بعد عقود من التشدد في منعها، نجح مغنو الراب التونسيون في تحويل قضية استهلاك مادة القنب الهندي التي تعرف في تونس باسم “الزطلة” لقضية رأي عام، حتى أن الحكومة باتت تفكّر اليوم في إلغاء عقوبتها السجنية وتعويضها بعقوبة بديلة.

فقد أعلن وزير العدل التونسي الحالي محمد صالح بن عيسى مؤخرا بأنّ الحكومة الحالية التي يقودها الحبيب الصيد شرعت في إعداد مشروع قانون جديد يتعلق بالمخدرات، لافتا إلى أنّ فلسفته العامة تتجه نحو إلغاء العقوبة السجنية وتعويضها بعقوبة بديلة.

بعد عقود من التشدد في منعها، نجح مغنو الراب التونسيون في تحويل قضية استهلاك مادة القنب الهندي التي تعرف في تونس باسم “الزطلة” لقضية رأي عام، حتى أن الحكومة باتت تفكّر اليوم في إلغاء عقوبتها السجنية وتعويضها بعقوبة بديلة.

فقد أعلن وزير العدل التونسي الحالي محمد صالح بن عيسى مؤخرا بأنّ الحكومة الحالية التي يقودها الحبيب الصيد شرعت في إعداد مشروع قانون جديد يتعلق بالمخدرات، لافتا إلى أنّ فلسفته العامة تتجه نحو إلغاء العقوبة السجنية وتعويضها بعقوبة بديلة.

وبحسب وزير العدل فإنّ الهدف من العقوبة البديلة هو الابتعاد عن تنفيذ عقوبات سالبة للحرية تجاه مستهلكي المخدرات الذين تشير إحصاءات من الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لوزارة العدل بأن أغلبهم من الشباب وأنهم يمثلون النسبة الأكبر من المساجين.

تنظيف الشوارع

أشار وزير العدل إلى أنّ مشروع القانون الجديد المتعلق بالمخدرات يهدف بالأساس إلى وقاية الشباب التونسي من آفة المخدرات وتوفير الآليات الكفيلة لعلاجهم من الإدمان، معتبرا أنّ العقوبة السجنية لا تشكل الحل الأنسب للتصدي لظاهرة المخدرات.

وأوضح بأنّ مشروع القانون الذي تعكف حاليا لجنة فنية بوزارة العدل على صياغته قبل إرساله لرئاسة الحكومة للمصادقة عليه ثمّ إلى البرلمان للتصديق عليه، سيتيح للقضاة أكثر مرونة لإسعاف مستهلكي المخدرات بظروف التخفيف والتوجيه إلى العقوبة البديلة.

ومن ضمن أبرز النقاط التي سيقوم الخبراء بتحديدها في مشروع القانون آلية العقوبة البديلة التي تتمحور حول مقايضة العقوبة السجنية بأخرى مدنية تتمثل في إجبار الشخص المدان على تقديم خدمات لفائدة المصلحة العامة كتنظيف الشوارع أو غرس الأشجار وغيرها.

ومن شأن العقوبة البديلة أن تضع حدا للقانون عدد 52 المتعلق بالمخدرات والذي تمت صياغته سنة 1992، حيث تنصص فصوله على معاقبة مستهلكي المخدرات بعقوبة تتراوح بين سنة سجنا إلى 5 أعوام مع خطية مالية تتراوح من 500 دولار إلى 1500 دولار.

المخدرات كملجأ

يمكن القول بأنّ مغني الراب التونسيين كانوا سباقين في الدفاع عن إلغاء تجريم استهلاك المخدرات.

وقد كتب الكثير منهم أغان شجعت على استهلاك المخدرات وأخرى نادت برفع القيود عن الشباب التونسي، فيما بلغ الحد بالبعض الآخر إلى الاستهزاء برجال الشرطة الذين يلاحقون متعاطي حشيشة الكيف.

وكان مغني الراب المعروف باسم “ولد الكانز” الذي استوحى اسمه من أقراص مخدرة، شنّ هجوما لاذعا قبل عامين على رجال الأمن ونعتهم بألفاظ نابية، تعبيرا منه عن سخطه من الملاحقات الأمنية لجزء من الشباب التونسي الذي يتجه إلى المخدرات كملجأ.

وقد تعرّض نفس المغني إلى الاعتقال وزج به في السجن عام 2012 بتهمة استهلاك المخدرات، الأمر الذي خلق موجة غضب عارمة بأوساط الراب الذين دافعوا عن تجريم عقوبة استهلاك المخدرات ووجهوا نقدا لاذعا لحكومة التريوكا السابقة لعدم إلغاء العقوبة.

القانون دمّر مستقبلنا

يرى مغني الراب “الجنرال” الذي عرف بنقده لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي بأن القانون التونسي المتعلق بتجريم استهلاك المخدرات “دمّر مستقبل الكثير من الشباب التونسي بإدخالهم السجن حيث خرج بعضهم منحرفا وناقما على السلطة والمجتمع”.

ويضيف لـ “مراسلون”: “في واقع الأمر أشعر بأن هذا القانون ظالم ومتسلط لأنه لا يتيح الفرصة للشباب لإصلاح أخطائهم ويعاقبهم على أخطاء في الحياة يمكن لأي كان أن يرتكبها”، ملاحظا بأنّ هناك مخاطر كبيرة في داخل السجون قد تنسف مستقبل هؤلاء الشباب.

يذكر أن مغني الراب المعروف باسم “أمينو” والذي سجن لمدة ثمانية أشهر بتهمة تعاطي المخدرات في نفس الفترة التي سجن فيها مغني الراب “ولد الكانز” قد سافر مؤخرا للقتال في سوريا وأعلن مبايعته لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ما خلق صدمة لدى الرأي العام.

وكان مراقبون تونسيون قد حذروا سابقا من إمكانية استقطاب المساجين التونسيين من قبل عناصر مسجونة في قضايا تتعلق بالإرهاب باعتبار أنّ الاكتظاظ الحاصل في السجون التونسية يؤدي أحيانا إلى اختلاط مساجين الحق العام بمساجين قضايا الإرهاب.