في الجمعية القرآنية بمدينة القيروان الملقبة بعاصمة الأغالبة أحد منارات العلم في العالم الإسلامي يجلس طلبة أفارقة جاؤوا من أصقاع بعيدة في مقاعد الدراسة لتعلم العربية وحفظ القرآن.

وبعد سنوات قضوها في حفظ القرآن ينتظر عشرات الطلبة الأفارقة الحصول على شهادة الحفظ من الجمعية القرآنيّة لتفتح لهم آفاق الدخول إلى جامعات بالسعودية أو فتح مدارس قرآنية ببلدانهم.

في الجمعية القرآنية بمدينة القيروان الملقبة بعاصمة الأغالبة أحد منارات العلم في العالم الإسلامي يجلس طلبة أفارقة جاؤوا من أصقاع بعيدة في مقاعد الدراسة لتعلم العربية وحفظ القرآن.

وبعد سنوات قضوها في حفظ القرآن ينتظر عشرات الطلبة الأفارقة الحصول على شهادة الحفظ من الجمعية القرآنيّة لتفتح لهم آفاق الدخول إلى جامعات بالسعودية أو فتح مدارس قرآنية ببلدانهم.

وما تزال القيروان وجهة شبان أفارقة لحفظ القرآن الكريم على يد علماء وشيوخ بلغة عربية سليمة. وكان هذا الدور الذي عرفت به القيروان طيلة 14 قرن قبل أن تتراجع صورتها الإسلامية لعدة أسباب تاريخية وسياسية وثقافية وتنموية.

مضت خمس سنوات منذ أن ترك الطالب الإفريقي سليمان (19 عاما أصيل جمهورية غامبيا) إسبانيا وشد الرحال إلى القيروان طلبا في حفظ اللغة العربية والقرآن بتوصية من صديق والده.

ومنذ وصوله إلى القيروان التحق هذا الشاب بالجمعية القرآنيّة حيث تعلم اللغة العربيّة بفصاحة وهو حاليا ينتظر بفارغ الصبر إتمام حفظ القرآن الكريم ليكمل مشوار تعليمه الشرعي.

يقول سليمان لـ”مراسلون” إن صديق والده نصحه بالتوجه إلى القيروان للتعلم لأن شهادة حفظ القرآن الكريم من القيروان معترف بها في السعوديّة وتمكنه مواصلة دراسته الجامعيّة هناك، بحسب تعبيره.

وطالما ترسل القرى المسلمة في دول إفريقية أبنائها إلى مدينة القيروان حيث يقيمون في مبيتات مخصصة لهم من أجل تعلم اللغة العربية وحفظ القرآن حتى يتمكنوا فيما بعد من مواصلة دراساتهم في جامعات في السعودية أو فتح مدارس قرآنهم في بلدانهم.

وهذا ما فعله الشاب عتيق بيكينغا (19 عاما أصيل بوركينافاسو) الذي قطع آلاف الكيلومترات لحفظ القرآن في القيروان لأنه يرغب في مواصلة دراسته الشرعيّة بعدما انقطاع عن التعليم الرسمي في مستوى الثالثة ثانوي في بلده.

وقضّى عتيق 3 سنوات في حفظ القرآن الكريم وهو يقترب من الحصول على شهادة الحفظ في آخر شهر رمضان خلال مسابقة محلية تنظمها الجمعية القرآنية التي لها تاريخ عريق في التعليم الإسلامي.

وخلال مسابقة ترتيل القرآن التي تقام بجامع عقبة بن نافع وسط القيروان يوزع القائمون على الجمعية القرآنية الجوائز على الفائزين.

ورغم أن التعليم القرآني في القيروان لا يخلو من إشكالات إدارية وقانونية التي يواجهها عديد الطلبة الأفارقة فإن ذلك لا يشكل عائقا أمام الكثير منهم.

يقول محمد جالو طالب إفريقي آخر من بوركينافاسو إنه يواجه مشكلة في إقامته في تونس لأنه لا يملك وثيقة إقامة باعتباره تجاوز الفترة القانونية المسموح بها، لكنه لم يستلم لتلك الضغوط وواصل تعلميه.

ويصرح “ليست لدينا وثيقة إقامة ولا يحق لنا الخروج من القيروان”. ولطالما مثل مشكل الإقامة عائقا أمام رغبة كثيرين من الأفارقة في القدوم إلى القيروان للتعلم والحفظ.

ويتحمل محمد جالو هذه المتاعب في سبيل الحصول على شهادة حفظ القرآن. وهذا الطالب حاصل على الثانوية العامة في بوركينافسو وهو يريد مواصلة تعليمه الجامعي في اختصاص العلوم الشرعيّة بالسعودية بعد حصوله على شهادته من القيروان.

وقد عرفت القيروان بكونها عاصمة إسلامية ومنها انطلق علماء لنشر العلوم الاسلامية باتجاه المغرب وتأسيس جامع القرويين ومصر لتأسيس جامع الأزهر.

كما كانت وجهة طلبة العلم في مختلف الاختصاصات وعرفت كمنطقة عبور قوافل الحج بين إفريقيا والبقاع المقدسة بالسعودية. ولكن دورها العلمي تراجع وتقلص إشعاعها لأسباب سياسية وفكرية.

ويقول إمام جامع عقبة بن نافع الشيخ الطيب الغزي، لـ”مراسلون” إن مدينة القيروان تعرضت إلى مظالم واستهداف من قبل النظام السابق للحدّ من دورها الديني والتعليمي.

لكنه مع ذلك أكد بأن القيروان لا تزال إلى حدّ اليوم قبلة للطلبة الأفارقة لتعليم العربية والقرآن، مشيرا إلى أنّ نجاح الوافدين من إفريقيا وعودتهم بشهائد في حفظ القرآن تساهم في نشر سمعة القيروان.

ويوضح الغزي بأن فترة التعلم وحفظ القرآن الكريم في القيروان ترتبط باستعداد الطلبة الأفارقة للبقاء في القيروان لبضعة سنوات حيث توفر لهم الجمعية القرآنية خدمات المبيت والغذاء.

ويخضع هؤلاء الطلبة لرقابة الجمعية بتنسيق مع الجهات الأمنية ويمنع عنهم السفر والتنقل خارج القيروان، في حين يقع السماح لمن أتم الحفظ بالمغادرة.