فاض الكيل بالمصريين بسبب غلاء أسعار اللحم، فدشنوا حملة تدعو لمقاطعته واسموها “بلاها لحمة”.
بدأت الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها اكتسبت زخما بعد عقد أول مؤتمر صحفي لها في 23 آب/أغسطس بالقاهرة، تحدث فيه الناشط السياسي شريف الصيرفي، وقال إن المصريين “كفروا بالسياسة والتيارات السياسية، لذا كان من المهم ان يعيد شباب الثورة التفكير في كيفية التواجد بين المواطنين”. وهو بالفعل ما سعى اليه العشرات من شباب الثورة ، فكانت حملة بلاها لحمة هي البداية.
فاض الكيل بالمصريين بسبب غلاء أسعار اللحم، فدشنوا حملة تدعو لمقاطعته واسموها “بلاها لحمة”.
بدأت الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها اكتسبت زخما بعد عقد أول مؤتمر صحفي لها في 23 آب/أغسطس بالقاهرة، تحدث فيه الناشط السياسي شريف الصيرفي، وقال إن المصريين “كفروا بالسياسة والتيارات السياسية، لذا كان من المهم ان يعيد شباب الثورة التفكير في كيفية التواجد بين المواطنين”. وهو بالفعل ما سعى اليه العشرات من شباب الثورة ، فكانت حملة بلاها لحمة هي البداية.
الصيرفي ناشط سياسي سبق اتهامه في قضية عرفت باسم تنظيم “البلاك بلوك” عام 2013. وقضى عقوبة سجن لعامين. لكن حملة “بلاها لحمة” كما يفهمها الصيرفي ليس لها توجه سياسي معين، وإنما جاءت “دفاعاً عن حقوق الفقراء دون الانحياز إلى أي تيار سياسي” كما يقول.
سياسة الحملات الاجتماعية
يشير الصيرفي إلى أن الحملة جاءت كمحاولة لتذويب الفوارق الطبقية بين الفقراء والاغنياء في مصر، لاسيما وأن أسعار اللحوم وصلت الى أرقام خيالية لا يقوى عليها سوى الاغنياء على حد وصفه. حيث قفزت من 50 في النصف الثاني من عام 2014 الى 65 جنيه مع بدايات 2015 ثم الى 85 جنيه للكيلوجرام الواحد (نحو 10 دولارات أمريكية) خلال الأيام الماضية.
وأوضح الصيرفي أن المواطنين استجابوا للحملة، خاصة أبناء الطبقة الوسطى، وهو ما دفع مؤسسي الحملة إلى التحول من مجرد حملة مطلبية إلى جمعية أهلية حملت اسم “بلاها”. بالاضافة للتنسيق مع عدد من الحملات الاخرى التي تتفق مع رؤية ” بلاها لحمة” ومن بينهم حملة ” مين بيحب مصر”.
وبالرغم من استجابة الحكومة المصرية للحملة، وتخصيص القوات المسلحة منافذ لبيع اللحوم بأسعار منخفضة، لاسيما في المناطق الفقيرة، إلا أن الصيرفي يؤكد أن الاجراءات التي تم اتخاذها ليست كافية، داعيا إلى اجراءات أخرى من قبيل ضبط الاسواق، ومواجهة جشع الجزارين بقوانين رادعة. بالاضافة الى دخول الدولة كطرف منافس في بيع وانتاج اللحوم.
الجيش يقدم لحوما مدعمة
في منطقة شبرا الشعبية بالقاهرة تقف عربة تابعة للقوات المسلحة محملة باللحوم المدبوحة، ويقف طوابير من النساء في انتظار الحصول على لحوم رخيصة الثمن وفرها الجيش. من بين الواقفين ميادة علي ربة منزل، التي تؤكد أن هناك ارتفاع جنوني في اسعار كافة السلع سواء كانت لحوم او خضروات او فاكهة. مؤكدة ان الاساس في الامر هو غياب الرقابة على الاسواق وجشع التجار. الذين يستغلون اضطرار المواطنين للتعامل معهم. لذا فانها عندما علمت بحملة بلاها لحمة من خلال ابنتها عن طريق الفيس بوك قررت مقاطعة اللحوم واستعاضت عنها بالبقوليات واللحوم المجمدة. لكنها اكدت ان اللحوم المجمدة غير جيدة.
واشارت علي إلى أن اللحوم التي توفرها القوات المسلحة طازجة ورخيصة حيث يصل سعرها 35 جنيه للكيلو اي ما يقرب من نصف ثمن اللحوم لدى الجزارين. لكنها ليست كافية لان اعداد المواطنين كثيرة ومعظمهم يبحث عن الارخص نظرا لقلة الدخل وانتشار الفقر.وطالبت الدولة بأن “تحل محل التجار الجشعين، وان تكون بديلا عنهم او توفر الرقابة اللازمة لردعهم عن رفع الاسعار بهذه الطريقة الجنونية”.
