يخشى عبد المجيد  أبو سعيدة (50 عاما) أن يصل إلى سن التقاعد قبل أن يرى  مشروع القطار وسكة الحديد في ليبيا. فحلمه وزملائه الذين رافقوه للدارسة منذ أكثر من ثلاثين عاما بأن يروا المشروع يتبدد شيئا فشيئا مع تدهور الأوضاع الأمنية والتخبط السياسي الذي تعيشه البلاد.

بدأت فكرة إنشاء سكة حديد في ليبيا منذ العام1901، وحتى يومنا هذا لايزال المشروع حلما يراود الليبيين.

ليس هذا فحسب؛ بل حتى مجرد ذكر مشروع سكة الحديد بات يثير لدى السامعين نوعا من التهكم والسخرية.

دعوا الفرصة لغيركم!

يخشى عبد المجيد  أبو سعيدة (50 عاما) أن يصل إلى سن التقاعد قبل أن يرى  مشروع القطار وسكة الحديد في ليبيا. فحلمه وزملائه الذين رافقوه للدارسة منذ أكثر من ثلاثين عاما بأن يروا المشروع يتبدد شيئا فشيئا مع تدهور الأوضاع الأمنية والتخبط السياسي الذي تعيشه البلاد.

بدأت فكرة إنشاء سكة حديد في ليبيا منذ العام1901، وحتى يومنا هذا لايزال المشروع حلما يراود الليبيين.

ليس هذا فحسب؛ بل حتى مجرد ذكر مشروع سكة الحديد بات يثير لدى السامعين نوعا من التهكم والسخرية.

دعوا الفرصة لغيركم!

يقول بوسعيدة لـ”مراسلون” إن حوالي ألف طالب عادوا عام 1986 إلى ليبيا بعد قضاء ستة أعوام في المجر ورومانيا لدراسة كل ما يتعلق بعمليات السكة الحديدية، لكن الخدمة العسكرية هي ما كانت تنتظرهم، أما المشروع الذي خرجوا من أجله فذهب طيّ النسيان.

أبو سعيدة الذي تم توظيفه لاحقاً في جهاز الصرف الصحي بدلا من مشروع سكة الحديد يقول إن “بارقة أمل لاحت لنا بعد ثورة فبراير لتنفيذ ذلك الحلم الجميل، فشكلنا فريقا من مهندسين وفنيين وعرضنا مقترحا للعمل”.

وكما يصف أبو سعيدة فإن القائمين على المشروع صدموا فريق المهندسين عندما قالوا لهم: “دعوا الفرصة للجيل الجديد”.

لكن هؤلاء المسؤولين الجدد عن المشروع ربما لا يملكون فرصة يمنحونها للجيل الجديد، فالمشروع متوقف ولا يبدو أنه سيشهد تنفيذ أي من مراحله قريباً.

دواعٍ أمنية

رئيس قسم العلاقات الداخلية والإعلام بالمشروع علي إبراهيم سعيد يقول لـ”مراسلون” إن المشروع كغيره من المشاريع التنموية في ليبيا توقف لدواع أمنية، والشروع في تنفيذه سيظل رهين عودة الشركات الأجنبية للبلاد.  

يوضح سعيد بأن قيمة العقود المبرمة مع الشركات تجاوزت 15 مليار دينار ليبي (11 مليار دولار تقريبا). “المرحلة الأصعب والأكثر تكلفة تكمن في مرحلة شق المسارات وأعمال التسوية، وتحتاج جهداً ووقتا كبيرين”.  

إدارة الجهاز – بحسب سعيد – تطمح لتنفيذ شبكة خطوط حديدية تمتد من امساعد شرقا إلى رأس اجدير غربا، ومن الهيشة شمالا إلى سبها جنوبا، كما تهدف إلى ربط ليبيا بدول المغرب العربي بواسطة شركات عالمية ذات خبرة وكفاءة وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها.

نزع الملكية

يسهب رئيس قسم الإعلام قائلا إن إدارة المشروع مرت بمراحل عديدة أهمها نزع ملكية الأراضي لصالح الجهاز.

