وزير التربية ناجي جلول، وهو أستاذ جامعي درس الحضارة والآثار الاسلامية والتحق بحركة نداء تونس التي تقود الائتلاف الحكومي الحالي، يتحدث لـ “مراسلون”عن مشروعه لإصلاح التعليم وعن علاقته بنقابات التعليم التي يشن بعضها احتجاجات ويهدد بمقاطعة السنة الدراسية القادمة. وفي ما يلي نص الحوار:
مراسلون: كثير من التوتر يشوب علاقتكم بنقابات التعليم ما السبب؟
وزير التربية ناجي جلول، وهو أستاذ جامعي درس الحضارة والآثار الاسلامية والتحق بحركة نداء تونس التي تقود الائتلاف الحكومي الحالي، يتحدث لـ “مراسلون”عن مشروعه لإصلاح التعليم وعن علاقته بنقابات التعليم التي يشن بعضها احتجاجات ويهدد بمقاطعة السنة الدراسية القادمة. وفي ما يلي نص الحوار:
مراسلون: كثير من التوتر يشوب علاقتكم بنقابات التعليم ما السبب؟
جلول: فلنتفق أولا أن سقف مطالب رجال التعليم ليس بالعالي فالجميع يعلم أن المعلمين يتقاضون أجورا غير مرتفعة، المعلم يتقاضى حوالي 800 دينار فقط (600 دولار) ومطالب بساعات عمل طويلة ومهام مرهقة.
نحن لم نعترض على مطالب نقابات التعليم المادية لأننا واعون بأن رجال التعليم لا يتمتعون بالسكن ولا بمستوى اجتماعي مرموق، ولم نعترض أيضا على تمتيع المربين بمنحة خلال سنتين وهي موضوع تفاوض الآن لدى رئاسة الحكومة، لكننا نرى أنه من الأجدر أن تحل هذه الاشكاليات والمطالب في كنف التفاوض لا التصعيد والإضرابات.
لقد عرضنا على النقابات ما يمكن للوزارة تقديمه في حدود ميزانياتها وإمكانياتها. نحن لسنا في معركة فيها رابح وخاسر ولا نخوض صراع كسر عظام مع النقابات، لكنني حزنت فعلا للتصعيد الحاصل مع نقابة التعليم الابتدائي وعدم التوصل لحل معها وأنا أطالب النقابة بأن يتفهموا الوضع الذي مر به البلاد وأن يحلوا بقليل من الصبر في هذه المرحلة.
س: إن كان سقف مطالب النقابة معقولا لماذا لا تتم الاستجابة إليها؟
ج: الاتفاق بين رئاسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على الزيادة بالأجور في القطاع العام وقع منذ أشهر ووزارة التربية ليست مسؤولة عن ملف الزيادة في الأجور. أما خلافنا المتبقي مع نقابة التعليم الاساسي فيتمثل في إسناد منحة وهي كذلك تعود لرئاسة الحكومة وبالتالي فإن النزاع الحقيقي ليس مع وزارة التربية.
لقد قمنا بتسوية أغلب النقاط الخلافية العالقة مع نقابة التعليم الابتدائي وهناك جلسات عمل حول حركة النقل والعودة المدرسية، وكما سبق وأن أوضحت فإن النقابات التعليم منخرطة كذلك بلجان الاصلاح التربوي.
س: ماهي ملامح الإصلاحات التربوية التي تم تحديدها؟
ج: لم ننتهي بعد من تحديد ملامح الإصلاحات لكن الأهداف التي نعمل على تحقيقها واضحة. هناك إصلاحات قابلة للتحقيق خلال السنة التربوية المقبلة وهناك إصلاحات أخرى ستتحقق على المدى الطويل.
س: هل تعطينا فكرة عن الأهداف التي ترغبون في تحقيقها؟
ج: نحن نراهن على خلق أجيال تونسية متجذرة في هويتها العربية والاسلامية والمتوسطية، تؤمن بقدسية الوطن وفخورة بحمل العلم التونسي الأحمر والأبيض لا العلم التكفيري الأسود.
لذلك سنعيد إحياء النوادي الثقافية والرياضية داخل المدارس والمعاهد. كما نسعى لإعادة مكانة التعليم في تونس وانتشالها من فضيحة الخروج من التصنيفات العالمية والاقليمية لجودة التعليم فلا مجال لأن تتذيل الجامعات التونسية ترتيب الجامعات المعترف بها أو تخرج من القائمة مستقبلا.
