خلال 195 يوما من الدراسة تبدأ نهاية سبتمبر/أيلول وتستمر حتى يونيو/حزيران 2016 سيكون أكثر من 22 مليون طالبا داخل فصول دراسية تنتمي إلى مدارس حكومية وخاصة.

يدخل منظومة التعليم لأول مرة، مجوعة من الطلاب الصغار، لكن سن الدخول يختلف من مدرسة لأخرى، فبينما تبدأ المدارس الحكومية قبول الطلاب من المرحلة الإبتدائية، منذ سن الست سنوات، تستقبل المدارس الخاصة الطلاب في سن مبكر عن ذلك ليدخلوا مرحلة رياض الأطفال، كما قامت بعض المدارس بإستحداث مرحلة جديدة تسبق المرحلة الأخيرة، ليكون دخولها شرطاً لقبول الطالب فيما بعد.

خلال 195 يوما من الدراسة تبدأ نهاية سبتمبر/أيلول وتستمر حتى يونيو/حزيران 2016 سيكون أكثر من 22 مليون طالبا داخل فصول دراسية تنتمي إلى مدارس حكومية وخاصة.

يدخل منظومة التعليم لأول مرة، مجوعة من الطلاب الصغار، لكن سن الدخول يختلف من مدرسة لأخرى، فبينما تبدأ المدارس الحكومية قبول الطلاب من المرحلة الإبتدائية، منذ سن الست سنوات، تستقبل المدارس الخاصة الطلاب في سن مبكر عن ذلك ليدخلوا مرحلة رياض الأطفال، كما قامت بعض المدارس بإستحداث مرحلة جديدة تسبق المرحلة الأخيرة، ليكون دخولها شرطاً لقبول الطالب فيما بعد.

وتقسم الحكومية منها إلى فئتين (حكومية، وحكومية لغات)، وكذلك الحال مع المدراس الخاصة حيث يدرس إحداها بلغة عربية، والثانية باللغات الأجنبية. 

مدرسة مناسبة

يوضح هيثم خيري حكاية تعليم ابنته التي بدأت قبل عام لكنها لم تتوقف. فرغم أن عمر ابنته “لميس” الآن ست سنوات إلا أن الأسرة ما زالت في صدد البحث عن مدرسة.

ولا يزال خيري يحاول أن يلحقها بالصف الثاني رياض أطفال بمدرسة قريبة من منزله. حينما كانت لميس في سن الخامسة، وكان هذا السن المحدد للتقدم من جانب مدرسة “النيل”، التابعة لمجلس تطوير التعليم برئاسة الوزراء، وتقدّم لطلابها مناهج دولية، بما يجعلها بمستوى المدراس ذات المناهج الدولية دون أن تتطلب مصروفات مالية مرتفعة، لكن لميس لم تُقبلْ.

البديل الحكومي للحكومة!

في العام 2004 بدأت الدولة تجربة لتطوير التعليم حينما أسس مجلس تطوير التعليم، حيث كان التعليم الحكومي يعاني من تراجع كبير ومحدودية إنفاق الدولة عليه بينما لا تلزم الدولة المدارس الخاصة إلا بمواصفات معمارية للأبنية أو تدريس المناهج الرسمية لوزارة التربية والتعليم، أو الحصول على موافقة رسمية إذا كانت المدرسة ستدّرس مناهج أخرى، مع إلزامها بترسيخ القيم الروحية والتربوية والأخلاقية، والولاء للوطن والمواطنة.

خلال أكثر من عشر سنوات، قدّم مجلس تطوير التعليم تجربة مدارس شهادة النيل الدولية، التي تعد جزء من سياسات حكومة أحمد نظيف، التي ثار عليها المصريون في العام 2011، لأنها لا تقدم حلولا وإنما تتجه لصناعة مسار آخر بديل دون إصلاح التعليم الحكومي المُنهار بالفعل. المسار الحكومي البديل كان تابعاً لمجلس الوزراء، وليس لوزارة التعليم، كما أن مناهجه الدراسية وضعتْ بالتعاون مع جامعة كامبرديج البريطانية. كما سمح قرار التأسيس لهذا الكيان الجديد بتلقى المنح والأموال من الخارج، حيث تلقى من ألمانيا وحدها أموالا وصلت إلى 20 مليون يورو.  

رحلة يومية

داخل مدرسة “النيل” وضعت الطفلة، ابنة الخمس سنوات وقتها، في اختبار لمهاراتها، حيث سُئلت عن الأشكال، الألوان، وأسماء الأشياء بالعربية والإنجليزية.

