أعادت جريمة قتل وقعت في شهر آب/أغسطس الماضي في مدينة حمام سوسة الساحلية (جنوب) قضية المثليين الجنسيين إلى الواجهة بعدما ألقت الشرطة القبض على مشتبه به من نوع “خاص”.

فقد عثرت الشرطة عند التحقيق على رسائل عاطفية على الهاتف الخلوي للمجني عليه، فكشفت وجود علاقة مثلية تربطه بطالب جامعي من نفس الولاية وجعلت من هذا الطالب المشتبه الأوّل في الجريمة.

أعادت جريمة قتل وقعت في شهر آب/أغسطس الماضي في مدينة حمام سوسة الساحلية (جنوب) قضية المثليين الجنسيين إلى الواجهة بعدما ألقت الشرطة القبض على مشتبه به من نوع “خاص”.

فقد عثرت الشرطة عند التحقيق على رسائل عاطفية على الهاتف الخلوي للمجني عليه، فكشفت وجود علاقة مثلية تربطه بطالب جامعي من نفس الولاية وجعلت من هذا الطالب المشتبه الأوّل في الجريمة.

وكانت السلطات الأمنية قد اوقفت المشتبه الرئيسي في جريمة القتل على وجه السرعة  وأبقته على ذمة التحقيق ستة أيام في مركز الإيقاف بوشوشة في العاصمة ثمّ اقتيد بعد ذلك لإخضاعه “لاختبار شرجي” دون موافقته.

تحت وقع الصدمة والخوف استسلم الطالب مروان (اسم مستعار بعد أن رفضت محاميته الكشف عن اسمه الحقيقي) لإجراء الاختبار الشرجي واعترف بأنه مثلي وأن علاقة مثلية كانت تربطه بالمجني عليه.

الاعتراف كان مقدّمة لتفجير قضية رأي عام وإعادة ملف المثليين الجنسيين للواجهة خاصة بعد إخضاع الطالب عنوة إلى الفحص الشرجي وإحالته على مقتضيات الفصل من 230 من قانون العقوبات والحكم عليه بسنة سجن من أجل ممارسة المثلية.

“لا أفهم لماذا حكم عليّ بسنة سجن أو لماذا تم احتجازي في البداية دون السماح لي بالاتصال بمحاميتي.. أنا أريد مغادرة السجن ومتابعتي حياتي” هكذا نقلت محاميته فدوى براهم تصريحات مروان.

عقب ذلك تفجر جدل كبير في داخل الأوساط الحقوقية حيث عبرت الكثير من الجمعيات والشخصيات العامة، بينها الرئيس السابق المنصف المرزوقي عن رفضها لعرض شخص دون إرادته على فحص شرجي لإثبات ميوله المثلية.

في حديث لـ”مراسلون”  يقول الهادي الساحلي نائب رئيس جمعية “شمس” التي تدافع عن حقوق وحريات المثليين الجنسيين إن ما تعرّض له مروان هو “عملية تعذيب مكتملة الأركان”.

وكانت محامية مروان كشفت بأن موكلها وقع إرغامه على الخضوع لفحص شرجي على مرأى ومسمع من أعوان الأمن وأن الطبيب الشرعي لم يلتزم بالخصوصية وبعدم كشف السرّ المهني.

ويضيف الهادي الساحلي الذي اطلع على ملف القضية إن “أعوان الأمن عمدوا إلى تجريد مروان من ملابسه وفحصه الطبيب أمام أعوان الأمن الذين كالوا له الشتائم وأهانوه وعنّفوه لفظيا”.

لكن الناطق الرسمي لوزارة الداخلية وليد اللوقيني وفي تصريح لـ”مراسلون” نفى أي تجاوز من وزارة الداخلية مؤكّدا على أن كل الإجراءات المتبعة من إيقاف وإحالة على القضاء كانت في إطار القانون حيث تمت إحالة المتهم على أنظار المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر الماضي.

