بدأت أزمة العطش تفتك بأهالي قرى محافظة الدقهلية منذ بداية رمضان الماضي كعادتها كل عام وما زالت مستمرة. فقد شهدت الأسابيع الماضية تجمهرا للأهالي أمام مبنى محافظة الدقهلية وأمام صهاريج المياه التى توفرها شركة مياه الشرب بالدقهلية فى القرى التى تعانى من الازمة.
“مراسلون” كان له جولة فى بعض القرى رصد فيها معاناة الاهالي للحصول على مياه الشرب.
الاعتماد على مياه الفنطاس
بدأت أزمة العطش تفتك بأهالي قرى محافظة الدقهلية منذ بداية رمضان الماضي كعادتها كل عام وما زالت مستمرة. فقد شهدت الأسابيع الماضية تجمهرا للأهالي أمام مبنى محافظة الدقهلية وأمام صهاريج المياه التى توفرها شركة مياه الشرب بالدقهلية فى القرى التى تعانى من الازمة.
“مراسلون” كان له جولة فى بعض القرى رصد فيها معاناة الاهالي للحصول على مياه الشرب.
الاعتماد على مياه الفنطاس
في عزبة الصفيح وعزبة الهويس التابعتين لحي شرق المنصورة بالدقهلية تنقطع المياه عن حوالي 30 ألف أسرة منذ أكثر من شهرين. محمود ابراهيم “عامل ” من عزبة الهويس يقول “أزمة مياه الشرب بدأت من قبل بداية شهر رمضان بأيام ولا يجد الاهالي مياه للشرب او الاستحمام أو الاستخدام الشخصي، وحتى المياه التى كانت تصل للعزبة مختلطة بالصرف الصحي لم تعد تصل. ولا يوجد صيانة لمحطات المياه ولا اهتمام بالعزبة بذريعة انها منطقة عشوائية لا تتواجد على مخططات المحافظة”.
تقول فاطمة عثمان أحد الاهالي بعزبة الصفيح ” نعتمد على مياه الفنطاس (الصهاريج) التى ترسلها شركة المياه وعلى مياه “القناية” فيأتي آلاف من أرباب وربات الأسر فى العاشرة صباحا على مدخل العزبة منتظرين وصول فنطاس المياه الذي لا يزيد عن 4000 لتر ولا يكفي حاجة 30 ألف اسرة وتبدأ المشاجرات على ملء مياه للشرب، وبعدها نقوم باستخدام مياه القناية (الترعة) لغسيل الصحون والملابس واستحمام الاطفال”.
القرى في نهاية الشبكة
أزمة مياه الشرب تتكرر فى هذا الوقت من كل عام. لكن ما هو السبب؟
المهندس عزت الصياد رئيس شركة مياه الشرب بالدقهلية يقول إن سبب انقطاع مياه الشرب هو وجود القرى فى نهاية الشبكات وبالتالي ضعف الماء الواصل إليها، وكذلك بسبب ضغوط اعمال ربط الشبكات وتأخر تنفيذ بعض مشروعات التوسع فى محطات المياه. فالمشاكل متواجدة فى ميت سلسيل وقرى الجمالية التابعة لمدينة المنزلة وكذلك قرى مركز المنصورة.
ويؤكد الصياد أن الازمة سيتم حلها فى قرى الجمالية والمنزلة وميت سلسليل بعد افتتاح محطة مياه منية النصر فى شهر آذار/مارس القادم وانه سيتم حل مشكلة انقطاع المياه فى قرى مركز المنصورة بعد الانتهاء من توسعات محطة مياه ميت خميس.
أزمة العشوائيات
لكن الأزمة لها سبب آخر بحسب تصريحات المسؤولين، وهو ظهور الأحياء العشوائية التي ترتبط بشبكة المياه عبر عدد كبير من المواسير غير المجهزة لهذا الغرض، فتنقطع المياه عن هذه الأحياء بسبب زيادة الضغط في موسم الصيف والحر.
أنشئت عزبة الصفيح التي تعاني من شح المياه عام 1979 وبدأ تحديد تبعيتها إلى حي شرق المنصورة عام 1985 وتم تخصيص مبلغ 50 مليون جنيه عام 2005 لمشروعات المياه والصرف الصحي فيها. إلا أن الأهالي يقومون بتصفية مياه الصرف الصحي بالمجهودات الذاتية بمبلغ 45 جنيه في الاسبوع تدفعه كل أسرة.
ابراهيم قطان أحد اهالي عزبة الصفيح بمحافظة الدقهلية التي تعاني من شح المياه يقول في هذا السياق إن منطقة عزبة الصفيح والهويس أغلبها تعديات ولم يتم دخول المياه بشكل رسمي الا فى منزلين او ثلاثة وباقى الاهالي يحصلون على المياه من تعديات على الشبكة كما هو الحال فى قرى البر الثاني من ترعة المنصورية.
ويضيف الصياد: “عندما ذهبنا الى المسئولين فى المحافظة كان رد المسئولين ان عزبة الصفيح خارج المخطط بالمحافظة”.
مخاطر الطلمبات
في قريتي الشوارب وجميزة بلجاي التابعتين لمدينة سندوب حيث يقطن حوالي 5 آلاف نسمة يعاني الأهالي من انقطاع المياه الدائم، لذلك عمدوا إلى ما يسمى بالطلمبات الحبشية التي تدق على عمق منخفض، لاستخراج مياه جوفية يستخدمونها في الغسيل والطبخ.
يقول ابراهيم رزق أحد سكان القرية “نقوم بتجميع الاهالي على عربات كارو يوميا فى التاسعة مساءا متجهين الى عزبة التسعين التى تبعد عنا حوالى 2 كيلو متر وخلال ربع ساعة تصل عربات الكارو محملة بالاهالي وجراكن المياه (عبوات بلاستيكية) إلى أحد صنابير المياه التي جعلها أحد أهالي عزبة التسعين سبيل لله ونقوم بملء مياه الشرب وحاجتنا من المياه للشرب، بينما نعتمد على مياه الاستخدام الشخصي للاستحمام والغسيل من الطلمبات الحبشية والبالغ عددها حوالى 3 آلاف بمعدل طلمبة أمام كل منزل”.
إلا ان مياه الطلمبات الحبشية لها اضرار كبيرة بسبب استخدامها فيقول د.علي المنيلاوي استشاري الكبد والجهاز الهضمي بالمنصورة إن “مياه الطلمبات الحبشية هي في الأساس مياه جوفية تظهر نتيجة ارتشاح مياه صرف صناعي أو زراعي أو مياه النيل وتختلط بالسباخ والمواد الكربونية فى التربة ونسبة كبيرة من المواد الضارة، ولا يتم معالجتها كما هى المياه فى محطات المياه وتتسبب فى انتشار امراض الفشل الكلوي وأمراض النقرس والتسمم البكتيري”.
ويضيف د.علي أنه كلما كانت الطلمبة الحبشية على عمق كبير كلما كانت صحية أكثر فالآمن ان تكون على عمق 30 متر إذ تتم فلترتها كلما كانت عميقة، إلا أن الطلمبات الموجودة غالبيتها على عمق 15 متر وتسبب لامراض.
ولا تلوح حتى الآن بوادر لحل أزمة المياه في ريف مصر، فأزمة سد النهضة الأثيوبي لم تحل بشكل نهائي بعد، والحكومة المصرية لم تعلن عن مشاريع بنية تحتية تتعلق بقطاع المياه.