من قتل اللواء عبد الفتاح يونس، رئيس أركان جيش التحرير الوطني الليبي خلال ثورة 17 فبراير، في صباح يوم 5 آب/أغسطس 2011؟

في رسائل هيلاري كلينتون نجد رداً بتاريخ 8 آب/أغسطس 2011 من شخص يدعى (sid) يقدم فيه الإجابة على السؤال المطروح، بالاستناد إلى مصادر معلومات ذات صلة مباشرة مع مسؤولين كبار في المجلس الانتقالي الليبي، الذين أكدوا “بثقة كاملة” كما يقول صاحب الاسم الحركي (sid) أن إعدام اللواء يونس نفذته قوة أمنية بتعليمات من رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل.

من قتل اللواء عبد الفتاح يونس، رئيس أركان جيش التحرير الوطني الليبي خلال ثورة 17 فبراير، في صباح يوم 5 آب/أغسطس 2011؟

في رسائل هيلاري كلينتون نجد رداً بتاريخ 8 آب/أغسطس 2011 من شخص يدعى (sid) يقدم فيه الإجابة على السؤال المطروح، بالاستناد إلى مصادر معلومات ذات صلة مباشرة مع مسؤولين كبار في المجلس الانتقالي الليبي، الذين أكدوا “بثقة كاملة” كما يقول صاحب الاسم الحركي (sid) أن إعدام اللواء يونس نفذته قوة أمنية بتعليمات من رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل.

أما سؤال لماذا أعدم فجوابه حسب الشخص (sid) طبقاً لمصادره: “تلقى ضباط أمن في المجلس الانتقالي معلومات يعتقدون أنها موثوق بها، تفيد بأن يونس متورط في حوار سري مع سيف الإسلام القذافي ابن الزعيم الليبي معمر القذافي، وأن هذه المناقشات تناولت تخطيط يونس وسيف الإسلام لتأسيس حكومة مصالحة، مع ترك القذافي يعيش في منفى داخلي، وحل المجلس الانتقالي لصالح المسؤولين والضباط العسكريين الموالين لسيف الإسلام ويونس”. وإن قوات المتمردين (الثوار) كانوا بالاجمال لا يثقون فيه: “معتقدين أنه ربما يكون أرسل من القذافي لاختراق صفوفهم.” حسب تحليل الشخص (sid).

هذا التحليل سطحي وتبسيطي وربما تضليلي، ويصب في مصلحة تبرئة الإسلاميين المتطرفين.

المعلومات التي توفرت لدي مبكراً، من مصادر داخل المجلس الانتقالي ومن مقربين من اللواء يونس ومن قيادات ثوار غير إسلاميين، تؤكد أن الدافع وراء قتل اللواء لم يكن اعتقاد القتلة أنه عميل للقذافي. فتلك كانت مجرد ذريعة للتغطية على الدوافع الحقيقية.

المعلومات في ذلك الوقت أفادت بأن قيادات الكتائب الإسلامية (الإخوانية والأصولية الجهادية) كانوا ينظرون إلى جيش التحرير الوطني بقيادة اللواء عبد الفتاح يونس (ذي الكاريزما الزعامية) وتنامي قوته العسكرية النظامية خطراً مباشراً على مشروعهم الآيديولوجي للاستحواذ على السلطة بعد سقوط نظام القذافي.

لقد كانوا يعتبرون كتائبهم المسلحة الجيش البديل، وكانوا يتصرفون كأوصياء على المجلس الوطني الانتقالي. علاوة على دافع الانتقام من شخصه، لأنه قاد حملة عسكرية ضد مسلحي “الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة” في سنوات التسعينات.

مؤخراً في 30 أيار/مايو 2015 نشر المستشار مصطفى عبد الجليل شهادته حول الموضوع قي موقع “بوابة الوسط”.

تضمنت الشهادة معلومات ووقائع مغايرة تماماً لما جاء في رسائل كلينتون. فقد أوضح عبد الجليل أنه لم يكن هناك ضباط أمن في المجلس الانتقالي، بل كان يوجد ضابط واحد مسؤول عن أمن المجلس هو العقيد ناصر الغويل: “ويمكن الرجوع إليه لأية معلومة تؤيد أو تنفي ما ورد من تسريبات”. ولم يقدم الإسلاميون أية تسجيلات تثبت اتصال اللواء يونس بسيف الإسلام.

عبد الجليل في شهادته كشف عن مضمون التقارير التي عرضها الإسلاميون على المجلس الانتقالي ضد اللواء القتيل.

