صباح الجمعة الثالث من شهر يوليو/تموز الماضي قتل مانويل علي موسى (45 عاماً) وزوجته ايتشي (35 عاماً)  ذبحاً وطعناً بالسكاكين، وهما مواطنان نيجيريان كانا يقيمان بمنطقة المنشية بمدينة سبها جنوب ليبيا.

وحسب إفادة شهود عيان على الحادثة لـ “مراسلون” فإن الشرطة مُنعت من الدخول إلى مكان الجريمة من قبل مسلحين، وتم تهديد أفردها بأن النتائج ستكون وخيمة إن قرروا الدخول لمكان الواقعة. 

صباح الجمعة الثالث من شهر يوليو/تموز الماضي قتل مانويل علي موسى (45 عاماً) وزوجته ايتشي (35 عاماً)  ذبحاً وطعناً بالسكاكين، وهما مواطنان نيجيريان كانا يقيمان بمنطقة المنشية بمدينة سبها جنوب ليبيا.

وحسب إفادة شهود عيان على الحادثة لـ “مراسلون” فإن الشرطة مُنعت من الدخول إلى مكان الجريمة من قبل مسلحين، وتم تهديد أفردها بأن النتائج ستكون وخيمة إن قرروا الدخول لمكان الواقعة. 

وبالفعل غادرت الشرطة وتم إحضار الجثمانين إلى مركز سبها الطبي من قبل مجهولين، وظلت ملابسات القضية غامضة حتى هذه اللحظة.

شاع بعد الحادثة أن من قتل العائلة تاجر مخدرات معروف في المدينة، وأن النيجيري ربما رفض العمل معه.

قاتل مخدر

انتشرت تجارة وتعاطي المخدرات بشكل كبير في سبها بعد الثورة، وذلك بسبب الانفلات الأمني والضعف الكبير الذي طال جهاز الشرطة ومكافحة المخدرات اللذان يشكيان باستمرار من نقص الإمدادات مقابل امتلاك الطرف الآخر للأسلحة المتطورة.

وكنتيجة لذلك كثرت القصص التي تتحدث عن جرائم قتل ترتكب غالباً ضد النساء ويكون القاتل تحت تأثير المخدرات.

ففي 30 أغسطس/آب عام 2013 استيقظ الوسط الإعلامي في سبها على حادثة مقتل الفنية بمكتبة إذاعة ليبيا الوطنية سعاد خميس (42 عاماً) على يد زوجها مذبوحة وغارقة في دمائها وطفلها الرضيع يصرخ فوق صدرها بعد زواج دام لعامين.

تروي صديقتها نادية عبد الرحمن نائب مدير إذاعة الوطنية المسموعة لـ”مراسلون” تفاصيل الحادثة كما سمعتها وكأنها تسحب شريط ذكريات مؤلمة “كان يوم جمعة عندما التقى زوج المغدورة بشقيقها طالباً منه إيصاله إلى سوق الخضر الرئيسي في المدينة وبعد ذهاب الأخ بخمسة عشر دقيقة اتصل به ليخبره: لقد قتلت شقيقتك وهي موجودة في الشقة الآن! ولم يلاحظ عليه الأخ قبل الجريمة أي علامات تدل على أنه ليس في وعيه”.

تقول فاطمة شقيقة المغدورة “لم أكن أشعر بالارتياح للعريس الذي تقدم لأختي منذ البداية، جاء من مدينة زليطن التي تبعد عن سبها مسافة 800 كم لوحده، ولا نعرف عنه شيئاً لكن أختي كانت مسحورة بهدوئه وطيبته الظاهرة، وتم الزواج بسرعة لتكتشف أختي بعد أشهر قليلة أن زوجها مدمن مخدرات وربما يكون هارباً من أحد سجون مدينته، وبعد الزواج قتلها بدم بارد”.

تمكنت الجهات الأمنية بحسب فاطمة من القبض على القاتل بعد فراره، “لكن لم يبقى لنا سوى الحسرة كلما شاهدت طفل أختي الذي يكبر ويكبر معه وجعنا” تقول لـ”مراسلون”.

سبع حالات قتل 

معظم الحالات التي تشبه حالة سعاد غير مسجلة بشكل رسمي في مجتمع ذكوري متحفظ. 

يقول يونس شوايل رئيس مركز شرطة القرضة بسبها “من النادر أن تأتينا سيدة أو فتاة متضررة تشكو أحد أقاربها أو زوجها من حالة اعتداء جسدي كالضرب مثلاً مهما بلغ حجم الضرر الواقع عليها. هنا المجتمع قبلي جداً والعائلات محافظة والبلاغ عن هذه الحالات يعتبر جرماً أكبر من جرم الاعتداء في حد ذاته في العرف الاجتماعي”.

