كشف عثمان بطيخ وزير الشؤون الدينية في حديث لـ “مراسلون” بأن هناك خططا حكومية لإعادة تأهيل المقاتلين العائدين من سوريا وترشيد الخطاب الديني نافيا وجود خطة لدى الوزارة لتوحيد خطبة الجمعة في كافة مساجد البلاد. إليكم الحوار:
مراسلون: هل لا زالت هناك مساجد خارجة عن سيطرة الدولة حاليا؟
كشف عثمان بطيخ وزير الشؤون الدينية في حديث لـ “مراسلون” بأن هناك خططا حكومية لإعادة تأهيل المقاتلين العائدين من سوريا وترشيد الخطاب الديني نافيا وجود خطة لدى الوزارة لتوحيد خطبة الجمعة في كافة مساجد البلاد. إليكم الحوار:
مراسلون: هل لا زالت هناك مساجد خارجة عن سيطرة الدولة حاليا؟
عثمان بطيخ: لم يعد هناك شيء اسمه خارج عن السيطرة لأن الدولة لا تفرط في المساجد للتكفيريين وهي تضع تحت نظرها جميع المساجد على كامل تراب الجمهورية، وفي هذا السياق تقوم وزارة الداخلية بتنفيذ جميع القرارات الصادرة بهذا الشأن وإبعاد العناصر المتشددين والتكفيريين والذين لديهم خطاب تحريضي.
هناك في كل ولاية لجنة جهوية متكونة من الواعظ الجهوي وممثل عن وزارة الداخلية ووزارة التجهيز ويرأسها والي الجهة مهمتها متابعة الشأن في المساجد، وتقوم هذه اللجنة بعقد اجتماع كل أسبوع للنظر في الاخلالات والتجاوزات في المساجد ورفع تقارير للوزارة التي بناء عليها يتم إصدار قرارات بشأن المخالفين للقانون وتنصيب إطار ديني معتدل.
صحيح أن هناك بطء أحيانا في التنفيذ لاسترجاع المساجد المنفلتة لكن ذلك يعود لصعوبة ايجاد إطار جديد معتدل تتوفر فيه الشروط المطلوبة كالشهادة العلمية والاختصاص في الشريعة أو التربية الاسلامية والمستوى الأخلاقي وحسن السيرة والسلوك.
كما أن هناك أحيانا عزوفا لدى جزء ممن تتوفر فيهم الشروط، خوفا من مشاكل قد تعترضهم مع السلفيين. لكننا نشجعهم على تحمل المسؤولية باعتبار أن الدولة تقوم بواجبها وتتصدى للفوضى داخل المساجد التي تجبر الإمام المعين من قبل الوزارة على النزول من المنبر.
س: كم عدد الوعاظ الذين تعتمدهم الوزارة وتستعين بهم في لترشيد الخطاب الديني؟
ج: هناك حاليا أكثر من 600 واعظ تقريبا أي بمعدل واعظ أو أكثر في كل معتمدية ونحن بصدد التحضير لفتح مناظرات بهذا الخصوص علما ان الوعاظ ينقسمون إلى أصناف فهناك وعاظ محليون يتواجدون في المعتمديات وهناك وعاظ جهويون يتواجدون على مستوى الولاية وهم عادة الاكثر أقدمية وخبرة ومن بين مهامهم تأطير الوعاظ المحليين وتوجيههم ومراقبة خطبهم وإبلاغ الوزارة بالتجاوزات.
س: منتقدوكم وخاصة الأئمة المعزولين قالوا في أكثر من مناسبة إنكم أرجعتم أئمة محسوبين على النظام السابق هل هذا صحيح؟
ج: الإمام يقوم برسالة دينية والمبدأ المعمول به في الدستور التونسي هو تحييد المساجد عن كل ما هو سياسي ومن يرغب في العمل السياسي بإمكانه الالتحاق بالأحزاب وهي كثيرة وله كامل الحرية في ذلك، أما كل من يلتحق بالإمامة فعليه خلع جبة كل ما هو سياسي وأن يخاطب الناس في دينهم فقط ومن أعدناهم من الأئمة هم في الحقيقة من أنزلهم السلفيون بالقوة من المنابر وطردوهم بشكل تعسفي.
