“ليست كغيرها من المدن، وسنستقبل شهر رمضان بسعادة وفرح، فبنغازي ما تزال تشعر بالحياة” هذا ما يقوله الحاج مسعود وهو ينتظر شهر الصيام الذي تفصلنا عنه أيام قليلة.

الرجل المسن الذي ناهز السبعين من عمره يضيف لـ “مراسلون” إن ما يسمعه من هو قاطن خارج بنغازي لا ينطبق أبدا على حقيقتها. “فمعظم أحيائها مليئة بالسكان ومظاهر الحياة. حتى المصارف وبعض القطاعات العامة والمدراس فتحت أبوابها مجددا لتستقبل المواطنين دون حرج أو خوف”.

بعض القذائف فقط

“ليست كغيرها من المدن، وسنستقبل شهر رمضان بسعادة وفرح، فبنغازي ما تزال تشعر بالحياة” هذا ما يقوله الحاج مسعود وهو ينتظر شهر الصيام الذي تفصلنا عنه أيام قليلة.

الرجل المسن الذي ناهز السبعين من عمره يضيف لـ “مراسلون” إن ما يسمعه من هو قاطن خارج بنغازي لا ينطبق أبدا على حقيقتها. “فمعظم أحيائها مليئة بالسكان ومظاهر الحياة. حتى المصارف وبعض القطاعات العامة والمدراس فتحت أبوابها مجددا لتستقبل المواطنين دون حرج أو خوف”.

بعض القذائف فقط

رغم استمرار المعارك داخل المدينة منذ أكثر من نصف عام، إلا أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت تقدماً واضحاً لقوات الجيش تحت قيادة اللواء خليفة حفتر في السيطرة على عدة مناطق، وتمشيطها من قبل الهندسة العسكرية، ومن ثم تنظيفها من قبل شركة الخدمات العامة لتستقبل أهاليها مجدداً لتصوم شهر رمضان فيه كما حدث تماماً في منطقة بوعطني جنوب بنغازي، حيث أعلنت قيادة الجيش الليبي إلى أهالي المنطقة النازحين أنهم يستطيعون العودة لبيوتهم آمنين. 

الحاج مسعود ورغم ارتياحه للتطورات الأمنية الأخيرة يؤكد أن أزمة النازحين ستكون عنوان رمضان المقبل، فهؤلاء يضطرون إلى دفع المبالغ الطائلة لتأمين السكن بعد وصل إيجار الشقق في بنغازي إلى 2000 دينار (1500 دولار)، أو يفترشون العراء دون مأوى سوى المدارس، أو ينامون على أسطح المباني كحل بديل للسكن.

يقول أحد سكان شارع عبدالمنعم رياض المعروف بـ”شارع الإذاعة” إنه عاد رفقة عائلته إلى منزلهم بعد أخذ الإذن بذلك من قبل القوات المسلحة، مؤكداً أن الوضع الأمني جيد باستثناء أصوات بعض القذائف التي تسمع ليلاً. 

ويضيف أن العودة إلى المنزل وتحمل بعض المخاطر أفضل بكثير من المكوث في بيوت الأقارب والانتقال من مكان إلى آخر بسبب ضيق المنزل ووجود عدد كبير من الأقارب نازحين في نفس المكان.

أجواء رمضان

كبار السن في بتغازي على ما يبدو هم الأكثر حزناً على استقبال رمضان بهذا الوضع، فبعد الحاج مسعود التقينا الحاجة عزيزة  التي بدأت تستذكر بأعين رقراقة أجواء شهر رمضان خلال الأعوام الماضية، إذ كانت العائلات البنغازية تستعد قبل أسابيع لاستقبال الأقارب وللتسوق، وتقوم بشراء كافة أغراض ومستلزمات الموائد الرمضانية من مواد غذائية ومنزلية.

وبينا تمسح على وجهها توضح الحاجة عزيزة إن أبرز الأماكن التي كانت تقصدها في الأعوام الماضية هي منطقة “وسط البلاد” أو ما تعرف بـ”سوق الحوت”، ويوجد بها كل ما يلزم المتسوقين. إلا أن “سوق الحوت” هذا العام لا يشهد شيئاً سوى الموت والدمار، إذ أن أشد الاشتباكات المسلحة دارت رحاها فيه، تتوقف الحاجة عزيزة عن الحديث وبصوت لا يكاد يبين تهمهم “ربي يفرج على بنغازي”.