كان تصور أسرتها عن التربية بأن الأطفال في سنوات عمرهم الأولى لا يجب أن يتحملوا أعباءً تعليمية قبل ذهابهم للمدرسة، حيث يقول هيثم:”كان يهمّنا أن تلعب. أن تكون سعيدة وحسب في هذه السن الصغيرة”، لهذا قدّم أوراقها لمدرسة خاصة لغات، و قبلتْ بها، رغم بعدها نسبياً عن سكنهم بمدينة الشيخ زايد حيث تقع المدرسة بالسادس من أكتوبر، أي أن لميس كانت تقطع مسافة تزيد عن ثمانية كيلومترات لمرتين يوميا.

صناعة المواطن الصغير

من أجل الوصول لتصوّر خاص بسياسات التعليم في مصر يمكن تأمّل الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي في الفترة من العام 2014 حتى العام 2030. تعتبر الخطة دليلا للمدرس، وقبله للمسئولين عن العملية التعليمية، يرشدهم للسبيل الأمثل لتعليم الدولة مواطنيها الصغار، لهذا نحن أمام كتاب كامل من الخطوط العريضة، تضم الخطة أدلة تشرح الإطار النظري للقيم والأخلاق، عبر كلمة لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، لا تتخلف كثيرا عما كتبه القس بولس حليم كاهن كنيسة ماري جرجس بالقللي، والمتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حول القيم الأخلاقية المشتركة في الشرائع السماوية، وإن كان القس يضع جدول مقارنة ليؤكد على هذا التقارب، عبر ثلاث خانات :”في القرآن الكريم”، ثم “في الكتاب المقدس”، وأخيراً “في الأسس الأخلاقية العالمية”، ليكون واضحا أن الشرائع تتلاقى داخل الجدول ومنظومة التعليم المصري كذلك.

كما تضم الخطة بنودا عاجلة، من أجل حل مشكلات قائمة بالمدارس المصرية، مثل تأسيس ألف مدرسة ببعض القرى المصرية الفقيرة، و خفض متوسط عدد الطلاب بالفصل الواحد من 40 إلى 30 طالبا، مع مراعاة وجود كثافات عالية قد تصل إلى 120 تلميذ في بعض المحافظات الكبرى مثل الجيزة، وذلك خلال العاميين الحالي والتالي له. وهناك تصور حول تحوّل المدارس لمشروعات صناعية، حيث تهدف الخطة إلى تأسيس ستة مصانع لتدوير الأخشاب والأوراق، وستة أخرى لإنتاج الطاقة الشمسية واللمبات الموفرة للطاقة كذلك، إلى جانب اثنين من مصانع الإليكترونيات، ونشر حوالي 60 محطة للطاقة الشمسية فوق أسطح الأبنية التعليمية، على أن يصل عدد هذه المحطات إلى 1200 مع نهاية العام الدراسي 2016- 2017.

تقع هذه الخطة في كتاب تزيد صفحاته عن 188 صفحة، ويعد نتاج لمجهودات عدد من الشخصيات العامة والأكاديميين، منهم أساتذة علم نفس تربوي وتربية، وخبراء تخطيط، ونقيب نقابة المعلمين المستقلة، إلى جانب عدد من الخبراء الدوليين العامليين باليونسكو، إلا أن هذه الخطة تبدو كخيال طموح لا ينتمي لواقع الحياة داخل المدارس المصرية.

رحلة جديدة

لم يرق لهيثم أسلوب التعليم، وتقديم المُدرِّسات لأفكار وتوجيهات معبرة عن التدين لطفلته، وحينما قرر نقل لميس لمدرسة حكومية لغات قريبة من منزله مع العام الدراسي الجديد وجد نفسه داخل متاهة بيروقراطية، حيث طلبت منه عدة وثائق، والتأكد أن المدرسة بعيدة عن مسكنه، وإقرار بأن الأسرة لا تستطيع تحمل الأعباء المالية للتعليم الخاص، وبعد أكثر من شهر ونصف داخل هذا المسار البيروقراطي صار للميس مكانا في مدرسة بزايد، لكنها مدرسة مسائية أي تكون بداية اليوم الدراسي عند الثانية عشر ظهرا وتستمر حتى الخامسة مساءً، لكن الأسرة لم تحدد موقفها من طبيعة المدرسة بعد، رغم قرب بداية العام الدراسي !