في أحد نزل القنطاوي بمدينة سوسة الساحلية جنوب العاصمة جلس أشرف الشاب الجزائري صاحب العشرين ربيعا على إحدى الكراسي المتاخمة لمسبح النزل، في يده اليمنى نرجيلة فيما يحمل باليسرى هاتفه الجوال يخاطب أحد أصدقائه في الجزائر ويدعوه بلهفة إلى زيارة المدينة التي تعرضت في آخر شهر حزيران/يونيو الماضي إلى هجوم إرهابي أدى إلى مقتل 38 سائحا.
في أحد نزل القنطاوي بمدينة سوسة الساحلية جنوب العاصمة جلس أشرف الشاب الجزائري صاحب العشرين ربيعا على إحدى الكراسي المتاخمة لمسبح النزل، في يده اليمنى نرجيلة فيما يحمل باليسرى هاتفه الجوال يخاطب أحد أصدقائه في الجزائر ويدعوه بلهفة إلى زيارة المدينة التي تعرضت في آخر شهر حزيران/يونيو الماضي إلى هجوم إرهابي أدى إلى مقتل 38 سائحا.
كان النزل يضج بالحياة والحركية، والجميع مسترخ سواء من خلال المرح في المسبح أو على جنباته، لكن ما يلفت الانتباه هو أن أغلب المقيمين في هذا النزل من فئة أربع نجوم هم من العرب وتحديدا من تونس والجزائر، في حين بالكاد يوجد سياح أوروبيين عددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة معظمهم من جمهورية تشيكيا.
تونس أفضل وأنسب!
ليس بعيد عن أشرف كانت إحدى العائلات الجزائرية المتكونة من أب وأم وطفلين جالسة قبالة المسبح في انتظار موعد الغذاء، وتبدو على محياهم علامات السعادة والرضى بالنظر إلى جودة الخدمات المقدمة لهم في هذا النزل المطل على شاطئ البحر.
يقول أشرف الذي حل قبل أيام مع عائلته لقضاء عطلة الصيف في تونس إنه دأب على زيارة تونس وتحديدا مدينة سوسة منذ كان في سن العاشرة.
ورغم أن عائلته ميسورة الحال وبمقدوره القيام برحلات سياحية إلى أوروبا أو المغرب البلد المجاور إلا أن جميع أفراد أسرته يصرون دوما على اختيار تونس كوجهة سياحية أنسب وأفضل لهم.
ورغم الاعتداء الذي شهدته المدينة في يونيو/ حزيران الماضي وإلغاء حجوزات أغلب السياح الأوروبيين إلا أن عددا كبيرا من الجزائريين فضلوا قضاء عطلهم في تونس.
ويفسر الهادي (44 سنة) وهو أب لطفلين أن “الجزائريين يجدون راحتهم ومتعتهم في تونس”، مضيفا أن الأسعار في المتناول مقارنة بعدة دول أخرى بما في ذلك دول عربية مجاورة وأن جودة الخدمات المقدمة في أغلب النزل السياحية تشجع من وجهة نظره أغلب العائلات الجزائرية على القدوم إلى تونس.
أسعار الشقق انخفضت
تشير الأرقام إلى أن عدد السياح الجزائريين القادمين إلى تونس قد يتجاوز مليون ونصف مليون سائح هذا العام أغلبهم اختار تمضية عطلته الصيفية في المدن الساحلية مثل سوسة والحمامات ونابل والمنستير وأيضا جزيرة جربة الساحلية والواقعة في الجنوب التونسي.
وبذلك تتقدم الجزائر لتحتل المرتبة الاولى في عدد السياح الوافدين على حساب السوق المانيا وكذلك فرنسا وهما المصدر التقليدي للسياحة التونسية.
وتشير بعض التقديرات أن نسبة السياح الجزائريين المقيمين في النزل التونسية بعد العملية الإرهابية في نزل أمبريال بسوسة تناهز 75 بالمائة، في حين تبلغ نسبة بقية السياح الأجانب الذين وأغلبهم من البلدان أوروبا الشرقية حوالي 10 بالمائة.
أما التونسيون الذين استغلوا انخفاض أسعار النزل فقد قدرت نسبتهم بحوالي 15 بالمائة من مجموع مرتادي الفنادق التونسية والوحدات السياحية مباشرة بعد شهر رمضان.
وليس بعيدا عن الوحدة السياحية “القنطاوي”، فضل الطالب الجزائري لمين (23 سنة) بمعية بعض أقرانه القادمين معه من مدينة بسكرة الجزائرية أن يكتري بعض الشقق الموجودة بكثرة في منطقة شط مريم.
واعتبر أن أسعار هذه الشقق المفروشة انخفضت كثيرا هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية، قائلا “لدي عشق مستمر لتونس وخاصة مدينة سوسة، حيث لا تختلف العادات كثيرا عما موجود في الجزائر، كما أن ظروف الإقامة في سوسة جيدة للغاية وبمقدوري أن أحظى بعطلة رائقة لا تكلفني الكثير”.
وشاطره الرأي صديقه محمد (22 سنة) القول مؤكدا أنه فضل القدوم مع صديقه عوضا عن السفر إلى فرنسا مع بقية أفراد عائلته.
هؤلاء الشبان عبروا أيضا عن تضامنهم مع الشعب التونسي بعد تراجع السياحة التونسية التي ترتكز في السابق على السوق الأوروبية، وذلك عقب الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت هذا العام السياح الأجانب ما تسبب في إلغاء أغلب الحجوزات.
ويقول الشاب الجزائري لمين إن الإرهاب الذي عانت منه الجزائر وعايشه في التسعينات، “لم يؤثر في قلوب الجزائريين، بل جعلهم من وجهة نظرهم يتعايشون معه برغبة جامحة في الحياة”.