180 جنيه لكيلو اللحم
حملة “بلاها لحمة” سرعان ما وجدت طريقها إلى عدد كبير من محافظات مصر. ففي الاسكندرية ارتفعت أسعار اللحوم بشكل جنوني، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، حيث وصلت أسعار اللحوم في منطقة كفر عبده (الراقية) إلى 180 جنيهاً للكيلوجرام الواحد، في حين وصلت إلى 100 جنيه في المناطق الشعبية والأقل رقياً مثل الحضرة ومحطة مصر وغبريال والعصافرة.
ارتفاع الأسعار دفع الأهالي للعزوف عن شراء اللحوم، فالحالة الاقتصادية لم تعد تسمح لهم بذلك- كما تقول سهير محمد، موظفة- متهمة أصحاب محال الجزارة بالتلاعب في أسعار اللحوم، مستغلين عدم وجود رقابة عليهم، من قبل وزارة التموين، للتحكم في الأسعار.
أما أحمد عباس، محاسب، فأكد أن ارتفاع أسعار اللحوم مرتبط عادة باقتراب عيد الأضحى، حيث يستغل الجزارون حاجة المواطنين للأضاحي لرفع سعر اللحوم، غير عابئين بحاجة البسطاء من المواطنين، الذين كان همهم قبل شهر جمع مبلغ 35 جنيهاً للحصول على نصف كيلو لحم في الاسبوع، لكن هذا لم يعد متاحاً الآن بعدما ارتفعت الأسعار إلى 100 جنيه.
“عباس” أكد أن بسطاء الإسكندرية قاطعوا اللحوم إجبارياً، ليس للضغط على الجزارين، ولكن لأن الغالبية العظمى من الأهالي لا يستطيعون التضحية بمائة جنيه مرة كل اسبوع لشراء اللحوم البلدية، فكان البديل هو شراء اللحوم مرة واحدة في الشهر، أو اللجوء للحوم المستوردة التي تباع بأسعار تتراوح بين 30 و55 جنيهاً.
لكن “عباس” أكد أن الأزمة مرتبطة بشق آخر وهو إلغاء الدعم عن المياه والكهرباء والغاز، ما دفع الجزارين لرفع الأسعار، وفي المقابل جعل الأهالي يضحون بأكل اللحوم من أجل توفير قيمة “فواتير الحكومة”، فـ”ألم البطن أهون من حبس السجون”- هكذا قال عباس.
أسعار الأعلاف هي السبب
الجزارون من جانبهم أكدوا أن المتسبب الأساسي في هذه الأزمة هم صغار مربي الماشية، اللذين عزفوا عن تربية المواشي خوفاً من انتشار الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع، التي تسببت في نفوق الآلاف من رؤوس الماشية خلال الفترة الماضية.
فكما يقول بدر محمد، جزار، إن صغار مربي الماشية، عزفوا عن تربية المواشي، بعد تعرضهم لخسائر جراء نفوق مواشيهم، وعدم تعويضهم عنها من قبل الحكومة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، وهي كلها أمور ساهمت بشكل كبير في زيادة أسعار اللحوم، مشيراً إلى أن التفاوت في الأسعار مرتبط بالمنطقة فإيجار المحل- كما يقول- في منطقة كفر عبده ومحطة الرمل يتراوح بين 5000 إلى 10000 جنيهاً، في حين ينخفض هذا المبلغ إلى 1000، ومن غير المعقول المساواة في الأسعار بين من يدفع 10 آلاف وألف جنيه.
تهديدات للحملة
أحمد الشيخ، منسق حملة “بلاها لحمة” في الاسكندرية، التي انطلقت في المحافظة في الخامس من شهر سبتمبر الجاري، أكد أنه على الرغم من عدم انطلاق الحملة رسمياً إلا أنها شهدت مشاركة واسعة من الأهالي، ما أجبر الجزارين في بعض المناطق على خفضها، موضحا أن جزاري شارع القاهرة بمنطقة سيدي بشر، خفضوا الأسعار من 90 جنيهاً إلى 70، في حين خفض جزاري منطقة الحضرة الأسعار إلى 60 جنيهاً.
وقال الشيخ إن الحملة تلقت 3 رسائل تهديد من كبار الجزارين بالمحافظة، رفض مسؤول الحملة الكشف عن أسمائهم، مؤكداً أنهم مستمرون في حملتهم حتى تصل أسعار اللحوم إلى 50 جنيهاً.