هذه الإصلاحات التي نرمي إليها رفقة وزارة التعليم العالي ووزارة التشغيل والتكوين المهني هدفها كذلك توفير موارد بشرية قادرة على اقتحام سوق الشغل والخروج من الوضع الحالي حيث أن آلاف المجازين لا زالوا معطلين عن العمل لأن حاجيات سوق الشغل لا تتماشى مع مؤهلاتهم العلمية.
س: هل شاركت نقابات التعليم في مسار الإصلاح التربوي؟
ج: بالتأكيد هناك لجان انخرطت نقابات التعليم فيها للمشاركة في أشغالها لإصلاح التعليم، وحتى في إطار تظاهرة “شهر المدرسة” التي نظمتها الوزارة للاطلاع على وضعية المدارس قصد المساهمة بترميمها قمنا بدعوة النقابات التي لبت الدعوة.
لكن بقي هناك إشكال وحيد مع نقابة التعليم الابتدائي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل ويتمحور حول مسألة المنحة، وهي محل تفاوض بين رئاسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل وننتظر أن يتم حله قريبا في إطار المفاوضات.
س: ماهي الإصلاحات التي سيتم تطبيقها خلال السنة الدراسية المقبلة؟
ج: هناك إصلاحات ستنطلق مع هذه السنة الدراسية القادمة وتتمثل خصوصاً في إصلاح التوقيت المدرسي وإصلاح نظام الامتحانات ومراجعة بعض الضوارب المتعلقة ببعض المواد التدريسية وتنظيم الدروس الخصوصية.
أما إصلاح المناهج التعليمية فلا يمكن تطبيقها مع العودة المدرسية المقبلة وتم ارجاؤها للسنة المدرسية التي تليها وهناك لجان تشتغل حاليا على إعادة النظر في هذه المناهج وفي تكوين المدرسين وبالتالي فإن سنة الإصلاحات الهيكلية الكبرى ستنطلق بداية من العام القادم.
س: هناك مدراس وضعها سيء تماماً. كيف ستواجهون هذا الأمر؟
ج: لقد شرعنا في حملة واسعة لترميم المدارس باعتبار أن هناك مؤسسات تربوية لم يقع ترميمها أو تغيير بعض مرافقها منذ الستينات، إضافة إلى سقوط بعض الجدران والأسقف لأنها لم تعد تحتمل بعد تساقط الأمطار.
بعض المدارس وضعها مزر تماما وهناك 4000 مدرسة تحديدا تحتاج إلى ترميم ومن حق المتعلم أن يدرس في مكان لائق، لذلك نظمنا حملة لترميم وتنظيف للتنظيف المدارس. وقد انخرط في هذه الحملة رجال أعمال وفنانين وجمعيات رياضية وغيرهم. وأنا سعيد للغاية لأن المدرسة عادت لصميم اهتمامات التونسيين الذين باتوا متخوفين من الإرهاب والجريمة.
س: هناك حديث عن تغيير وزاري مرتقب. هل يمكن أن يشملك في ظل الانتقادات التي توجهها لك بعض نقابات التعليم؟
ج: من حق رئيس الحكومة أن يغير من يريد في طاقمه الوزاري وأن يضع الشخصيات التي يرى أنها قادرة على أن تقدم إضافة للفريق الوزاري والناجي جلول قابل للتغيير كغيره.
س: هل أنت منحاز للعلمانية في المجال التربوي وهل يؤثر ذلك على علاقتك بحركة النهضة الإسلامية كحاولة استبعادك مثلا من الكابينة الحكومية؟
ج: أنا لست منحازا للعلمانية وإنما منحاز للحداثة وأنا أنشط داخل حزب حداثي له خطابه الديني. حزب نداء تونس ليس حزبا علمانيا إنما حزب وسطي له مقاربته الدينية الحداثية ولا أتصور أن هناك من يريد استبعادي داخل التحالف الحاكم.
ولنكن صريحين حركة النهضة لا تريد اخراجي من الحكومة بل لقيت منها كل الدعم والمساندة.فقد زارني أعضاء مجلس شورتها في مناسبتين. ربما قد يقرر رئيس الحكومة أن يستبدلني ولكن قد يكون ذلك لأسباب تقنية بحتة وليس لأسباب ايديولوجية.