س: انتقدت وزارتكم أداء بعض الوجوه المحسوبة على التيار السلفي على غرار الشيخ بشير بن حسن وعزلته عن الإمامة ماهي أسباب ذلك؟
ج: في الحقيقة لمسنا أن هناك خطابا تحريضيا من طرف بعض الوجوه وليس البشير بن حسن فقط من يعمد إلى بث مثل هذا الخطاب رغم أنه يباشر الإمامة دون قرار وزاري لأنه وقع عزله منذ مدة واعتلى المنبر مجددا دون صفة قانونية.
وهناك أيضا رئيس حزب التحرير رضا بالحاج الذي بلغ درجة لا تطاق فهذا الرجل ضد الدولة والانتخابات ولا يعترف بالديمقراطية وهو رئيس حزب ويمارس العمل السياسي ويقوم بالإمامة وهذا يتنافى مع شروط الإمامة.
لكن هناك أئمة أخرون كانوا يسيرون على نفس الشاكلة ثم عدّلوا عن خطابهم بعد تنبيههم إلى ذلك والتحاور معهم.
س: ما رأيك في دعوات حزب التحرير الإسلامي المتكررة لإقامة دولة الخلافة في تونس؟
ج: هذه الدعوة ليست سوى دعوة إلى الفوضى ونحن نرفض بشدة هذا الخطاب تماما. عن أي خلافة يتكلم هذا الحزب؟ فهذه أشياء مستحيلة لا تتماشى مع واقعنا وعصرنا وهذه أشياء خيالية.
س: هل هناك نية لتوحيد خطب الجمعة داخل جميع المساجد في البلاد؟
ج: لقد تجنبنا المضي في هذا التوجه رغم أنه خيار مريح بالنسبة للوزارة وقد استجبنا لطلب جزء من الأئمة الذين طالبوا بأن تترك لهم حرية اختيار مواضيع الخطبة وكيفية صياغتها فقبلنا هذا شرط في حال لم تتحول هذه الحرية إلى فوضى وعلى أساس أن يتقيد الجميع بالدستور وأن يحترم الجميع حريته وحرية الوزارة في تطبيق القانون على المتجاوزين.
لكن في حال حصول تجاوزات فإننا نقوم بلفت نظر الأئمة في المناسبات الدينية خاصة في شهر رمضان والمولد النبوي الشريف والأعياد الوطنية وكذلك عندما تعترض البلاد إلى هجمات إرهابية مثل اعتدائي باردو وسوسة وقتها نبهناهم إلى ضرورة التنديد بهذا العمل الارهابي وتوعية الناس إلى مخاطر الإرهاب.
س: ماذا خططت وزارة الشؤون الدينية لترشيد الخطاب الديني في ظل هذا الوضع المتوتر؟
ج: لقد قمنا ببرنامج موسع يشمل جميع المساجد من خلال تنظيم الدروس الفقهية التي يقدمها الأئمة والوعاظ خاصة خلال شهر رمضان بصفة يومية تقريبا في المساجد وأيضا في وسائل الإعلام من خلال حصص تلفزية دينية يومية بطريقة بسيطة وسلسة وخطاب مبسط ومواضيع مختلفة.
كما أننا نوجه عناية كبيرة إلى مواطنينا بالخارج إذ نرسل إليهم مجموعة من الوعاظ والأساتذة لإلقاء الدروس والتحاور معهم كما نرسل لهم أئمة يصلون بهم صلاة التراويح في شهر رمضان ووضعنا على ذمتهم دروس صيفية في اللغة العربية وأصول الدين في معهد الشريعة وأصول الدين وبإمكانهم الالتحاق عند عودتهم لتقضية العطلة في تونس .
س: هل تفكرون في إعادة تأهيل المقاتلين العائدين من بؤر التوتر لانتشالهم من التطرف؟
ج: نحن نقوم بكل ما في وسعنا لإعادة تأهيل العائدين من بؤر التوتر وليدنا وعاظ يزورون السجون ويسعون إلى إرجاع هؤلاء المتشددين إلى الاعتدال وإقناعهم بهذه المبادئ وهناك من يرفض تماما خطاب الاعتدال في حين يتفاعل آخرون معه ويعبرون عن ندمهم، وهذا العمل يتطلب جهدا ووقتا قبل جني ثماره.
س: بعد تصريحك أكثر من مرة بأن لا حرج في منع النقاب هل تحركت السلطة السياسية في هذا الاتجاه؟
ج: نعم صرحت بذلك وهذا رأيي الشخصي وليس رأي الدولة ورأيي لا ألزمه على أحد، ولباس النقاب يدخل في باب الحرية الشخصية، لكنه ليس من الدين في شيء وهو ليس بلباس شرعي.