليست في حاجة للتوتر، فلنتحاور بجدية ومسؤولية ككل جولات التفاوض تتشنج الأعصاب ونحن لسنا في صف التصعيد وانما في صف الحوار، أما إذا لم ينجح الحوار فلكل وسائل الضغط التي دأب على اعتمادها للوصول إلى مطالبه.

س: يتواتر الحديث عن هدنة اجتماعية فما هو موقف المنظمة الشغيلة؟

ج: (يتشنج ويحتج على استعمال عبارة “هدنة”) الحديث عن هدنة يحيل لوجود حرب والاتحاد لا يخوض حربا. ونحن نتحدث عن استقرار و سلم اجتماعيين ومناخ سياسي سليم. وكما ذكرنا في الاتفاق مع الحكومة هناك ظروف يجب أن تكون متوفرة حتى ينصرف كل طرف للعمل بأريحية مطمئنا على حقوقه ويضع أهدافه التي يعمل على تحقيقها.

لا حديث عن هدنة وحتى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لم يذكرا لفظ “هدنة” فهو مصطلح حربي وانما استقرار حتى نركز على القضايا ذات الأهمية.

س: هل يخشى الاتحاد أن التزامه بالهدنة قد يقيد تحركاته في الفترة المقبلة لذا يتحدث عن الاستقرار؟

ج: ليس هذا، وانما الاتحاد انتهى من مطالبه الاجتماعية وسيركز خلال الفترة المقبلة على القضايا الوطنية. التزمنا من جانبنا بأن لا تتم المطالبة بالزيادة خلال سنتي 2015- 2016 الاستقرار أملته الظروف من ناحية للحث على العمل والجدية والمثابرة وفي نفس الوقت للاهتمام بالقضايا الوطنية الكبرى.  وسيتجلى دور الاتحاد الوطني في الفترة القادمة واثر سنة 2016 لن أكون على رأس الاتحاد وانما ستكون هناك قيادة جديدة لا نريد أن نكبلها وهي التي ستحدد طريقة عملها.

س: هل احترمت جميع الاطراف بنود العقد الاجتماعي، وهل هناك تقدم في تنفيذ هذه البنود؟

ج: يتضمن العقد خمس محاور وشكلنا خمس لجان للعمل عليها وسجلت اللجنة التي تعمل على مأسسة الحوار الاجتماعي تقدما هاما بتوافق الاطراف الاجتماعية، حيث قدمت مشروع قانون يتعلق بمأسسة الحوار الاجتماعي وتم عرضه على رئاسة الحكومة قبلت به وهو اليوم أمام أنظار مجلس نواب الشعب والذي نطلب منه التسريع في المصادقة عليه نظرا لأهميته واحتواءه على معالجة المشاكل وتحديد للمسؤوليات.

سنضاهي الدول المتقدمة في آليات معالجتها للمشاكل الاجتماعية، اتفقنا على أن لا نطالب خلال 2016 بزيادة في الاجور وسنتفرغ لمعالجة المحاور الكبيرة التي تضمنها العقد الاجتماعي (بلغنا الذكرى الخامسة لثورة 14 جانفي 2011 والمحاور لا زالت تبارح مكانها).

لابد من اعادة قيمة العمل لأن بلدا لا يعمل اقتصاده لا يتقدم، واذا لم نكن في مستوى التحدي وهو تحقيق نسبة نمو  1.5 في نهاية السنة 2016 وهو ما سيمثل مؤشرا جيدا للمستثمرين التونسيين المنكمشين والمتخوفين من الاستثمار، هذا هو دورنا الوطني الذي سنضطلع به مستقبلا.

اذا ما توافقت كل الاطراف حول المشاكل والتزمت بما اتفقت حوله ان كان ذلك هدنة أو استقرارا أو ما شئتم من التسميات فالاهم هو توفر الأمن الاجتماعي وطالما توفر يمكن معالجة التحديات الامنية والاقتصادية.

س: تنبأ مراقبون بهزة سياسية قد تطيح بحكومة الحبيب الصيد وراهن بعضهم على الاحتقان الاجتماعي والاضرابات كعامل من عوامل هذه الهزة، ما رأيك؟

ج: ندعو الله أن يقي بلدنا الهزات، العاقل هو الذي يستبق ويستشرف الهزات والمخاطر فيقوم بمعالجتها قبل بلوغها، بالتوافق والمفاوضات الاجتماعية. الاتفاق الحاصل حول المفاوضات الاجتماعية يعطي الفرصة للعامل كي ينصرف إلى العمل والانتاج مطمئنا، وللحكومة بأن تقوم بمشاركة الاطراف المتداخلة بالعمل على القضايا الكبرى، هذا الاتفاق يساعد على الاستقرار وحبذا لو يتم التوافق بشأن القطاع الخاص حتى يكون هناك استقرار في الجهتين.

س: في أزمة نقابات التعليم ووزير التربية صعدت النقابات ووجهت تصريحات نارية مثلت محل انتقاد الكثيرين الذين وصفوه بصراع “كسر عظام بين الطرفين”، هل تدخلتم للتخفيف من حدة هذا الصراع؟  

ج: المطلوب هو ايجاد حل للإشكاليات القائمة حتى لا تنكسر العظام التي يتحدثون عنها، هناك جملة من الحقوق النقابة لها رؤيتها والحكومة لها رؤية أخرى ونحن بصدد البحث وسنتوصل قريبا لإنهاء هذا الاشكال.

ووزير التربية نفسه طالما يردد أن وضعية المربين تحتاج اعادة النظر وقد توصل إلى جملة من التوافقات مع النقابة وهو يريد قطعا انهاء المشكل في اقرب الآجال. أما بالنسبة للتصريحات التي يؤججها الاعلام،  الوزير يصرح فيرتكب اخطاء ونحن أيضا وهو ما يخلق تشنجات.

س: تنتهي مهامكم على رأس الاتحاد بنهاية العام المقبل، كيف ترون المنظمة الشغيلة اثر مؤتمرها القادم؟  

ج: القانون الاساسي للاتحاد العام التونسي للشغل لا يسمح إلا بدورتين فقط، ولا أظن أن هناك من تقلد مسؤولية قيادة الاتحاد لمدة دورتين ولايزال قادرا على الاضافة للاتحاد. وبالنسبة لي أغادر بنهاية العام 2016 وآمل أن اكون قد حققت جزءا من طموحات عمالنا وشغالينا. وأعتقد أن  الاتحاد يزخر بالكفاءات النسائية والرجالية وآمل أن تقود امرأة الاتحاد في الدورة المقبلة وآمل أن يواصل من سيحمل عنا المشعل ما قمنا به نحن كما راكمنا نحن ما قام به من سبقونا.