لم تعد بعض الأعمال حكرا على الذكور في المجتمع التونسي فقد دفع ارتفاع معدلات البطالة لدى الفتيات خاصة في الجنوب التونسي الشابة اسمهان الذويبي إلى تصليح الدراجات وحجز مكان لها بين المحلات الرجالية المجاورة ودخول غمار المنافسة.
اختارت اسمهان بكل ما يوحي اسمها من أنوثة مهنة شاقة متجاوزة تقاليد المجتمع وأعرافه لتفتح الطريق بذلك إلى الفتيات لتحدي القوالب الجاهزة واقتحام مجالات شغل طالما كانت حكرا على الرجال دون سواهم.
لم تعد بعض الأعمال حكرا على الذكور في المجتمع التونسي فقد دفع ارتفاع معدلات البطالة لدى الفتيات خاصة في الجنوب التونسي الشابة اسمهان الذويبي إلى تصليح الدراجات وحجز مكان لها بين المحلات الرجالية المجاورة ودخول غمار المنافسة.
اختارت اسمهان بكل ما يوحي اسمها من أنوثة مهنة شاقة متجاوزة تقاليد المجتمع وأعرافه لتفتح الطريق بذلك إلى الفتيات لتحدي القوالب الجاهزة واقتحام مجالات شغل طالما كانت حكرا على الرجال دون سواهم.
لم تتحصل أسمهان الذويبي على أيّ شهادة علمية وانقطعت مبكرا عن التعليم، لكنّها لم ترض لنفسها أن تعيش عالة على أحد أو تكون أسيرة الإعانات أو المنح بعد رحيل والدها المعيل الوحيد للعائلة.
دفعها حبها للعمل والبحث عن مورد رزق يحمي كرامتها إلى المضي على خطى أبيها الراحل خاصة أنها كانت ترافقه منذ طفولتها إلى مقر عمله بمحل تصليح الدراجات النارية والعادية وسط مدينة المناجم “أم العرائس” الواقعة في محافظة قفصة (جنوب).
تراقب وتتعلم
تقول اسمهان لـ”مراسلون” إنها اكتشفت أسرار عالم تصليح الدراجات بكلّ ما كانت تحمله في داخلها من فضول الطفولة، مشيرة إلى أنها فخورة بتعويض أبيها في محله الصغير الذي لا زال يحمل بين زواياه ذكرى والدها وبعضا من تاريخه.
وتضيف بلهجة مليئة بالشوق إلى الماضي “عندما كنت أدرس في المرحلة الابتدائية كنت أجالس والدي بالورشة طيلة ساعات بعد انتهاء الدوام في المدرسة فأراقب ما يفعل وأحفظه عن ظهر قلب”.
وهذه الفتاة العشرينية ليست أكبر إخوتها ولكنها حملت على عاتقها عبء مسؤولية نفقات البيت لتعمل في تصليح الدراجات وبيع قطع غيارها غير آبهة بالنظرات المستغربة التي تخرج كالسهام من أعين بعض المارة من هنا وهناك.
وعن الصعوبات التي تواجهها في التأقلم مع هذا العمل وسط النظرة الذكورية المسقطة تقول “لم اعد أكترث لتلك العقلية الذكورية كل ما يهمني هو قوت عائلتي.. كل تلك النظرات والأسئلة الاستنكارية لامتهان فتاة لهذا العمل الغريب على نساء مجتمعنا أصبحت لا أبالي بها”.
وعن علاقتها بباقي المحلات المختصة في تصليح الدراجات والمجاورة لها تقول أسمهان بأنَّ الاحترام هو السائد بين أصحاب المحلات وأنها تلقى تعملا إيجابيا من باقي التجار في الجوار.
مرارة البطالة
هذا الاحترام يتحدّث عنه أيضا زبائن اسمهان، من بينهم جميلة مبروكي التي تقول “عندما زرت ورشة تصليح الدراجات أول مرة سألت عن صاحبها فوجدت أنه فتاة، ما شكل صدمة لي في البداية، لكن أيضا أثار فضولي خصوصا عند ملامستي لتفانيها وإتقانها لعملها ما جعلها تدخل قلبي وتحوز على ثقتي”.
وتضيف جميلة بأنها تكن احتراما شديدا إلى اسمهان “ببفضل عزيمتها استطاعت أن تتحدى البطالة المتفشية في منطقتنا (الحوض المنجمي في محافظة قفصة)”.
وطالما شهدت منطقة الحوض المنجمي الغنية بمادة الفوسفات الكثير من الاحتجاجات الشعبية للمطالبة بالتنمية والتشغيل وكانت من أول المناطق التي تحدت النظام السابق في الخروج للشوارع.
وتتذوق نسبة كبيرة من فتيات محافظات الجنوب وضمنها محافظة مرارة طعم البطالة سواء كانت الفتيات حاملات لشهائد عليا أم لا.
وبحسب إحصاءات المعهد الوطني المعهد للإحصاء (جهاز حكومي) تصدرت محافظة قفصة قائمة أكثر المحافظات التي تعاني من ارتفاع البطالة.
كما أظهر التعداد السكاني والسكنى بأن نسبة البطالة في صفوف النساء في تونس بلغ ضعف نسبة البطالة في صفوف الذكور حيث بلغت نسبة الفتيات العاطلات عن العمل 22.2 بالمائة مقابل 4 .11 بالمائة لدى الذكور.