يؤكد الوزير التونسي المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في حوار خاص مع “مراسلون” إنّ الحكومة التونسية شرعت في إجراءات حلّ جمعيات يشتبه في دعمها للإرهاب.
وتحدث كمال الجندوبي في هذه المقابلة عن محاولة أطراف سياسية ودول نفطية توظيف التحركات الاجتماعية الاحتجاجية الجارية في البلاد للإطاحة بالحكومة وتوتير مناطق الجنوب.
يؤكد الوزير التونسي المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في حوار خاص مع “مراسلون” إنّ الحكومة التونسية شرعت في إجراءات حلّ جمعيات يشتبه في دعمها للإرهاب.
وتحدث كمال الجندوبي في هذه المقابلة عن محاولة أطراف سياسية ودول نفطية توظيف التحركات الاجتماعية الاحتجاجية الجارية في البلاد للإطاحة بالحكومة وتوتير مناطق الجنوب.
مراسلون: بعد الاعتداءات المسلحة الأخيرة قررت وزارتك منع نشاط جمعيات يشتبه في تورطها بالإرهاب، فكم بلغ عدد الجمعيات التي تعتزمون حلها؟
الجندوبي: في اكتوبر/تشرين الأول 2013 تمّ حصر الشبهة في 157 جمعية ذات طابع ديني حسب معطيات أمنية دقيقة. وفي آب/أغسطس من عام 2014 تمّ عرض الأمر على الكتابة العامة للحكومة التي تولت بالتنسيق مع السلط الجهوية إيقاف وتعليق نشاط 131 جمعية تحوم حولها شكوك قوية لتورّطها في الإرهاب، بينما لم يشمل قرار تعليق نشاط 19 جمعية أخرى، في حين اندثرت 7 جمعيات من الجمعيات المشبوهة.
ومن بين 157 جمعية وقع تجميد أنشطتها 42 جمعية غير قانونية وقد رفعنا الأمر للمحكمة الإدارية وجاري الصدور أحكام ضدّها.
وحاليا لدينا أكثر من 70 جمعية دينية مشبوهة في أنشطتها وتمويلاتها بخلاف 157 جمعية نحن بصدد العمل على حلّها قضائيا.
ما حقيقة التسريبات التي تتحدث عن إجراء تحوير وزاري مرتقب على الحكومة؟
منذ أن تولى الحبيب الصيد رئاسة الحكومة والكل يتحدّث عن تحوير وزاري وبالتالي فإن الحديث حول هذا التحوير كان موجودا حتى قبل أن تقع المصادقة على الحكومة.
كيف تقيّم أداء الحكومة التونسية بعد انقضاء أكثر من مائة يوم على مهامها؟
أنا أعتبر أن أداء الحكومة فيما يتعلّق بتسيير دواليب الدولة أداء ايجابي وحازم وخصوصا فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب.
صحيح حصلت هناك أخطاء لكنها لا تحجب حقيقة أن الحكومة نجحت في تسيير الدولة واسترجاع النسق الطبيعي لهذا التسيير.
ما هي نقاط ضعف الحكومة؟
اعتقد بأن أبرز نقاط ضعف الحكومة تتعلق بغياب تواجد سياسي مؤثّر لها، فنحن لا نملك إلى اليوم خطابا سياسيا يعرّف ببرنامج الحكومة وهذا لم يحدث لأن الحكومة هي في النهاية تركيبة حزبية وليس تحالف أو ائتلاف له برنامج ورؤية مستقبلية مشتركة.
أما من النقاط الضعف الأخرى فهي الاتصال الذي يرتبط عضويا بالخطاب السياسي لكن رئيس الحكومة واع بهذه المسائل وهو يسعى جاهدا لأن يكون للحكومة الحالية خطة اتصالية ناجعة.
ما هي الملفات الحكومية التي ترى اليوم أن هناك فشلا في معالجتها؟
هناك بعض الملفات المتعثّرة كملف الخارجية الذي ورثنا فيه تركة ثقيلة ولكن في المقابل توجد بعض النجاحات في وزارات أخرى مثل وزارات التجهيز والفلاحة والصناعة والشباب والرياضة.
كيف تنظرون إلى بعض التحركات الاجتماعية مثل حملة “أين البترول؟”. هل تعتقدون بأنها محاولة لإرباك وتعطيل الحكومة؟
حملة “أين البترول؟” هي حق أريد به باطل وهي حملة أطلقت من خارج تونس من أحد دول الشرق ومن بلد تبيع الغاز تحديدا.
تحركات هذه الحملة مشبوهة وكانت تسعى لإدخال الفتنة في الجنوب التونسي. في الزيارات الميدانية التي قمت بها للجنوب شعرت من خلال الحديث مع المواطنين أنهم يعاملوننا وكأننا حكومة استعمار وليس حكومة وطنية تونسية وهناك من يعمل على تغذية هذه الفكرة.
الجنوب الذي تجمعه بهذه الدولة ذاكرة ومؤلمة لا يجب أن يوظّف هذه الذاكرة لضرب استقرار البلاد اليوم وخلق مناخات الفوضى والعنف التي يتغذى منها الإرهابيون والمهربون الذين من مصلحتهم إضعاف الحكومة وتحجيم دورها في تلك المناطق.
أتقصد بأن هناك أطرافا سعت لتوظيف هذا الحراك لإسقاط الحكومة؟
طبعا كانت هناك تحرّكات سياسية معلنة وخفية أرادت توظيف هذا الحراك الاجتماعي لخلق بلبلة في المشهد العام وبلغ الأمر أحيانا حدّ استهداف مراكز سيادية في الدولة كحرق مراكز الأمن، وهذه التحركات المريبة وقعت على الحدود الجنوبية للبلاد في مناطق متاخمة لبؤر النزاع والقتال في ليبيا.
هل يمكن القول إن الأزمات الاجتماعية الأخيرة أنهكت الحكومة وشغلتها عن معالجة باقي الملفات الهامة والعاجلة؟
أنا لا أحبّذ كلمة إنهاك ولكنها بالفعل شغلت الحكومة وأخذت حيزا كبير من وقتها ومن أعمالها وسبب هذه الأزمات في تقديري إن المسألة الاجتماعية لم تعالج بنجاعة منذ البداية وتراكمت الملفات وعلّق جزء من الاتفاقيات حولها وقد التزمنا بعد ذلك بتفعيل هذه الاتفاقيات التي أمضت عليها حكومات سابقة وذلك في إطار استمرارية الدولة كما أدرجنا مفاوضات اجتماعية جديدة لسنتي 2015 و2016 للزيادة في أجور الموظفين في القطاع الحكومي.
بعد كل الاضطرابات الاجتماعية السابقة هل ترى أن الوضع العام يسير نحو شيء من الانفراج أو مزيد من التأزّم؟
حاليا يمكن أن نقول إن هناك نوع من الاستقرار السياسي ولكننا مازلنا في مخاض صعب من الانتقال الديمقراطي لأن المشهد المؤسساتي لم يكتمل بعد، كما أن العلاقة بين الأطراف السياسية لم ترتق بعد إلى مستوى العلاقات الديمقراطية كذلك الأمر بالنسبة للحراك الاجتماعي أو المفاوضات الاجتماعية.
واعتقد أن حالة التوتّر ستستمر في البلاد والقضاء على هذا التوتّر يتطلّب خطوات ايجابية من كل الأطراف وإرادة مشتركة لتحقيق ذلك تقوم على مبدأ شفافية التعامل بين الحكومة والشعب والأطراف الاجتماعية.