مضت تسعة أشهر على استقرار الصحفي الليبي محمد عاشور في مدينة اسطنبول بتركيا، بعد مغادرته مدينة بنغازي (شرق ليبيا) التي لم يستطع مواصلة عمله الصحفي فيها، نظراً لتعرضه للتهديد من طرفيّ النزاع بالمدينة.

عاشور (43 عاماً) يقول وآثار الصدمة ترتسم على وجهه إنه تعرض للقذف والتشهير من قبل أحد زملائه بأول مؤسسة إعلامية عمل فيها “أجواء نت” قبل أن يتم اقتحامها وسرقتها في تشرين ثاني/نوفمبر 2014، إذ قام زميله بنشر صور له ولآخرين على الفيس بوك تحمل عبارات مسيئة.

مضت تسعة أشهر على استقرار الصحفي الليبي محمد عاشور في مدينة اسطنبول بتركيا، بعد مغادرته مدينة بنغازي (شرق ليبيا) التي لم يستطع مواصلة عمله الصحفي فيها، نظراً لتعرضه للتهديد من طرفيّ النزاع بالمدينة.

عاشور (43 عاماً) يقول وآثار الصدمة ترتسم على وجهه إنه تعرض للقذف والتشهير من قبل أحد زملائه بأول مؤسسة إعلامية عمل فيها “أجواء نت” قبل أن يتم اقتحامها وسرقتها في تشرين ثاني/نوفمبر 2014، إذ قام زميله بنشر صور له ولآخرين على الفيس بوك تحمل عبارات مسيئة.

ويقول الصحفي إن الوضع الأمني والمعيشي في بنغازي أثر سلباً على أداء عمله، فامتنع عن إبداء رأيه تجاه الأزمة في ليبيا خوفاً على سلامة أهله.

نزوح جماعي للإعلاميين

هذه الأزمة، أو بتعبير أدق هذا النزوح الجماعي للإعلاميين، كان لافتا للانتباه على مستوى الاهتمام العالمي بالإعلام. وذكرت مديرة البرامج في منظمة مراسلون بلا حدود “لوسي موريون”، في تقرير نشرته المنظمة في نيسان/أبريل 2014، أن انعدام الأمن الكلي الذي يطغى حالياً على عمل الصحفيين في ليبيا يكاد يجعل من المستحيل عليهم أداء مهامهم الإخبارية، مما يتسبب في نزوح جماعي للإعلاميين إلى الدول المجاورة“، مضيفة أن هذا الوضع يبعث على القلق بشكل متزايد نظراً للدور الحيوي الذي من المفترض أن تضطلع به وسائل الإعلام في مناطق النزاع، ولذلك ينبغي أن تكون سلامة الصحفيين على رأس أولويات الجهات المعنية في ليبيا، الوطنية منها والدولية.

اعتداءات واعتقالات

المركز الليبي لحرية الصحافة (منظمة غير حكومية) رصد 38 حالة اعتداء على الحريات الإعلامية خلال الربع الأول للعام الجاري، أغلبها عمليات اعتقال قسري واقتحام لوسائل إعلامية. وسجلت وحدة الرصد سبعة حالات اعتقال قسري للصحفيين و16 حالة تهديد ومنع من العمل، إضافة إلى 15 حالة اعتداء ضد وسائل إعلامية.

من جهته، سجل المركز الليبي للدفاع عن حرية الصحفيين “حصن” (منظمة غير حكومية) 29 حالة اعتداء على صحفيين ومؤسسات إعلامية، خلال شهريّ أيلول/سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر الماضيين، ما دفع لهروب عدد منهم إلى خارج البلاد بحثاً عن مكان آمن.

نقطة بداية

طريق طويلة تفصل عاشور عن مدينته بنغازي، وشعور بالغربة والحنين كان يسيطر عليه وهو يعبر عن رغبته بالرجوع إلى أهله ومؤسسته التي كانت نقطة البداية في مشواره الإعلامي.

الصحفي الذي تعبر ملابسه عن البساطة والأناقة، وصف وضعه المهني والمعيشي في تركيا بالجيد، حيث يعمل مشرفا لغرفة الأخبار في قناة “الرائد” الفضائية ومديرا لبرامجها، موضحاً أنه يشعر بالأمن خلال عمله الصحفي ونقله للأحداث التي تخص بلاده ومدينته بنغازي للمواطن دون أي قيود أو ضغوط .

كثرٌ غير عاشور أولئك الذين يعانون ولكن في الطرف المقابل، فذات المشهد تكرر مع الصحفي بقناة “العاصمة” بهاء الدين الشريف، الذي سلك طريق الهجرة إلى تركيا بعد تلقيه تهديدات على خلفية نشر قوائم من قبل تشكيلات مسلحة بطرابلس تتضمن أسماء صحفيين لغرض اعتقالهم، الأمر الذي جعله ملاحقا لمدة سبعة أشهر، هاربا من العاصمة طرابلس إلى منطقة الغريفة (أقصى الجنوب الليبي) بعد حرق مقر عمله في آب/أغسطس 2014.

