تشتهر هاجر عبدالله (49 عاماً) بتنظيم “الجمعيات الشهرية” منذ حوالي خمسة عشر سنة، وتعتبر صرامتها ودقتها في التعامل مع المشتركين، مهما كبر عددهم، عامل جذب للكثير ممن سمعوا عنها للانضمام إلى جمعيتها.

وتقوم فكرة “الجمعيات الشهرية”على جمع مبالغ يدفعها المشتركون شهرياً ليحصلوا على المبلغ كاملاً وفق الدور.

ويرى فيها كثيرون طريقة لإدخار النقود من غير الحصول على فائدة، ما ينسجم مع الشريعة الإسلامية.

تشتهر هاجر عبدالله (49 عاماً) بتنظيم “الجمعيات الشهرية” منذ حوالي خمسة عشر سنة، وتعتبر صرامتها ودقتها في التعامل مع المشتركين، مهما كبر عددهم، عامل جذب للكثير ممن سمعوا عنها للانضمام إلى جمعيتها.

وتقوم فكرة “الجمعيات الشهرية”على جمع مبالغ يدفعها المشتركون شهرياً ليحصلوا على المبلغ كاملاً وفق الدور.

ويرى فيها كثيرون طريقة لإدخار النقود من غير الحصول على فائدة، ما ينسجم مع الشريعة الإسلامية.

لاسلف ولا قروض

تقول هاجر التي تعمل معلمة في إحدى مدارس طرابلس إنها تطبع فواتير سداد عن كل شهر يوقع عليها المشتركون، وفي نظرها “المشتركون الجدد يظلون موضع شكوك حتى يثبتوا العكس من خلال التزامهم بالدفع والتقيد بالشروط”.

وتعتمد جمعيتها نظام أن يحصل مشرف الجمعية على الدور الأول والمشترك الجديد يحصل على الدور الأخير، وما بينهما إما أن يتوافق الجميع على منحها للمحتاج أولاً أو أن يتم الاحتكام للقرعة.

وتمثل الجمعيات الشهرية القائمة حلاً للكثير من المشاكل المالية التي يمر بها المواطنون في ليبيا، خاصة بعد صدور قرارات بوقف منح السلف والقروض من المصارف كونها تعتمد مبدأ الفوائد الذي تم تحريمه.

وبحسب عصام العول المتحدث باسم مصرف ليبيا المركزي فإن قانون إلغاء الفوائد المصرفية صادر عن المؤتمر الوطني العام منذ سنتين، وقد بدأ العمل به من تاريخ 1/1/2015، وأكد العول في حديثه لـ”مراسلون” أن المصارف ملزمة بتنفيذه طالما لم يصدر قانون آخر يلغيه.

الجمعيات تواجه المشاكل

عدد كبير من الشباب يحصرون أحلامهم في استلام هذه الجمعيات مثل محمد سعيد (35 عاماً) الذي ينوي استخدام المبلغ لشراء سيارة يعمل عليها كسيارة أجرة بعد الدوام، فرغم أنه غير متزوج إلا أنه مضطر لتأمين مصدر دخل ثابت عن طريق هذا العمل.

أما فاطمة المنتصر السيدة السبعينية فتقول إنها اشتركت في جمعية نسائية بمبلغ مشترك بينها وبين ابنتها الطالبة في كلية الاقتصاد، لتحصل على مبلغ مالي جيد بشكل سريع يمكنها من إجراء صيانة سريعة لمطبخها ودورة المياه في بيتها، “اللذان باتا بحالة صحية مزرية” حسب قولها.

إلا أن هذه الجمعيات “المنقذة” بدأت تواجه الكثير من العراقيل مؤخراً، مثل تأخر صرف المرتبات الذي أدى حسب هاجر إلى توقف عدد كبير من منظمي الجمعيات عن ممارسة هذا العمل، وبعضهم ينتظر انتهاء ملف الأرقام الوطنية الذي يعرقل صرف المرتبات ليعاود تنظيم جمعيته.

ومن المشاكل الأخرى المعقدة التي تواجه الجمعيات وخاصة ذات المبالغ الكبيرة وطويلة الأمد وفاة أحد أعضائها وعدم اعتراف ورثته بالمبلغ الذي استلمه المتوفي، ليصبح هذا المبلغ ديناً يثقل كاهل مدير أو مديرة الجمعية.

“لذلك بدأ المنظمون مؤخراُ بطلب ضمانات ملموسة من الأعضاء تؤمن أن يتم بعد وفاة أحدهم وانقطاع مرتبه إرجاع المال لأصحابه الذين دفعوه، أو يستمر الورثة في الدفع إلى أن تنتهي الجمعية ويأخذ كل ذي حق حقه”، توضح هاجر.

وللأغنياء أيضاً

أحجام الجمعيات تختلف باختلاف مستوى المشاركين فيها، فمثلاً قد تصل جمعيات أصحاب الأعمال الحرة من التجار وسائقي السيارات الكبيرة إلى مائة ألف دينار أحياناً (حوالي سبعين ألف دولار أمريكي)، ودوافع هؤلاء لتنظيمها لا تختلف عن دوافع البسطاء مع اختلاف أوجه الصرف لتلك المبالغ، وقد يصل القسط الشهري إلى عشرة آلاف دينار للفرد.

أحمد سالم وهو تاجر يستورد الملابس والحقائب من الصين، يقول إنه يهوى الانضمام لهذه الجمعيات فقط من باب مساعدة بعض المحتاجين، فالأمر بالنسبة له يشبه إيداع المبلغ في حساب مفتوح ولا يرجو من ورائه سوى “رحمة الوالدين” حسب تعبيره .

يتزامن عادة جمع مبلغ الجمعية مع صرف المرتبات مطلع كل شهر، و يرى أكثر فقهاء الإسلام المعاصرين أنها جائزة، بل كانت موجودة قديماً وكانت تسمى بـ”الجمعة” باعتبار أنهم يجمعون المال كل جمعة، وتشجيع المشائخ للشباب عليها زاد من هذه الظاهرة التي يرون فيها حلاً “لا يوقعهم في الحرام”.