مساعدات رمضان

وسط هذه الظروف تستعد منظمات أهلية كثيرة في بنغازي لتوزيع سلّات غذائية على النازحين والمحتاجين داخل المدينة خلال شهر الصيام، فيما رأى المجلس البلدي تقديم  مساعدات مالية لهم بدلا من السلل الغذائية.

وقال عميد بلدية بنغازي عمر البرعصي، لـ “مراسلون” أن الخطة تقضي بتقديم مبلغ مالي لسد حاجاتهم، إذ إن “العديد من المنظمات الخيرية وفاعلي الخير المتطوعين سيقدمون مواداً غذائية وتموينية”.

وأكدت مسؤولة الإعلام بالهيئة الليبية للإغاثة جليلة الدرسي لـ “مراسلون” وصول شحنات إغاثية من برنامج الغذاء العالمي (WFP) عن طريق مصر، سيتم توزيعها على نازحي بنغازي خلال شهر رمضان والذين بلغ عددهم أكثر من 1100 عائلة بحسب المنظمة.

إضافة إلى ذلك يوجد العديد من “فاعلي الخير” من المواطنين الذين يمدّون يد العون للنازحين وذوي الدخل المحدود وسط تراجع واضح لدور مؤسسات الدولة.

حلول للنازحين

حملات عدة انطلقت في بنغازي لنجدة النازحين الذي يقطنون في المدارس، والآخرين الذين يفترشون العراء قبل شهر رمضان، ولكن لم ينجح مجملها في توفير بدل سكن خاص بهم ولعائلاتهم، ولم تحقق هذه الحملات ما خرجت لأجله إلا وضع بصيص أمل في قلوب النازحين.

وبالرغم من أن عميد بلدية بنغازي أكد أن بلديته أخذت موافقة من رئاسة الأركان العامة لاستغلال المعسكرات، ووضع مبان جاهزة داخلها لإسكان النازحين والمتضررين وذلك لتلافي مشكلة العشوائيات في المستقبل، إلا أن هذا لن يكون قبل شهر رمضان أو خلاله، يقول البرعصي.

يردف البرعصي أن لديهم إحصائيات بعدد النازحين والمتضررين داخل بنغازي، مؤكداً أنهم قدموا مذكرة لرئاسة الوزراء بخصوص إعادة اعمار بنغازي وحلول مشكلة النازحين منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي “إلا أن الحكومة متلكئة ولم تصدر أي قرار بالخصوص”.

الخوف من الأسعار 

معظم الأهالي في بنغازي متخوفون من ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان، ومن عدم مراعاة التجار لحالة النازحين والأسر محدودة الدخل والآخرين الذين لم تُصرف لهم رواتبهم منذ أكثر من 5 أشهر.

ومع مطالبة جهاز الحرس البلدي بنغازي وزارة الاقتصاد بالحكومة الموقتة بوضع تسعيرة خاصة بالمواد الغذائية والخضرة واللحوم ليلتزم بها التجار وأصحاب المحال التجارية خلال الشهر الكريم؛ إلا أن الوزارة  لم تصدر أية لائحة بالخصوص حتى الآن.

الحاجة عزيزة تؤكد أن بعض المستلزمات الخاصة بشهر رمضان المبارك كالتمر والحليب والخضروات وأشياء أخرى بدأت أسعارها بالارتفاع منذ الآن، مضيفةً أنها تضطر للمخاطرة بالذهاب إلى الأسواق الكبيرة التي تبيع بأسعار الجملة لشراء حاجيات رمضان في محاولة منها للتوفير. 

“تعبنا من هذا الوضع ونتمنى توقف الحرب في هذه الأيام المباركة” يقول الحاج مسعود مؤكداً أن الأمل يحدوه بأن بنغازي ستعيش رغم الحرب، مختتما بالقول: “اللهم بلغنا رمضان في عفو وعافية”.