التوقف عن انتاج مادة الفوسفات بمنطقة الحوض المنجمي جعلت عمال شركة فوسفات قفصة الحكومية التي تشرف على استخراجه يجتمعون بمقاهي قريبة من الاتحاد الجهوي للشغل في قفصة (أكبر منظمة عمالية) لتدارس وضعية الشركة التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس.

كل المؤشرات الاقتصادية حول نشاط الشركة تجاوزت الخط الأحمر. فتراجع إنتاج الفوسفات بحسب معطيات رسمية من نحو 8 آلاف مليون طن عام 2010 إلى حوالي أربعة ملايين طن العام الماضي، ما جعل تونس تفقد المركز الثاني عالميا بعد المغرب بإنتاج هذه المادة وتصبح دون تصنيف عالمي.

التوقف عن انتاج مادة الفوسفات بمنطقة الحوض المنجمي جعلت عمال شركة فوسفات قفصة الحكومية التي تشرف على استخراجه يجتمعون بمقاهي قريبة من الاتحاد الجهوي للشغل في قفصة (أكبر منظمة عمالية) لتدارس وضعية الشركة التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس.

كل المؤشرات الاقتصادية حول نشاط الشركة تجاوزت الخط الأحمر. فتراجع إنتاج الفوسفات بحسب معطيات رسمية من نحو 8 آلاف مليون طن عام 2010 إلى حوالي أربعة ملايين طن العام الماضي، ما جعل تونس تفقد المركز الثاني عالميا بعد المغرب بإنتاج هذه المادة وتصبح دون تصنيف عالمي.

عن هذا الوضع المتردي الذي أصبح يعصف بأكبر شركة حكومية من حيث الأرباح يقول الكاتب العام المساعد للفرع الجامعي للمناجم إبراهيم السحيمي لـ “مراسلون”: “الوضع بات خطيرا للغاية.. شركة فوسفات قفصة تسير باتجاه الانهيار.. لابد أن تتحرك كل القوى لإعلاء صوت الحكمة والتعقل لحماية مصير الشركة التي تشكل مورد رزق للآلاف”.

وفي ظل تدهور عائدات شركة قفصة التي تقوم بنقل الفوسفات إلى المجمع الكيميائي الحكومي لتحويله لأسمدة كيميائية قبل تصديره، تراجع دخل الكثير من الموظفين المرتبطين بهذا القطاع.

علي ديناري واحد من عمال الشركة الذين باتوا يعانون وضعا ماديا صعبا وسط غلاء الأسعار وتعطل إنتاج الفوسفات. فقد تراجع راتبه الشهري لأقل من النصف بسبب نقص أرباح الشركة التي تقول مصادر رسمية إنها بلغت حدود 4 آلاف مليار دينار منذ اندلاع الثورة قبل نحو خمس أعوام.

وفي حالة من الذهول والحيرة يقف علي أمام صراف آلي بأحد البنوك وهو يعدّ راتبه الذي سحبه وعلى تقاسيم وجهه علامات الخيبة بعد تراجع قيمة أجره نتيجة عدم تمتعه ببعض المنح التي كانت الشركة توزعها على عمالها في أوج عطائها.

يقول علي بكثير من الاستياء “لقد تراجع راتبي لأقل من النصف بسبب توقف نشاط الشركة. لقد أصبحنا مهددين في قوتنا اليومي ولم نعد نتمتع بأي منحة”.

وبحسب الناطق باسم شركة فوسفات قفصة علي هوشاتي فقد كانت الشركة تأمل في استعادة نشاطها منذ أشهر، لكن الاحتجاجات بقيت متواصلة إلى درجة جعلت الإنتاج ينخفض إلى 650 ألف طن في الأشهر الخمسة الماضية فيما كانت توقعات الشركة تأمل تحقيق مليوني طن.

ولتجاوز هذه الصعوبات، يقول هوشاتي إن “التفاوض مع المحتجين هو السبيل الوحيد لحلحلة الوضع”، لافتا إلى أن “جهة قفصة تعاني من ارتفاع معدل البطالة والتهميش رغم أن شركة فوسفات قفصة قامت بكل ما في وسعها لتحقيق مطالب التنمية والتشغيل”.

وأضاف بأنّ “تحسين ظروف التنمية والتشغيل في المنطقة يستوجب في الوضع الراهن دفع القطاع الخاص للاستثمار وخلق المشاريع”.

وفي ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية في تلك المنطقة لازال الكثير من أهالي الجهة يواصلون اعتصاماتهم للمطالبة بالتنمية والشغل.

ومن بين هؤلاء المتظاهرين تجلس زهرة التيجاني بجانب رفيقاتها تحت خيمة نصبت على قارعة الطريق بوسط مدينة المظيلة إحدى مدن الحوض المنجمي المنتجة للفوسفات من أجل المطالبة بالشغل.

وتقول “لن نرحل من هذا المكان نحن باقون هنا حتى يقع تحقيق مطالبنا من قبل السلطات”، معربة عن غضبها من سعي السلطات لفض الاعتصام بالقوة وتهديد المعتصمين بالتتبع بقولها: “هل من يطلب بحقه يتعرض لمضايقات والتهديد بالسجن؟”.

وفي مدينة أخرى تدعى القصر بمحافظة قفصة يرابط الشاب التونسي العاطل عن العمل حاتم مع شبان آخرين بجانب محطة للقطار للمطالبة بالتشغيل في شركة فوسفات قفصة، قائلا “نحن لن نسمح لقطار شحن الفوسفات مغادرة المحطة قبل تحقيق مطلبنا”.

الاعتصامات بالحوض المنجمي لا تشل فحسب نشاط مصانع استخراج الفوسفات وإنما تشل كذلك عمليه نقله للمجمع الكيميائي من الحوض لمدينتي صفاقس وقابس الجنوبيتين بسبب قطع الطرق عن القطارات.

وفي مسعى منها لايجاد حلّ لمعضلة تعطل الإنتاج الذي تسبب في تراجع النمو من 3 إلى 1.7 بالمائة في الثلاثي الأول من العام الجاري تقوم الحكومة بوساطات لإعادة النشاط لهذا القطاع.

وفي منتصف أيار/مايو الماضي أعلنت الحكومة التونسية عن حزمة من المشاريع لفائدة أبناء محافظة قفصة، لكن تلك الإجراءات لم تنل رضا جزء كبير من الأهالي.

ورغم السمعة الجيدة التي يتمتع بها كمال الجندوبي الوزير الذي تم تفويضه من قبل الحكومة للتفاوض مع المعتصمين فإن هؤلاء لا يعتقدون أن بإمكانه ايجاد الحلول الحاسمة، باعتبار التركيبة القبلية لمحافظة قفصة تبقى إحدى العوامل الرئيسية التي تؤثر في عملية القبول أو الرفض للقرارات الحكومية.