يعكف ثروت صلاح (59عاما) على صناعة العود في ورشته، وفي الخلفية كان صوت محمد عبد الوهاب يشدو بأشهر أغانيه.
العود بالنسبة لهذا الصانع من أجمل الآلات الموسيقية الوترية، إن لم يكن هو الأجمل، فهو الآلة الرئيسية في الموسيقى الشرقية، لأصالته من ناحية ولاعتماد كثير من الألحان على موسيقاه من ناحية أخرى، حتى أضحى “سلطان النغم” بحق.
ويحكي ثروت مشواره مع “السلطان” قائلا: بدأت العمل في “ورشة حليمو” –خال أبي- وكانت إحدى أشهر ورش تصنيع العود بالقاهرة في بداية الستينات من القرن الماضي بشارع محمد علي بوسط المدينة القديم، وظللت على هذه المهنة حتى أصبحت ملمًا بأسرارها، وازدادت خبرتي بمضي السنين، حتى فتحت هذه الورشة.
أما فيما يتعلق بالصناعة نفسها، فأشار إلى أن نوعية الخشب المستخدم في صناعة آلة العود تؤثر في جودة الآلة، فهي تختلف باختلاف المادة المصنوع منها الآلة، فخشب “الساج” مثلًا يختلف عن “الزان” وكذا عن “المجنة” و”البلساندر” و”الأبنوس” و”الفنجي”، فلكل نوع صوت مختلف عن الآخر، وإن كان خشب “الساج الهندي” يعد أجودهم نوعا وأغلاهم سعرًا.
أما عن أنواع آلة العود فقد أشار بقوله: هناك عود للعازف المحترف، وعود للتعليم أصغر حجم نسبيا، ويستخدمه المبتدئون لتعلم العزف.
وتعد القاهرة إلى جانب بغداد ودمشق أشهر المدن العربية بصناعة آلة العود، إلى جانب مدن أخرى غير غربية كاسطنبول. ولكل عود منها بحسب هذا الصانع مزاياه وشكله وفروقه التصميمية الخاصة، ومنها ما هو مخصص للرجال ومنها ما هو للسيدات.
وبابتسامة رائقة يقول ثروت: “صنعت عود يناسب السيدات، حيث جعلت ارتفاع القصعة أقل عن العود الطبيعي حتى يناسب قوام السيدات، وقد لاقى في البداية رفضًا في أوساط ورش صناعة العود، لكني أصررت على صناعته بطريقتي المبتكرة، وقد لاقت قبولا بين العملاء، مما جعل كل الورش في نهاية الأمر تقوم بتصينعه بذات الكيفية”.
وفيما يخص كيفية صناعة العود، قال ثروت: “البداية في تجميع القصعة التي تعد الجزء الخلفي ثم ننتقل الي وش العود “الواجهة”، ثم يتم صنع الجزء الأخير الذي تثبت به الأوتار ويسمى “الرقبة”، مضيفًا: قديمًا، كانت الورش تصنع كافة أجزاء آلة العود، لكن مع التطور الحديث أصبحت بعض الورش متخصصة في صنع أجزاء من العود كالقصعة مثلا، في حين تتخصص ورش في صناعة أجزاء أخرى، وهكذا حتى تتم عملية تجميع الآلة في النهاية.
ختم ثروت حديثه معنا قائلا: “الصانع الماهر فقط هو الذي يقوم بتقفيل “تجميع” العود بإتقان لتخرج الموسيقى من هذه الآلة العريقة/الجديدة بنعومة من يحتضن العود ويعزف على أوتاره منذ آلاف السنين”.