في اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف أعلن مجلس نقابة الصحفيين في الثامن من حزيران/يونيو رفضه الهجمة المستمرة على حرية الصحافة والتي تدخل فيها مؤسسات الدولة من نيابة وقضاء طرفا مباشرا في التضييق وحبس الصحفيين مخالفة للقانون والدستور. وطالب البيان الذي أصدرته النقابة بعقد اجتماع عاجل بين الرئيس ومجلس النقابة بوصفه الحكم بين السلطات، خصوصاً أن حرية الصحافة والإعلام هي إحدى الحريات العامة الرئيسة وحق لكل مواطن مصري.

احتجاج الصحفيين

في اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف أعلن مجلس نقابة الصحفيين في الثامن من حزيران/يونيو رفضه الهجمة المستمرة على حرية الصحافة والتي تدخل فيها مؤسسات الدولة من نيابة وقضاء طرفا مباشرا في التضييق وحبس الصحفيين مخالفة للقانون والدستور. وطالب البيان الذي أصدرته النقابة بعقد اجتماع عاجل بين الرئيس ومجلس النقابة بوصفه الحكم بين السلطات، خصوصاً أن حرية الصحافة والإعلام هي إحدى الحريات العامة الرئيسة وحق لكل مواطن مصري.

احتجاج الصحفيين

جاء هذا البيان بعد اعلان ما سمي باحتجاج الصحفيين والذي شمل وقفات احتجاجية واعتصام رمزي ضد حبس الصحفيين وايضا ضد الفصل التعسفي، خاصة مع تزايد عدد المعتقلين من الصحفيين، بالاضافة الى فصل مجموعات من الصحفيين خاصة من غير اعضاء النقابة من مؤسسات صحفية كبيرة مثل الشروق والعالم اليوم.

وكانت قوات الأمن قد اعتقلت أحد الصحفيين بمؤسسة “أخبار اليوم” من منزله في التاسع من الشهر نفسه بينما قام النائب العام مؤخرا باحالة ثلاثة صحفيين في جريدة “البيان” الى محاكمة جنائية عاجلة تحت دعوى نشر اخبار كاذبة وانتحال صفة صحفي. كما صدر حكما قضائيا نهاية أيار/مايو الماضي على الصحفي يوسف شعبان بالحبس سنة وثلاثة اشهر بتهم واهية، بينما يقبع صحفيون آخرون في الحبس الاحتياطي مثل المصور الصحفي محمود شوكان الذي مر عليه حوالي العامين في الحبس وتدهورت حالته الصحية لإصابته بفيروس سي مما اضطر اسرته للاعتصام داخل نقابة الصحفيين للضغط من أجل الافراج عنه،وغيره كثيرون.

“الصحافة في أسوأ اوقاتها، والهجمة العنيفة عليها من قبل مؤسسات الدولة هي لجعلها صحافة الصوت الواحد، وهي سياسية تكميم الافواه” هذا ما يراه خالد البلشي عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس تحرير موقع البداية. أما على المستوى المؤسسي فالاجور القليلة وقلة التدريب وغياب حقوق الصحفيين يجعل الوضع سئ على الناحية الاخرى. البلشي ايضا هو عضو مؤسس لجبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات، والتي أُسست منذ عدة اشهر للدفاع عن حقوق الصحفيين في مواجهة الدولة ومؤسساتهم.

ويرى البلشي أن الضغط من الجبهة أو غيرها على النقابة للتحرك أو على الدولة لوقف الانتهاكات هام جدا ويعطي رسالة أن الصحفيين لا يتنازلون عن حقوقهم، وربما يكون رادعا للانتهاكات.

تحاول النقابة دعم الصحفيين غير النقابيين بشكل معنوي، وبشكل قانوني للنقابيين، على حد قول البلشي كالحضور مع المعتقلين وتقديم بلاغات رسمية للنائب العام للافراج عنهم، او التدخل بين الصحفيين ومؤسساتهم في حالة الفصل، ولكن تبقى قدرة النقابة محدودة، فقانون النقابة يحتاج الى تغيير ولكن هذا لن يتم الا بارادة الجمعية العمومية للنقابة، كما انه هناك ضرورة لاصدار تشريعات تحمي حرية الصحافة والنظام الاعلامي، وان فشلت النقابة في توفير الحماية النقابية لكل الصحفيين، سيكون واجبا في هذه الحالة انشاء نقابات أخرى.

قمع الدولة

إحدى أهم المشاكل التي تحاصر الصحفيين حاليا هي صعوبات تقييدهم في نقابة الصحفيين، إذ تشترط النقابة عملهم بشكل دائم في إحدى وسائل الإعلام، وهو أمر صعب تحقيقه.

أحمد جمال زيادة  هو صحفي غير مقيد في النقابة، واحد من الصحفيين الذين دفعوا ثمنا كبيرا في السجون، حيث اعتقل في كانون الأول/ديسمبر 2013 من امام جامعة الازهر اثناء تغطيته للتظاهرات، وبقي مسجونا حوالي العام والنصف قبل حصوله على البراءة في منتصف أيار/مايو الماضي.

يقول زيادة “النقابة بصورتها القديمة لم تدعمني إلا بشكل فردي، محامي النقابة حضر في الجلسة قبل الاخيرة ومضى حضور شكلي فقط، اما النقيب السابق ضياء رشوان فكان متجاهلا قضيتنا احنا وكل الصحفيين المعتقلين في المواقع الالكترونية لانهم مش نقابيين” مشيرا الى عمله آنذاك في موقع “شبكة يقين” الاخبارية.

