لم تكن حظوظ نسخة الاتفاق السياسي الرابعة الصادرة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أحسن من سابقاتها في القبول لدى الأطراف السياسية المشاركة في الحوار.
فالمسودة التي صدرت في 8 يونيو/ حزيران تضمنت مقترحاً لهيكل مؤسسات الدولة وتفصيلاً لحجم واختصاصات كل مؤسسة تشريعية أو تنفيذية، إلا أن أبرز نقاط الخلاف كانت حول توزيع السلطات ونسبة تمثيل كل طرف من الحوار في مؤسسات الدولة فضلاً عن تبعية الجيش ومدة عمل الحكومة.
“مراسلون” التقى المحاور السياسي المستقل في مسار الجزائر ربيع شرير الذي تحدث عن رؤيته للاتفاق السياسي ضمن الحوار التالي:
لم تكن حظوظ نسخة الاتفاق السياسي الرابعة الصادرة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أحسن من سابقاتها في القبول لدى الأطراف السياسية المشاركة في الحوار.
فالمسودة التي صدرت في 8 يونيو/ حزيران تضمنت مقترحاً لهيكل مؤسسات الدولة وتفصيلاً لحجم واختصاصات كل مؤسسة تشريعية أو تنفيذية، إلا أن أبرز نقاط الخلاف كانت حول توزيع السلطات ونسبة تمثيل كل طرف من الحوار في مؤسسات الدولة فضلاً عن تبعية الجيش ومدة عمل الحكومة.
“مراسلون” التقى المحاور السياسي المستقل في مسار الجزائر ربيع شرير الذي تحدث عن رؤيته للاتفاق السياسي ضمن الحوار التالي:
س- هل تعتقد أن النسخة الرابعة من مسودة الاتفاق السياسي قابلة لأن يتم اعتمادها بشكلها الحالي أم أنها ستمر بمزيد من مراحل التعديل؟
ج- لقد تعرضت المسودة الرابعة إلى انتقادات كبيرة من جهة مجلس النواب، الذي يرى فيها إعادة صياغة للمؤتمر الوطني من خلال إحلاله في مجلس الدولة المقترح، بينما رحبت بها أطراف سياسية محسوبة على المؤتمر الوطني، لكن العكس هو ما حدث مع المسودة الثالثة التي رحب بها مجلس النواب ورفضها المؤتمر جملة وتفصيلاً.
وحسب هذه المعطيات أعتقد بأن التوافق سيكون في تلك المسافة الواقعة بين المسودتين الثالثة والرابعة، ولذلك أظن أن المسودة ستمر بتعديلات أخيرة وطفيفة لتقدم كوثيقة نهائية، وفي هذه الحالة ربما تطرحها الأمم المتحدة على الطرفين للقبول أو الرفض، وإذا كانت الوثيقة محل قبول من الأطراف المستقلة المشاركة في الحوار وبعض المجالس البلدية المؤثرة فسترتفع فرص نجاحها لأنها ستدفع في اتجاه قبولها من الأطراف الرئيسية، لذلك أنا متفائل جداً بالتوصل إلى حل توافقي.
س- حسب بعض المصادر فإن اجتماعاً انعقد بالقاهرة بين وفد من مجلس النواب وبعثة الأمم المتحدة طالب فيه رئيس البعثة باعتماد النسخة الرابعة بدون تعديل، علام يدل ذلك برأيك؟
ج- بغض النظر عن تصريحات السيد مبعوث الأمم المتحدة، أنا مقتنع بأن المسودة تسير في اتجاه التعديل، وأتوقع بأن التعديل سيكون نهائياً، أما عن الاجتماع فقد انعقد بالقاهرة في منتصف يونيو وحضره حوالي 30 عضواً من البرلمان، ومع وجود برلمانيين معتدلين في الاجتماع، كان هناك أيضاً بعض المتطرفين الذين يبحثون عن حلول تختصر السلطات في البرلمان.
ولذلك أرجح أن تصريح ليون الرافض لتعديل المسودة كان تكتيكياً ليسقط بعض المطالب غير المنطقية مستفيداً من الضغط الزمني والمسؤولية تجاه الخطر الذي يداهم البلد، ومع أن تلك التصريحات سببت استياء بعض البرلمانيين الذين حضروا الاجتماع واستقبلوها على أنها محاولة لفرض وجهة نظر، لكنها في حقيقتها تساهم في تغليب الليونة، وهي من الناحية المنطقية تدفع في اتجاه تغليب رؤية المعتدلين في مجلس النواب.
س- قلت بأنك موافق على ما جاء في المسودة ولكنك تطالب بتعديلات فنية، ما هي أهم ملاحظاتك على المسودة؟
ج- سبق وأن صرحت لـ”بوابة الوسط” عن بعض الملاحظات، ومنها على سبيل المثال ضرورة توضيح ماهية ما أسمته المسودة بـ “الحوار السياسي” والمكون من وفود المتحاورين عن كافة الأطراف، والذي تمنحه المسودة صلاحيات واسعة كتعيين محافظ البنك المركزي والنائب العام ورئيس الاستخبارات، مع أنني اعتقد بأن هذا الجسم لا ضرورة لوجوده أصلاً.
كما استغربت من نسبة تمثيل المؤتمر الوطني داخل مجلس الدولة 75% وهي نسبة كبيرة تعطي رسالة خاطئة للشعب الليبي بأن الأمم المتحدة قدمت ترضية للمؤتمر الوطني، وكأن المعارك التي راح ضحيتها المئات من القتلى كانت فقط لاحتفاظ أعضاء المؤتمر بمناصبهم ولو كانت شكلية، من الواجب تخفيض هذه النسبة وتوسيع مشاركة الأطراف والشرائح الأخرى في مجلس الدولة ووضع معايير صارمة لاختيار أعضائه.