أما عن حالات الاعتداء تحت تأثير المخدرات أو المسكرات فهي كثيرة جداً بحسب شوايل  “لدينا حالياً 7 حالات قتل تحت تأثير المخدرات منها 3 حالات كان ضحيتها نساء. بعض الأمهات تأتينا سراً طالبة إلقاء القبض على ابنها المدمن الذي عاث في البيت فساداً ومارس العنف ضدها وضد أخواته البنات وحتى إخوته ووالده، وأغلب المبلغ عنهم أبناء عائلات معروفة في المدينة”.

تأكيداً لكلام رئيس مركز الشرطة يتداول أهالي المدينة حادثة معروفة عن قصة حب جارفة جمعت وكيل النيابة هشام محمد امحمد والمحامية منى عويدات انتهت بالزواج وإنجاب ثلاثة أطفال، وبعد خمس سنوات من الحياة الوردية سافر الزوج في رحلة علاج لدولة تونس رفقة والده ليكتشف أن والده مصاب بالسرطان.

“كانت الصدمة أكبر من مقدرته على التحمل وبعد عودته من تونس تحول لشخص مختلف، حيث أصبح مدمناً متوتراً بشكل دائم ويداه تسبقان لسانه، فعادت لبيت أهلها ليبقى هو عند أهله شهوراً قليلة طلبت منه بعدها العودة لبيت الزوجية”، يوري أحد معارف الرجل.

أصبحت الحياة بينهما تزداد سوءاً، فطلب الأهل منها التنازل عن كل شيء حتى أطفالها للطلاق منه، غير أن ردة فعله لم تكن في الحسبان، حيث حمل سلاحه واتجه لبيت أهل زوجته وأطلق النيران عليها فسقطت جثة هامدة في كانون الأول/ديسمبر 2013، ولم يتم القبض عليه وقتها، إلا أنه بعد عام قتل أخاه ومات منتحراً.

أحكام مخففة

دافع القتل في قصة وكيل النيابة كان معروفاً، ولكنه في قصة الشاب معيوف صالح الذي قتل شقيقته المتزوجة في كانون أول/ديسمبر العام الماضي وهي تحضر وجبة الغداء في مطبخ العائلة بعد أن جاءت لزيارة بيت أهلها، لم يكن سوى أنه تحت تأثير المخدر.

لم يردعه كونه رجل أمن عن تناول سكين من المطبخ وطعن أخته طعنات نافذة أردتها قتيلة، بينما كان طفلها الصغير يصرخ وهو لا يفقه ما الذي يحدث من حوله ولماذا انهال خاله على أمه بالطعنات المتواصلة، ليتبين الأهل فيما بعد أن ابنهم يتعاطى المخدرات.

المدمنون الذين يتم القبض عليهم في جرائم من هذا النوع عادة ما يتلقون أحكاماً قضائية مخففة، وبحسب يونس شوايل فإن بعض السجناء تجاوزت مدة سجنهم السنة أو أكثر ولكنهم لم يتلقوا أي علاج أو تأهيل بسبب عدم وجود مختص في معالجة الإدمان يمكنه التعامل مع المساجين داخل المدينة ولا حتى في الجنوب عامة.

حالات التعاطي أصبحت في ازدياد خاصة في غياب الأمن والانفلات الحاصل في البلاد وغياب مراكز الإصلاح والتأهيل، هذا ما تقوله الدكتورة هناء الشكري المتخصصة في معالجة الإدمان، وتشير إلى أن هذه الحالات ليست مقتصرة على الشباب فقط بل حتى الفتيات في ظل ظروف النزوح وغياب كثير من الآباء في الجبهات والموت والخطف المستشري في الوقت الراهن.

وبناءً عليه زادت حالات العنف بحسب الشكري والتي في أغلبها تنتج عن عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويكون الشخص المدمن مضطرب وجدانياً مما يؤثر سلباً على قدرته في التحكم في انفعالاته العدوانية، أما تأثيرات المواد المخدرة تقول “فحدث ولاحرج لأن هناك تفاعلات تحدثها هذه المواد على الدماغ فتغيبه عن الوعي بحيث لايتذكر المتعاطي مافعل أو لا يبرمج نفسياً ما يود القيام به كإنسان طبيعي”.

تصف الشكري الوضع بأنه “كارثي  بكل المقاييس”، وتعتقد بأنه مستمر في التفاقم إذا لم تتكاثف الجهود لمنع هذا الخطر الزاحف ورواج تجارة المواد المخدرة والحشيش والترامدول “الذي أصبح يدخل للبلاد من كل الجهات ليباع بأسعار في متناول الجميع” تختم حديثها.