وفي الوقت الحالي تمتلك الدولة قرابة 60% من أراضي المشروع بحسب سعيد، منزوعة ملكيتها بالكامل، كاشفا عن بعض العوائق التي تعترض سير المشروع مثل خطوط الكهرباء أو أنابيب جهاز النهر الصناعي، إلى جانب رفض بعض المالكين التنازل عن أراضيهم لصالح المشروع.

وفيما يخص قطار مدينة طرابلس يكشف سعيد عن وجود تصاميم تحت الدراسة إذ تفكر إدارة الجهاز بتحديث المواصفات السابقة، “فبعد الثورة صارت طرابلس بحاجة إلى عملية جراحية للإنقاذ بسبب الأزمة المرورية”، يبين سعيد .

إضافة لما قاله رئيس قسم الإعلام يقول المهندس عصام التموني وكيل الطرق والنقل بوزارة المواصلات التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني إن وزارته لازالت تبحث إشكالية فتح المسارات وأعمال التسوية، وذلك بسبب تراجع عدد كبير من ملّاك الأراضي التي تقع بها السكك الحديدية عن التنازل عن أراضيهم، لافتا إلى أنهم يرفضون قيم التعويضات التي مُنحت لهم في عهد النظام السابق.

وأضاف التموني خلال حديثه لـ”مراسلون” بأن جزءا كبيرا من الأراضي التي يقع فيها المشروع انتزعت من الملاك بحجة “الأرض ليست ملكا لأحد” (مقولة في الكتاب الأخضر لمعمر القذافي)، وهذه الإشكالية تربك عمل الوزارة، إلى جانب عدم الحصول على الميزانية المخصصة، وتوقف المشروعات المتعاقد عليها بسبب خروج الشركات المنفذة.

ديوان المحاسبة

كل هذه المبررات التي يقدمها جهاز السكة الحديد ووزارة المواصلات والنقل لم تشفع لهما عند ديوان المحاسبة.

ويبين تقرير الديوان الذي صدر في نيسان/أبريل أن هناك تدنيا في نسبة الإنجاز الفعلية بالمشروع مقارنة بنسب الإنجاز المخطط لها، خصوصا بالمشروعات الاستراتيجية، إلى جانب عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال الشركات التي لم تباشر في تنفيذ المشاريع المتعاقد عليها والمتوقفة لمدة طويلة، فضلاً عن التأخير في استكمال أعمال التصاميم لكامل المسار لقطاع طرابلس سرت، والتقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال الشركات المنفذة في استكمال القطاعات وإلزامها بالتنفيذ حسب البرنامج الزمني المعد.

التقرير أظهر أيضاً أن البرامج الزمنية لأعمال التوريد لا تواكب البرامج الزمنية لأعمال التنفيذ، منها توريد قضبان تغطي مسافة 375كم بقيمة 21 مليون دينار، في حين أن ما تم تنفيذه فقط لا يتجاوز 5-6 كم.

وكذلك توريد مثبتات بقيمة 18 مليون دينار في حين أن ما تم تنفيذه لا يتجاوز 6% من القيمة الموردة، وتوريد قضبان حديدية ومثبتات تقدر بقيمة 14 مليون دينار بالرغم من عدم البدء في تركيبها بمسار الهيشة – سبها.

ويتحرك في طرابلس التي يقطنها قرابة ثلاثة ونصف مليون نسمة، 750 ألف سيارة في الساعة الواحدة حسب إحصاءات رسمية، فيما تعاني الطرق ترهلا للبنية التحتية، وهو ما يساهم بشكل آو بآخر في حدوث ازدحام لافت واختناقات مرورية من شأنها هدر الوقت والطاقة.

وحتى يتم تنفيذ مشروع القطار الذي يعول عليه في حل مشكلة الاختناق المروري بالمدينة، تبقى طوابير الناس في محطات البنزين العنوان الأبرز لأي مشكلة أمنية، حيث يسعى المواطنون لتأمين قوت يومهم من الخبز، وما يكفي من الوقود للهرب في حال وصلهم الخطر.