يؤكد الشريف (26 عاماً) والذي هاجر إلى تركيا في شباط/فبراير الماضي أنه لن يعمل كصحفي في ليبيا والخوف يلاحقه في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة ولن يرغب في العودة إلى الوطن إلا بعد توفير الاستقرار الأمني .

ويضيف الشريف بأن العمل الإعلامي في ليبيا أصبح يشكل خطراً في الآونة الأخيرة على حياة الصحفيين خصوصاً المراسلين على الأرض أثناء تأدية مهامهم، نظراً لما وصفه بالتعديات المتكررة من قبل جماعات غير قانونية، معرباً عن أمله في وضع ميثاق شرف صحفي وقانون يضمن سلامة الصحفيين في كافة مناطق ليبيا .

تهديد واعتقال

“لم يعد هناك إعلام محايد في ليبيا، وتعرضت للتهديد بالخطف والقتل” هذا ماقاله لـ “مراسلون” الصحفي الليبي سليمان الباروني الذي غادر ليبيا في أيلول/سبتمبر 2014 إلى مصر.

الباروني 23 عاماً، والذي كان يعمل كأول مراسل لشبكة “روسيا اليوم” بطرابلس قال إن مسلحين أوقفوه عند بوابة عسكرية بمدينة الزاوية (40 كم غرب طرابلس) في آب/أغسطس الماضي، أثناء عودته من مقر عمله إلى مدينته الأم جادو بجبل نفوسة، فاعتُقل 5 أيام بتهمة التحريض على الفتن والانقلاب على ثورة فبراير لكنه لم يتعرض إلى التعذيب حسب قوله.

ويضيف “عدنا إلى نقطة الصفر التي انطلقنا منها بعد سقوط النظام، ولايوجد أي قانون في ليبيا يحمي الصحفيين”.

ويروي الباروني أن عمله الحالي في راديو وتلفزيون “الوسط” بمصر منحه بعض الحرية في التنقل وتقديم الأحداث على “حياد”، فهو يعمل مذيع أخبار وبرامج حوارية بشبكة “الوسط”.

ويقول” بداخلي اشتياق كبير إلى الشارع الليبي والعمل كمراسل، لقد أرغمتني الظروف على مغادرة الوطن ولكني سأعود إليه يوماً ما”.

قوانين غائبة

رئيس هيئة دعم وتشجيع الصحافة بطرابلس محمود أبوشيمة صرح لـ “مراسلون” أن الصحفي في ليبيا يواجه صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومة الحقيقية جراء الاعتداءات الأمنية التي يتعرض لها في بعض المناطق أثناء تأدية مهامه الصحفية مشيرا إلى أن إدارته خاطبت حكومة طرابلس لإصدار قوانين صارمة تضمن سلامة وحقوق الصحفيين.

أبو شيمة، أعرب عن آمل هيئة دعم وتشجيع الصحافة، في تعزيز الحريات الأساسية والحق الدائم في حرية التعبير التي تكفل استقلال وتعدد الاراء وتنوع ر الافكار في مناخ حر ديمقراطي وبيئة آمنة دون المساس بالثوابث الوطنية.

أما رئيس هيئة الإعلام الخارجي المكلف من قبل مجلس النواب بطبرق عريش سعيد فقد أكد أن الهيئة بصدد إعداد قاعدة بيانات لكل الصحفيين الليبيين المهجرين قسراً خارج بلادهم بسبب الأوضاع الأمنية، و من ثم وضع خطة شاملة لرعايتهم و متابعة أوضاعهم والاستفادة من وجودهم في الساحات الإعلامية في البلدان الموجودين بها، كل ذلك يقول رئيس الهيئة “في خدمة المصلحة الوطنية العليا و بما يحقق الأهداف المرجوة ضمن الرؤية الشاملة لهيئة الإعلام الخارجي”.

الصحفيون عاشور والشريف والباروني، نماذج عن فئة كبيرة من الصحفيين الليبيين هاجروا لدول أخرى بعد تردي الأوضاع الأمنية في بلدهم واستهداف مؤسساتهم الإعلامية، إلا أنهم واصلوا عملهم الصحفي خارج ليبيا سعياً منهم لنقل الحقيقة.

وكانت منظمة “مراسلون بلا حدود” قد أحصت سبعة اغتيالات من بينهم الصحفيين مفتاح أبوزيد وعبد السلام المسماري فضلاً عن 37 عملية اختطاف للإعلاميين خلال الثلاث السنوات الأخيرة، حيث لجأ أكثر من 40 صحفياً ليبياً إلى الفرار من البلاد خلال عام 2014 بحسب المنظمة.