 زيادة يرى ان الأمر قد تغير الآن قليلا مع المجلس والنقيب الجديدين لكنه يضيف “اللهجة اتغيرت شوية لما يحيى قلاش قال ان النقابة بتمثل كل الصحفيين، لكن لازم يكون في تشريعات بتحمي الصحفيين، ماينفعش حد زي شوكان بقاله سنتين في السجن والنقابة مش بتدافع عنه (يعني المصور الصحفي محمود شوكان المحبوس منذ فض اعتصام رابعة في 14 آب/اغسطس 2013)”.

يقول زيادة إنه لو كان نقابيا لما قضى كل هذه المدة في السجن. هو يعمل أيضا الآن في موقع صحفي آخر، ولم يحاول دخول النقابة لأنه على حد قوله “مش هاعرف عشان انا صحفي الكتروني”. كل الصحفيين معرضين للاعتقال في الظرف الراهن وعلى النقابة حمايتهم، كما عليها تغيير شروط الانضمام للنقابة والسماح للصحفيين الالكترونيين بالعضوية.

عمرو بدر رئيس تحرير موقع “بوابة يناير” وعضو جبهة الدفاع عن الصحفيين يرى أن مساحات قمع الصحافة واسعة والحماية النقابية غير موجودة، فآخر قوانين النقابة صادرة منذ عام 1966 وانضمام النقابة لا يشمل على سبيل المثال المواقع الالكترونية. 

ويضيف “الصحفيين اللي بيشتغلوا في مواقع الكترونية هم الاكثر عرضة للانتهاكات والاعتقال، والنقابة عاجزة لانها بتقول انها ماتقدرش تدافع عن صحفي مش عضو، بس النقابة تقدر تفتح عضوية انتساب للصحفيين في المواقع الالكترونية لحد ما الصحفي يتعين”.

الحد الأدنى من الدعم النقابي غير موجود حتى لأعضاء النقابة، حتى لو كان هناك تطورا جيدا ملحوظا مع المجلس الجديد مثل محاولة تحسين اوضاع الصحفيين المعتقلين في السجون وتقديم دعم قانوني ودعم صحي لكن للأسف دون مواجهة حقيقية. في النهاية يرى بدر أن مهنة الصحافة ليست معزولة عن الحريات العامة فالانتهاك الذي يتعرض له الصحفيون هو جزء من انتهاكات الحريات العامة، ويجب ان يشمل اي تحرك صحفي الضغط والدفاع عن الحريات العامة وفي القلب منها حرية الصحافة.

قمع المؤسسات

“م. أ” هو واحد من 33 صحفي فصلوا تعسفيا من موقع “بوابة الشروق” في أيار/مايو الماضي، يقول “الإدارة قررت الاستغناء عننا بدون قرار رسمي، بلغونا شفاهية، وقالولنا التسوية المالية هتكون نص شهر عن كل سنة، تفاوضنا انها تبقى شهر ونص وده اقل من اللائحة”. رفضت المجموعة التسوية وقررت الدخول في اضراب جزئي عن العمل وتضامن معهم صحفيون اخرون بالموقع والجريدة الورقية، وقاموا بابلاغ مكتب العمل والتأمينات والنقابة، التي ارسلت وفدا للتفاوض الودي والتضامن ولكنها قالت انها لا تستطيع سوى الدفاع عن اعضاء النقابة والبالغ عددهم 14 شخص من المجموعة المفصولة.

قررت الادارة وفق قوله التضييق عليهم لاجبارهم على الاستقالة. “عملولنا وحدة اسمها المتابعة والرفض، بتفرض ان الصحفي يحضر من الساعة 1 لحد الساعة 8 ، ومن غير أي تكليفات، وبعدين حاولوا يمضونا على عهدة لاجهزة كمبيوتر قديمة وبايظة فرفضنا، وفي آخر تطور ابلغنا رئيس التحرير انه مرتب شهر 6 هنقبضه زي العقد، فبقينا كلنا هناخد 1000 جنيه رغم تفاوت المرتبات.”

يضيف الصحفي المفصول الذي أخرت الإدارة ارسال ورقه هو وغيره الى النقابة ليحصل على عضويتها عقابا له على نشاطه في الدفاع عن الصحفيين داخل المؤسسة أن صحفيي المؤسسة لا يتقاضون رواتبهم بانتظام منذ حزيران/يونيو 2013، كما أنهم يحصلون على رواتبهم بالقسط منذ 6 أشهر.

المشكلة مع الادارة بدأت منذ آذار/مارس 2011 حين رفضت الادارة تعيين الصحفيين وبعد ضغط حرروا لهم عقودا وهمية – على حد قوله- وغير مناسبة، فرفضت النقابة في لجنة القيد المنعقدة لاحقا اعطائهم العضوية، وبعد ضغط من اعتصام واضراب وتفاوض النقابة قررت الادارة تعيين 10 صحفيين فقط من أصل 109 صحفي.

المشكلة أن “معايير المؤسسة للفصل مش مهنية، المعايير شخصية” يقول الصحفي المفصول. النقابة على الملأ تعلن أنها تحمي كل الصحفيين وان فصل الصحفيين خط أحمر، لكنها عاجزة عن ذلك بشكل قانوني فتقوم بذلك بشكل ودي وهو غير كاف. ويضيف: “حين سألت احد أعضاء مجلس النقابة عن رد الفعل القانوني ان صدر ضده قرارا بالفصل هو ايقاف الجريدة من النقابة ولكن هذا ليس عقابا للنقابة، فبهذه الطريقة توفر على المؤسسة دفع مستحقات الصحفيين المالية للنقابة، وتعاقب الصحفيين بوقف عضويتهم للنقابة.  ولكنه يرى أن الحل على سبيل المثال وهو اجراء قانوني  “وقف رئيس التحرير شهر ووقف طبع الجرنال وده مابيحصلش لأنه محتاج جرأة.”