وبالنسبة لإجبار مروان على الفحص الشرجي أمام الجميع قال “هذا غير صحيح وفي محضر الاستماع لأقواله وافق على إجراء هذا الفحص وقد خضع لهذا الفحص بعد إذن من النيابة العمومية التي قامت بتسخير طبيب شرعي لذلك وكل هذه الإجراءات لا علاقة لوزارة الداخلية بها بل وزارة العدل والقضاء”.

لكن وزير العدل محمّد صالح بن عيسى في تصريح إذاعي مفاجئ طالب بإلغاء الفصل 230 من المجلة الذي يعاقب على المثلية الجنسية معتبرا إياه “لا يتلاءم مع الدستور الجديد لأنه لا يحترم الحريات الخاصّة”.

ويذكر أن حكومة الترويكا رفضت في جزيران/يونيو 2012 توصيات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإلغاء العقوبات التي يفرضها القانون التونسي على جريمتي الثلب والعلاقات الجنسية المثلية.

أما في البرلمان التونسي الحالي فقد خيّرت لجنة الحقوق والحريات الصمت إزاء قضية الشاب مروان وملف المثليين في تونس واكتفى نائب رئيس اللجنة نوفل الجمالي بالقول “نحن في اللجنة ننظر ونناقش في مشاريع القوانين ولا ننظر في القضايا والحوادث الاجتماعية”.

وبعد تفجر قضية مروان أعادت جمعية “شمس” المدافعة عن حقوق المثليين تركزيها لشن حملة تطالب من خلالها بإلغاء ما تسميه بفحوص العار وهي الفحوصات التي يقوم بها الطبيب الشرعي بتسخير من القضاء على شرج المتهم بالمثلية الجنسية للتأكّد من حقيقة التهم الموجهة له.   

وتشن الجمعية منذ فترة حملة شعواء لإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية الذي يجرم المثلية الجنسية أو اللواط بعقوبة تصل إلى 3 سنوات سجنا. وتعتبر الجمعية هذا الفصل غير دستوري.

وينص الدستور التونسي في فصله 23 على أن الدولة تحمي كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المعنوي والمادي، فيما ينصص الفصل 24 على أن الدولة حامية للحياة الخاصة.

ويقول الهادي الساحلي نائب رئيس جمعية “شمس” إن معطيات دقيقة تملكها الجمعية تبرز أن نحو 5%   من التونسيين هم مثليون ولكنهم يضطرون لإخفاء الأمر لتفادي التتبع القضائي.

لكنه يضيف “رغم التخفي فانه يحكم سنويا على أكثر من سبعة أشخاص من أجل المثلية بأكثر من سنة سجن ويتم إخضاعهم للفحوص الشرجية وإهانتهم من قبل الشرطة ونبذهم في السجن إضافة إلى المعاملة السيئة التي يلاقونها خارج السجن”.

وعلى عكس المساندة الحقوقية والحزبية من طرف بعض الأحزاب العلمانية تهاجم بعض الأحزاب والمنظمات الإسلامية المثلية الجنسية حتى بلغ الأمر بعادل العلمي رئيس حزب “الزيتونة” الإسلامي إلى الدعوة الصريحة إلى قتلهم واعتبر أن حصول جمعية تدافع عن حقوقهم من “علامات الساعة”.

في المقابل بدت مواقف حزب حركة النهضة الحزب الإسلامي المشارك في الائتلاف الحكومي أكثر تسامحا ومرونة حيث صرّح زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في وقت سابق لموقع “مراسلون” بأنه ولئن كان يرفض المثلية الجنسية لكنه يرفض أيضا تجريمها.

كما أكد في حوار سابق لـ”مراسلون” بأن “لكل شخص لديه ميول يجب احترامها ولا يمكن أبدا التجسس على الناس في بيوتهم وأن كل شخص مسؤول أمام ربه كما لا يجب على القانون تتبع الناس في حياتهم اليومية العادية والخاصة”.