دموع فاطمة سبقت كلماتها وهي تتحدث عن حلم عودتها لمدينتها تاورغاء، ومرارة العيش في مخيم طريق المطار بطرابلس. حلم يكاد يتحقق، خاصة بعد اتفاق “الجارتين اللدودتين”مصراتة وتاورغاء على تحديد موعد لعودة أهالي تاورغاء لمدينتهم.
تعيش فاطمة (40 عاماً) حالياً في مخيم منطقة الفلاح بطرابلس والذي يفتقد لأبسط مقومات الحياة، وقد أصيبت ابنتها الكبرى مع 72 طفل آخر بطفحٍ جلدي ناتج عن انتشار الحشرات والهواء الملوث ومياه الصرف الصحي بالمخيم. وتقول فاطمة إنه “لا شيء يمكن أن ينتشلني من هذ المأساة سوى عودتي لمدينتي”.
دموع فاطمة سبقت كلماتها وهي تتحدث عن حلم عودتها لمدينتها تاورغاء، ومرارة العيش في مخيم طريق المطار بطرابلس. حلم يكاد يتحقق، خاصة بعد اتفاق “الجارتين اللدودتين”مصراتة وتاورغاء على تحديد موعد لعودة أهالي تاورغاء لمدينتهم.
تعيش فاطمة (40 عاماً) حالياً في مخيم منطقة الفلاح بطرابلس والذي يفتقد لأبسط مقومات الحياة، وقد أصيبت ابنتها الكبرى مع 72 طفل آخر بطفحٍ جلدي ناتج عن انتشار الحشرات والهواء الملوث ومياه الصرف الصحي بالمخيم. وتقول فاطمة إنه “لا شيء يمكن أن ينتشلني من هذ المأساة سوى عودتي لمدينتي”.
موعد العودة
مدينة تاورغاء الخاوية من السكان اليوم تقع على الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها، وكانت قد شكّلت بحكم موقعها القريب من مدينة مصراتة (250 كم شرق طرابلس) إحدى أقوى جبهات “كتائب القذافي” تسلّحاً، وأكثرها فتكا وشراسة ضد الثوار. وبعد سقوط نظام القذافي تعرض أهالي المدينة (أكثر من أربعين ألفاً) للنفي فيما يشبه العقاب الجماعي على مناصرة بعضهم لنظام القذافي.
وبعد أربع سنوات من الحياة المأساوية في مخيمات النازحين بمناطق مختلفة في ليبيا، اتفق مجلسا تاورغاء ومصراتة البلديين خلال اجتماع عقد في تونس على عودة المُهجرين لمدينتهم في نهاية العام الحالي.
في هذا الصدد يقول رئيس المجلس المحلي تاورغاء عبد الرحمن الشكشاك لـ”مراسلون”، إنه جرى الاتفاق في تونس مع المجلس البلدي لمصراته برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أيار/مايو الماضي على أن تتم عودة المهجرين إلى مدينتهم في كانون أول/ديسمبر المقبل، وأن يكون القانون هو الفيصل بشأن المطلوبين من سكان تاورغاء المتعاونين مع نظام القذافي”.
الشكشاك أضاف أنه في ظل الدمار الذي تشهده بعض المناطق الليبية، فإن تاورغاء تطالب بعودة الكهرباء فقط للمدينة، ومن ثم إعادة إعمارها فور شروع الدولة في بناء المدن المدمرة.
الوضع في مخيمات النازحين متردٍّ بحسب الشكشاك، حيث المنازل مهترئة ومن دون نوافذ، ومياه الصرف الصحي منتشرة في أرجاء المخيمات، كما أن الوضع المعيشي والتعليمي شهد تدهورا غير مسبوق. “كل هذه الصعوبات والأوضاع المأساوية لا يمكن إنهاؤها إلا بعودتنا لمدينتنا” يقول.
مساع جادّة
يزيد على ما ذكره الشكشاك عضوُ المجلس البلدي في مصراته علي أبوستة الذي ذكر لـ”مراسلون” أن المجلس شكّل لجنة من تسعة أعضاء تعمل حالياً على تجهيز “ملف شامل” لعودة النازحين، خصوصاً فيما يتعلق بالتعويضات والإعمار والإجراءات القانونية والعدالة الانتقالية.
أبوستة بيّن أنه فور انتهاء اللجنة من عملها سيجرى تحويل ملف تاورغاء إلى حكومة طرابلس المتمثلة في وزارة الحكم المحلي لتحديد الوقت المحدد للعودة وآلية التنفيذ، مؤكدا أن “مصراته ترحب بالحوار”.
وأضاف بوستة أن مجلسه سيعمل على عودة المهجرين لديارهم “من خلال الشرع والقانون”، خصوصاً أولئك الذين لم يشاركوا في حرب كتائب القذافي على مصراته إبان ثورة فبراير 2011.
ميزانية أزمة
وزارة الحكم المحلي بحكومة طرابلس أعلنت عن عزمها إعداد خطة شاملة للإشراف على عودة نازحي تاورغاء لمدينتهم. وقال وكيل الوزارة محمد اللافي لـ”مراسلون” إنه في حال اتفقت اللجنة المشتركة بين مصراته وتاورغاء وأحالت مذكرة رسمية شاملة حول أعداد المهجرين وتحديد الوقت المحدد للعودة، سترصد الوزارة ميزانية أزمة لتوفير احتياجات العائلات قبل وصولهم للمدينة المنكوبة.
اللافي ذكر أن المياه معدومة والبنية التحتية مدمرة في تاورغاء، والوزارة ستعمل على معالجة بعض المختنقات، موضحاً أن قضية تاورغاء تحتاج لإجراءات منظمة قبل البدء في العودة.
سكن إجباري
في تلك الأثناء، وبينما تأخذ وزارة الحكم المحلي بطرابلس وقتها لإعداد الخطة، تقارن حياة عمر (26 عاماً) بين بيت مكون من 4 غرف كان يأويها في تاورغاء مع عائلتها، وبين غرفة واحدة تعيش بها عائلتها المكونة من خمسة أفراد بالمخيم كمطبخ وغرفة للنوم والضيافة.
توضح حياة وهي تمعن النظر في جدران الغرفة المصنوعة من بقايا أبواب خشبية مهترئة أنه يصعب عليها التأقلم مع هذه الغرفة رغم مرور أربع سنوات على عيشهم بها، فدورات المياه المشتركة بين العائلات تفيض منها مياه الصرف الصحي على غرف القاطع الذي تقطن به ثماني أسر.
تروي حياة وضع عائلتها وأثار الحسرة ترتسم على وجهها، فهم مجبورون على العيش بمسكن لا توجد به نوافذ وﻻ تمديدات مياه، فضلاً عن عدم شعورهم بالأمان في المخيم الذي تنتهك حرمته من العصابات المسلحة، لكن تعلق أملها الكبير في العودة لمدينتها تاورغاء بعد اجتماع تونس.
حياة وفاطمة وأكثر من 40 ألف نازح من أهالي تاورغاء منتشرين في مخيمات متفرقة من ليبيا، ينتظرون تحقيق حلم العودة الذي طال انتظاره، بعد حياة مريرة فرضتها الحرب على الأبرياء.