كما أعربت أيضاً عن مخاوفي من تساوي الصلاحيات وتداخلها بين رئيس الوزراء ونائبيه مما قد يعرقل عمل الحكومة.
س- هل يعني ذلك أنك لا تتوقع النجاح للحكومة التي ستعمل وفق ما نصت عليه المسودة؟
ج- لدي مخاوف في هذا الشأن كما سبق وذكرت، وهي ليست مخاوفي أنا فقط، هي أيضاً مخاوف عدد من المهتمين والمتابعين، وهذا ما قاله لي بعض المرشحين لتولي منصب رئيس الحكومة.
أحد الأصدقاء محسوب على التكنوقراط ومرشح للحكومة فكر في الانسحاب من الترشح لأن مانصت عليه المسودة في رأيه لا يوفر شروط النجاح للحكومة، بينما يرى صديق آخر وهو من أهم المرشحين المطلعين على الجيوسياسة الليبية أنه متخوف من تداخل الصلاحيات بالإضافة إلى مخاوفه من الترتيبات الأمنية.
س- ما هو الدور الذي لعبه مسار الجزائر في الحوار؟ وما دوركم كمستقلين فيه؟
ج- هناك من يعتبر دور مسار الجزائر رئيسياً، وهناك من يراه مسانداً فقط، في رأيي هو دور رئيسي ومساند معاً، رئيسي لأن بعض الأحزاب السياسية المشاركة فيه كانت جزءاً أساسياً من المشكلة، وبالتالي عليها مسؤولية إلزامية في عدم عرقلة الحل، ولكنه مساند لأن القرارات النهائية تصدر عن الاجسام التي تمثلها فرق الحوار في الصخيرات، ودور المشاركين في الجزائر هو تهيئة كل الظروف والعمل على إضعاف خطاب العنف لتمرير خطاب السلام من الصخيرات، وانطلاقاً من هذا فإن مخرجات الجزائر استطاعت أن تقدم أول إجماع ليبي على تسمية الجماعات الإرهابية، كما حفزت الليبيين على الانخراط في الحوار من خلال حزمة من المواقف الإيجابية.
أما المستقلون في مسار الجزائر فيمكن تسميتهم بأنهم ميزان التوافق، فتعاملهم بحياد مع الطرفين جعلهم دافعين دائماً في اتجاه الحل، ومن هنا يمكن اعتبار دور المستقلين دوراً مسانداً بالكامل.
س- هل ستكون هناك جولات جديدة لمجموعة الجزائر أم أن دوركم انتهى؟
ج- نحن طلبنا صراحة من الأمم المتحدة أن يكون اللقاء الثالث هو الأخير، وتمنينا أن نتوصل إلى حل بشكل سريع ولا يكون هناك داعٍ لعقد مسار الجزائر من جديد، ولكن يظل هذا الأمر رهن الظروف.
س- هل أثر برأيك الوضع الميداني من حيث تقدم تنظيم الدولة وسيطرته على مناطق جديدة في ليبيا في التسريع بالتوافق؟ هل يستشعر المتحاورون هذا الخطر؟
ج- بالطبع، وفي التاريخ شواهد كثيرة جعلت من العدو المشترك أساساً للتوافق، وهناك إحساس حقيقي من الطرفين بوجود خطر يداهم ليبيا، كما يوجد توافق معلن بين دول الجوار حول الخطر الذي يهدد المنطقة، وبالتالي كل هذه الظروف ستساهم في توحيد الليبيين.
س- ماذا لو تم إصدار مسودة الاتفاق النهائي التي تحدثت عنها وشملت التعديلات الفنية، ولكن الأطراف التي تملك القوة على الارض رفضتها؟
ج- هناك قوى من الطرفين تعمل على إفشال الحوار، ولازالت عندها الرغبة في المجازفة بأرواح الليبيين ضمن مشروعها القديم والعبثي المسمى بـ”الحسم العسكري”، وهذه القوى لازالت تروج لأن الحوار هو تحرك سياسي ليس له وجود على الأرض.
وفي معرض الرد على هؤلاء أشير إلى رغبة الليبيين المتزايدة في إنهاء هذه المأساة والتي لمسناها في المصالحات العديدة التي تمت بين المناطق وكذلك في المواقف الصادرة عن المجالس البلدية لمصراتة والزنتان وغيرهم، هذا بالنسبة للمنطقة الغربية، أما في المنطقة الشرقية فأنا أعول كثيراً على القبائل التي لطالما كان مشائخها في مستوى التحديات الوطنية عبر التاريخ، ففي اللحظة الحاسمة سيتم سحب البساط عن كل القوى المعرقلة للحوار، لأنها تخسر مناصريها يومياً، كما أن الأطراف التي تطالب بمعاقبتها في تزايد.
ليبيا جزءٌ مهم من هذا العالم، مصالحها مرتبطة بشكل مباشر مع دول الجوار ودوّل جنوب أوروبا، مستقبل قادة المليشيات التي يتخذ بعضها مسميات ثورية وبعضها الآخر مسميات عسكرية، مستقبلهم إما مسجونين أو مطاردين اذا لم يمتثلوا لنتائج الحوار، خياراتهم محدودة، لأن ليبيا أكبر من أن تترك لعبة بين المليشيات، وفي النهاية لابد أن نؤمن بنجاح جهود التوافق بإذن الله.