ونفى “الشيخ” أن تكون أسعار الأعلاف هي المتسبب في الأزمة، مؤكداً أنهم حصلوا على بالفعل على أسعار الأعلاف من البورصة العالمية وتبين لأن طن الأعلاف انخفض من 3800 إلى 3300 جنيها، في حين انخفض سعر “الدشيشة” من 4600 إلى 4200. مضيفا “ما يؤكد أن إرتفاع أسعار اللحوم هو أمر غير مبرر، يجب التصدي له، من خلال تدخل وزارة التموين لتحديد تسعيرة رسمية لبيع اللحوم، وتشديد الرقابة على محلات بيع اللحوم، إلى أن يحدث ذلك فعلى الجميع الامتناع أكل اللحوم”.
نجاح في الصعيد
وفي الصعيد حققت حملة مقاطعة اللحوم” بلاها لحمة” انتشارا ملموسا. حيث تبنى عدد من الشباب بمركزي القوصية وأبوتيج الحملة. فيقول حسام شلقامي، مسؤول حملة بلاها لحمة فى مركز القوصية بأسيوط، إن الحملة نجحت بنسبة 60%، حيث انخفض سعر الكيلو من 85 جنيها إلى 70 و75 جنيهًا لدى بعض الجزارين، وحصل مسئولي الحملة على وعود من القوات المسلحة، بتوفير اللحوم الحية لبيعها بسعر مناسب للجمهور.
ويضيف مسؤول حملة بلاها لحمة بالقوصية: “الحملة انطلقت من أسوان، وأعجبتني الفكرة، وبدأت أنفذها فى القوصية والدعوة لها عبر “فيسبوك” فى يوم 4 أغسطس الماضي، وكذلك عمل بوسترات فى الشوارع لمقاطعة شراء اللحوم، واستجاب عدد غير قليل من المواطنين، وهو ما أثر فى حركة بيع وشراء اللحوم لدى الجزارين، وقللوا الكميات التي يذبحونها، وانتقلت الحملة من مركز القوصية إلى مركز أبوتيج دون تنسيق مسبق”.
بينما يقول خالد حمودة، مسؤول حملة بلاها لحمة فى مركز أبوتيح: “بدأت الحملة يوم 5 أغسطس الماضي، ولاقت ترحيبا كبيرا من النشطاء على “فيسبوك”، وتم تكوين فريق عمل لها، وطباعنا بنرات، وعلقناها فى معظم أرجاء المدينة، وتطوع بعض أعضاء الفريق للتحدث إلى الناس، وحثهم على المقاطعة، وكان من ضمن أعضاء الحملة أحد رجال الأعمال، الذي قرر شراء عجول لذبحها وبيعها للمواطنين بسعر 70 جنيها للكيلو، لإرغام الجزارين بتخفيض سعر كيلو اللحوم، الذي يباع بـ85 جنيها”.
وعن تاثير الحملة يقول مسؤولا حملة بلاها لحمة فى القوصية وأبوتيح أن الحملة نجحت، ولكن تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يمكن السيطرة على ارتفاع أسعار اللحوم.
أسعار اللحوم يحددها السوق
وبالرغم من ذلك فللجزارين رأي آخر. فيرى الجزار عماد مسعود، أن الحل يكمن فى عدم بيع الماشية خارج المحافظة، لأن انتقال المواشي من المحافظة إلى المحافظات الأخرى، يرفع سعر اللحوم، مشيرا إلى أن المحافظة لو نفذت هذا القرار سيصل سعر كيلو اللحمة إلى 40 جنيها. فيما يقترح الجزار شعبان قناوي كرشة، إعادة فتح مشروع الثورة الحيوانية ومحطات التسمين، ومنع ذبح البتلو الصغير والإناث، وفتح الاستيراد، للسيطرة على ارتفاع سعر اللحوم. أما الجزار أبوزيد على أحمد، فيقول إن سبب ارتفاع سعر اللحمة، يرجع إلى قلة الماشية، بسبب الأمراض التي أصابت الثروة الحيوانية مؤخرًا.
كمال خليفة، وكيل مديرية التموين بأسيوط، من ناحيته عزا ارتفاع أسعار اللحوم إلى تحرير الأسعار وخضوعها فقط للعرض والطلب في السوق، من دون أن يكون هناك تسعيرة اجبارية من الدولة. ويقول خليفة “تتأثر بارتفاع أسعار الأعلاف والمواشي، التي ترتفع في الأسواق، ما يضطر التجار لرفع أسعارها”. لكن خليفة أشار إلى أن مديرية التموين كجهة رقابية تقوم بشن حملات وتحرر محاضر للمخالفين الذين لا يعلنون عن الأسعار.
فرح المصري بالاشتراك مع شعبان فتحي وإسلام رضوان