يقول عبد الجليل: “يدعي التيار الإسلامي أن المرحوم كان يسعى لتفشيل عمل حلف شمال الأطلسي (ناتو) حتى لا تنتصر الثورة، واستشهدوا بقوله في مؤتمر صحفي إن (الناتو) مش تاج فوق رؤوسنا فلقد نفد صبرنا وللصبر حدود، وكانت تلك الفترة هي التي تباطأ فيها عمل المجتمع الدولي انتظارًا لخارطة الطريق، التي استغرقت أكثر من شهر بين مناقشات مع المكتب التنفيذي في عدة اجتماعات، ومع مؤسسات المجتمع المدني في بنغازي ومع أساتذة الجامعة، ولم يكن للعسكريين علم بذلك الأمر، كما استشهدوا بما أثبتته قناة العربية من صناديق خشبية مكتوب عليها الهلال الأحمر القطري، وتفتح بالجبهة وإذا بها صواريخ مضادة للدبابات (صواريخ الميلان) التي أمدتنا بها دولة قطر، وأسندوا هذا الخلل المتعمد للمرحوم الشهيد عبدالفتاح يونس، وأنا على يقين أنه بريء -والكلام دوما لعبد الجليل- من ذلك”.

وتابع عبد الجليل مفندّا الاتهامات التي ساقها الإسلاميون بحق يونس قائلا إن “الصواريخ سلمها القطريون للمجموعات الإسلامية الموجودة بمعسكر 17 فبراير بقاريونس، ودربوهم عليها، وحضر بعض أعضاء المجلس مشروع رماية تجريبية عنها، فهذا الموضوع لا علاقة لجيش التحرير بهذا الأمر”.

وأضاف عبد الجليل أن الإسلاميين اتهموا اللواء يونس بالتواصل مع عبد الرحمن الصيد (رئيس أركان القوات الليبية في نظام القذافي) علما أن المجلس الوطني كان على علم أن الصيد كان يقف مع الثورة وكان هناك محاولات لتأمين انشقاقه.

وواصل عبد الجليل: “استشهدوا بعدم قيام المرحوم عبدالفتاح يونس بقفل الرادار الخاص بقاعدة بنينا لأنه يعكس معلومات لطرابلس، ونسي الجميع أن الطائرات المكلفة بقصف الثوار اثنتان منها هبطتا في مالطا يوم 22 شباط/فبراير 2011، والأخريات تعمد طياروها عدم إصابة الأهداف الحيوية، فتم قصف المطار بعيدًا عن المدرج في مطار بنينا، ولم يتضرر الثوار من ذلك الطيران في أي مكان وعلي أي نحو..”

ولم يفند أحد من قيادات الإسلاميين ما جاء في شهادة المستشار عبد الجليل أو يرد عليها.

القصة المؤكدة عن مقتل عبد الفتاح يونس، أنه بناء على تقارير اتهام الإسلاميين للواء يونس بالخيانة، أصدر علي العيساوي، وكان رئيس الوزراء بالوكالة، قراراً بتاريخ 25 تموز/ يوليو 2011 ينص على تشكيل لجنة قضائية، أصدرت بدورها، في اليوم نفسه أمراً بالقبض على اللواء يونس وإيداعه التحفظ لحين مباشرة الاستدلال والتحقيق بتوقيع من رئيس اللجنة القضائية.

نفّذ أمر القبض على اللواء يونس، الذي كان موجودا في جبهة البريقة، مجموعة إسلامية متطرفة تابعة لكتيبة “أبو عبيدة” يقودها القاعدي ”أحمد بو ختالة”.

أقدمت مجموعة بوختالة، بنية مبيتة، على إعدام اللواء يونس ومرافقيه الاثنين بالرصاص، ثم حُرقت جثثهم في منطقة مهجورة تسمى “وادي القطارة” على بعد نحو 40 كيلومترًا من بنغازي.

وسيمثل اغتيال اللواء يونس ومرافقيه بطريقة وحشية داعشية بداية موجة اغتيالات متلاحقة لعناصر الجيش النظامي على يد الجماعات الإسلامية التكفيرية.

أما بوختالة المتهم الرئيس في قتل يونس ومرافقيه فسوف تتهمه الحكومة الأمريكية بقتل السفير الامريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين اخرين في الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي في 11 أيلول/سبتمبر 2012.

ثم في 15 حزيران/يونيو 2014 تم اعتقال بوختالة في ضواحي بنغازي على يد قوة أمريكية في عملية سرية، ونقله لمحاكمته على الأراضي الأمريكية.

مقالات الرأي في موقع “مراسلون” تعبر عن رأي كتّابها وليس عن رأي الموقع بالضرورة.